الفت نظر الاخوة الى تناقض الرواة في رواياتهم عن نسب الغساسنة والضجاعم , وهذا الخلط يسقط على كافة النسابين , وأن ماقاله الفاضل أبو فهد عن نب الدتادشة صحيح وما روه الشيخ عبد الرحمان صحيح من حيث النقل علما انه بعد القرن رابع الميلادي , كل النسابين نقلوا عن رواة العصر العباس بما فيهم القلقنشدي, وبالتالي لايصح تبني اي قول مالم يتم التحقيق فيه,

الغسـاسـنة


الغساسنة سلالة عربية يمنية الأصل هجرت بلادها بعد انفجار سد مأرب في القرن الثالث ميلادي متجهة إلى بلاد الشام. كانوا من أوائل العرب الذين تنصروا. والغساسنة بطون متعددة من الأزد وغير الأزد نزلوا ماءً يقال له غسان فنسبوا إليه. ومن أكبر شعرائهم امرئ القيس وجذم بن سنان الغساني وعبد المسيح بن عمرو وعدي بن الرعلاء الغساني.

امتد نفوذ الغساسنة إلى بلاد الشام فقامت أبنيتهم، وهو كانوا بناة مشهورين، على طول حزام السهوب- البادية الممتدة
من الفرات إلى خليج العقبة. وشهدت هذه المنطقة على أيدي الغساسنة عمليات تجديد كبيرة للأبنية والمنشآت كما أضافوا إليها بتشجيع من الحكام الأمويين. وشيدوا كذلك أديرة عديدة. وقد بقي من تلك المباني حتى يومنا هذا: برج الدير في قصر الحير الغربي بين دمشق وتدمر، والإيوان بالرصافة. وهذه الأخيرة كانت مدينة شفيع الغساسنة في الحرب القديس سرجيوس.

كان الغساسنة
من القائلين بالطبيعة الواحدة للمسيح. وقام أشهر ملوكهم الحارث بن جبلة (529-569م) بإحياء الكنيسة المونوفيزية وتولى سيامة يعقوب البرادعي الذي سارت الكنيسة المونوفيزية (اليعاقبة) تنسب إليه. واستعمل الغساسنة كتاب قراءات من الكتاب المقدس باللغة العربية. وهذا ما يشهد لهم على تعلقهم بالهوية العربية. وقد وجدت نقوش عربية في أديرة وكنائس تابعة لهم بينها النقش الطويل في دير هند بالحيرة فضلاً عن نقش حرّان، وهو النقش العربي المسيحي الوحيد الذي بقي من ديار غسان.

ظلّت الجابية التي كانت تقع في هضبة الجولان السورية عاصمة للغساسنة ومركزاً سياسياً وعسكرياً مهماً طوال العهد الاموي. وكان الغساسنة كالتنوخيين والسليحيين موالين أصلاً للبيزنطيين فاكتسبوا
من هؤلاء مهارات إدارية وعسكرية وضعوها تحت تصرف الأمويين اللذين اعتمدوا على هذه القبائل وبخاصة غسان وجيزان وكلب في أعمال إدارية وعسكرية. وكانت غسان قد حمت الحدود السورية لصالح الامبراطورية البيزنطية.

راجع المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ( ج1ص635)
حكم عرب بلاد الشام في دولة البيزنطيين، عرب عرفوا ب "آل غسان"، وب "آل جفنة" وب "الغساسنة". وقد استمر ملكهم إلى الإسلام. فلما فتح المسلمون بلاد الشام،زالت حكومتهم، وذهب سلطانهم كما ذهب ملك "آل لخم" منافسوهم في العراق.
