الحمدُ لله : الّذي قضى بالزّوالِ والفناءِ ، على أهلِ هذهِ الدّارِ ، وتَوَحَّدَ بالبقاءِ ، فلا زوالَ لمُلكِهِ ولا بوَارَ ، العزيزِ الذي عَنِتْ الوجُوهُ لِعزَّتِهِ ، وخَضَعَتْ الرِقَابُ مِنْ صَطوتِهِ ، واندَّكَّ الجَبَلُ لِعِظَمِ هيبتهِ وخضعَتْ المَلاَئِكَةُ مِنْ مَخَافتِهِ ، وانطَفَئتْ النَّارُ لِطَاعَتِهِ ، وَرَعَدَتِ السماواتُ لِكَلِمَتِهِ ، وأشهدُ أنَّ لا إله إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ له ، إلهٌ تَفَرَّدَ بِالْبَقاءِ ،والعِزِّ والكِبريَاءِ ، وأشهدُ أنَّ نَبيَّنا مُحَمَّدَاً عبدُهُ ورسولُهُ ، صلَّى اللهُ وسلَّم وبَارَكَ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبه ، وجُندِهِ وحَزبِهِ ، والسائرينَ على دربِهِ ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) :أمَّا بعدُ : أيها الأحبة في الله : لحظات الموت لحظات حاسمة ومريرة وقاسية ، يفر المرء من هذه اللحظات فرارا ، ولكنه معبر لا بد منه ،يقول تعالى ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) خاتمة لهذه الدنيا لا بُدَّ منها ، ولا يملك كائن من كان أن يدفعها ، إذا جاء الموت على المرء ، وحلت على أنفاسه كربته ، وأنشبت المنية أظفارها ومخالبها ، هنالك تخبوا كل المطالع ، وتفسد كل المطامع ، وتزداد الكربة ، ويشتد الألم ، وتبدأ السكرات ، هنالك لا يفكر المرء بشيء من عرض الدنيا ، ولا من مباهي الحياة ، لو وضعت القصور والملايين عند قدم المغشي عليه من الموت لرفسها ، ولأشاح بوجهه عنها ، فسبحان الله ، أهذا الإنسان هو الإنسان الذي تسمع لهاثه ، ويصم أذنيك ، دف نعليه في طلب الدنيا ، والسعي وراء سرابها ، أهذا الإنسان هو ذلك الإنسان الذي ينهش في حرمتها وحلها ليجمع هذا الحطام ، أهذا الإنسان هو الإنسان الذي تأتيه النصوصُ الشرعيةِ في تحريم الزنا والربا والغش والظلم والإبتزاز وأكلِ أموال النَّاسِ بالباطل ، فيضرب عنها صفحا لأجل أن يكدس هذا الهشيم ، نعم هو ذلك الإنسان ، ولكنه حل به ما لا يسوغ معه مطمع ، ولا يصفوا له مرتع ، حل به مشتت الأوصال ، وقاطع الآمال ، ومهلك الأجيال ، نعم إنها اللحظات الحاسمة التي تدور بها الأعين وتزيغ بها الأبصار ، وتخبوا بها الأنفاس ، فَبينَما المرءُ بينَ أهْلِهِ وَخلاَّنِهُ ، وأصحاَبِهِ وجِيرَانِه ، إذْ هَجَمَ علَيهِ هادِمُ اللَّذَّاتِ ، ومُفَرِّقُ الجَمَعَاتِ فالموتُ: زائرٌ لا يستأذِنُ ، وضيفٌ لا يعرفُ المجاملةَ ، ولا تردُّهُ الواسطةُ ، يستوي عنده الكبيرُ والصغيرُ ، والأميرُ والحقيرُ ، والغنيُّ والفقيرُ ، والملكُ والمملوكُ ، لا يمهلُ المفرطَ حتَّى يتوبَ ، ولا يُمهلُ الجائعَ حتى يشبعَ ، ولا العطشانَ حتى يشربَ ، ولا المسافرَ حتى يعودَ إلى أهلِهِ ، ولا النائمَ حتى يستيقظَ ، ولا الصغيرَ حتى يكبرَ ، قال تعالى ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) قدومُهُ فاجعةٌ ، وهجمتُهُ قارعةٌ ، وزيارتُهُ صاعقةٌ ، ونزولُهُ مصيبةٌ ، قال تعالى ( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) فالموتُ مصيبةٌ كبرى ، وداهيةٌ عُظمى ، ولكنَّ الأعظمَ من ذلك نسيانُهُ ، والأشنعُ من نزولِهِ الغفلةُ عنه ، والأصعبُ من لقائِهِ عدمُ الاستعدادِ له ، ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) لقد شُغلَ الناسُ عن ذكرِ الموتِ ، وتغافلوا عن خَطْبِهِ ، غرَّتهْمُ الحياةُ الدنيا ، وألهاهُم طولُ الأملِ والدنيا كما ترونَ ،كم من واثقٍ فيها فجعتْهُ؟؟؟ وكم من مطمئنٍ إليها صرعتْهُ؟؟ وكم من محتالٍ فيها خدعتْهُ؟؟ وكم من مختالٍ أصبحَ حقيراً؟؟ وذي نخوةٍ أردتْهُ ذليلاً؟؟ سُلطانُها دولٌ ، وحلوها مرٌّ، وعَذْ بُها أجاجٌ ، وعزيزُها مغلوبٌ، العمرُ فيها قصيرٌ، والعظيمُ فيها يسيرٌ، وجُودُها إلى عدمٍ ، وسُرُورُها إلى حُزْنٍ، وكثرتُها إلى قلةٍ، وعافيتُها إلى سُقْمٍ، وغناها إلى فقرٍ ، الأحوالُ فيها إما نِعَمٌ زائلةٌ ، وإما بلايا نازلةٌ ، وإما منايا قاضيةٌ ، عمارتُها خرابٌ، واجتماعُها فِراقٌ، وكلُّ ما فوقَ التُرابِ تُرابٌ ، أهلُ الغفلةِ لا يَشبَعُون مهما جمعوا، ولا يُدرِكُون كلَّ ما أمَّلوا ، ولا يحسنونَ الزادَ ،لما عليه قد أقدموا، يجمعونَ ولا ينتفعونَ ، ويبنونَ ما لا يسكنونَ ، ويُأَمِّلُونَ ما لا يُدرِكونَ:لكن ماذا قال الحكيم العليم ، يقولُ سُبحانه ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلاْمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ويقولُ سُبحانه (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ) فــ { أَكثِرُوا من ذكرِ هادمِ اللذاتِ} بهذا أوصى نبيُّكُم محمدٌ eكلامٌ مختصرٌ وجيزٌ، قد جمعَ التذكرةَ وأبلغَ في الموعظةِ ، فَمَنْ ذَكرَ الْمَوتَ حقَّ ذكرِهِ ، حاسبَ نفسَهُ في عملِهِ وأمانيهِ ، ولكنَّ النّفُوسَ الراكدةَ والقلوبَ الغافلةَ – كما يقول القرطبي رحمه الله – تحتاجُ إلى تطويلِ الوعَّاظِ ، وتزويقِ الألفاظِ ،وايمُ اللهِ ليوشِكَنَّ الباقي منا ومنكم أن يبلى ، والحيُّ منا ومنكم أن يموتَ (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ)بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الحمدُ للهِ المعزِّ لمن أطاعَهُ واتقاهُ، والمذِلِّ لمن خالفَ أمرَهُ وعصاهُ، أحمدُ ربِّي وأشكرُهُ على ما أولاهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا إلهَ سواهُ، وأشهدُ أنّ نبيَّنا وسيِّدَنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ اصطفاهُ ربُّهُ واجتباهُ، اللهمِّ صلِّ وسلِّمْ وباركْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ.أما بعد :أيها الأخوةُ في اللهِ , عجيبٌ أمرُنا إذا رحلَ أحدُنا من بلدٍ إلى آخرٍ ، بذلَ كلَّ جُهدِهِ في الإعدادِ لتلكَ الرحلةِ ، حتى ولو كانتْ قصيرةً ، وإذا نزلَ بإحدى الْمُدُنِ ، راحَ يبحثُ عن أكثرِ فنادقِها توفيرًا ، لإقامةٍ سعيدةٍ وحياةٍ هنيئةٍ ، أليس كذلكم أيها الأخوة ؟! لكننا لا نعطي اهتمامًا لتلك الرحلةِ الكبرى والإقامةِ الدائمةِ ، والقضيةِ الحاسمةِ ، التي يحكمُ فيها أحكمُ الحاكمين، فلا معقبَ لحكمِهِ ،ولا رادَّ لقضائِهِ ،يقولُ سلمانُ الفارسيُّ t : ثلاثٌ أعجبتْني حتى أضحكتْني: مؤملُ الدنيا والموتُ يطلبُهُ ، وغافلٌ وليس يُغفلُ عنهُ ، وضاحكٌ ملءَ فيهِ , ولا يدري: أساخطٌ ربُّ العالمين عليهِ أم راضٍ؟! وثلاثٌ أحزنتْني حتى أبكتْني: فِراقُ الأحبةِ: محمداً و حزبَهَ ، وهولُ المطلعِ ، والوقوفُ بين يدي اللهِ , ولا أدري أإلى الجنةِ يُؤمرُ بي أم إلى النارِ؟