النشوة الجنسية – ما لها وما عليها
إن المقصود بالنشوة هو: الوصول إلى الشعور المرافق لانتهاء عملية الجماع بين الرجل وزوجته. قد يفشل الرجل أحيانا في الوصول للنشوة وقد تفشل الزوجة كذلك. وقد ينجم عن هذه الحالة - إذا تكررت ـ كثير من المشاكل النفسية أو اضطراب العلاقة الزوجية مما يهدد بناء العائلة.
تتحدث التقارير عن وجود أكثر من 50% من النساء المتزوجات لا يصلن إلى الشعور النهائي بالنشوة، رغم أن كثيرا منهن سعيدات، وحياتهن العائلية ممتازة، وهن راضيات عما يحصلن عليه من الاستمتاع والمؤانسة.
بعض هذا الاضطراب في النشوة قد يمتد العمر كله، وبعضه قد يكون نتيجة متغيرات لا تلبث إلا أن تتغير ثم تعود.. وهكذا.. إنَّ عدم وصول المرأة إلى النشوة قد يؤدي أحيانا إلى إثارة المشاكل العائلية دون وعي منها بذلك. وقد تكون الحالة النفسية السيئة مانعة للاستمتاع بهذه الغريزة كما أحل الله.
أسباب اضطراب النشوة
التدخين هو أحد الأسباب التي يمكن تفاديها؛ لأنه يؤدي إلى ضيق الأوعية الدموية مما يسبب قلة تدفق الدم للأعضاء التناسلية، الأمر الذي لا يؤدي للانتصاب عند الرجل أو احتقان فرج الزوجة بالدم اللازم لحدوث الرغبة الجنسية، وبالتالي النشوة الجنسية.
قد تكون الأسباب ناجمة عن مشاكل موضعية كالشعور بالألم الناجم عن إصابة النسيج المخاطي بالجروح أو القروح أو التهاب موضعي جرثومي أو غير جرثومي، وبعضها بسبب وضع نفسي غير مساعد أو عدم الحصول على ما يشجع من الطرف المشارك.
وقد ينجم اضطراب الرغبة الجنسية أو النشوة الجنسية عن وجود أمراض مزمنة أو حادة تشغل الذهن عن سواها أو تناول المخدرات والكحول أو استخدام بعض أنواع الأدوية التي تستخدم في علاج ارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع من الأدوية التي تستخدم في علاج الكآبة، وبعض الأدوية المستخدمة في علاج العصبية والتهيج.
وينجم الضعف الجنسي عند المرأة عن ضعف عضلات الحوض السفلية التي تحمل جميع الأعضاء الموجودة في الحوض، وقد ينجم هذا الضعف في عضلات الحوض نتيجة خلل ما أثناء الولادة أو بسبب تقدم السن أو بعد الجراحة أو إصابة العمود الفقري. إن إصابة الأعصاب المغذية لمنطقة الحوض تمنع أو تؤخر ما يمكن أن يؤدي إلى احتقان الأعضاء التناسلية بالدم، وهو مقدمة الشعور بالنشوة.
العلاج
إن معظم اضطراب الوصول للنشوة يصيب صغيرات السن من النساء. وتزداد فرصة وصول المرأة إلى النشوة كلما نضجت نسبيا؛ فالخبرة تعطي المرأة قدرة على تحريك مراكزها الحسية وتجيشها في صالح الوصول إلى ما هو شعور دافق وجميل.
النظافة من العوامل المشجعة على الاقتراب. وعلى المرأة أن تعمل على أن لا يشم منها زوجها إلا أطيب ريح.. وإذا نظر إليها أسَرَّته وأسَرَته. وأن تبتسم حباً وقرباً؛ لأن الابتسامة تزيد جمال الوجه وتخفي عيوبه. وأن تلاحظ رائحة فمها ونَفَسِها وإبطيها وغير ذلك، حتى أصابع قدميها يجب أن تبقيها نظيفة جميلة. ويجب عليها أن تعمل على تنظيف كل ذلك بالماء والصابون وأن تلبس الملابس التي تبرز محاسن جسدها وتخفي عيوبه. إن الليل والنهار والصيف والشتاء.. والحامض والحلو.. كل منهما يبرز قيمة الآخر؛ وان التمنّع والأخذ والعطاء صفتان طبعيتان من صفات النساء يفعلن كفعل السحر في الرجل إذا وظفتها المرأة جيداً. إن الحركة من صفات الحياة، والسكون من صفات الموت، والحركة أحلى من السكون. والمرأة أكثر استعداداً ومتعة في المعاشرة قبل الدورة الشهرية؛ وكأن جسمها يستعد للحمل، فإن لم تحمل قد تصبح عكرة المزاج غير متجاوبة.