وقد نقلت كلمة "غسان" في زعم الأخبارين من اسم ماء يقال له "غسان"، ببلاد "عك" بزبيد وربيع، نزل عليه ال غسان، وأصلهم من الأزد، بعد خروجهم من اليمن قبيل حادث سيل العرم أو بعده، فلما أقاموا عليه وشربوا منه،أخذوا اسمهم منه،فسموا "غسان"، وعرف نسلهم بالغساسنة وب "آل غسان". ولم يحدد أهل الأخبار زمان حدوث سيل العرم، وتهدم السد. لذلك لا نستطيع ان نستنبط شيئا من رواياتهم عن هذا الحادث في تحديد وقت وصول الغساسنة إلى بلاد الشام. وحادث تصدع السد لم يكن حادثا واحدا، حتى نعتبره مبدأ لتأريخ هجرة الازد وغيرهم من قبائل اليمن فى الشمال. فقد تصدع السد مرارا ورم مرارا. والذي يفهم من أقوال الأخباريين أن هذا التصدع كان قد وقع قبل الإسلام بزمن، وقد بقيت ذكراه عالقة في الذاكرة إلى أيام الإسلام.
وأما سبب تسميتهم بآل جفنة وبأولاد جفنة، فلانتسابهم الى جد أعلى يدعونه "جفنة بن عمرو مزيقياء ين عامر" على رأي، أو إلى "جفنة"قبيلة من غسان من اليمن. ويذكر "ابن دريد" إن "جفنة" إما من "الجفنة" المعروفة، أو من "الجفن"، وهو "الكرم"، وجفن السيف وجفن الإنسان. ويذكر إن المثل المشهور بين الناس: "وعند جهينة الخبر اليقين"، هو خطأ تقوله العامة، وان صوابه: "وعند جفينة الخر اليقين ".
ولم نظفر حتى الان باسم غسان في نصوص المسند، كذلك لم نظفر به في الأرضين التي عدها الأخباريون في جملة ممتلكات هذه القبيلة.
ويزعم الأخياريون إن الذي قاد الغساسنة في خروجهم من اليمن، هو عمرو المعروف ب "مزيقيا"، وهو ابن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث. ولهم في نسبه على هذا النحو من ذكر الآباء والأجداد والألقاب.أقوال وحكايات.
وروى "ابن قتيبة الدينوري" إن "عمرو بن عامر مزيقياء" لما خرج من اليمن في ولده وقرابته ومن تبعه من ألأزد، أتوا بلاد عك، وملكهم "سملقة" "سلمقة"، وسألوهم أن يأذنوا لهم في المقام حتى يبعثوا من يرتاد لهم المنازل ويرجعوا اليهم، فأذنوا لهم. فوجه عمرو بن عامر ثلاثة من ولده: الحارث بن عمرو، ومالك بن عمرو، وحارثة بن عمرو، ووجه غيرهم روادا فمات عمرو إبن عامر بأرض عك قبل أن يرجع إليه ولده ورواده، واستخلف ابنه ثعلبة بن عمرو،وان رجلا من الأزد يقال له جذع بن سنان احتال في قتل سلمقة "سملقة"، ووقعت الحرب بينهم، فقتلت عك أبرح قتل وخرجوا هاربين فعظم ذلك على ثعلبة بن عمرو، فحلف أن لا يقيم، فسار ومن اتبعه حتى انتهوا إلى مكة وأهلها يومئذ جرهم، وهم ولاة البيت، فنزلوا بطن مر وسألوهم أن يأذنوا لهم في المقام معهم، فقاتلتهم جرهم، فنصرت الأزد عليهم، فأجلوهم عن مكة، ووليت خزاعة البيت، فلم يزالوا ولاته حتى صار "قصي" إلى مكة، فحارب خزاعة بمن تبعه، وأعانه قيصر عليها، وصارت ولاية البيت له ولولده، فجمع قريشا، وكانت في الأطراف والجوانب، فسمي مجمعا، وأقامت الأزد زمانا. فلما رأوا ضيق العيش شخصوا، فصار بعضهم إلى السواد، فملكوا بها. منهم "جذيمة بن مالك بن الأبرش" ومن تبعه. وصار قوم إلى عمان،وصار قوم إلى الشام، فهم "آل جفنة" ملوك الشام. وصار جدع بن سنان قاتل سلمقة إلى الشام أيضا، وبها سليح، فكتب ملك سليح. إلى قيصر يستأذنه في انزالهم، فأذن له على شروط شرطها لهم، وأن عامل قيصر قدم عليهم ليجيبهم فطالبهم وفيهم جذع، فقال له جذع خذ هذا السيف رهنا أن نعطيك. فقال له العامل: اجعله في كذا وكذا من أمك، فاستل جدع السيف فضرب به عنقه. فقال بعض القوم: خذ من جذع ما أعطاك، فذهبت مثلا".
