[align=justify]علميّاً : تحتاج المعادن إلى درجة حرارة عالية جدّاً لتصل إلى مرحلة الانصهار والتحول من كونها صلبة إلى سائلة ، عمليّاً : نجد أن نار المواقف التي تعرض لها الوطن منذ القدم كانت كفيلة بإيصال البدون إلى مرحلة الانصهار حبّاً فيه لتتحول أجسادهم الصلبة في وجه المحن إلى "سائلة" تسأل الله الأمن والأمان للوطن ومن ثمّ تغور في باطن أرضه لتكوّن كثيراً من بتروله الذي هو أصل ثرائه وأسّ غناه ، فخفّف الوطء أيها العنصري فما أظنّ "بترول هذه الأرض" إلا من هذه الأجسادِ .
لست أعير بيانات "الجهاز" المعني بحل قضية البدون أي اهتمام غالباً ، كونها تحوي الكذب الصراح وتأتي في طور المدافع عن عمله وسياسته في حل القضية غالباً ، ولكنّ البيان الأخير الذي أصدره "الجهاز" جاء مغايراً هذه المرّة إذ أراه انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم عبر مهاجمة البدون أنفسهم عن طريق عبارات فضفاضة وتهم باطلة كانت واسعة جدّا على جسد قضية البدون ، وحتماً سيغترّ بها الجاهلون وسيعرف مدى سخفها العاقلون ، كما أنّه ينذر - ربّما - بتغيّر في إدارة ملف القضية ويعطي إرهاصات باقتراب مزيدٍ من التضييق على البدون يذكّرنا بماحوته سنوات التسعينيّات وأوائل الألفيّة الجديدة .
في بيانه الأخير ادّعى "الجهاز" أن البدون يصعب انصهارهم في المجتمع ! ، وكأنهم يعودون بأصولهم إلى بلاد ما وراء النهر أو أنهم من أدغال أفريقيا ! ، وهم الذين يعلم الجميع بما فيهم "الجهاز" نفسه بأنهم يعودون بأصولهم لذات القبائل والبلدان التي يعود إليها إخوانهم في المواطنة ، وأنهم ليسوا بحاجة إلى انصهار في مجتمع هم أصله وأساسه ولا في بلد قام على أكتافهم وشاركوا في بنائه لبنة لبنة .
إن الحديث عن الانصهار حين يثار لا يجب أن يكون المقصود فيه "البدون" ، بل يجب أن يكون مداره حول الآلاف من الآسيويات والأفريقيات اللواتي تم تجنيسهن خلال السنوات الأخيرة كونهن زوجات لكويتيين ، فهل كُنّ صالحات للانصهار في المجتمع ؟! وهل أدى تجنيسهن إلى العبث بالنسيج الوطني ؟! أم أن هذه الاسطوانات المشروخة لا يتم تشغيلها إلا حين يكون الحديث حول تجنيس البدون ؟! .
في بلد أصبحنا نرى فيه "كويتية من أصل أثيوبي" يعتبر كذباً الحديث عن نسيج اجتماعي وصعوبة انصهار لا سيما حين يكون الحديث عن مكوّن رئيسي من مكوّنات هذا المجتمع ، وستعلمون غداً من الكذّاب الأشر .
منصور الغايب
twitter : @Mansour_m[/align]
المفضلات