آهات شامية وخطوات عملية في18/3/1433هـ
الحمد لله ذي القوة المتين، ناصر المظلومين، ومجيب دعوة المضطرين، ومغيث المستغيثين، فارج الهمِّ، وكاشف الكرب، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وخلفائه الراشدين، ومن استن بسنتهم إلى يوم الدين.أمابعد: إخوة الإيمان: كلنا اليوم في آلام الشام، وكلنا اليوم في الأحزان، في أحزان حمص وبابا عمرو ومعرة النعمان..
مآذن الشام تبكي إذ تعانقني وللمآذن كالأشجــار أرواح
فاللهم ارحم وتقبل أرواح الشهداء، واحفظ اللهم أرواح الأحياء، والطف اللهم بالرضع والخدج الأبرياء، اللهم رحماك رحماك بالثكالى والعجائز والنساء، يا الله إذا أصبحت الشعوب مغلوبةً على أمرها، ولا تملك إلا أن تنتظر حتفها ومصيرها، يا الله إذا طغى طغيان الطغاة، وانقلبوا على شعوبهم قتلاً وسفكاً وعداء، وأولغوا في الأنفس ومص الدماء، {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ*فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ*إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر:11-13].فمنذ سنة تقريباً آلاف القتلى أكثرهم من النساء والصغار، وعشرات الالآف من الجرحى والمشردين، وآلاف من المعتقلين والمضطهدين، وطوال هذا الأسبوع ونحن لا يمر يوم إلا والقتلى بالمئات، ونتناقل مشاهد وفضائع وجرائم النظام البعثي السوري، بعد مباركة الفيتو الصيني والروسي، وبدعم ومشاركة من النظام الرافضي الفارسي، اجتمع هذا الثالوث الضال على جسد الشعب السوري المنهك المسكين، يقطع الكهرباء والماء عن الأحياء السكنية والمشافي ثم يتفنن بكل صور الإجرام القمعي، وبجميع الأسلحة الثقيلة من دبابات وصواريخ وراجمات، تدك المدن والأحياء والبيوتات، وعلى رؤوس أهلها أطفالاً ونساء، ومرضى وجرحى وأبرياء، ومن تمكنوا منه تفننوا بذبحه بالسكين، رضيعاً كان أو امرأة أو من المسنين، ففي كل يوم مئات الشهداء والثكالى، وعلى يد من يُفترض أنهم القائمون على حمايتهم، وعلى حفظ أمنهم وأرواحهم.
يَطَأونَ أعناق الرِّجالِ إهانةً == وعلى المساجدِ يطلقونَ النَّارا
تختـالُ دبَّاباتُهُمْ، وكأنَّها == تلقى العدوَّ وجيشَهُ الجرَّارا
كانتْمُخبَّأةَ لتقتُلَ شعبها == حِقداً عليه وتهْتِكَالأستارا
بئسَالجيوشُ إذا غدتْ أُلْعوبةً == بيدِ الطُّغاةِ،وداستِ الأزهارا
أسَفي علىالجيش الذي تَركَ العِدا == ومَضى يُحارِبُ شَعبهُ استكبارا
بل وصل الاستهتار بالشبيحة وجنود الميليشيات إلى استعراضهم بتصوير اللقطات، وكأنهم بفيلم سينمائي دموي مرعب، وهي بكل حسرة حقائق ووقائع من الميدان، فهانحن منذ أسبوع لا نملك سوى الآهات والدموع، وتناقل مقاطع وصور، دُبجت بتحذير للقلوب الضعيفة ألاّ تَرى أو تُشاهد، فكيف بالضحايا؟! كيف بالضحايا ألا يشعرون؟ ألا يتألمون؟ فآهٍ لآلامهم ومعاناتهم، آهٍ لمشاعرهم وأوجاعهم؟! آهٍ لشعب أعزل مسالم يواجه كل لحظة مجازر جماعية متناهية في البشاعة والقبح، تُقتلع حناجرهم، وتُقطع أيديهم وأرجلهم، ويُنكل بهم بما لا يتصوره عقل، ولم تره عين في تاريخ الإجرام والتعذيب، يا الله! يُقتلون بدم بارد في الشوارع والطرقات دون أي رحمة أو شفقة أو حتى مراعاة لأية حقوق إنسانيّة أو أخلاقيّة، حقاً إن العالم اليوم كله أمام معضلة أخلاقية، أمام قضية إنسانية، لن تنفع معها الحلول الدبلوماسية، ولا التجاذبات بين القوى العالمية، فمجلس الأمن وجامعة الدول العربية مجالس خذلان ومصالح سياسية، لم ولن تعنيها القضايا الأخلاقية والإنسانية، فهاهم يشاهدون على الشاشات، استغاثات الأمهات، ولكن لا مجيب! هاهم يسمعون في الأخبار، صرخات الأطفال والصغار، ولكن لا مجيب! هاهم يقرءون في الصفحات، أحوال اللاجئين في الشتات، ولكن لا مجيب! هاهم يرون في اليوتيوب فظائع، وجرائم من كل حدب وصوب، ولكن لا مجيب. إن المجيب! هو وحده الرحيم القريب، هو الذي بيده تصاريف الأمور، إن المجيب هو الله ذو القوة والجبروت الحي الذي لا يموت، هو الله القاهر الجبار الذي يسمع ويرى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ}
أيها المؤمنون والمؤمنات: إن الله تعالى يبتلي العباد ليمتحن إيمانهم وصدقهم{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، ومثل هذه الأحداث ليس ابتلاء لأهلنا في سوريا فقط والذين أظهروا صبراً عجيباً وصمودا وتماسكاً لم نسمع به من قبل، فرغم شناعة كل ماجرى ويجري لهم هانحن نراهم يتحلقون ويرقصون رقصة المعركة، ويرددون كلمات التحدي والصلابة، ينشدونها بترانيم الموت والشهادة، كلهم يرقصون رقصة الموت كباراً وصغاراً، ذكوراً وإناثاً، فهل سمعتم أو شاهدتم كهذه المشاهد؟ إنها العزيمة الشامية، بلاد البركة والخيرية، وبلاد الكرامة والحرية، فهنيئاً لكم يا أهل الشام هنيئاً لكم هذه الشجاعة والكرامة، هنيئاً لكم الشهادة والجنة، بمثل هذه الروح تعود
للأمة كرامتها، ويعود المجد ليلامس الهامات.
إنِّيلأبصِرُ للعدوِّ نهايةً == سوداءَ،تُنهي السُّوقَ والسِّمسَارا
وتُعيدُ أرْضَ الشَّامِ أرْضاً حُرَّةً == تستقبل الفضلاءَوالأخيارا
هي سُنَّةالرَّحمن تحكمُ كوْنَهُ == أنْ لا يرى الباغُونَ إلاَّ العَارا
إنها سنة الابتلاء لنا نحن أيضاً، ابتلاء لكل مسلم ينبض قلبه بالإيمان الصادق وهو يرى ويسمع حال إخوانه في الشام، فالله يمتحننا أيضاً ماذا فعلنا؟ وماشعورنا؟ وماذا قدمنا لشعب مسلم مسالِم أعزل بيننا وبينهم روابط قربى ووشيجة رحم ودم، وقبله رابطة الدين واللغة والتاريخ والحضارة والجيرة، ماذا قدمنا ونحن نراهم يعانون أبشع أنواع الظلم والتعدي والقتل والفتك والتنكيل والاغتصاب والسرقة وإتلاف المملكات وحرق الحروث والزروع.
لك البشرى بلاد الشام،إني () رأيت النصر مبتسما أمامي
بإذن الله، سوف ترين نصرا () يريحك من سماسرة النظام
وسوف ترين نصرًا خالديًّا () وليديًّا على أيدي الكرام
فما أحلاه من نصر عظيم () وما أسماه من شعب عصامي
إننا نرى اليوم شام العزة والكرامة تتنفس هواء التوحيد النقي، بعد أن كانت منذ أربعين سنة تئن تحت ظلم الشقي، أبطال سوريا اليوم يعاهدون الله بفك أسرها من عربدة المفسدين، وطغيان المستكبرين، هاهم أحرار الشام أقسموا بتخليصها من جبروت نظام ظالم دكتاتوري لا يقيم للقيم والمبادئ ولا الشعوب وزنًا ولا قدرًا، وهذا الدور ليس واجبًا عليهم فقط بل على كل المسلمين، فالخطوة الأولى من وسائل النصرة: هو تصحيح هذا المفهوم؛ فالقضية ليست للسوريين بل لكل المسلمين، ألا ترون تعاون واتحاد النصيرين مع الرافضة والشيوعية الروسية الصينية ثالوث عقدي ملحد يعمل بروح فريق واحد، فسوريا بالنسبة لهم (موقعاً وعقيدة) هي قضيتهم جميعاً، وهي كذلك بل أشد للمسلمين، فالسيطرة والدُوَلَة لمن ينتصر، فهل يعي المسلمون أجمع أن انتصار أو انحسار القضية السورية في غاية الأهمية والخطورة لمستقبل البلاد العربية والإسلامية، فلا ندري ما مآلات ونهايات الأحداث، فلا يمكن التنبؤ بما ستئول إليه، فلا بد أن نفقه ونتنبه ونستشعر هذا المفهوم؟! لابد من التوعية بخطورة القضية، ولذا فلا بد من تصحيح النية والقصد، لابد أن يعلم كل مسلم أنَّ القضية قضيته، وأن البداية بترسيخ هذا المعنى، فهو أساس النصر {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]، فإن كان السوريون اليوم يبذلون أغلى ما يملكون، الأنفس والمهج والأرواح والبنين، فهل سنقوم نحن بواجباتنا وبدورنا؟ ليس تفضلاً ولا تبرعاً ولا منة بل واجب شرعي نحن عنه مسئولون، وبين يدي الخبير موقوفون، والله ليُسئلن كل فرد منا عن تقصيره، فكل منا على ثغر فهل أديت الأمانة؟ لا تقل: كيف ولا أين ولا أدري ماذا أعمل؟ فهذه أسئلة الحيارى العاجزين، الذين يتشبثون بالأعذار وحيل اللاهين الغارقين،فكلٌ قادرعلى فعل،أيسره أعظمه: الألم والدعاء، فكم من السجدات في الظلمات، التي تنفست فيها بدعوات ودمعات، فإن الله يسمع ويرى وهو القائل: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ}[الفرقان:77]،والقائل:{ فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:43]، ويقول e:«أفضل العبادة هو الدعاء»، فمتى يقدر المسلمون قيمة وقدر هذا السلاح؛ فالدعاء سلاح الخطوب، الدعاء سلاح المؤمن الصادق في إيمانه، لكنه يحتاج من يجيد الرماية، ويحسن تسديد السهام، يحتاج لاستمرار ومواصلة؛ وصبر وجلد؛ وعدم ملل. فـ«ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ». وإياكم أن تتقالوا الدعاء وآثاره.
أتسخر بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاءُ
سهام الليل لا تُخطي ولكن لها أمدٌ وللأمد انقضـاءُ
الدعاء سلاح عظيم يُستدفَع به البلاء، ويرد به سوء القضاء، ولو لم يكن في الدعاء لإخواننا إلا الشعور بالجسد الواحد، والمواساة ورقَّة القلب لكفى، فادعُ وأكثرْ ولا تيأسْ، ولا تتعجل،{وَلا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87].
ولنا سهام الليل تفعل فعلها والأمر للمولى كلمحٍ بالبصرْ
إذاً فالدعاء الصادق هو الخطوة العملية الثانية للنصرة؛ وأما الوسيلة الثالثة للنصرة: فالدعم المادي وبذل المال في سبيل الله، وإيصاله للمحتاجين في الداخل ولللاجئين في الخارج في المخيمات في تركيا والأردن ولبنان، فقد أوجب الله الجهاد بالمال، وحث عليه ورغب فيه فقال:{انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} وقال:{وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[الحديد:7]، والحق أنها أهم الخطوات العملية، أولاً لأن المال برهان واضح على الهم والصدق للقضية، ولأن المال عصب كل شيء فكيف بالحروب، واسمعوا لقائد الجيش السوري الحر والذي يُمثل الشعب السوري،يقول قائده العقيد: رياض الأسعد وهو يُسأل من قبل بعض الشباب السوري في أمريكا أنهم متحمسون جداً للرجوع لسوريا وللقتال والجهاد جنباً إلى جنب مع الجيش السوري الحر فأجاب: "نحن نقدر حماس الشباب وحماس الشعب السوري المغترب، ولكن الحماس لوحده لا يكفي، فنحن لدينا رجال على الأرض، وفيه شباب كثيرون قادرون على حمل السلاح وعلى حماية الثورة بل وتقديم كل ما يملكون لكن الإمكانيات ضعيفة، ونحن لا نريد أن نزج بشبابنا في معركة غير متكافئة فلسنا قادرين على أن نؤمن الحماية لهم، فأتمنى من هؤلاء الشباب أن يقدموا لنا الدعم المالي، فهناك الكثير في الداخل ينتظرون وجاهزون للمعركة، وأما إذا جاء هؤلاء الشباب فنحن لا نستطيع تأمين الحماية لنا ولهم فنكون وإياهم خاسرون، ولذا فإن أكبر مساعدة يقدمونها للشعب السوري لتحقيق النصر هو الدعم المالي" انتهى كلامه، وهو واضح في أن المطلب الأول لتحقيق النصرة للشعب السوري هو الجهاد بالمال، وهذه فرصة للمتألمين بحق الراغبين بأجر الجهاد، وهو أمر ميسور بفضل الله خاصة علينا نحن أهل هذه البلاد، ولا تحقرن شيئاً فقد يسبق درهم مائة ألف درهم، وهاهي مكاتب الندوة العالمية للشباب مشرعة لاستقبال دعمكم فلا تبخلوا على أنفسكم، خاصة أنتم معاشر التجار والأثرياء، فهاهي فرصة التجارة الحقيقة حلت بكم وقد لا تتكرر؛ وأنتن معاشر النساء أكثر الناس صدقة فجاهدن بحليكن وما تملكن، فما نقص مال من صدقة، فهل سنجعل لقضيتنا السورية من أموالنا نصيباً؟ فالجهاد بالمال بمثل هذه الحال أعظم من الجهاد بالنفس؛ فبذل المال الكثير يكون نفعه متعدياً، ونفع جهاد النفس يكون مقصوراً على صاحبه أحياناً. الوسيلة الرابعة للنصرة: إشعار إخواننا في سوريا أنهم منا ونحن منهم، وأن معهم قلب أكثر من مليار مسلم فضلاً عن أحرار العالم، فدماء سوريا التي تنزف هي والله تنزف من قلوبنا، فدع القلب يتأوَّهُ، واسمح للعين تدمع، وأطلق اللسان يتحدَّثُ عن الحدث وما يجري لإخوانك؟ اشعُر بشعورِ إخوانك، تعرَّف على أحوالِهم، تألَّم لِمُصابِهم، تحدَّث عن أخبارِهم، احرِق قلبَك، وادفع مالك، وانثُر دمعَك من أجلِهم؟ فالمرء ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه، "فالْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ".رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح الجامع.وكما قالr:"الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ"متفق عليه. فإذا ألمت كارثة بواحد أو بمجموعة تداعى لذلك سائرهم بالمشاركة في الألم والرعاية والحماسة للحق والعناية، "فالْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ؛ إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ". ولا شك أن هذا المعنى في حق المغتربين السوريين بكل مكان هو أولى وأوجب، فكل سوري مغترب هو سفير للقضية السورية، فعليه أن يُحسن سفارته بأن يتحرك وأن يوضح وأن يطالب وأن يبذل كل وسعه، فهو باب من أبواب الجهاد في سبيل الله، فلا تحرم نفسك وشعبك وبلدك هذا الخير. الوسيلة الخامسة للنصرة: دعم المنشقين من العسكريين ممن رفضوا قتل المتظاهرين وانشقوا عن النظام البعثي النصيري القاتل، وكوَّنوا ما أسموه بـ(الجيش السوري الحر) للدفاع عن الناس وتسلط الجيش النظامي، فدعم هؤلاء بكل أنواع الدعم يخدم القضية، بل هو الأمل بعد الله في وسط سياسي مخزٍ وتواطؤٍ غادر من بعض قوى دولية كبرى، وأخرى إقليمية لها أجندات وأطماع، وقفت بكل صلف وصفاقة مع هذا النظام المجرم الظالم الفاسد، وساعدته بالمال والسلاح، آه إنها معركة صراع قاسية غير متكافئة، وشعارات زائفة، ومعايير مزدوجة، وحضارات إجرام وإرهاب، عارية عن القيم والآداب، لكن الله لهم بالمرصاد فلنر الله من أنفسنا خيراً، ولنشجع الشرفاء النبلاء الذين رفضوا توجيه السلاح لصدور شعبهم وقتل الناس، وتحملوا وأولادهم أصناف الأذى والمطاردات بعصيانهم العسكري، فلنحذر من خذلانهم، ولنقف خلفهم بكل شيء، ولندعوا الله لهم بالحفظ والبركة والجنة، وهذا يؤكد الوسيلة السادسة للنصرة وهي: بث روح العزة والفخر والكرامة واليقين فيهم، وعدم استبطاء النصر، بل استنهاض هممهم، وشد أزرهم، وأنهم ليسوا وحدهم في القضية،وعدم تيئيسهم وتخذيلهم،وبالصبر واليقين يُنصر المسلمون وتنال إمامة الدين، فاليقين بوعد الله مطلب مهما تأزمت وضاقت فالقائل: {وَإنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات: 173]،هو القائل:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]،{وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}،فلا نستبطئ النصر مهما كانت التضحيات{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْـجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة:214].