وقفة للتأمل
الكثير منا يشعر بالطمأنينة ، والراحة التامة ، والسعادة التي لاتوصف في هذا الشهر الكريم مع طول ساعات النهار وحرارة الجو في بعض البلاد ، ومع ذلك يتمنى الكثيرون منا أن لو رمضان عاماً كاملاً ! وهذا الشعور ، وهذه الأمنية تحتاج إلى وقفة تأمل بعد سؤال صريح عن سبب هذه السعادة ؟
والجواب الذي يذكر ولا ينكر أننا انشغلنا بالغاية التي من أجلها خلقنا الله كما قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) وبين أنها لا تتوقف إلا بموت المكلف كما قال تعالى ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )) ولاشك أن عبادته وتوحيده هي حق لله تعالى على عباده ، كما قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه (( أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله؟)) قَالَ قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((فَإِنَّ حَقَّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللّهِ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ... الحديث )) متفق عليه
نعم – أيها الإخوة - انشغلنا بشتى أنواع العبادة الظاهرة والباطنة من الأقوال والأعمال ، كالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث، والذكر ، والدعاء وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام وتربية الأولاد، والوفاء بالعهود إلى آخر مجامع الأخلاق والأعمال ومحاسنها، فتعلقنا بالله أكثر ، وأصبح يومنا كله لله فاطمأنت قلوبنا ، وارتاحت أنفسنا ، فلله الحمد والمنة .
فالسعادة كل السعادة في الإقبال على الله ، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعة والعبادة ، وهي سبب لحب الله تعالى للعبد , وإذا أحب الله العبد هيأ له أسباب السعادة والإنس به , وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي (( مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ )) رواه البخاري .
اللَّهُمَّ علِّمْنا ما ينفعُنا وانفعْنا بما علَّمتَنا، وزدنا علمًا وعملاً يا ذا الجلال والإكرام ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
المفضلات