خطبة جمعة بعنوان
نهاية العطلة وبداية الدراسة
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
14 - 12 - 1437
الخطبة الأولى
أيها الأحبةُ المسلمون : لقد انتهت العطلةُ الصيفيةُ ، بعدَ أشهرٍ ملأى بالأفراحِ والأتراحِ ، والغادينَ والرائحينَ ، والأحياءِ والميتينَ ، للمتأملِ فيها عبرةٌ ، وللسالكِ فيها نظرةٌ ، نسألُ اللهَ أنْ يجعلَنا وإياكُم ممن أحسنَ فيها عملاً ، ولم يحملْ فيها وزراً ، لقد إنقضت أيامُ الحجِّ المباركةِ ، وشهدَ حجُّ هذا العام نجاحاً باهراً ، بفضلِ اللهِ سبحانهُ وتعالى ثم بفضلِ ما يوليهِ ولاةُ الأمرِ ورجالُ الأمنِ والجهاتُ المختصةُ وكافةُ القطاعاتِ الأخرى من جهودٍ جبارةٍ حفاظاً على سلامةِ الحجاجِ وأمنِهم وتوفيرِ الرعايةِ الكاملةِ لهم ، ثمَّ بسببِ غيابِ بعضِ المتربصينَ بالحجِّ والحجاجِ منَ المغرَّرِ بهم منْ قبلِ بعضِ الجهاتِ المغرضةِ التي لا تخفى على كريمِ عقولِكم ، حفظَ اللهُ ولاةَ أمرِنا وجندَنا والقائمينَ على الحجِّ جميعاً ، لقد مرت هذهِ الأيامُ الفاضلةُ ومرَّ عيدُ الأضحى المباركِ تقبلَ اللهُ منا ومنكم صالحَ الأعمالِ ، وبعدَ غدٍ بإذنِ اللهِ ستعودُ الحياة ُالتعليميةُ إلى مجاريها ، وستُفتحُ أبوابُ المدارسِ لنرى الآلافَ من فلذاتِ الأكبادِ وهي تتجهُ إلى المدارسِ والمعاهدِ والكليات ، في منظرٍ يسرُ الناظرَ لمجدِ أمتهِ ، الطموحَ لعزِ دينه ورمته .
فبنورِ العلمِ ، وبإشراقةِ الفكرِ ، ترسخُ الهممُ ، وتشمخُ الأممُ ، وهل أمةٌ سادت بغيرِ التعلمِ ؟ وتأملوا الشرقَ و الغربَ ، بما تفوقوا ؟ وبما صنعوا واخترعوا ، وبما سيطروا على القوةِ الماديةِ ’ وصاروا يتحكمونَ في الشعوبِ المسلمةِ ، التي كانَ لها في سالفِ زمنِها صولةٌ وجولةٌ ، لقد سادوا بالعلمِ والمعرفةِ فنمت قوتُهم ونمى اقتصادُهم القائمُ على نتاجِ العقولِ وثمارِ الصناعاتِ وليسَ على المواردِ فقط ، أمَّا نحنُ فلما تركنا العلمَ ، وأخلدنا إلى الدَّعَةِ والراحةِ ، واللعبِ والضياعِ ، ضاعَ مجدُنا ، وضعُفتْ قوتُنا ، ولانت شدتُنا ، فإلنا إلى ما لا يخفى عليكُم ، فعسى اللهُ أنْ يُخرجَ من رَحِمِ هذهِ الأمةِ ، منْ يبنونَ مجدَها ، ويعيدُونَ مكانَتَها ، ولا يكونُ ذلكَ إلا بالعلمِ والعملِ ، وما ذلكَ على اللهِ بعزيزٍ .
