بـسـمـ الله الـرحـمـنـ الـرحـيـمـ
*_-_**_-_*
ـــ * ـــ
عـنـدمـا يـقـرأ الـمـسـلـم أو يـسـمـع الـقـرآن بـتـدبـر يـرى فـيـه ويـسـمـع الـعـجـائـب
فـإذا تـأمـلـت خـطـاب الـقـرآن تـجـد مَـلِـكًـا لـه الـمُـلـك كـلـه
مـلـك الـمـلـوك ، قـاهـر الـجـبـابـرة والـظـالـمـيـن ، نـاصـر الـمـسـتـضـعـفـيـن
أزِمَّـة الأمـور كـلـهـا بـيـديـه ومَـصـدرُهـا مـنـه ومـرَدُّهـا إلـيـه
مـسـتـويـا عـلـى عـرش مُـلـكِـه اسـتـواءاً يـلـيـق بـجـلالـه وعـظـمـتـه
وسـؤدده الـذي لا يـزول ولا يَـحُـول ، لا تـخـفـى عـلـيـه خـافـيـة
فـي أقـطـار مـمـلـكـتـه الـتـي لا يُـعـرف أيـن تـبـدأ وأيـن تـنـتـهـي حـدودهـا
عـالـمـا بـمـا فـي نـفـوس عـبـيـده مـطـلـعـا عـلـى أسـرارهـم وعـلانـيـتـهـم
مـنـفـردا بـتـدبـيـر مـمـلـكـتـه ، يـسـمـع ويـرى ، يـعـطـي ويـمـنـع ، يـثـيـب ويـعـاقـب
يُـكـرم ويـهـيـن ، ، يـخـلـق ويـرزق ، يـمـيـت ويـحـيـي ، ويـقـدر ويـقـضـي
يـدبـر الأمـور كـلـهـا ، نـازلـة مـن عـنـده دقـيـقـهـا وعـظيـمـهـا ، صـاعـدة إلـيـه
لا تـتـحـرك فـي ذرة إلا بـأمـره وبـإذنـه ، ولا تـسـقـط ورقـة مـن شـجـرة إلا يـعـلـمـهـا
*_-_**_-_*
ـــ * ـــ
فـتـأمَّـل كـيـف تـجـده يُـثـنـي عـلـى نـفـسـه ، ويُـمـجِّـد نـفـسـه ويَـحـمـد نـفـسـه
يـنـصـح عـبـاده ويـدلـهـم عـلـى مـا فـيـه سـعـادتـهـم وفـلاحـهـم ويـرغِّـبـهـم فـيـه
يـحـذرهـم مـمـا فـيـه هـلاكـهـم ، يـبـيِّـنـه لـهـم ويـنـهـاهـم عـنـه
يـتـعـرف إلـيـهـم بـأسـمـائـه وصـفـاتـه ، ويـتـحـبـب إلـيـهـم بـنـعـيـمـه وآلائـه
فـيـذكـرهـم بـنـعـمـه عـلـيـهـم ، فـيـأمـرهـم بـمـا يـسـتـوجـبـون بـه تـمـامـهـا
ويـحـذرهـم مـن نِـقَـمِـهِ ، ويـذكـرهـم بـمـا أعـدَّ لـهـم مـن الـكـرامـة إذا أطـاعـوه
ومـا أعـدَّ لـهـم مـن الـعـقـوبـة إن عـصـوه ، ويـخـبـرهـم بـصـنـعـه فـي أولـيـائـه وأعـدائـه
وكـيـف كـانـت عـاقـبـة هـؤلاء وهـؤلاء
يُـثـنـي عـلـى أولـيـائـه بـصـالـح أعـمـالـهـم ، وأحـسـن أوصـافـهـم
ويـذم أعـدائـه بـسـيء أعـمـالـهـم وقـبـيـح صـفـاتـهـم
يـضـرب الأمـثـال ويـنـوع الأدلـة والـبـراهـيـن
ويـجـيـب عـن شُـبَـه أعـدائـه أحـسـن الأجـوبـة
*_-_**_-_*
ـــ * ـــ
يُـصَـدِّق الـصـادق ويُـكـذِّب الـكـاذب ، ويـقـول الـحـق ويـهـدي الـسـبـيـل
ويـدعـو إلـى دار الـسـلام ، ويـذكـر أوصـافـهـا وحـسـنـهـا ونـعـيـمـهـا
ويـحـذر مـن دار الـبـوار ، ويـذكـر عـذابـهـا وقـبـحـهـا وآلامـهـا
ويـذكـر غـنـاه عـن خـلـقـه وعـن جـمـيـع الـمـوجـودات
وأنـه الـغـنـي بـنـفـسـه عـن كـل مـا سـواه ، وكـل مـا سـواه فـقـيـر إلـيـه
لا يـنـال أحـد ذرَّة خـيـر فـمـا فـوقـهـا إلا بـفـضـلـه ورحـمـتـه
ولا يـنـال أحـد ذرَّة شـر فـمـا فـوقـهـا إلا بـعـدلـه وحـكـمـتـه
*_-_**_-_*
ـــ * ـــ
يُشـهَـد مـن خـطـابـه ،،،،، عـتـابـه لأحـبـابـه ألـطـف عـتـاب ،،،،، وأنـه مـع ذلـك
مُـقِـيـل عـثـراتـهـم ، وغـافـر زلاتـهـم ، ومـقِـيـم أعـذارهـم ، ومـصـلِـح فـسـادهـم
والـدافـع عـنـهـم ، والـمـحـامـي عـنـهـم ، والـنـاصـر لـهـم ، والـكـفـيـل بـمـصـالـحـهـم
والـمـنـجِّـي لـهـم مـن كـل كـرب ، والـمـوفـي لـهـم بـوعـده
وأنـه ولـيُّـهـم الـذي لا ولـيَّ لـهـم سـواه
فـهـو مـولاهـم الـحـق ، ونـصـيـرهـم عـلـى عـدوهـم
فـنِـعـمَ الـمـولـى ونـعِـمَ الـنـصـيـر
*_-_**_-_*
ـــ * ـــ
فـإذا شـهـد الـقـلـب مـن الـقـرآن
مـلـكـا عـظـيـمـا ، رحـيـمـا ، جُـوادا ، جـمـيـلا فـي صـفـاتـه وآلائـه
فـكـيـف لا يـحـبـه ويُـنـافـس فـي الـقـرب مـنـه ؟
وكـيـف لا يُـنـفـق نـبـضـاتـه فـي الـتـودد إلـيـه ؟
وكـيـف لا يـكـون أحـب إلـيـه مـن كـل مـا سِـوَاه ؟
وكـيـف لا يـكـون رضـاه آثـر عـنـده مـن رضـا كـل مـا سـواه ؟
وكـيـف لا يـكـون حُـبُّـه والـشـوق إلـيـه ؟
وكـيـف لا يَـلـهـج بـذكـره إذا أصـبـح وإذا أمـسـى ؟
وكـيـف لا يـكـون الأنـس بـه هـو غـذاءه ، وقـوَّتـه ودواءه ؟
*_-_**_-_*
ـــ * ـــ
فـإن فـقـد الـقـلـب كـل ذلـك ، فـسَـدَ وهـلـك ولـم يـنـتـفـع بـحـيـاتـه
المفضلات