بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لطائف تأخير إجابة الدعاء
قال الإمام ابن الجوزي-رحمه الله-: "تأملت حالة عجيبة، وهي : أن المؤمن تنزل به النازلة فيدعو، ويبالغ، فلا يرى أثرًا للإجابة، فإذا قارب اليأس؛ نُظِر حينئذٍ إلى قلبه، فإن كان راضيًا بالأقدار، غير قنوط من فضل الله-عز وجل-، فالغالب تعجيل الإجابة حينئذٍ؛ لأن هناك يصلح الإيمان ويُهْزَم الشيطان، وهناك تَبِين مقادير الرجال.
وقد أُشير إلى هذا في قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ}[البقرة: 214].
وكذلك جرى ليعقوب-عليه السلام- فإنه لما فقد ولدًا، وطال الأمر عليه، لم ييأس من الفرج، فأُخِذ ولدهالآخر، ولم ينقطع أمله من فضل ربه: {أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً}[يوسف: 83]، وكذلك قال زكريا-عليه السلام-: {وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً}[مريم: 4].
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة، وكن ناظرًا إلى أنه المالك، وإلى أنه الحكيم في التدبير، والعالم بالمصالح، وإلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك، وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك، وإلى أنه يريد أن يَأْجُرك بصبرك، إلى غير ذلك، وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتحارب وسوسة إبليس.
وكل واحدة من هذه الأشياء تقوِّي الظن في فضله، وتُوجِب الشكر له؛ إذ أهَّلك بالبلاء للالتفات إلى سؤاله، وفَقْرُ المضطر إلى اللَّجإ إليه غنىً كله" .
المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-
المفضلات