إخوةَ الإسلامِ : لنا وإياكم مع المدارسِ وقفةٌ هذا الإسبوعِ ، نقفُ وإياكُم مع المربي الفاضلِ ، والموجهِ الكريمِ ، معكَ أيها الوالدُ ، معكَ أيها الوليُّ البرُّ ، إننا بحاجةٍ إلى أبٍ ووليٍّ مصلحٍ ، إنَّ بعضَ الآباءِ والأولياءِ ، يعتقدُ أنَّ دورَهُ لا يتعدّى شراءَ الكراريس والأقلامِ وتسجيلِ الأبناءِ ، ويظنُّ أنه بذلكَ ، قد انتهى دورُهُ ، ولكن أيها الوليُّ الفاضلُ : أتدري أنَّ الذي صنعتَهُ ، إنما هو واجبُ النفقةِ ، وقد أديتَهُ بكلِّ أمانةٍ ، فشكرَ اللهُ لكَ ، وأنتَ مأجورٌ على ذلكَ , فاحتسبْ ذلكَ عندَ اللهِ تعالى ، فالنبي صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يقول: ((أفضلُ دينارٍ ينفقُهُ الرجلُ ، دينارٌ ينفقُهُ على عيالِهِ، ودينارٌ ينفقُهُ على دابتِهِ في سبيلِ اللهِ، ودينارٌ ينفقُهُ على أصحابِهِ في سبيلِ اللهِ)) رواهُ مسلمُ، ولهُ من حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ : ((دينارٌ أنفقتَهُ في سبيلِ اللهِ ، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقبةٍ ، ودينارٌ تصدقتَ بهِ على مسكينٍ ، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ ، أعظمُها أجرًا ، الذي أنفقتَهُ على أهلِكَ))
فأنتَ لم ترسلْهُ للبدنِ إنما للفكرِ والتحصيلِ والتربيةِ والتعليمِ ،
يـا خادِمَ الجسمِ كم تسعى لخدمتِهِ أتعبتَ جسمكَ فيما فيه خُسْرَانُ
أقْبِلْ على الروح فاستكملْ فضائلَها فأنـت بالروح لا بالجسم إنسانُ
واللهُ جلَّ وعلا يقولُ ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ)
أيها الآباءُ والأولياءُ : مهمةُ التربيةِ والتعليم ، ليست قصراً على المدرسةِ ، إنما لكم فيها النصيبُ الأكبرُ، والحظُ الأوفرُ ،
ولنْ تمنعَكَ مشاغلُك ، وكثرةُ وظائفِكَ وارتباطاتِكَ ، وأعمالِكَ ونشاطاتِكَ ، من الإهتمامِ بأولادِكَ فهم الشغلُ الأشغلُ ، والهمُّ الأثقلُ ، لن نعذرَ تقصيرَك ، ولن نُسقط التَّبِعَاتِ عن الآباءِ والأمهاتِ ،
ونلقي بالمسؤوليةِ كاملةً ، على كاهلِ المدرسةِ ، الوالدُ هو المربي الأفضلُ ، والمدرّس الأولُ ،
المدارسُ أيها المسلمون : تشتكي ولياً لا يتابعُ الواجباتِ ، ولا يهتمُّ بالكراساتِ ، لا يهتمُّ بالتقويمِ ، ولا يكترثُ للتقييمِ ،
دع أبناءَكَ يشعرونَ بقربِكَ لهم ، وسؤالِكَ عنهم ، ووقوفِكَ عليهم ، ومشيكَ إليهم ، زيارتِكَ لمدارسِهم ، وعلاقتِكَ بمعلمِهِم ، يُسهمُ في سدِّ الفجواتِ ، وحلِّ المشكلاتِ ، وعلاجِ النزواتِ ، يبعثُ فيهم الثقةَ ، وينمي لديهم الرجولةَ ، ويحدوهم للتفوق والنجاحِ ، إن مدارسَنا ـ بحمدِ لله ـ مَلأى بالأساتذةِ الصالحينَ والمعلمينَ البارزينَ ، والمربينَ الناصحينَ ، الذين هم على قدرٍ عالٍ من الأمانةِ والمسؤوليةِ ، أملُنا فيكَ أيها الوليُّ الكريمُ ، فمعاولُ الهدمِ كثيرةٌ
أرى ألفَ بانٍ لا يقوم لهادِمٍ
فكيف ببانٍ خلفَه ألفُ هادِمِ
وما أكثرَ وسائلَ الهدمِ ، لولا اللهُ سبحانه ثمَّ هذه المباديءِ الراسخةِ ، والثوابتِ الشامخةِ ، فالفضائياتُ من ناحيةٍ ، ووسائلُ التواصُلِ من جانبٍ ، ومواقعُ الإنترنتِ المنحرفةِ الحارفةِ من جهةٍ ، والشارعُ وصحبةُ السوءِ ، وكثيرٌ مما لا يخفى على كريمِ عقولِكم ، وفاضلِ ألبابِكم ،
فاللهَ اللهَ بهذهِ الأمانةِ التي في أعناقِكم ، قال عليهِ الصلاةُ والسلامُ في الحديثِ المتفقِ عليهِ : ((كلُّكم راعٍ وكلُكم مسؤولٌ عن رعيته)) فاتقوا اللهَ في هذه الذريةِ ، ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
معشرَ الآباءِ والأمهاتِ :
اللهَ اللهَ في حقوقِ المعلمينَ والمعلماتِ، اغرسوا في قلوبِ أبنائِكم وبناتِكم حبَّ العلمِ والعلماءِ، وإجلالِ المعلمينَ والمعلماتِ، وتوقيرِهم واحترامِهم، طلبًا لمرضاةِ اللهِ سبحانهُ وتعالى، علّموهم الأدبَ قبل أن يجلسوا في مجالسِ العلمِ والطلبِ، علّموهم الأدبَ مع الكبارِ والعطفَ على الصغارِ، علموهم الهدوءَ واحترامَ المساجدِ ودورَ العلمِ والعبادةِ ، علموهم إحترامَ الآخرينَ ، وتوقيرَ المسلمينَ ، صلوا وسلموا على خير أنبياء الله ، محمد بن عبدالله ، كما أمركم بذلك ربكم سبحانه فقال ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ....... )
المفضلات