الحمد لله، ( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما كان وما يكون. وما تُسرِونَ وما تُعلِنُون. واشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه الصادقَ المأمونَ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يهدُون بالحقِّ وبهِ يعدِلُون. وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ يُبعثُون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد: أيها الأحبةُ في الله : فَإنَّ المُؤمِنَ ، لا يَبتَعِدُ عَن رَبِّهِ ، مَهمَا حَاوَلَ عَدُوُّهُ أَن يَصُدَّهُ وَيُبعِدَهُ ، وَلا يَتَمَادَى في الغَيِّ ، وَإِن زَيَّنَ لَهُ الشَّيطَانُ أَو حَاوَلَ إِضلالَهُ ، بَل هُوَ تَوَّابٌ مُستَغفِرٌ مُنِيبٌ ، مُسلِمٌ لِرَبِّهِ ، مُنطَرِحٌ بَينَ يَدَيهِ ، مُتَعَرِّضٌ لِرَحمَتِهِ ، طَالِبٌ لِعَفوِهِ ، يَحذَرُ الآخِرَةَ ، وَيَرجُو رَحمَةَ رَبِّهِ . يقولُ عليه الصلاةُ والسلام {إِيَّاكُم وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَومٍ نَزَلَوا بَطنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتى حَمَلُوا مَا أَنضَجُوا بِهِ خُبزَهُم، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتى يُؤخَذْ بها صَاحِبُهَا تُهلِكْهُ} فالمؤمن يعودُوا إلى ربِّه ، بالتوبةِ والإنابةِ والإقلاعِ عنِ الذنب ، يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام {ما من عبدٍ يذنبُ ذنباً ،فَيُحسنُ الطهورَ ، ثم يقومُ فيصلي ركعتينِ ، ثم يستغفرُ اللهَ ، إلا غفرَ اللهُ له ثم قرأَ هذه الآيةَ (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ*أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) وفي الحديثِ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي اللهُ عنه ، قالَ سمعتُ رسولَ اللهِ e يقولُ :{ إن إبليسَ قالَ لربِّهِ بعزتِكَ وجلالِكَ لا أبرحُ أُغُوي بني آدمَ ما دامتِ الأرواحُ فيهم ،فقالَ اللهُ فبعزتي وجلالي لا أَبْرَحُ أغفرُ لهم ما استغفروني } وفي سُننِ ابنِ ماجةَ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ -e- { طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا } وانظرْ إلى تطبيقِهِالعملي ، فالصحابةُ رضي اللهُ عنهم ، كانوا يَعدُونَ للنبيِّ e في المجلسِ الواحدِ أنه يَقولُ{ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ ، سبعينَ مرةً وفي بعضِ الرواياتِ مائةَ مرةٍ} وفي حديثٍ أنَّ الرسولِ e قالَ{إنيلأستغفرُ اللهَ في اليومِ والليلةِ سبعينَ مرةً-وفي بعضِالرواياتِ-مائةَ مرةٍ ، فهل نستغفرُفي يومِنا وليلتِنا ، مثلَ هذا العددِ ؟ وَهَلْ استغفارُنا لو استغفرْنا مثلَ هذا العددِ ؟ مثلَ استغفارِ رسولِ اللهِ e ؟ وهلْ حَاجتُنا ونحنُ مُثقَلُونَ بالذنوبِ والخطايا !مثلَ حاجةِ رسولِ اللهِe للاستغفارِ ، وقد غُفِرَ له ما تقدمَ من ذنبِهِ وما تأخرَ ؟ وانظرْ كذلك إلى الأثرِ العظيمِ المهمِ ، من أثرِ الاستغفارِ ، وَهُوَ دفعُ العذابِ ورفعُ المصائبِ ، مِصدَاقاً لقولِ اللهِ عز وجل (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (لأنفال:33) وفي الحديثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه ،قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e { وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ }وَلَيس في الحديثِ دَعوةٌ لِمُقَارفةِ الذَّنبِ ، والاستغفارِ من بعدُ ، وإِنَّمَا في الحديثِ ، تصويرٌ لطبيعةِ الإنسانِ ، في غفلتِهِ ووقُوعِهِ في زلتِهِ ، وطبيعةِ ما ينبغي أن يكونَ عليهِ المؤمنُ ، إذا وقعَ في الخطأٍ . أن يُبادرَ بالاستغفارِ ؛فإن لم يفعلْ ذلك ؟ لم يكنْ مُتحققاً بِمعنى العبوديةِ ، ولم يُظهرْ مظاهرَ التذللِ والخضوعِ ؟ ولم يبتهلْ لربِّ الأربابِ ! ولم يُعَظِّمْ ربَّهُ - سبحانه وتعالى - ولم يعرفْ حقيقةَ أسماءِ اللهِ الحسنى ، التوابِ الغفارِ الرحيمِ ، إلى غيرِ ذلك من أسمائِهِ العظيمةِ الجليلةِ الْحَسَنةِ ، فابحثْ في حالِكَ ، وفتشْ في نفسِكَ ، لعلّكَ واقعٌ في ذنبٍ عظيمٍ ، تعسَّرتْ عليكَ الأمورَ ، وانغلقتْ أمامَكَ السُبلَ، وَأبوابَ الخيرِ والمصالحِ بسببِهِ.. فَإنَّ العَبدَ أيُّها الحبيب ، إِذَا أَرخَى لِنَفسِهِ العِنَانَ وتَوَسَّعَ في ارتِكَابِ الذنوبِ والمَعَاصِي ، تعسَّرتْ عليهِ أمورُهُ ، وانغلقتْ أمامَهُ السُبلُ، وَأبوابَ الخيرِ والمصالحِ ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلام{ إِنَّ الرجلَ ليُحرَمَ الرزقَ بالذنبِ يصيبُهُ } واللهُ عزَّ وجلَّ يقولُ في مُحكمِ التنزيل ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فَقل لي بربِّكَ : هل فكرتَ يوماً عندما يصيبُكَ همٌ أو غمٌ ، أو عندما تقعُ في مشكلةٍ مُعضلةٍ ، هل فكرتَ أَنَكَ أنت السببُ في ذالك ؟ فاللهُ عز وجل يقول ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) فَحرمانُ الأرزاقِ ، وفُشوِّ الفقرِ ، وحرمانُ البركةِ فيما أُعطي العبادُ ، وامتناعُ القطرَ من السماءِ ،كُلُّ هذا ، بسببِ الذنوبِ والمعاصي ، فينبغي لكلِّ مسلمٍ وكلِّ مؤمنٍ أن يسعى لمحاسبةِ نفْسِهِ ،ليملِكَ قيادَها وزِمَامَها ، ولِيَضبِطَ سَيرَها ، ويَكبَحَ جماحَها ، ويَدفَعَها إلى الطاعةِ ، ويردعَها عن المعصيةِ ، والمخرجُ ، هُوَ مدُّ الْحِبَالِ إلى اللهِ - عزوجل – ؟؟ دعاءً ، وتوسلاً ، واستعانةً ، وذُلاً وخضوعاً ، واستغفاراًواستكانةً،.... بارك الله لي
الحمد لله حمداً لا ينفد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الواحد الأحد الفردُ الصَّمَد، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.أما بعد: أيها الأخوةُ في الله :فَإَنَّ العَبدَ إِذَا أَرخَى لِنَفسِهِ العِنَانَ ، وتَوَسَّعَ في ارتِكَابِ المَعَاصِي ، دَخَلَ قَلبَهُ بِكُلِّ مَعصِيَةٍ يَتَعَاطَاهَا ظُلمَةٌ، وَأَصَابَتهُ بِكُلِّ سَيِّئَةٍ وَحشَةٌ وَقَسوَةٌ، وَإِذَا صَارَ كَذَلِكَ ، زَالَ عَنهُ نُورُ الإِسلامِ ، وَفَارَقَهُ ضِيَاءُ الإِيمَانِ، وَعَلَتهُ ظُلمَةُ النِّفَاقِ ، وَتَغَشَّاهُ سَوَادُ الكُفرِ، وَأَلِفَ الشَّرَّ وَاطمَأَنَّ إِلَيهِ، وَاستَنكَرَ الخَيرَ وَنَفَرَ مِنهُ ، يقول المصطفى r : { تُعرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَت فِيهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ، وَأَيُّ قَلبٍ أَنكَرَهَا نُكِتَت فِيهِ نُكتَةٌ بَيضَاءُ، حَتى تَصِيرَ عَلَى قَلبَينِ: عَلَى أَبيَضَ مِثلِ الصَّفَا، فَلا تَضُرُّهُ فِتنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، وَالآخَرُ أَسوَدَ مُربَادًّا كَالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعرُوفًا وَلا يُنكِرُ مُنكَرًا إِلاَّ مَا أُشرِبَ مِن هَوَاهُ} رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ ، فكَفَى بِهَذَا المَثَلِ النَّبَوِيِّ البَلِيغِ تَقبِيحًا لِلمَعَاصِي ، وَبَيَانًا لِخَطَرِ عَاقِبَتِهَا ، وَسُوءِ مَغَبَّتِهَا، وَكَفَى بِهِ تَحذِيرًا مِنَ التَّهَاوُنِ بها وَاستِصغَارِ شَأنِهَا! عبادَ اللهِ، صلّوا على المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ والتَّسليم فَلإنه يقولُ بأبي هو وأُمي { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }ويقول{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ ، أنتَ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ ، أنزلْ علينا الغيثَ ، ولا تجعلْنا من القانطينَ .اللهم أغثْنا، اللهم أغثْنا ، اللهم أغثْنا،اللهم أغثْ قلوبَنا بالإيمانِ واليقينِ، وبلادَنا بالخيراتِ والأمطارِ يا ربَّ العالمين.اللهم إنا نستغفرُكَ إنك كنتَ غفَّاراً، فأرسلْ السماءَ علينا مدرارا، اللهم أغثْنا غيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحًّا غدقاً طبقا عاماً واسعاً مجللا، نافعاً غيرَ ضارٍ، عاجلا غيرَ آجلٍ، اللهم سقيا رحمةٍ لا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ.اللهم اسقِ عبادَك وبهائمَك، وانشرْ رحمتَك، وأحيي بلدَك الميتَ، اللهم أغثْنا غيثاً مباركا، تُحيي بهِ البلادَ، وتسقي به العبادَ، وتجعلْه بلاغاً للحاضرِ والبادِ. اللهم أنبتْ لنا الزرعَ، وأدرَّ الضرعَ، وأنزلْ علينا من بركاتِ السماءِ، وأخرجْ لنا من بركاتِ الأرضِ ، اللهم ارحمْ الشيوخَ الرُّكعْ ، والأطفالَ الرضعْ والبهائمَ الرُّتعْ ، اللهم سقيا رحمةٍ ، لا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
المفضلات