النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: عرش الرحمن وكرسيّه ( خطبة جمعة )

  1. #1

    عرش الرحمن وكرسيّه ( خطبة جمعة )



    الْخُطْبَةُ الْأُولَى
    اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ ، الَّذِي تَفَرَّدَ بِكُلِّ جَمَالٍ وَكَمَالٍ ، وَأَشْهَدَ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحَدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَلَا نِدَّ وَلَا مِثَالَ ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى ، وَهُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالْ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، كِرِيمُ الْأَخْلَاقِ ، وَطَيِّبُ الْخِصَالِ ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً .
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي طَغَتْ فِيِهِ الْمَادِّيَّاتُ، وَزَادَتْ فِيِهِ الْمُلْهِياتُ والمُغْرِياتُ، وَتَطَوَّرتْ فِيِهِ الصِّنَاعَاتُ وَعَظُمَتْ فِيِهِ دُوَلٌ وَرِجَالٌ وَمُجْتَمَعَاتٌ ؛ حَرِيٌّ أنْ نُذَكِّرَ أنْفُسَنا بِبَديعِ صُنْعِ رَبِّ البرِّيات، وَأَنْ نَتَأمَّلَ آثارَ عَظَمَتِهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ ((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))
    حَيٌّ مُرِيدٌ قَادِرٌ مُتَكَلِّمٌ * * * ذُو رَحْمَةٍ وَإِرَادَةٍ وَحَنَانِ
    هُوَ أَوَّلٌ هُوَ آخَرٌ هُوَ ظَاهِرٌ * * * هُوَ بَاطِنٌ هِيَ أَرْبَعٍ بِوِزَانِ
    مَا قَبْلَهُ شَيْءٌ كَذَا وَمَا بَعْدَهُ * * * شَيْءٌ تَعَالَى اللَّهُ ذُو السُّلْطَانِ أيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / نَتَأَمَّلُ آثَارَ عَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي خَلْقِ مَخْلُوقَيْنِ عَظِيمَيْنِ هُمَا الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ ؛ فَالْعَرْشُ هُوَ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ ، فَهُوَ مَجِيدٌ أَيْ مُتَّسِعٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ((ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ )) وَهُوَ كَرِيمٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى (( فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )) وَهُوَ عَظِيمٌ كَمَا قَالَ عَنْ نَفْسِهِ (( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) وَلِلْعَرْشِ حَمْلَةٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَحْمِلُونَهُ وَيُسَبِّحُونَ اللَّهَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَيَدْعُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى (( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )) وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ عَدَدَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ فَقَالَ (( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ)) وَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَةَ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَقَالَ(( أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ، مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
    وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْكِرَامَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ تَحُفُّهُ وَتُسَبِّحُ اللَّهَ ، لَا تَمَلُّ وَلَا تَكِلُّ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (( وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ )) وَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَيِمِ سُلْطَانِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى (( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ هَذَا الِاسْتِوَاءِ ، وَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بِالْمَسْجِدِ يُحَدِّثُ النَّاسَ ، فَقَالَ : يَا مَالِكُ ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَسَكَتَ مَلِيًّا، ثم عَلَتْهُ الرُّحَضَاءُ أيْ الْعَرَقُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ،وَقَالَ لِلسَّائِلِ : الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ ، وَمَا أَرَاكَ إِلَّا رَجُلُ سُوءٍ ، ثُمَّ أَرَادَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ الْمَجْلِسِ.
    فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى عِبَادَ اللَّهِ ، وَاسْتَشْعِرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ ، وَوَحَّدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً قَالَ تَعَالَى ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ))
    بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
    اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .
    ‏عِبَادَ اللهِ / اِتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ الْكُرْسِيُّ ، وَهُوَ يَأْتِي بَعْدَ الْعَرْشِ بِالْعَظَمَةِ ،وَهُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، وَهُوَ غَيْرُ الْعَرْشِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ كَمَا فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ ((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ))
    عِبَادَ اللهِ / (( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ))
    فَحَرِيُّ بِنَا أَنْ نَسْتَشْعِرَ دَائِمًا عَظَمَةَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّهَا فَوْقَ كُلِّ عَظَمَةٍ وَقُوَّةٍ ؛ فَإِذَا امْتَلَأَتْ قُلُوبُنَا بِعَظَمَةِ اللَّهِ ؛وَلّدَ ثِقَةً مُطْلَقَةً بِاللهِ ، وَجَعَلَ الْوَاحِدَ مِنَّا هَادِيَ الْبَالِ سَاكِنَ النَّفْسِ مَهْمَا ادْلَهَمَّتِ الْخُطُوبُ ، وَزَادَتِ الْكُرُوبُ لِأَنَّ رَبَّهُ الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يُغْلَبُ ؛ فَاسْتِشْعَارُ عَظَمَةِ اللهِ وَقُوَّتِهِ تَمْلَأُ الْقَلْبَ ﺭﺿًﺎ وَصَبْرًا وَثِقَةً بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) وقال ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) [ رَوَاهُ مُسْلِم ]



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خلق الأزمات ( خطبة جمعة )
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-07-2016, 20:09
  2. خطبة جمعة بعنوان ( آخر جمعة في رمضان 1437 )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-06-2016, 22:35
  3. خطبة جمعة الغد بعنوان ( أول جمعة في رمضان ) 1436/9/2هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-06-2015, 15:01
  4. خطبة جمعة : حرس الثغور
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-01-2015, 00:15
  5. خطبة جمعة ( التواضع )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 22-06-2011, 00:02

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته