الخطبة الأولى : الهجرة النبوية ..دروس وعبر

الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأستغفره وأستهديه ، وأومن به ولا أكفره،وأعادي من يكفر به ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحقّ والنور والموعظة والحكمة على فترة من الرّسل ، وقلّة من العلم وضلالة من النّاس وانقطاع من الزّمان، ودنوّ من السّاعة ، وقرب من الأجل.
من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصي الله ورسوله فقد غوى وفرّط وضلّ ضلالا بعيدا .وإنّ خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضّه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله ، واحذروا ما حذّركم الله من نفسه فإنّ تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربّه ، عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة .
أمّا بعد عباد الله، لقد كانت الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة انطلاقة جديدة لبناء دولة الإسلام , وإعزازاً لدين الله تعالى , وفاتحة خير ونصر وبركة على الإسلام والمسلمين .
لذا فإن دروس الهجرة الشريفة لا تنتهي ولا ينقطع مداها , فمن هذه الدروس والعبر :
1-المؤمن يحسن التوكل على الله تعالى :
وحسن التوكل على الله تعالى، يعني صدق اعتماد القلب على الله في دفع المضار وجاب المنافع، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي إلا الله ولا يمنع إلا الله ولا يضر ولا ينفع سواه, قال تعالى : \" قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) سورة الطلاق: 2 , وقال - صلى الله عليه وسلم - : « لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا » رواه أحمد.
يقول داود بن سليمان رحمه الله: \"يستدل على تقوى المؤمن بثلاث: حسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر فيما قد فات.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة الشريفة متوكلاً على ربه واثقاً بنصره يعلم أن الله كافيه وحسبه ، ومع هذا كله لم يكن صلى الله عليه وسلم بالمتهاون المتواكل الذي يأتي الأمور على غير وجهها . بل إنه أعد خطة محكمة ثم قام بتنفيذها بكل سرية وإتقان.
2- الصبر واليقين طريق النصر والتمكين :
أصحاب الرسالات في هذه الحياة لا بد أن تواجههم المصاعب والمتاعب والمحن والابتلاءات , قال تعالى : \" الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) سورة العنكبوت , وعَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ . رواه الترمذي (2398)صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (143).
فبعد سنوات من الاضطهاد والابتلاء قضاها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة يهيأ الله تعالى لهم طيبة الطيبة ، ويقذف الإيمان في قلوب الأنصار ، ليبدأ مسلسل النصر والتمكين لأهل الصبر واليقين , قال تعالى : \" إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) سورة غافر.
وإن طريق الدعوة إلى الله شاق محفوف بالمكاره والأذى . لكن من صبر ظفر ومن ثبت انتصر.
ولقد ثبت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على أذى قريش وكان النبي صل الله عليه وسلم يطمأنهم بأن النصر قادم , فحينما جاءه خباب بن الأرت يشكو ظلم قريش , عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ ، قَالَ:شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ ، فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ، أَلاَ تَدْعُو لَنَا ، فَقَالَ : قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ ، فَيُجْعَلُ فِيهَا ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللهِ ، لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. أخرجه أحمد\" 5/109(21371) و\"البُخَارِي\" 4/244(3612) و\"أبو داود\" 2649 و\"النَّسائي\" 8/204 .
وفي الهجرة المباركة لما خاف الصديق على رسول الله من أذي قريش , وقال لرسول الله : \" لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ \" رفض الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الرسالة السلبية وقال له في ثبات المؤمن ويقينه بربه : \" يَا أَبَا بَكْرٍ ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا.
فأنزل الله تعالى : \" إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) سورة التوبة .
3- الله تعالى يؤيد رسله بالمعجزات :
الله تعالى قد يبتلي أولياءه وأحبابه من أصحاب الرسالات والدعوات بالمحن والشدائد , ولكن لا يتركهم لتلك المحن والشدائد حتى تعصرهم , بل يمحصهم , ويرفع من قدرهم , ثم يؤيدهم بالمعجزات التي ثبت صدق دعواهم , قال تعالى : \" إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) سورة الحج .