فمضى كاتب العامل إلى قيصر فأعلمه، فوجه اليهم ألف رجل وجمع له جذع من الأزد من أطاعه، فقاتلوهم فهزموا الروم، واخذوا سلاحهم، وتقووا بذلك، ثم انتقلوا الى يثرب وأقام بنو جفنة بالشام وتنصروا. ولما صار جذع إلى يثرب وبها اليهود، حالفوهم، وأقاموا بينهم على شروط فلما نقضت اليهود الشروط، أتوا تبعا الآخر، فشكوا إليه ذلك، فسار نحو اليهود حتى قتل منهم وأذلهم وصار الأمر في يثرب للازد.
وللاخباريين تفاسير في سبب تلقيب عمرو بن عامر بمزيقياء. وقد ذكر "حمزة" بعض الآراء الواردة في ذلك، فقال: "وتزعم الأزد أن عمرا انما سمي مزيقياء لأنه كان يمزق كل يوم من سني ملكه حلتين لئلا يلبسهما غيره، فسمي هو مزيقياء. وسمي ولده المزاقية. فهذا قول وقيل: إنما سمي مزيقيا، لأن الأزد تمزقت على عهده كل ممزق عند هربهم من سيل العرم، فأتخذت العرب افتراق الأزد عن أرض سبأ بسيل العرم، فقالوا: ذهبت بنو فلان أيادي سبأ". ومال "نولدكه" إلى هذا التفسير الأخير، فرأى أنه مأخوذ من الآية. (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق، إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور).
ويظهر أن الغساسنة اخترعوا أسطورة تمزيق الثياب، للاشارة إلى غنى جدهم "عمرو" واقتداره. وأما ما ذهب إليه "نولدكه"، فهو في نظري نوع من الظن، استخرجه من هذا التفسير الثاني الذي رواه الأخباريون في تفسير الكلمة الخاص بتفرق الأزد عن أرض سبأ لحدوث السيل.
وقد زعم أنه نزح معهم من اليمن قومهم من الأزد.، فنزل المدينة رهط " ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر ومنهم الأوس والخزرج،ونزل مكة رهط حارثة ابن عمرو بن عامر،وهم خزاعة،ونزل جفنة بن عمرو بن عامر بالشام،وهم الغساسنة ونزل لخم في العراق ومنهم المناذرة أو آل نصر". فوصل اهل الأخبار بذلك تأريخ خزاعة والأوس والخزرج وآل لخم بآل غسان. وجعلوا ابتداء ظهورهم في أماكنهم منذ ذلك العهد، أي منذ وقوع حادث "سيل العرم".
وقد روى الأخباريون في ذلك شعرا لنفر من الأنصار، ورد فيه انتساب أهل يثرب إلى "عمرو بن عامر"، واتصال نسبهم بنسب غسان. من ذلك شعر للشاعر الأنصاري المعروف "حسان بن ثابت"، يقول فيه:

ألم ترنا أولاد عمرو بن عامر لنا شرف يعلو على كل مرتقى
ومن ذلك شعر زعم ان قائله أحد الأنصار هو:
أنا ابن مزيقيا عمرو،وجدي أبوه عامر ماء السماء
فالأنصار، أي أهل يثرب، وهم من الأوس والخزرج، هم من الدوحة التي أخرجت الغساسنة، وقد ظهر تأريخهم في يثرب بعد حادث سيل العرم على نحو ما رأيت.
