الدور الاجتماعي للمضيف
اهتمت الشعوب الشرقية بواجب اكرام الضيف والاهتمام به ومن هذه الشعوب المجتمعات العربية التي كانت من أكثر هذه الشعوب اهتماما بهذا الامر ، وصار ايواء الضيف وإكرامه منأولويات الإنسان النبيل ومروءته وقد ساعد على ذلك عوامل كثيرة منها ان المضيف يمكن اعتباره المكان المتفق عليه ضمنا بين افراد المجتمع البدوي لالتقاء وتبادل الافكار والتداول في الامور العامة كالحرب والغزو في قديم الزمان ، والامور الخاصة ومحاولة ايجاد الحلول المناسبة لها وكان ذلك يشمل البادية والمدينة . ففي أم القرى مكة المكرمة وقبل الاسلام كان هناك دار الندوة حيث يلتقي عليه القوم يناقشون الامور التي تهم بلدتهم كما أن هناك عوائل اختصت بالرفادة واخرى بالسقاية أيام الحج وكان ذلك مفخرة لتلك العوائل التي تتسلم مهام هذه المسؤوليات التي ليس من ورائها الا القصد النبيل في الحصول على الثناء والذكر الحسن وكما ورد على لسان حاتم الطائي وهو يخاطب امرأته وهو يذكرها بأهمية اكرام الضيف قائلا لها: ((أماوية أن المال غادي ورائح)) ويبقى الطيب وحسن الذكر ومن الامور التي جعلت للمضيفأولوية هو القدرة المالية والاقتصادية والاجتماعية لصاحب المضيف فتوفر المال لديه ليساعده في رعاية ضيوفه من تقديم الطعام الى الايواء في الفراش واستمرار هذه القدرة الاقتصادية بحيث لا تنتهي في فترة وجيزة من الزمن بل لابد أن يكون للمضيف قدماً زمنياً وتاريخاً في اذهان افراد العشيرة تمتد لأكثر من جيل. ولذلك فأن الجيل الأول المؤسسأو الرائد الأول ربما كان لا يعتبر شيخا في عشيرته ، كذلك لا يكفي أن يكون صاحب المضيف ذو سلطة فلا يكون شيخاً الا إذا كان ابيهأو جده ، وكذلك حال لا يمكن له أن ينال مرتبة المشيخة في عشيرته حتى لو كان صاحب مال فقط.. ولكن ذو السلطة والمال الذين يرغبون في مشيخة لم تكن لأبائهمأو اجدادهم يمكن اعتبارهم مؤسسينأو رواد إذا استمرت ذات صفاتهمأو افضل منها في السلسلة القادمة من الاجيال أي احفادهم ، والحقيقة أن بين المضيف والمشيخة عموم وخصوص فليس كل صاحب مضيف شيخاً ، ولكن كل شيخ يجب أن يكون صاحب مضيف. ومن صفات الشيخ الاخرى الرزانة والشجاعة والكرم وسعة الصدر وفهمه للواقع العشائري وفهمه بالسنن العشائرية والخلق النبيل حمالا لهموم قومة متسامحاً معهم غفاراً لسيئاتهم ، لا يحقد على أحد وقد قيل قديماً (وسيد القوم لا يحمل الحقد) وأن تكون له القدرة القيادية لأفراد عشيرته في الرخاء والضراء وأن تستمر هذه الصفات في ذريته.. المضيف يجب أن يكون مدرسة للأخلاق والقيم فهو مدرسة من المدارس الاجتماعية حتى قبل (المجالس مدارس) والقدوة الحسنة هي ملك عام للجميع لا يجوز التعتيم عليها فالشيخ الاصيل ذو القيم النبيلة والاخلاق الفاضلة هو نموذج ومثال ومنار لمجتمعه وإذا كان الشيوخ الجدد في اغلبهم يحملون هذه الصفات ويسعون اليها فهم لا يمكن اعتبارهم شيوخا وانما مؤسسيين ورواد ولا يستطيعون أن يتزعموا عشائرهم الا بعد مرور فترة من الزمن ، ومن الاقوال المأثورة في هذا المجال(المجد ليس تمراً فتأكله) فليس من مكارم الاخلاق اخذ استحقاق الاخرين ولكن ما يحمد عليه هو هذه الكثرة التي تتوق الى المشيخة وهذا يعني انهم تواقون لمكارم الاخلاق وفضائل الافعال ومما يجدر ذكره في هذه المجال هو أنه ليس كل سليل عائلة قيادية موغلة في القدم يصلح للقيادة أن لم يتمتع بالصفات الفاضلة.