فيجب الحق المبين:{أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}[البقرة:214]. فالحذر الحذر من التيئيس والتثبيط. الوسيلة السابعة للنصر: تفعيل الإعلام بكل وسائله وقنواته، فالإعلام هو الفيصل في معارك اليوم، توعية وتحفيزاً وبياناً، فالكاتب والمصوِّر والرسام والشاعر والصحفي والراصد والمنشد والمغرد والمدون والتقني والمبرمج والمخرج والمنتج كلهم جنود من جنود المعركة، وسلاحهم فعال في إبراز الحقائق؛ ونقل المعلومات والوقائع الحية بالصوت والصورة، وقد رأينا طيلة الأشهر العشر الماضية ما فعله الإعلام، في نشر الحقيقة وفضح إجرام النظام، رغم كل التضييق والتعتيم والمنع والتشويه، فهل تصدقون في التوتير لوحده وليوم واحد فقط وهو يوم الأربعاء الماضي: أطلق أربعة وأربعون ألف مغرد: مائة وثمانية آلاف تغريدة في القضية السورية تكررت لمائة وثلاث وتسعين مليون مرة، ووصلت إلى اثنين وعشرين مليون مستخدم، إنه الإعلام الجديد الذي لم يعد حكرًا على أحد، بل للكل أن يضرب بسهم فيه حسب موهبته وإبداعه وحماسه لقضيته، لكننا نؤكد فنقول: الله الله في التثبت والصدق والأمانة، فهي لك أو عليك. الوسيلة الثامنة للنصرة: المواقف الشرعية من مناصرة بالفتاوى والبيانات الفردية والجماعية من قبل علماء الأمة، فعلى العلماء والدعاة والخطباء وأئمة المساجد دور أساسي في البيان وإعلان كلمة الحق، وتوعية الناس وتحفيزهم وصف الصفوف وكل أنواع الدعم الشرعي والجماهيري. الوسيلة التاسعة للنصرة:الرسائل القصيرة عبر كل الوسائل للتشجيع والتثبيت للجميع للأم السورية المجاهدة وللأب الصابر والشاب والبنت والجندي والطبيب والإعلامي وكل أفراد المقاومة السورية عبر شريط التمرير في شاشات التلفاز والتويتر وغيرها. الوسيلة العاشرة للنصرة: دعم وتشجيع القنوات والهيئات والمؤسسات التي تبنّت القضية السورية وتعمل لأجلها بكافة أنواع الدعم؛ ماديًّا، ومعنويًّا، وبالمواد والأفكار الاعلامية، والمشاركات والمداخلات في البرامج التلفزيونية لدعم القضية.الوسيلة الحادية عشر: المقاطعات الاقتصادية مع النظام والدول التي تحميه وتدعمه، وذلك بالتنسيق مع الجهات المتخصصة لتكون أقوى ولتؤتي ثمارها فعلاً، فهي ورقة ضاغطة لها أثر كبير، خاصة إذا تعاضد الجميع وبالأخص الشركات العربية الكبرى والمستوردين العرب للبضائع الصينية والروسية، فإن طمعت وجبنت وقدمت مصالحها فقط ولم تهتم لأمر المسلمين، فإن بإمكان الشعوب محاسبتها وعزلها والتشهير بها كما أعلنت عدد من الحملات التي تدعوا لمقاطعة البضائع الصينية والروسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي رداً على الفيتو الروسي والصيني، وقد ظهرت واتسعت هذه الحملات وبشكل واضح وكبير، ولا شك لتأثيرها متى تعاون الجميع معها، فقد بلغ حجم التعامل المالي بين العالم العربي والصين نحو مائة وخمس وأربعين مليار دولار، فسلاح المقاطعة الاقتصادية سلاح فاعل خاصة مع انتشار وسائل التواصل والإعلام الجديد. الوسيلة الثانية عشر: نداء للأطباء والشباب القادر على تجهيز قوافل طبية وإغاثية عاجلة لمخيمات الدول المجاورة تواسي اللاجئين وتداوي الجرحى وتعين الملهوف والفقير. وأخيراً بقي أهم وأخطر وسيلة للنصرة، وهو: دور الحكمومات والقرارات السياسية، خاصة من الدول العربية والإسلامية، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ومع صحوة الشعوب وما يسمى بالربيع العربي أصبحت الكثير من الحكومات تخشى سطوة وغضبة شعوبها، فهل تُصدقون أن خمساً وثلاثين بالمائة من النفط الخام توفره دول الخليج للصين، وهذا وحده سلاح كاف ليهز التنين الصيني ويركع، كما أن تعجيل دعم الدول العربية والإسلامية للجيش السوري الحر في هذه الظروف العصيبة واجب سياسي ومطلب شعبي مهم، فهل سيراجع المسئولون مواقفهم؟ وهل سيضطلعون بالأمانة، أم سيستمر مسلسل الخزي والتمييع والخيانة. وقبل الختام لابد من تذكير وتحذير عند القيام بأي خطوة عملية لابد من مراعاة المصالح والمفاسد، وبأن الصيحة يجب أن تكون من أجل لا إله إلا الله، فلا حمية ولا عصبية، بل لله وحده خالصة نقية، ولنحذر من أن يندس بين الصفوف بعض شياطين الإنس من الانتهازيين الذين لا يهمهم سوى مصالحهم وأهوائهم، ويبثون الفرقة والشقاق، فمهم جداً وضوح الطريق من خلال المنهج القويم منهج القرآن والسنة والصراط المستقيم {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}. فهيا لا تبخل فتندم، قدم فإن الله لن يسألك إلا عما تستطيع ولا تحقرن شيئًا؛ فإن الجبال من الحصى. إخوة الإيمان! رغم قتامة المشهد، وورغم سخونة الحدث، ورغم بشاعة الإجرام، ورغم وحشية وفظاعة النظام في القمع والقتل والتدمير هذه الأيام، إلا أننا متفائلون، فالأحداث تحمل في طياتها خيرًا كثيرًا، فبطش النظام وقسوته هذه الأيام هي والله ثم والله ثم والله ثقة بالله هي علامات إفلاس واحتضار، واضمحلال وإدبار، وتخبط وبوار، ونهاية وانهيار، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، إلى الله نشكو وهو القادر، إلى الله نتوجه وهو القاهر، إلى الله وحده نبث الأنين، إلى الله وحده الناصر والمعين، اللهم ندعوك في هذه اللحظات من يوم جمعتنا، وأنت العليم بضعفنا وقلة حيلتنا، اللهم إنك تعلم أن في القلوب آلام وحسرات، وتعلم مافي النفوس من توجع وآهات، فقد خفقت الضلوع وجفت الدموع وهتفت الجموع ترجوك وتدعوك وتسألك برحمتك ولطفك أن ترحم ضعف إخواننا في سوريا، وأن ترفع بلطفك عنهم الظلم عاجلاً غير آجل، اللهم فرج همهم، وفك كربهم، اللهم عليك بعدوهم بشار وأعوانه ومن أعانهم واصطف بصفهم، اللهم إنهم يمكرون وأنت خير الماكرين، ويخططون وأنت الخبير العليم، فاجعل اللهم تدبيرهم تدميرهم، وادر الدائرة عليهم، اللهم أطبق عليهم قبضتك وبطشك، ورجزك وعذابك، اللهم بغوا وطغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، فاللهم صب عليهم سوط عذاب، يا قوي يا جبار عليك بالظالمين المعتدين من النصيرين البعثيين ومن آزرهم، اللهم خالف بين رأيهم وكلمتهم، اللهم شتت شملهم، وفرق صفهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعجل بوعدك ونصرك المبين، فإننا على ثقة ويقين، اللهم انصر جندك وكتابك وسنة نبيك، وأعل كلمة الحق، اللهم انصر المستضعفين، وفرج هم المهمومين، وفك أسرى المأسورين، واشف المرضى وارحم الموتى، ورد اللاجئين لبيوتهم معززين مكرمين، اللهم فرجك ونصرك لأهل الشام برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم رحماك رحماك بالضعفاء واليتامى، وبالصغار وبالنساء الثكالى، وبذي الشيبة الكبير والأيامى، اللهم احقن دماء المسلمين في سوريا وفي اليمن ومصر والصومال وأفغانستان، وفي كل مكان يارب العالمين، اللهم وول عليهم خيارهم، وأعنهم ووفقهم لتحكيم شرعك ودينك، اللهم واهد الحيارى والملحدين وضال المسلمين، اللهم واهد شبابنا ونساءنا واحفظ بلادنا من كل شانئ ومتربص اللهم صل وسلم على المحبوب قدوتنا وأسوتنا وهادينا ومنقذنا من الضلالة صل اللهم على النبي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولعامة المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.