وافتخار أهل يثرب بآل جفنة يزيد كثيرا على افتخارهم بآل لخم،مع انهم على حد قولهم من أصل واحد، وقد افترقوا جميعا في وقت واحد، وهم في درجة واحدة من القرابة. ونجد لحسان بن ثابت شعرا في الغساسنة، هو أضعاف ما قاله في المناذرة. ويظهر إن لقرب الغساسنة من يثرب، وللمصالح الاقتصادية، وللهبات والعطايا التي كان ينالها حسان وأمثاله من الغساسنة بيسر وسهولة، لقربهم منهم، أثر كبير في هذا المدح والتعصب لغسان على ال لخم.. وأما عن نعت عامر بماء السماء، فقال حمزة: "انه انما سمي ماء السماء لأنه أصابت الأزد مخمصة، فمانهم حتى مطروا، فقالوا -: عامر لنا بدل ماء السماء". وقد عرف أشخاص آخرون ب "ماء السماء" من غير غسان، منهم "المنذر بن امرئ القيس اللخمي" و "ماء السماء بن عروة" من ملوك "الحيرة" على زعم "ابن الكلبي". وقد نعت "حسان بن ثابت" الغساسنة الذين جاءوا من بعده ب "أولاد ماء المزن". و"المزن=المطر". يريد بذلك "أولاد ماء السماء"، أي: "بني ماء السماء"، وماء السماء هو المطر،وذلك كناية عن الجود والكرم والإغاثة. والمطر هو غوث للناس ورحمة والجود هو غوث لمن يجاد عليه، فهو بمنزلة المطر للأرضين فقصد الشاعر بذلك إن "ال غسان"، للناس بمنزلة المطر للأرض. وقد يكون جد الغساسنة قد عرف بكرمه وسخائه، فنعت بهذا النعت الدال على السخاء والجود. ولا أستبعد أن تكون هذه النعوت من النعوت التي أطلقها الشعراء على المذكورين، فلازمتهم حتى اليوم.
ونسب آل غسان إلى جد آخر، يعرف ب "ثعلبة". وقد أشير إلى "عرب الروم من آل ثعلبة". وقد ذكر "محمد بن حبيب"، أن رئيس غسان الذي قضى على "الضجاعمة"، وانتزع الملك من "سليح"، هو "ثعلبة" ابن عمرو بن المجالد بن عمرو بن عدي بن مازن بن الأزد. ومن نسله كان ملوك غسان، فهو اذن "ثعلبة" المذكور.
ويظهر من روايات الأخباريين أن الغساسنة اخذوا الحكم بالقوة من أيدي عرب كانوا يحكمون هذه المنطقة قبلهم، ويدعون ب "الضجاعمة"، وهم من "سليح ابن حلوان".
وبنو سليح، هم عرب ينسبهم النسابون إلى "سليح بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة". وقد نسبهم"ابن دريد" إلى "سليح بن عمران ابن الحاف"، وجعل ل "سليح" شقيقا هو "تزيد" جد "التزيديين". ونسبهم "السكري" إلى "سليح بن عمرو بن الحاف ين قضاعة". ولكن اختلاف النسابين هذا في نسبهم، يقف عند نهاية سلاسل النسب، إذ تنتهي هذه النهاية في "قضاعة" حيث يتفق الكل أن "سليحا"، هم من قضاعة. أما صاحب كتاب المعارف، فقد جعل سليحا من غسان، إلا أنه عاد فاستدرك على ذلك بقوله: "ويقال من قضاعة ".
وقد ذكر أهل الأخبار إن "بني سليح" بقوا في بلاد الشام، اذ ذكروهم في أخبار الفتوح، وكانوا في جملة من أقام على النصرانية من عرب الشام. وقد أسلم قسم منهم، وكانوا في "قنسرين" في ايام المهدي.