اللهم فاطرَ السمواتِ والأرضَ عالِمَ الغيبِ والشهادةِ نسألُكَ برحمتِكَ الواسعةِ أن تجعلنا جميعا من أهل الفردوس الأعلى من الجنة ، اللهم ارحمْ في القبورِ غُربتَنا, اللهم ارحمْ في ظلماتِ القبورِ وحشتَنا, اللهم ارحمْ في القبورِ ضعفَنا وقلةَ حيلتِنا يا أرحمَ الراحمين. اللهم صلِّ وسلّمْ وباركْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمّدٍ ، صاحبِ الوجهِ الأنورِ ، والجبينِ الأزهرِ ، الشافعِ المُشَّفَعِ في المحشرِ ، وارضَ اللهم عن الخلفاءِ ، الأءمةِ الحنفاءِ، أبي بكرٍ وعمرَ ، وعثمانَ وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّكَ أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعِيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّينِ ، وعنّا معهم ، بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ ، يا أرحمَ الراحمين ، اللهم أنصرْ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ ، و ا نصرْ عبادَك المجاهدينَ في كُلِّ مكانٍ ياربَّ العلمين ، اللهم سددْ رميَهم ، ووحدْ صفَّهم ، واجمعْ على الحقِّ كلمتَهم ، ياربَّ العالمين ، اللهم ارحمْ عبادَك المستضعفينَ المستهدفينَ ، في الشَّامِ وفي فلسطينَ ، وفي كُلِّ مكانٍ يارب العالمين ، اللهم ارحمْ الأطفالَ الرُضعْ والشيوخَ الرُكعْ والثكالى ، اللهم إنهم حفاةٌ فاحملْهم ، اللهم إنهم عراةٌ فاكسْهُم اللهم إنهم جياعٌ فأشبعْهم ،اللهم عليك باليهودِ ومن هاودهم ، والنصارى ومن ناصرهُم ، والشيعةَ والشيوعيينَ ومن شايعهُم اللهُم عليكَ بِمن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم شتتْ شملَهم وأوهنْ عزمَهُم ، اللهم عليك ببشار وجنودِهِ الأشرار ، اللهُم أرنا بهم عجائبَ قدرتِك ، وفجاءةَ نقمتِك ، وأليمَ عذابِك ،.اللهم شلَّ أطرافَهم وجمدِ الدماءَ في عروقِهم ، وجعلْ بأسَهم بينهم ، واجعلْهم شذرَ مذرَ ، اللهم اقذفْ الرعبَ في قلوبِهم ، اللهُم سلطْ عليهم ريحاً صرراً عاتيهْ ، واجعلْهم كأعجازِ نخلٍ خاويهْ ، إنك على كلِ شيءٍ قديرٌ ، وبالإجابةِ جديرٌ ، ياربَّ العلمين ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعلْ هذا البلدَ رخاءً سخاءً ، وسائرَ بلادِ المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفرْ للمسلمين والمسلماتِ والمؤمنيين والمؤمناتِ ، الأحياءِ منهم والأمواتِ ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذكروا الله العظيم الجليل يذكرْكم ، واشكروهُ على نعمه يزدْكم ولذكر الله أكبر والله والله يعلم ما تصنعون

[RAMS]http://abosami.com/pro/mnt.mp3[/RAMS]

التحمــيل