قال تعالى(( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ))
أيها الإخوة / في قصص الأنبياء عبرٌ ودروس ، قصها الله علينا في كتابه، وأورد الله من أخبارهم ما فيه موعظة وذكرى واعتبار للمؤمنين ، ومن ذلك قصة ملكة سبأ رحمها الله ، والتي كانت هي وقمها يعبدون الشمس من دون الله والذي أخبر بخبرهم أحد جنود سليمان وهو الهدهد ذلك الطائر الصغير ، فأرسل لها كتابا أي رسالة مع الهدهد وفيه دعوتهم إلى عباد الله تعالى ؛ فاستشارت قومها بهذه الرسالة ثم أرادة بحكمتها ونباهتها وحسن تدبيرها اختبار نبينا سليمان عليه السلام ! فأرسلت لسليمان هدية تستجلب قلبه وتزيل ما به من قوة وتسلط ؛مع حرصها على الحصول على نتيجة هذه الاختبار من وراء هذه الهدية فإن كان ملِكا أخذ الهدية وانصرف ، وإن كان نبيا لم يأخذها ولم تأمنه على بلادها ؛ولهذا ينبغي للعاقل مهما تيسر له دفع الخصوم بطريق صالح لا يوقع نفسه في خطر الهلاك بالمحاربة والقتال بالاختيار إلا أن يكون مضطرا ، ولذلك ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ )) وهذا من أعظم الدروس من هذه الآية الكريمة .
وفيها من الدروس : أن هدية الكافر تقبل مالم يكن فيها مهانة للإسلام، أو رشوة؛ لأن سليمان عليه السلام لو قبل الهدية، وسكت عنهم، وأبقاهم على الشرك من أجل الهدية، ولم يحاربهم لأجل الهدية؛ لأصبحت رشوة عظيمة وحاشا أنبياء الله ، وكذلك هدية المسلم لأخيه المسلم فمن باب أولى قَبولها مالم تترتب على الهدية معصيةٌ، أو تنازلٌ عن حق، أو إظهار باطل أو إعانة على ظلم فإنها تكون كالرشوة. ومن الدروس : أن الهدية سبب في الترابط والمحبة والألفة بين الناس وسبب في تأليف القلوب، وتعميق أواصر المحبَّة، وفيها ترغيب غير المسلمين للإسلام كما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
قال صلى الله عليه وسلم ((تهادَوْا تحابُّوا)) حسنه الألباني
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
حرر في رمضان 1438 ه
__________________________
*من اللطائف :
لماذا فقط تفقد سليمان الهدهد من بين الطيور ؟
الجواب : جلس ابن عباس إلى عبد الله بن سلام رضي الله عنهما, فسأله عن الهدهد: لم تفقَّده سليمان من بين الطير فقال عبد الله بن سلام: إن سليمان نـزل منـزلة في مسير له, فلم يدر ما بُعْد الماء, فقال: من يعلم بُعْد الماء؟ قالوا: الهدهد, فذاك حين تفقده.
[/SIZE][/CENTER]
المفضلات