النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الإمام أحمد بن حنبل ( محنة وثبات )

  1. #1

    الإمام أحمد بن حنبل ( محنة وثبات ) وتعميم اللقاحات



    الخُطْبَةُ الأُولَى
    الْحَمْدُ للهِ وَلِيِّ الصَّالِحِينَ، وَمُجِيبِ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، لَهُ الْحُكْمُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تِسْلِيِمًا كَثِيِرًا.
    أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عُلَمَاءُ الأُمَّةِ: سِرَاجُ الْعِبَادِ، وَمَنَارُ الْبِلاَدِ، وَقِوَامُ الأُمَّةِ، وَيَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ، مَثَلُهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، إِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ تَحَيَّرُوا، وَإِذَا أَسْفَرَ عَنْهَا الظَّلاَمُ أَبْصَرُوا.
    قَرَنَ اللهُ شَهَادَةَ مَلاَئِكَتِهِ وَأُولِي الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُمْ عِنْدَهُ خُصُوصِيَّةً عُظْمَى، وَمَكَانَةً عُلْيَا، فَقَالَ: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18].
    مِنْ هَؤُلاَءِ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ عَنْهُ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: «هُوَ عَالِمُ الْعَصْرِ، وَزَاهِدُ الدَّهْرِ، وَمُحَدِّثُ الدُّنْيَا، وَعَلَمُ السُّنَّةِ، وَبَاذِلُ نَفْسِهِ فِي الْمِحْنَةِ، قَلَّ أَنْ تَرَى الْعُيُونُ مِثْلَهُ.
    إِنَّهُ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيُّ، الْمَوْلُودُ فِي بَغْدَادَ سَنَةَ مِئَةٍ وَأَرْبَعٍ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ، مَاتَ وَالِدُهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَاتَّجَهَ إِلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ، وَرَحَلَ إِلَى الْبُلْدَانِ».
    اشْتُهِرَ -رَحِمَهُ اللهُ- بِشِدَّةِ تَمَسُّكِهِ بِسُنَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتِّبَاعِهِ لِلآثَارِ، وَكَانَ مُتَوَاضِعًا يَنْفِرُ مِنَ الْجَاهِ وَالشُّهْرَةِ وَالذِّكْرِ.
    قَالَ الْمَرْوُذِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ يَوْمًا فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحَ مَنْ رَبُّهُ يُطَالِبُهُ بِأَدَاءِ الْفَرْضِ، وَنَبِيُّهُ يُطَالِبُهُ بِأَدَاءِ السُّنَّةِ، وَالْمَلَكَانِ يُطَالِبَانِهِ بِتَصْحِيحِ الْعَمَلِ، وَنَفْسُهُ تُطَالِبُهُ ‏بِهَوَاهَا، وَإِبْلِيسُ يُطَالِبُهُ بِالْفَحْشَاءِ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ يُطَالِبُهُ بِقَبْضِ رُوحِهِ، وَعِيَالُهُ يُطَالِبُونَهُ بِالنَّفَقَةِ؟
    كَانَ – رَحِمَهُ اللهُ - الْمَثَلَ الرَّائِعَ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ ، والصِّدْقِ فِيِهِ ، والصَّبْرِ عَلَيْهِ ؛ حَيْثَ امْتُحِنَ بِمِحَنٍ كَثِيرَةٍ، أَبْرَزُهَا : أَمْرٌ عَجِيبٌ لاَ يَصْبِرُ عَلَيْهِ إِلاَّ الأَفْذَاذُ مِنَ الرِّجَالِ؛ ذَلِكُمْ هُوَ امْتِحَانُهُ بِالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، وَصَبْرُهُ عَلَى مَا لَقِيَهُ فِي سَبِيلِ ثَبَاتِهِ عَلَى عَقِيدَةِ السَّلَفِ الَّتِي تُثْبِتُ صِفَةَ الْكَلاَمِ للهِ تَعَالَى، كَلاَمًا يَلِيقُ بِجَلاَلِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ، وَمِنْ كَلاَمِهِ الْقُرْآنُ، تَكَلَّمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ، وَأَوْحَاهُ إِلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلاَ: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ﴾ [التوبة من الآية: 6] نَشَأَتْ فِرْقَةٌ فِي زَمَانِهِ يُقَالُ لَهَا الْمُعْتَزِلَةُ، فَابْتَدَعُوا قَوْلاً كُفْرِيًّا مُخَالِفًا لِعَقِيدَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، فَزَعَمُوا أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْقُرْآنِ بَلْ خَلَقَهُ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ! لَوْ سَلَّمْنَا الأَمْرَ لِبِدْعَتِهِمْ، لَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ إِبْطَالُ دَلاَلَةِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ كَكَلاَمِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ يَفْنَى كَمَا تَفْنَى الْمَخْلُوقَاتُ، وَكَانُوا يَسْتَتِرُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ، يَخَافُونَ مِنَ الْخَلِيفَةِ هَارُونَ الرَّشِيدِ رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ، حَتَّى مَاتَ هَارُونُ الرَّشِيدُ رَحِمَهُ اللهُ، فَوَلِيَ الْمَأْمُونُ الْخِلاَفَةَ، فَخَالَطَهُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَقَبِلَ كَلاَمَهُمْ، وَامْتَحَنَ النَّاسَ وَالأَشْيَاخَ عَلَى الْقَوْلِ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ إِلاَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ، فَطَلَبَهُمَا الْخَلِيفَةُ الْمَأْمُونُ، وَقَالَ مَقُولَتَهُ: لَئِنْ وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى أَحْمَدَ لأُقَطِّعَنَّهُ إِرَبًا إِرَبًا.
    وَفِي الطَّرِيقِ دَعَا الإِمَامُ أَحْمَدُ رَبَّهُ أَنْ لاَ يَرَى وَجْهَ الْمَأْمُونِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ؛ فَتَوَلَّى الْخِلاَفَةَ الْمُعْتَصِمُ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِمَا إِلَى بَغْدَادَ، وَفِي الطَّرِيقِ إِلَى بَغْدَادَ مَرِضَ مُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ وَمَاتَ رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ، فَبَقِيَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَحِيدًا فِي هَذِهِ الْمِحْنَةِ، فَأَمَرَ الْمُعْتَصِمُ بِحَبْسِهِ ، والتَّضْيِيِقِ عَلَيْهِ ، وَقَطْعِ رَزْقِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَضَرْبِهِ ، ؛ حَيْثُ نَادَى الْمُعْتَصِمُ بِمِئَةٍ وَخَمْسِينَ جَلاَّدًا، وَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يَضْرِبَهُ سَوْطَيْنِ! لِكَيْ يَبْقَى الضَّرْبُ قَوِيًّا وَلاَ تَفْتُرُ يَدُ الْجَلاَّدِ، وَهُوَ يَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَوْجِعْ قَطَعَ اللهُ يَدَكَ!! فَضَرَبُوُهُ حَتَّى تَخَلَّعَتْ يَدَاهُ ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ رَحِمَهُ اللهُ ، فَلَمَّا أَفَاقَ دَعَا الْمُعْتَصِمُ بِأَقْوَى جَلاَّدٍ عِنْدَهُ وَسَأَلَهُ: بِكَمْ سَوْطٍ يَمُوتُ؟ قَالَ: بِخَمْسِةِ أَسْوَاطٍ ؛ فَجُلِدَ الإِمَامُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَمَوْا عَلَيْهِ حَصِيرًا، وَكَبُّوهُ عَلَى وَجْهِهِ وَدَاسُوهُ، يَقُولُ الإِمَامُ أَحْمَدُ: فَمَا وَعَيْتُ إِلاَّ وَأَنَا فِي السِّجْنِ، فَلَمَّا أَحَسَّ الْخَلِيفَةُ أَنِّي مَيِّتٌ كَأَنَّهُ أَرْعَبَهُ، فَأَمَرَ بِتَخْلِيَتِي حِينَئِذٍ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ لاَ أَعْقِلُ، فَمَا شَعَرْتُ إِلاَّ وَأَنَا فِي حُجْرَةٍ مُطْلَقٌ عَنِّي الأَقْيَادُ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ بِإِطْلاَقِهِ بِرَغْمِ تَحْرِيضِ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَيْهِ.
    وَلَمَّا مَاتَ الْمُعْتَصِمُ، تَوَلَّى ابْنُهُ الْوَاثِقُ، وَعِنْدَهَا عَظُمَ الْبَلاَءُ وَالْكَرْبُ عَلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَهْلِ السُّنَّةِ، وَاشْتَدَّ الأَمْرُ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ، فَجَاءَ نَفَرٌ إِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ يَسْأَلُونَهُ الْخُرُوجَ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْوَاثِقِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ بِالإِنْكَارِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالإِنْكَارِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَلاَ تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لاَ تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمْ، وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ -اللهُ أَكْبَرُ، عِبَادَ اللهِ- لَمْ يَنْتَقِمْ لِنَفْسِهِ وَلاَ لِمَنْ مَعَهُ، بَلْ حَرَصَ عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ مَعَ حِفْظِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ الْفَرَجُ؛ فَجَاءَ الْفَرَجُ بِهَلاَكِ الْوَاثِقِ، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ الْمُتَوَكِّلُ الَّذِي كَانَ سُنِّيًّا سَلَفِيًّا، فَأَبْطَلَ مَقُولَتَهُمْ، وَأَظْهَرَ السُّنَّةَ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ الإِمَامُ أَحْمَدُ نَهَارَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ مِئَتَيْنِ وَإِحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَرَحِمَ اللهُ الإِمَامَ أَحْمَدَ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: 51].
    أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
    الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
    أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
    اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الإِخْلاَصَ للهِ، وَالصِّدْقَ فِي مُتَابَعَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّـهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾ [محمد: 21]، وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد:7]، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: «قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كَيْفَ تَخَلَّصْتَ مِنْ سَيْفِ الْمُعْتَصِمِ وَسَوْطِ الْوَاثِقِ؟ فَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: لَوْ وُضِعَ الصِّدْقُ عَلَى جُرْحٍ لَبَرَأَ.
    قَالَ بِشْرُ بْنُ الْـحَارِثِ – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - : إِنَّ أَحْمَدَ أُدْخِلَ الْكِيِرَ ، فَخَرَجَ ذَهَباً أَحْمَر .
    وَقَالَ ابْنُ الْـمَدِيِنِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - : أَعَزَّ اللَّهُ الدِّينَ بِالصِّدِّيِقِ يَوْمَ الرِّدَّةِ ، وَبِأَحْمَدَ يَوْمَ الْمِحْنَةِ .
    فَمَا أَحْوَجَ دُعَاةَ الإِسْلاَمِ الْيَوْمَ إِلَى الإِخْلاَصِ وَالصِّدْقِ! لِيُبَارِكَ اللهُ دَعْوَتَهُمْ وَيُحَقِّقَ نَصْرَهُ تَعَالَى لَهُمْ ؛ فَرَحِمَ اللهُ أَئِمَّةَ أَهْلِ السُّنَّةِ الأَبْرَارَ، كَيْفَ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا وَصَابَرُوا وَرَابَطُوا فِي سَبِيلِ الدِّفَاعِ عَنِ السُّنَّةِ، وَنُصْرَةِ الْحَقِّ، فَجَزَاهُمُ اللهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ.
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بَعْدَ تَفَشِّي هَذَا الْمَرَضِ كُورُونَا الْمُسْتَجِدِّ بِلِقَاحَاتٍ فَعَّالَةٍ مُعْتَمَدَةٍ مِنْ جِهَاتِ الِاخْتِصَاصِ ؛ تَقِي - بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى - مِنْ هَذَا الْمَرَضِ الْخَطِيرِ ؛ وَلِذَلِكَ فَقَدْ دَعَتْ قِيادَةُ هَذِهِ الْبِلَادِ مُتَمَثِّلَةً بِوِزَارَةِ الصِّحَّةِ إلَى ضَرُورَةِ حُصُولِ مَنْسُوبِي التَّعْلِيمِ مِنْ أَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ وَالتَّدْرِيبِ ، وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْـمُعَلِّمَاتِ ، وَالطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ ، والْـمُتَدَرِّبِينَ وَالْـمُتَدَرِّبَاتِ ، عَلَى جُرْعَتَيْنِ مِنَ لِقَاحِ فَيْرُوسِ كُورُونَا ؛ حِمَايةً لِأَنْفُسِهِم وَحِفَاظًا عَلَى سَلَامَةِ أُسَرِهِمْ وَأَقْرَانِهِمْ ، وَكَذَلِك لِلْوِقَايَةِ مِنْ العَدْوَى ، وَلِكَيْ تَكُونَ الْمُنْشَآتُ التَّعْلِيمِيَّةُ مُكَمِّلَةً لِلْبِيئَاتِ الْآمِنَةِ ، وَلِتَحَقُّقَ رِسَالَتَهَا التَّعْلِيمِيَّةِ وَالتَّدْرِيِبِيَّةِ ؛ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْفَعَ عَنَّا وَعَنْ إخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ هَذَا الْوَبَاءِ ، وَأَنْ يُدِيمَ عَلَى بِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالْعَطَاءَ ، وَجَمِيعِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ؛ هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رَوَاهُ مُسْلِم.



    التعديل الأخير تم بواسطة محمدالمهوس ; 04-08-2021 الساعة 23:53

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. تعلموا الرومنسية من الامام أحمد ابن حنبل [رحمه الله تعالى]
    بواسطة صلفيق في المنتدى مضيف آدم وحواء
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 18-01-2013, 16:25
  2. القصيدة التي أبكت الإمام أحمد بن حنبل !
    بواسطة أهداااب في المنتدى الاهداءات المرئية والسمعية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-02-2012, 10:42
  3. فضل الاستغفار (قصة الامام احمد بن حنبل والخباز)
    بواسطة شموخ شمالية في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-02-2009, 19:47
  4. ارتفاع كبير وثبات خطير ! !
    بواسطة أديب في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 09-02-2008, 01:09
  5. الإمام أحمد بن حنبل وأحد تلامذته
    بواسطة فلاح السعد في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-05-2002, 10:08

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته