الحمد للهِ الذي أحكمَ بحكمتِهِ ، ما فطرَ وما بنى وقربَّ من خلقِهِ برحمتِهِ ، من تقربَ ودنا ، ورضيَ بالشكرِ من بريتِهِ ، لنعمِهِ ثمناً أمرَنا بخدمتِهِ لا لحاجتِهِ ، بل لنا ، يغفرُ الخطايا ، لمن أساءَ وجنا ، أحمدُهُ مُسِراً للحمدِ ومُعلِناً ، أشهدُ أن لا إله إلاَّ هو، يجزلُ العطايا لمن كان محسِناً ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، إمامَ الهدى ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأمناءِ ، وسلَّم تسليماً كثيراًيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً):أمّا بعدُ : أيها الإحبةُ في اللهِ:بعد غدٍ أولُ أيامِ عشرِ ذي الحجةِ ، أفضلُ أيامِ الدُنيا كما صحَّ عن المُصطفىr :أنَّه قال { أفضلُ أيامِ الدُنيا أيامُ العشرِ }أَقسَمَ اللهُ بها في كتابِهِ ، وإقسامُه بها دلالةٌ على مكانتِهِا عِندَه ، قال تعالى: (والفجرِ وليالٍ عشرٍ ) وهي التي نزلَ فيها قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ) فهيَ أيامٌ مُعظّمةٌ في القُرآنِ والسُنَّةِ ، والعملُ المفضُولُ فِيها ، أَفضلُ من الفاضِلِ فيما سِواها مِنَ الأيامِ ، جاء رجلٌ من اليهودِ ، إلى عُمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه ، كما في صحيحِ البخاري ، وقال [ يا أميرَ المؤمنين ، آيةٌ في كتابِكم تقرؤونها ، لو علينا معشرَ اليهودِ نزلتْ لاتخذنا ذلك اليومَ عيداً ، قال أيُّ آيةٍ ؟ قالَ : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ) قال عمرُ قد عرفْنا ذلك اليومَ ، والمكانَ الذي نزلتْ فيه على النبيِّ ، r، وهو قائمٌ بعرفةَ يومَ جمعةٍ ] وقد قالَ الصَّادقُ المصدوقُ r ، كما عند البُخاري من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما { ما من أيامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُ إلى اللهِ من هذه الأيامِ يعني عشرَ ذي الحجَّةِ ، قالوا :يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ قال: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ، إلا رجُلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ثُمَّ لم يرجعْ من ذلك بشيءٍ } وهذه الأيامُ ، هُن العشرُ الأخيراتُ ، التي أتمَّهن اللهُ لِموعدِ مُوسى في قولِهِ تعالى ( وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ) فهنيئاً ثم هنيئاً لمن استغلَّ عشرِ ذي الحجةِ ، بالعملِ الصالِحِ وتَحَريَ الخير ، ِوأكثرَ من الذّكرِ والدعاءِ ،لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما ، عند أحمدَ رحمَهُ اللهُ ، وفيه { فأكثِروا فيهنَّ من التهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ } وروى إسحاقُ رحمه اللهُ عن فُقهاءِ التابعين ، رحِمَهُم اللهُ جميعاً ، أنَّهم كانوا يقولون في أيامِ العشرِ ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ , لا إله إلاَّ اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ، وللهِ الحمدُ ، ويُستَحبُّ رفعُ الصَّوتِ بالتكبيرِ ، في الأسواقِ والدُّورِ والطُرقِ والمساجدِ ، وغيرِها لقولهِ تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) والذِّكرُ فضلُهُ عظيمٌ ، وقد بينَهُ النبيَ r ، بقولِهِ :كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضي الله عنه : { ألا أنبئُكُم بخيرِ أعمالِكم وأزكاها عند مليكِكم ، وأرفعُها في درجاتِكم ، وخيرٌ لكم من إعطاءِ الذهبِ والورقِ ، وأن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم ، قالوا وما ذاك يا رسولَ اللهِ : قال ذكرُ اللهِ عز وجل } وكذلك من الأعمالِ في هذه الأيامِ كِثرةُ نوافلِ العِباداتِ ، كالصلاةِ والصَّدقةِ وقراءةِ القرءان ، والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المُنكرِ ، فإنَّها من الأعمالِ التي تُضَاعفُ في هذه الأيامِ ، وصحَّ عنه r :أنَّهُ قال { مَا عَمِلَ ابنُ آدمَ شيئاً أفضلَ من الصلاةِ وصلاحِ ذاتِ البينِ وخُلُقٍ حسنٍ } فهذه ثلاثةُ أبوابٍ من العملِ الصالِحِ ، الصلاةُ النافلةُ ، وصلاحُ ذاتِ البينِ ، وحُسُنُ الخُلُقِ ، ما عملَ ابنُ آدمَ شيئاً أَفضَلَ مِنها ، وفي العَشرِ أيُّها الأخوةُ في اللهِ ، يومُ عرفةَ : ويومُ عرفةَ : قال :النبيُّ r فيه ،كما في حديثِ أبي قَتادةَ ، الَّذي رواه الإمامُ مسلمُ ،{ صِيامُ يومِ عرفةَ احتسبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السنةَ التي قبلَهُ والتي بَعدهُ } إخوةَ الإسلامِ ، إنَّ الإنسانَ خُلقَ في هذهِ الحياةِ الدُنيا ، ليعملَ ثُمَّ يُبعثُ يوم القيامةِ ، ليُجزى على عمله ، فهوا لم يُخـلقْ عبثا قال تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) ؟ ولن يُتركَ سُدى ،كما قال سُبحانه ( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) كلاَّ وربِّ الكعبةِ ، لم يُخلقْ عبثا ، ولن يُتركَ سُدى ، وسوفَ يُحاسبُ عن مثاقيلِ الذَّر ، يقولُ سُبحانه (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ) ولكِنَّ السَّعيدَ ، من قدَّمَ لنفسِهِ خيراً ، يَجدُهُ عندَ اللهِ ذُخراً ، والشَّقيَ من قدَّمَ لنفسِهِ شراً ، تكونُ عاقِبتُهُ خسراً ، فانظروا في أعمالِكُم ، وحاسِبوا أنفسَكُم ، وجدِّدوا العهدَ مع اللهِ ، وتوبوا توبةً نصوحاً ، قبل انقضاءِ أعمارِكُم ، فإنَّ الموتَ نهايةُ العمل ، وبدايةُ الجزاءِ .
ولدتك أُمُّك يـاابن آدم باكيـاً
والنَّاسُ حولُكَ يضحكونَ سُروراً
فاعمل لنفسِكَ أن تكون إذا بـكوا
في يومِ موتِكَ ضاحكاً مسـروراً
جعلني اللهُ وإيَّاكُم من المتهيئين للقائه ، إنَّهُ وليُ ذلك والقادِرُ عليه.... بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً ، أمّا بعد : أيها الأحبةُ في الله ، قولُ النبي r في الحديث الذي رواهُ مُسلمٌ في صحصحيحهِ عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنهَا { إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره }هذا الحكمُ خاصٌ بمن سيُضحِّي ، أَمَّا من سيُضحَّى عنه ، فلا يشملُهُ هذا الحكمُ ، فَرَبُّ البيتِ الذي عزمَ على الأضحيةِ هو الذي يَحرُمُ عليه ، مسَّ شعرِهِ وأظفارِهِ ، دونَ أهلِهِ وعيالِهِ : وقد وسّعَ الإسلامُ على المُسلمينَ بالأضاحي ، حيثُ تجزء الشاةُ الواحدةُ ، عن الرّجُلِ وعن أهلِ بيتِهِ ، فضحوا عن أنفسِكُم ، وعن أهلِ بُيوتِكُم ، وجودوا بها نفساً ، وفقاً لشروطِها الشرعيةِ ، فإن بعضَ النّاسِ يِحْرِمُ نفسَهُ ، ويتحجّرُ فضلَ ربِّهُ ، حيثُ يُضحي عن والديهِ فقط ، ويَدعُ نفسَهُ و أهلَهُ وذُريّتَهُ ، والأَوْلى أن يُضحيَّ للجميعِ ،كما كان النبيُّ e وأصحابُهُ ، يُضحونَ عن أنفسِهِم وعن أهليهِم ، وفضلُ اللهِ واسعٌ ، أمّا ما يظنُّهُ بعضُ العامةِ ، من اختصاصِ الأضحيةِ بالأمواتِ ، فلا أصلَ لهُ ،والأضحيةُ عن الأمواتِ على ثلاثةِ أقسامٍ ، إمّا أن يُضحيَ عَنهم تبعاً للأحياءِ ، أو أن يضحيَ عن الأمواتِ بمقتضى وصاياهُمُ تَنفيذاً ، أو أن يضحيَ عن الأمواتِ تبرعاً ، مُستَقلِينَ عن الأحياءِ ، وكلُّ هذه جائزةٌ ، وهناك بِدعةٌ لا أصلَ لها في الشريعةِ ، وهيَ أن يُضحىَ عن الميّتِ ، في أوّلِ سنةٍ من موتِهِ ، ويسمّونها ضحيةَ الحُفرةِ ، أو بالدُفنةِ ، يجعلونها للميتِ خاصّةً ، كما أنّ بعضَ النَّاسِ ، إذا أرادَ أن يُعيّنَ الأُضحيةَ ، أي يُسْمِيها لِمن هيَ لهُ ، يَمْسحُ ظهرَها ، من وجهِهَا إلى قفاها ، وهذا أيضاً لا أصلَ لهُ ، المشروعُ أن يُعيِّنَها باللفظِ ، من غيرِ مسحٍ عليها ، كما فعل النّبيُّ r ولو ذبَحَها بالنيةِ ، من غيرِ تلفُظٍ باسمِ من هيَ لهُ ، لأجزأت نيّتُهُ ، عِبادَ الله ، إنَّ اللهَ أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحةِ بِقُدسِهِ وثَلَّثَ بكم أيها المؤمنون من جِنِّهِ وإنسه فقال سبحانه قولا كريما ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) اللهم صلي وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، الشافع المُشَّفَعُ في المحشر ، ورضى اللهم عن الخلفاء ، الأءمة الحنفاء، أبي بكرٍ وعمر ، وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرح الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، وحمي حوزة الدين ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، وآمِنًّا في دورنا ، وأصلح أءمتنا وولاة أُمورنا ، وجعل وليتنا في عهد من خافك واتقاك ، واتبع رضاك ، برحمتك يا أرحم الرحمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروهُ على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله والله يعلم ما تصنعون
المفضلات