النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: لبيـّـــــــــــك حجــــــــــــــــة ( خطبة جمعــة )

  1. #1

    لبيـّـــــــــــك حجــــــــــــــــة ( خطبة جمعــة )



    اَلْخُطْبَةُ الْأُولَى
    اَلْحَمْدُ لِلَّهِ مُـجْزِلِ الْعَطَايَا وَالْمَوَاهِبَ ، يُعِيدُ مَوَاسِمَ الْخَيْرَاتِ وَيَفْتَحُ بَابَهُ لِكُلِّ رَاغِبٍ وَتَائِبٍ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَا تَتَابَعَتْ بِالْحَجَّاجِ الْمُوَاكِبُ وَتَقَاطَرَتْ بِهِمُ الْمَرَاكِبُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ ،وَصَحِبَهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
    أَمَّا بَعْدُ :أَيُّهَا النَّاسُ / أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾
    عِبَادَ اللَّهِ / مَوَاسِمُ الْخَيْرَاتِ تَتَوَالَى بِشَرَفِ زَمَانِهَا وَمَكَانِهَا ، فَبَعْدَ مَا شَهْرُ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ ارْتَحَلَ ، هَا هُوَ الْحَجُّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ حَلَّ ، فَاسْتَعَدَّ لِهَذِهِ الْفَرِيضَةِ مِنْ اسْتَعَدَّ بِكُلِّ فَرَحٍ وَسُرُورٍ لَا يَحُدُّ ( لَبَّيْكَ حَجَّةٌ ) لَبَّيْكَ خُضُوعًا وَذُلًّا وَانْكِسَارًا وَتَلْبِيَةً وَاسْتِجَابَةً لَكَ يَا اللَّهُ لِأَنَّكَ الْقَائِلُ (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا )) رَوَاهُ مُسْلِم . (لَبَّيْكَ حَجَّةٌ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ ، وَهُوَ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((تَعَجَّلُوا إِلى الحَجِّ - يَعْنِي الفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُم لا يَدرِي مَا يَعرِضُ لَهُ )) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
    (لَبَّيْكَ حَجَّةٌ ) لِأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ ؛ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ إِسْلَامِهِ : ((أَمَّا عَلِمَتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
    (لَبَّيْكَ حَجَّةٌ ) لِأَنَّ الْحَجَّ فِيهِ غَسْلُ أَدْرَانِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
    وَثَوَابُ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((اَلْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / اَلْمُتَأَمِّلُ لِأَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَةِ تِجَاهَ هَذِهِ الشُّعَيْرَةِ الْمُبَارَكَةِ يَرَى الْعَجَبُ ! فَتَرَاهُمْ يَعُدُّونَ الْعُدَّةَ لِهَذَا الْحُلْمِ الْكَبِيرِ وَالْهَمِّ الْأَوْحَدِ السِّنِينَ تِلْوَى السِّنِينَ ! لِيَكُونَ هَذَا الْحُلْمُ حَقِيقَةً ؛ فَتَرَاهُمْ يَجْمَعُونَ الدِّرْهَمَ إِلَى الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ إِلَى الدِّينَارِ لِيُحَقِّقُوا مُنَاهُمْ بِأَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ ؛ بَلْ بَعْضُهُمْ يَقْطَعُ مَسَافَاتٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى يَصِلَ إِلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ ، وَرُبَّمَا وَصَلَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ .
    وَبَعْضُهُمْ تَتَقَدَّمُ بِهِ السِّنُّ ،وَيُقْعِدُهُ الْكِبَرُ وَالْأَمْرَاضُ وَالْعِلَلُ ؛ يَتَمَنَّوْنَ الْحَجَّ وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُونَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَبِالْمُقَابِلِ تَجِدُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ أَوْ الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ لِهَذِهِ الْبِلَادِ قَدْ تَجَاوَزَ الْعِشْرِينَ سَنَةً أَوْ الثَّلَاثِينَ أَوْ الْأَرْبَعِينَ أَوْ رُبَّمَا الْخَمْسِينَ مِنْ الْعُمْرِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنْ يَحُجَّ ! مَعَ وُجُودِ صِحَّةٍ فِي جِسْمِهِ وَوَفْرَةِ فِي مَالِهِ وَفُسْحَةِ مِنْ وَقْتِهِ ,وَمَعَ ذَلِكَ يُؤَخِّرُ وَيُسَوِّفُ وَكَأَنَّهُ قَدْ عُمِّرَ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ ، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يُسَافِرُ إِلَى أَبْعَدِ الدُّوَلِ ،وَيَسْكُنُ أَفْخَمَ الْفَنَادِقِ ، وَيَصْرِفُ الْأَمْوَالَ الطَّائِلَةَ ،وَإِذَا ذُكِرَ الْحَجُّ تَعَذَّرَ بِغَلَاءِ الْحَمَلَاتِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مُتَّسَعٍ مِنْ الْوَقْتِ ، وَكَأَنَّ الْحَجَّ لَيْسَ رُكنًا مِنْ أرْكَانِ الْإِسْلامِ الْعِظَامِ، أَوْ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ))
    فَاتَّقُوا اللَّهِ عِبَادِ اللَّهِ ، وَاحْذَرُوا التَّسْوِيفَ بِتَأْدِيَةِ الْحَجِّ وَتَأْجِيلِهِ ، وَكُونُوا مِنْ الْوَافِدِينَ عَلَى اللَّهِ الَّذِي قَالَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((اَلْحَجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ ، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ ، وَإِنْ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ)) وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ .
    أقولُ ما تَسْمَعُونَ، وأسْتغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم ولِجميعِ الْمُسلميِنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فاسْتَغْفِروهُ إنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيم.
    اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانَهُ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .
    أمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ : اِتَّقُوْا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى ؛ وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ بَعْدَ قَضَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَالنَّفَقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ بِالْحَجِّ لَزِمَهُ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ ، وَمَنْ سَوَّفَ وَأَجَّلَ فَمَاتَ فَيَجِبُ عَلَى وَرِثَتِهِ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ مَالِهِ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ ،لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ )) وَقَدْ ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكْتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الظَّعْنَ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ )) فَهَذَا بِحَالِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ السَّفَرَ وَأَعْمَالَ الْحَجِّ يُحَجُّ عَنْهُ فَكَيْفَ بِحَالِ الْقَوِيِّ الْقَادِرِ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ ،فَاتَّقَوْا اللَّهَ عِبَادِ اللَّهِ ، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا﴾



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة الجمعة : مكانة المسجد في الإسلام (خطبة كاملة)
    بواسطة الياس اسكندر في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-04-2014, 21:41
  2. خطبة الطهارة
    بواسطة ماجد الغريب في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24-12-2006, 15:33
  3. خطبة صفة الصلاة
    بواسطة ماجد الغريب في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-12-2006, 22:36
  4. خطبة صفة الوضوء
    بواسطة ماجد الغريب في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-12-2006, 23:59
  5. خطبة
    بواسطة عامر في المنتدى الذّود عن صفوة الخلق صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 23-10-2006, 04:11

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته