مفكرة الاسلام: قتل خمسة أشخاص وأصيب عشرات بجروح خلال اقتحام قوات الأمن السورية فجر الأربعاء الجامع العمري بمدينة درعا الجنوبية، الذي شكل مئات المحتجين طوقًا بشريا حوله لمنع قوات الأمن من اقتحامه، بعد أن أصبح مركزا للاحتجاجات منذ يوم الجمعة الماضي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشط حقوقي قوله، إن "قوات الأمن أطلقت أعيرة نارية حية وقنابل غاز مدمع على المحتجين" المعتصمين قرب الجامع العمري في المدينة، مضيفا أنهم "قطعوا الكهرباء ثم بدأ إطلاق النار".
ونقلت الوكالة عن اثنين من مصوريها في درعا، إن قوات الأمن أوقفت سيارتهما في البلدة القديمة وصادرت معداتهما، وبعد أخذهما للاستجواب استلما اعتذارا من السلطات دون أن تعيد إليهما المعدات.
وذكرت صحيفة "سورية الحرة" الإلكترونية المستقلة أن قوات الحرس الجمهوري لاحقت الأهالي في الشوارع المحيطة وأطلقت النار عليهم، مشيرة إلى سقوط عدد من القتلى وعشرات الجرحى، لكن لم يتسن التأكد من مصدر مستقل.
من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن أحد السكان -طلب ألا ينشر اسمه- قوله "يبدو أن قوات الأمن ربما تحاول اجتياح الجامع، ليس الأمر واضحا لأن الكهرباء قطعت". ولاحقا قال سكان إن إطلاق نار كثيفا سمع في الساعات الأولى من صباح اليوم حول الجامع العمري بدرعا، وانطلقت صيحات الله أكبر في أحياء المدينة.
وقال مصور للوكالة الفرنسية إن جنودا كانوا يحرسون نقاط تفتيش على جميع مداخل البلدة، ويدققون في بطاقات هوية المسافرين لمطابقتها مع قائمة بأسماء لديهم.
كما امتدت المظاهرات أيضا إلى البلدات القريبة من درعا مثل جاسم ونوى، حيث قال شهود عيان إن أكثر من ألفي متظاهر تجمعوا لمسيرة قبل أن تفرقهم بسرعة قوات الأمن.
وقال احد المعتصمين ويدعى مصطفى في اتصال هاتفي مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن قوات الامن السورية هجمت على المعتصمين حوالي الساعة الواحدة والنصف ليلا واطلقت الرصاص الحي بكثافة على المعتصمين.
وأضاف إن المعتصمين بحدود 500 شخص كانوا يعتصمون بشكل سلمي في خيم نصبت قرب الجامع ولهم مطالب محددة في إطلاق سراح الاطفال الذين اعتقلوا وتخفيف الضغط الأمني على المدينة.
وقال أبو وسام المسالمة وهو أحد المعتصمين إنه أصيب بطلق ناري في رجله وإن قوات الامن العام قامت بمهاجمتهم من أربعة جهات، وبدأوا باطلاق الرصاص الحي باتجاههم. واضاف ان كل الطرق المؤدية إلى المدينة قد اغلقت وان قناصة انتشروا على سطوح المنازل يطلقون النار عليهم.
وواصل المتظاهرون في مدينة درعا اعتصامهم حول الجامع العمري في المدينة لليوم السادس، وذكرت الأنباء انهم وضعوا حجارة في مكان اعتصامهم لمنع قوات الأمن من اقتحامه. ويصر الأهالي على تنفيذ مطالبهم وعلى رأسها رفع حالة الطوارئ المفروضة في سوريا منذ 48 عاما وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
في الأثناء، ذكرت "شبكة الدفاع عن أهل السنة" على الإنترنت، أن ماهر الأسد شقيق الرئس السوري بشار الأسد دحل مدينة درعا بصحبة خمسة آلاف عنصر من الحرس الثوري الإيراني تساندهم الفرقة الرابعة من الجيش السوري والتي وقفت خارج المدينة.
وبحسب المصدر، فإن الحرس الثوري احتل المساجد وباشر القتل والاعتقال والتنكيل بأهل السنة وأن أعدادا كبيرة من الشباب في عداد المفقودين. وتردد أن هناك تذمرا كبيرا داخل الجيش السوري لهذا التدخل السافر، وهناك بوادر انشقاق أو عصيان في عناصر الفرقة الرابعة.
ويوم الثلاثاء، تظاهر مئات الأشخاص في بلدتي درعا ونوى في اليوم الخامس من المظاهرات ضد نظام حكم الرئيس بشار الأسد، حيث طالب المتظاهرون بالحرية مرددين "حرية حرية سلمية سلمية".
ونبه إمام الجامع العمري عبر مكبر الصوت إلى أن قوات أمنية تستعد للتوجه إلى الجامع، مما دفع أكثر من 1500 شخص للتجمع بعد ظهر الثلاثاء عند الجامع، وقال شهود إن المعتصمين سيبقون فيه حتى تتحقق مطالبهم.
وبمقتل هؤلاء يرتفع إلى 11 عدد من سقطوا برصاص قوات الأمن التي عملت على قمع الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها درعا منذ يوم الجمعة الماضي، وأحرق خلالها المحتجون عددا من المراكز بينها مبنى لمقر حزب البعث الحاكم، ومنزل المحافظ، ومقر القصر العدلي، ومركز للشرطة.
وتشهد درعا الواقعة على بعد 120 كلم جنوب دمشق تظاهرات غير مسبوقة ضد النظام في سوريا على رغم قانون طوارئ يسري منذ العام 1963 في البلاد.
وتم إطلاق التحرك الاحتجاجي في 15 مارس في دمشق عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" على صفحة بعنوان: "الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011"، للمطالبة بسوريا من دون "رشوة" و"ذل" و"ظلم" و"فقر"، وأسفر القمع لهذه الاحتجاجات إلى سقوط ستة قتلى حتى الآن.
ووصل بشار الأسد وهو في الأصل طبيب أسنان إلى السلطة في سوريا في عام 2000 خلفًا لوالده الرئيس الراحل حافظ الأسد، بعد أن سارع البرلمان السوري إلى إجراء تعديل قام بتخفيض سن الرئيس حتى يتسنى له تولي مقاليد الحكم، وعلى الرغم من التطلع إليه في بادئ الأمر باعتباره إصلاحيًا لكنه لم يقدم على خطوات كبيرة على هذا الصعيد، وزج بمعارضيه إلى السجون.
المفضلات