ومن ملوك سليح الذين ذكرهم الأخباريون زياد ين الهبولة ملك الشام، جعلوه من معاصري حجر بن معاوية ين الحارث الكندي اكل المرار، وذكروا انه سمع بغارة قام بها حجر على البحرين، فسار إلى أهل حجر ومن تركهم،فأخذ الحريم والأموال وسبى هند بنت ظالم بن وهب بن الحرث بن معاوية. فلما سمع حجر وكنده وربيعة بغارة زياد، عادوا عن غزوهم في طلب ابن هبولة، ومع حجر أشراف ربيعة: عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان، وعمرو ين أبي ربيعة ابن ذهل بن شيبان وغيرهما. فأدركوا قوم زياد ب "البردان" دون عين أباغ، فحمل أتباع حجر على أتباع "ابن الهبولة"، فانهزموا، ووقع زياد اسيرا ثم قتل.
وتذكر رواية إن "حجرا" أرسل "سدوس ين شيبان" و "صليع بن عبد غنم" إلى عسكر "زياد" يتجسسان له. الخبر، ويعلمان علم العسكر،ثم عادا فأخبراه بخبره، فسار على جيش ابن الهبولة، واقتتلوا قتالا عنيفا،فشد "سدوس" على زياد واعتنقه وصرعه، وأخذه أسيرا، فلما رآه "عمرو بن أبي ربيعة" حسده فطعن زيادا فقتله، فغضب سدوس لأنه قتل أسيره، وطالب بديته، دية الملوك، فتحاكما إلى حجر، فحكم على عمرو وقومه لسدوس بدية ملك، وأعانهم من ماله.
ويقتضي على هذه الرواية إن يكون ملك "زياد بن الهبولة" في وقت متأخر اذ لا ينسجم هذا القول مع ما يذكره أهل الأخبار من إن ملك "بني سليح" كان قبل الغساسنة. ولو أخذنا بالخبر المتقدم، وجب علينا القول بأن زيادا كان يحكم في ايام الغساسنة لاقبل ذلك.
وقد ذكر "ابن الأثير" أن "زياد بن هبولة" لم يكن ملكا على الشام، لأن ملوك سليح كانوا بأطراف الشام مما يلي البر من فلسطين إلى قنسرين والبلاد للروم، ولم تكن سليح ولا غسان مستقلين بملك الشام ولا بشبر واحد، وزياد ابن هبولة السليخي من أقدم من حجر آكل المرار بزمان طويل. ولم يكن زياد آخر ملوك سليح. ثم خلص من قوله برأي توفيقي، بأن افترض إن زياد بن هبولة المعاصر لحجر كان رئيسا على قوم او متغلبا على بعض أطراف الشام، فهو غير ذلك الملك المذكور.
وقد تحدث "أبو عبيدة" عن ذلك اليوم،ولم يذكر إن ابن هبولة من سليح، بل قال: هو غالب بن هبولة ملك من ملوك غسان.
وقد تحدثت بعض الروايات عن "زياد بن هبولة" على هذا النحو: "منهم داوود اللثق بن هبالة بن عمرو بن عوف بن ضجعم. كان ملكا، ومنهم زياد ابن هبالة بن عمرو بن عوف بن ضجعم. كان ملكا. وهو الذي أغار على حجر آكل المرار. وهو محرق، وكان أول من حرق بالنار ". فجعلت والد زياد رجلا اسمه "هبالة"، وجعلت "داوود اللثق" شقيقا له. اما الروايات الشائعة، فتجعل "داوود اللثق" ابنا ل "هبالة" اي انه أخو "هبولة ابن عمرو بن عوف"،فهبولة على هذا وهبالة أخوان، وزياد و داوود ابنا عم. وأما ملوك "سليح" على رواية "0 أبن قتيبة الدينوري"، فهم: "النعمان ابن عمرو بن مالك"، وقد عينه ملك الروم على قومه - على حد قوله - بعد إن دانوا بالنصرانية، ثم مالك وهو ابنه، ثم "عمرو"، وهو ابن مالك. قال: ولم يملك منهم غير هؤلاء الثلاثة. اذ انتقل الملك فيما بعد "عمرو" إلى الغساسنة.