وفي رحلة الهجرة الشريفة تجلت معجزات وآيات وبراهين تؤكد صدق دعوى النبي صلى الله عليه وسلم , فهل رأيتم رجلاً أعزلاً محاصراً يخرج إلى المجرمين ويخترق صفوفهم فلا يرونه ويذر التراب على رؤوسهم ويمضي .
وهل رأيتم عنكبوتاً تنسج خيوطها على باب الغار في ساعات معدودة.؟
وهل رأيتم فريقاً من المجرمين يصعدون الجبل ويقفون على الباب فلا يطأطيء أحدهم رأسه لينظر في الغار .. هل رأيتم فرس سراقة تمشي في أرض صلبه فتسيخ قدماها في الأرض وكأنما هي تسير في الطين .. هل رأيتم شاة أم معبد الهزيلة يتفجر ضرعها باللبن ؟ .
إن هذه المعجزات لهي من أعظم دلائل قدرة الله تعالى ، وإذا أراد الله نصر المؤمنين خرق القوانين ، وقلب الموازين .
4- دور المرأة المسلمة في الهجرة الشريفة :
ويتجلى دور المرأة المسلمة في الهجرة الشريفة من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة؛ فلم يخذلا أباهما أبا بكر مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سرّ الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزاً كاملاً، إلى غير ذلك مما قامتا به.
5- الصداقة الحقيقية مبادئ ومواقف :
كان من فضل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل أفئدة من الناس تهوي إليه، وترى فيه المصحوب المربي والمعلم، والصديق؛ مما جعل سادة قريش يسارعون إلى كلماته ودينه : \"أبو بكر\" و\"طلحة\" \"والزبير\" و\"عثمان\" و\"عبد الرحمان بن عوف\" و\"سعد بن أبي وقاص\" متخلين بهذه المسارعة المؤمنة عن كل ما كان يحيطهم به قومهم من مجد وجاه، متقبلين -في نفس الوقت- حياة تمور مورا شديدا بالأعباء وبالصعاب وبالصراع.
ولقد توفرت في أبي بكر خصال عظيمة جعلته خير ناقل لأثر الصحبة، كان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر فحسن مجالسته هذا كان سببا في إسلام السابقين فجاء بهم إلى المصحوب الأعظم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا وصلوا.
فالصحبة الصالحة لها أثرها البالغ في ثبوت الإيمان في القلوب.
وحينما أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة، اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون رفيقه في هجرته، وظلا ثلاثة أيام في غار ثور، وحينما وقف المشركون أمام الغار، حزن أبو بكر وخاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم :، وقال: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلي قدميه، لأبصرنا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : \"ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما\"[البخاري].وهذا الحب هو الذي أبكى أبا بكر فرحاً بصحبته صلى الله عليه وسلم.إن هذا الحب هو الذي أرخص عند أبي بكر كل ماله ليؤثر به الحبيب صلى الله عليه وسلم على أهله ونفسه .
أخرج ابن عدي وابن عساكر من طريق الزهري وروى الحاكم في مستدركه ج 3/ ص 82 , عن أنس رضي الله عنه قال رسول صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: \"هل قلت في أبي بكر شيئاً؟\" فقال: نعم. فقال: \"قل وأنا أسمع\". فقال:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف العدوّ به إذ صعَّد الجبلا
وكان حِبِّ رسول اللّه قد علموا * من البرية لم يعدل به رجلاً
فضحك رسول اللّه حتى بدت نواجذه، ثم قال: \"صدقت يا حسان هو كما قلت\".
فلقد ضرب الصديق رضي الله عنه مثلا رائعا في أن الصداقة مبادئ ومواقف , وليست شعارات وأقوال .