وعلى الرجل مثلما على المرأة من التجهيز والإعداد والنظافة والتبديل والتغير والمفاجأة والمداعبة، واستخدام كل ما يساعد على تحريك الساكن والتعرف على ما يثير مراكز المشاعر، والتحدث بما يناسب الحال. وأن يعمل على السير بالتوازي مع زوجته للوصول بها إلى ما يحب أن يصل إليه هو؛ وفاءً ومحبةً يحث عليهما الشرع.
إن روتينية الاقتراب والانتهاء وما بينهما لا تحرك المشاعر؛ لأن كل ما فيها متوقع. أما التغيير والتبديل والرفض والقبول والمفاجأة وغير المتوقع من المداعبة.. يجعل الأمر وكأنه لأول مرة.
وقد يحدث أن يدخل الشريكان في مهمة خاصة يمارسانها معاً حتى إذا حصل الرجل على نصيبه منها انقلب فرحاً تاركاً التي هي في أمسّ الحاجة إليه في هذه اللحظات وحيدةً تتجرع خيبة الأمل في شريكها، بقدر ما كان يتمنى من الحصول عليه من النشوة!
إن الرجل الذي يرتمي على زوجته كالبهيمة قاصداً النشوة فقط؛ هو مخالف للسنة المطهرة، وعليه أن يقدم قبل ذلك ما استطاع، والأمر لا يحتاج إلى توضيح؛ لأنَّ المرأة تحتاج إلى 10 دقائق تقريباً من المداعبة قبل أن تكون جاهزة للوصول إلى نشوتها، وعلى الرجل أن يكون بعيداً عما يحمله على الانتهاء، فإن قارب على الانتهاء سحب نفسه (كمن يمنع نفسه ـ مثلاً ـ من التبول لحظة شروعه في ذلك)، وهذا التمرين يعطيه التحكم في زمن القذف والانتهاء، مما يزيد من فرص التوافق لدى الزوجين.
كثيرون هم الأزواج الذين يتمنون لزوجاتهم ما يتمنونه لأنفسهم، ولكنهم غافلون جداً عما يجري حولهم! خصوصاً أنَّ الشعور بالنشوة يجعلهم يُسقطون جميع الواجبات من حولهم، كما لو كانوا غارقين في حالة من اللاوعي! بالإضافة إلى أنهم لا يستلمون إشارة من زوجاتهم تشير إلى النقص في أدائهم بسبب ما لديهن من الخجل أو اليأس أو الشعور بالإحباط!
تمارين عضلات الحوض السفلية:
يمكن للمرأة أن تمرن عضلات الحوض السفلى، وذلك بقبضها وتركها عدة مرات متتالية، وفي أوقات مختلفة من النهار والليل ما دام متاحاً، والأمر متاح وسهل، ولا يتطلب من المرأة إلا أن تقبض عضلات الحوض السفلى كإيقافها لعملية التبول. وهذا التمرين يعمل على تحسين الأداء الجنسي وصحة الأعضاء التناسلية والبولية والشرجية، وإنَّ كثيراً من مشاكل المرأة ترجع إلى ارتخاء هذه العضلات.
الأدوية:
لا توجد أدوية تحسن الأداء الجنسي عند المرأة غير بعض الهرمونات، وقد يكون استخدامها مصحوبا بآثار جانبية غير مقبولة، وتعتمد على الجرعة وتكرارها، وحساسية المرأة نحوها، ولكن يجب موازنة الفائدة والضرر من استخدام هذه الهرمونات قبل استعمالها، ويجب أن تكون موصوفة من قبل طبيبة متفهمة لكل نواحي المشكلة، أو دعت ضرورة الحفاظ على استقرار العائلة.
إن ممارسة الجنس قبل الأربعين غالبا ما تحكمها الهرمونات المتدفقة في الجسم لزوم التكاثر وحفظ النوع. وعادة ما لا يحتاج المرء فيها إلى جهد كبير. أما بعد الأربعين فتبدأ هذه الهرمونات بالتناقص فتتناقص معها موجودات عضوية وحسية، فيبدأ بطء اندفاع كل من الزوجين للآخر، ثم يتصور كل منهما (خطأً) أن صاحبه لم يعد كما كان، ولا يعرف أن الهرمونات لديه هو الآخر لم تعد كما كانت، حتى ولو افترض أن أحدهما تزوج مرة ثانية؛ فما هو إلا زمن قصير نسبياً ويعود إلى ما كان عليه من الشكوى وبرود الحال.
في المخ مركزان للجنس، إن تنبه أحدهما أو كلاهما تهيجت الأعضاء الجنسية في الإنسان: أحدهما يثيره الحس المادي، كالشم أو اللمس أو السمع أو المشاهدة للطرف أو من الطرف الآخر. أما المركز الثاني فهو المركز المعنوي الذي يحركه الخيال والكلمة والهمسة والمعنى. المركز الأول يكون قويا في الصغر، أما الثاني فهو مطلوب أكثر في الكبر، إلى جانب ما تبقى من نشاط المركز الأول؛ حتى يساعد في تحريك المشاعر والمراكز الجنسية في الجسم. لذا وبعد الأربعين عليه أن يحرك مركز الإحساس المعنوي الموجود في الدماغ ليحصل على متعته الجنسية.
إنَّ علاج اضطراب النشوة يقوم على معالجة السبب، من ناحية تغير السلوك والتفكير والخيال، وتغيير الأدوية وتصحيح المشاكل العضوية الجسدية والنفسية. وقد يتطلب الأمر أحياناً من الطرفين المحادثة وسرد القصص ذات العلاقة الغرامية قبل الممارسة وأثناءها.
إن الغم أو الفرح مبني على تحقيق أو عدم تحقيق الهدف الذي نسعى إليه، وإنَّ الكثيرات يعتبرن النشوة هي الهدف من بداية الممارسة الجنسية، فإن تحققت سعدت، وإلا صاحبها الغم والحزن. وهذه طريقة في التفكير خاطئة؛ لأنَّ ذلك يَحْرِم الزوجين مما يمكن أن يحصلا عليه من الشعور بالحميمية، وتفريغ المشاعر الرائعة وتفريغ الذات في الذات، وتحريك قوى المتعة والخيال والمؤانسة والاستمتاع.
إنَّ تربية الأم لطفلها 20 عاماً أكثر متعة من أن يولد لها ولد فجأة عمره 20 عاماً! وإذا كان الهدف دائماً وأبداً هو الوصول إلى النشوة؛ فسنكون قد فرَّطنا في كثير من المفردات الرائعة التي تسطرها الحياة الزوجية كأحلى ذكريات.
المعاشرة الزوجية هي إحدى القوى التي تبعث الرضا في النفس وتزيد من التحمل والتسامح، وإلى جانب غيرها من مفردات الحياة الزوجية الطيبة تعتبر سكنا لكل من الزوجين لدى الآخر. تلك غريزة خلقها الله وجمع عليها الجنسين للتكاثر والمتعة وبناء الأسرة وحضن الأولاد والبنات وإيصالهم إلى بر الأمان.
إن اكتساب المعرفة فيما يساعد على بناء الأسرة وتمتين أواصرها هو أمر شرعي يجب تعميمه. أما الذين يتاجرون بالكلمة البذيئة فإنما يكسبون السيئات ولعنات الصالحين والطيبين.
وبالشكر لأهله أختم ..
أخوكم المحب ..
د . الجربا
المفضلات