ونسب الأخباريون "الضجاعمة" إلى "بني ضجعم بن حماطة بن سعد بن سليح بن عمرو بن الحاف بن قضاعة". فهم على هذا النسب، ومن "بني سليح" ومن قبائل قضاعه، وقد حكموا بعد حكم "بني سليح".
ونسب بعض الأخباربين "ضجعم" الى "سعد بن سليح"، أي باسقاط اسم "حماطة" من النسب، بأن جعلوا "سعد بن سليح" والدا لضجعم. وقد ذ كروا إن منهم "داوود اللثق بن هبولة بن عمرو" وهو شقيق "زياد بن هبولة" المذكور. وذكر بعض منهم إن "داوود بن هبولة" هو شقيق "هبالة بن عمرو ابن عوف بن ضجعم".
ويظهر إن "داوود اللثق" كان قد اعتق النصرانية، و كان قد عمل للروم. واليه ينسب "دير داوود" "دير الداوود".
ويظهر من بعض الروايات إن "زياد بن هبولة" الذي حارب "حجرا آكل المرار"، كان أخا ل "داوود". ويظهر من روايات أخرى انه كان ابن عم له. واذا اخذنا برواية من زعم إن "زيادا" هذا حارب "حجرا آكل المرار"، فمعنى هذا إن "جفنة"، وهو مؤسس إمارة ا ل جفنة، أي الغساسنة، قد حكم بعد "زياد". وقد زعم "حمزة" إن ملكا من ملوك الروم اسمه "نسطورس" هو الذي ملك جفنة على عرب الشام. وذهب بعض أهل الأخبار إلى إن القيصر الذي عين "جفنة" على عرب بلاد الشام هو "أنسطاسيوس" "A nastasius" الأول، الذي حكم من سنة "491" حتى سنة "518" للميلاد. فتكون نهاية حكم الضجاعمة وبداية حكومة "ال جفنة" في هذا العهد.
و "ضجعم" هو "Zocomus" أحد "العمال" "P hyiarch" الذين نصبهم الروم على عرب بلاد الشام، حر ف اسمه فصار على الشكل المذكور. وقد حكم في أواخر القرن الرابع للميلاد. وقد ذكره "ثيوفلكتوس" "T heophylactus" على هذه الصورة: "Zeokomos" "وذكر انه هو وقبيلته دخلوا في النصرانية وان الله وهبه ولدا بفضل دعاء النساك النصارى.
وقد كان الضجاعممن القبائل العربية المعروفة عند ظهور الإسلام. وقد كانوا مثل سائر القبائل المستعربة المستنصرة ضد الإسلام، وقد وقفوا مع "دومة الجندل" في عنادهم ومقاومتهم لخالد بن الوليد،و كان رئيسهم اذ ذاك هو "ابن الحدرجان". لقد أشار المؤرخون اليونان والسريان إلى ملكة عربية دعوها "ماوية" "Mavia" "Mawiya" "Mauia"، حكمت القبائل العربية الضاربة في بلاد الشام،وهاجمت فلسطين و "فينيقية"، ويظهر إن هذا الهجوم كان قد حدث بعد ترك القيصر "والنس" "V alens" "4 36 - 378م" انطاكية وذلك سنة "378 م". وقد حاربت الروم مرارأ، وانتصرت غير مرة، ثم تصالحت معهم. وكان من جملة ما اشترطته عليهم أن يسقف على عربها راهب يدعى موسى كان يتعبد في بادية الشام.، فوافق القيصر على ذلك، وكان هذا الراهب كاثوليكيا معارضا لمذهب أريوس.
ويذكر المؤرخون أن غارات تلك الملكة على حدود الروم، كانت عنيفة كاسحة، أنزلت الدمار والخراب بقرى وبمدن عديدة، والحقت خسائر فادحة بالأرواح والمال. وقد شملت تلك الغارات أرض فلسطين و "الحدود العربية" "A rabici Limites". وتذكر أن عربها كانوا من ال "سارسين" "سرسين" "Saracene".