الخطبة الثانية : فضائل شهر محرم

الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة، فما زال يوالي عليكم مواسم الخير الفضل، ما انتهت أشهر الحج إلى وأعقبها شهر الله المحرم، وهذا الشهر خصه الله بخصائص:
أولا: أنه من الأشهر الحُرم التي حرم الله فيها القتال قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهذه الأربعة: هي ذو القعدة، وذو الحجة، وشهر محرم، والرابع شهر رجب، حرم الله القتال فيها من أجل تأمين الحجاج والمعتمرين في سفرهم للحج والعمرة، فلما جاء الإسلام - ولله الحمد - انتشر الأمن واندحر الكفار، وقام الجهاد في سبيل الله عز وجل في كل وقت مهما أمكن ذلك.
إن هذا الشهر له فضائل قال صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ" فيستحب الإكثار فيه من الصيام.
وهو الشهر الذي اختاره الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه ليكون أول السنة الهجرية، فهو شهر له فضائل:
ومن أعظم فضائله: أن فيه يوم عاشوراء الذي أخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفّر السنة الماضية، وقد صامه موسى عليه السلام شُكرا لله لما أغرق الله فرعون وقومه فصامه شكرا لله عز وجل، وصامه اليهود من بعده، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وجد اليهود يصومونه فقال: "ما هذا الصوم الذي تصومونه؟" قالوا: إنه يوم أعزّ الله فيه موسى وقومه، وأذل الله فيه فرعون وقومه وقد صامه موسى عليه السلام فنحن نصومه، فقال صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ" أو "أولا بِمُوسَى مِنْكُمْ" فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه فصار صيامه سنة مؤكدة؛
لكنه صلى الله عليه وسلم أراد منا أن نخالف اليهود فـأمر "بصوم يوم قبله" وهو اليوم التاسع، وفي رواية أو "صوم يوما بعده"، ولكن صيام يوم التاسع آكد، فيصام هذا اليوم اقتداءً بأنبياء الله بموسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم في صيامه وهو يوم أعز الله فيه المسلمين على يد موسى عليه السلام، فهو نصر للمسلمين إلى أن تقوم الساعة، ونعمة من الله عز وجل يُشكر عليها وذلك بالصيام، فصيامه سنة نبوية مؤكدة، فيصومه المسلم اليوم التاسع ويصوم اليوم العاشر الذي هو يوم عاشورا، ومضت هذه السنة في هذه الأمة والحمد لله فيتأكد صيامه طلبا للأجر والثواب وشكرا لله عز وجل.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلاَّ هذا اليوم يومَ عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان" (رواه البخاري 1867). ومعنى "يتحرى" أي: يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» (رواه مسلم 1976) وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل العظيم.
روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع»، قال: فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رواه مسلم 1916).
فسنة الأنبياء وأتباعهم أنهم يشكرون الله على الانتصارات وذلك بالطاعة والصيام وذكر الله عز وجل وشكره ولا يحدثون في هذه الانتصارات بدعا ومنكرات فإن هذا من سنة الجاهلية، والاحتفالات إنما يحدثون فيها الشكر لله عز وجل والصيام، فإحياء السنة أمر مطلوب من الأمة، في صومه أجر عظيم، يكفر السنة الماضية.
فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيه، أما من يتخذ يوم عاشوراء يوم حزن ويوم بكاء وعويل و نياحه كما تفعله الشيعة حزنا على مقتل الحسين رضي الله عنه فإنه قتل في هذا اليوم في يوم عاشورا في اليوم العاشر من شهر محرم؛ ولكن المصيبة لا تقابل بالنياحة والمعاصي والمنكرات؛ وإنما تقابل بالطاعة والصبر والاحتساب، مقتل الحسين رضي الله عنه لاشك أنه مصيبة؛ ولكن الله أمرنا عند حدوث المصائب أن نصبر ونحتسب.
فالواجب على المسلمين اتباع السنة وترك البدعة هذا هو المطلوب، والبدعة لا تقابل بما هو شر منها ببدع أخرى، إنما تقابل بتركها وإحياء السنة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه توبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.