وقد وليت "ماوية" الحكم بعد وفاة زوجها، ويظهر أن نزاعا وقع بينها وبين الروم أدى إلى توتر العلاقات بينهما، آل إلى هجوم الملكة على حدود الروم. ولما عجز الروم من الانتصار عليها، استعانوا ببعض سادات القبائل للتغلب عليها، ولما وجدوا إن القبائل لم تفعل شي، اضطروا على التفاوض معها، وعلى ترضيتها على نحو ما ذكرت.
وقد قام موسى "Moses" بنشاط كبير في نشر النصرانية بين العرب. وقد كان من مصلحة الروم تنصر الأعراب، لأن في تنصرهم تأييدا لهم، حتى وان خالف مذهبهم مذهب الروم.
وقد حكم قبل "ماوية" "عامل" عربي أشار إليه المؤرخ " أميانوس" "Ammianis"، غير أنه لم يذكر اسمه، قال إنه "Assanitarum" وإنه من "السرسين"، " Phylarchus Saracenorum Assanitarum"، و قد حكم في أيام "يوليان" "جوليان" "J ulian" "1 36 - 363 م". ويظن البعض أن مراد المؤرخ ب "اسانيته" "Assanitae" الغساسنة، أي إن الكلمة من أصل "غسان".
غير أن هذا الظن معناه أن حكم الملكة "ماوية"، كان في أيام الغساسنة، و أنها ازعجت الروم في وقت كان فيه "آل جفنة" على عرب بلاد الشام. وهذا ما لا تؤيده الموارد التاريخية المتوفرة لدينا الان. لذلك أرى إن حكم "ملوية" كان قبل تولي "الغساسنة" الحكم رسميا من الروم، أو إن الملكة كانت تحكم في الأقسام الجنوبية من بادية الشام، ومنها أخذت تهاجم حدود الروم المؤلفة لكورة فلسطين، وتتوغل بها حتى بلغت "فينيقية" و "مصر"، ولم يكن حكم الغساسنة متمكنا إذ ذاك، فاستغلت هذا الضعف، وأخذت تهاجم الحدود.
وزعم المسعودي أن ملك العرب بالشام يعود إلى أيام "فالغ بن هور" "فالغ ابن يغور". وقد صيره من صميم أهل اليمن، ملك ثم ترك الحكم إلى "يوتاب" "سومات"، وهو "أيوب بن رزاح". ثم انتقل ملك الشام على رأيه أيضا إلى الروم. وكانت قضاعة من مالك بن حمير أول من نزل الشام، وانضافوا إلى ملوك الروم،فملكوهم بعد أن دخلوا في النصرانية على من حوى الشام من العرب. وكان النعمان بن عمرو بن مالك أول من تولى من تنوخ بالشام. ثم ملك بعده عمرو، ثم "الحواري بن النعمان". تم انتقل الملك إلى سليح. وانتقل الملك منهم الى آل غسان.
وقد كانت سليح - كما يذكر الأخباريون - يجبون من نزل بساحتهم من مضر وغيرها للروم. فأقبلت غسان في جمع عظيم يريدون الشام حتى نزلوا بهم، فقالت سليح لهم:إن أقررتم بالخرج،وإلا قاتلناكم. فأبوا عليهم، فقاتلهم سليح، فهزموا غسان. ورئيس غسان يومئذ ! ثعلبة بن عمرو بن المجالد بن عمرو بن عدي بن مازن بن الأزد. فرضيت غسان بأداء الخرج اليهم. فكانوا يجبونهم لكل رأس دينارا،ودينارا ونصفا،ودينارين في كل سنة على أقدارهم فلبثوا يجبونهم.حتى قتل "جذع بن عمرو الغساني" جابي سليح،وهو سبيط بن المنذر بن عمرو ابن عوف بن ضجعم بن حماطة. فتنادت سليح بشعارها وتنادت غسان بشعارها. فالتقوا بموضع يقال له "المحفف"، فأبارتهم غسان. وخاف ملك الروم أن يميلوا مع فارس عليه، فأرسل إلى ثعلبة، فقال: أنتم قوم لكم بأس شديد وعدد كثير. وقد قتلتم هذا الحي، وكانوا أشد حي في العرب وأكثرهم عدة وإني جاعلكم مكانهم، وكاتب بيني وبينكم كتابا: إن دهمك دهم من العرب أمددتكم بأربعين الف مقاتل من الروم بأداتهم، وان دهمنا دهم من العرب فعليكم عشرون الف مقاتل على أن لا تدخلوا بيننا وبين فارس. فقبل ذلك ثعلبة،وكتب الكتاب بينهم. فملك ثعلبة وتوجه. وكان ملك الروم يقال له "ديقيوس".
وقد تحدث الأخباريون وأصحاب كتب الأمثال عن هذا الحادث في معرض كلامهم عن المثل: "خذ من جذع ما أعطاك". وقد اتفقوا كلهم في اسم القائل، وهو منصوص عليه في المثل، ولكنهم اختلفوا في اسم المقتول، فقال بعضهم انه سبيط، وقال آخرون: انه سبطة، ويقول بعض آخر: انه كان رجلا من الروم.
وقد زعم بعض أهل الأخيار،إن اليوم الذي انتصر فيه الغساسنة على الضجاعمة هو "يوم حليمة". وذلك أن الحرب لما ثارث بين الضجاعمة والغساسنة للسبب الذي ذكرته وقالوا " خذ من جذع ما أعطاك"، كان لرئيس غسان ابنة جميلة يقال لها "حليمة". فأعطاها خلوقا لتخلق به قومها، وانتصر الغساسنة بذلك اليوم على الغساسنة. فقالوا: "ما يوم حليمة بسر".
ونسب ابن خلدون "سبطة" القتيل إلى المنذر بن داود، ويظهر انه قصد "داوود اللثق". والى داوود ينسب دير داوود، وذلاك يدل على انه كان نصرانيا. كما أشرت إلى ذلك قبل قليل.

وعندي أن "سبطة"Aspehetos" "Aspehbet" "Aspatylatos" الذي قيل إنه.كان عاملا "فيلارك" "Phylarch " عربيا من عمال الفرس. فأغار على "الكورة العربية" "Arabia Provincia"، وذلك في أواسط القرن الخامس للميلاد، وأعلن نفسه عاملا على الأرضين التي استولى عليها، واعترف به وبأبنائه عمالا عليها.
وزعم المؤرخ حمزة أن أول ملك ملك من غسان هو جفنة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطربف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن ابن الأزد بن الغوث. وقد زعم انه ملك في أيام نسطورس، وهو الذي ملكه على عرب الشام. فلما ملك، قتل قضاعة من سليح.الذين يدعون الضجاعمة، ودانت له قضاعة ومن بالشام من الروم، وبني جلق والقرية وعدة مصانع، ثم هلك. وكان ملكه خمسا واربعين سنة وثلاثة أشهر.
وقد ابتدأ "حسان بن ثابت" بجفنة هذا في قصيدته الني افتخر فيها بنسبه. وبجفنة هذا سمي ملوك الغساسنة "1ل جفنة"، كما سمي خصومهم "المناذرة" ب "آل لخم". والى هذا الرأي ذهب "الأصمعي"، حيث قاله: "وجفنة أول ملك ملك من غسان، واليه تنسب ملوك غسإن الني ذكرها حسان بن ثابت الأنصاري في شعره. وقد "نسب الأصمعي له وصية زعم أنه أوصى بها بنيه في كيفية السير بالناس، وتسيير الملك.
وعند المسعودي إن اول من ملك من بني غسان بالشام الحارث بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن غسان بن الأزد بن الغوث، ومن بعده الحارث بن ثعلبة بن جفنة بن عمرو بن عامر بن حارثة،وهو ابن مارية ذات القرطين. أما ابن قتيبة، فذهب الى إن أول من ملك منهم هو الحارث ابن عمرو المعروف ب "محرق". وسمي بمحرق لأنه أول من حرق العرب في ديارها، وهو الحارث الأكبر ويكنى بأبي شمر.
وقد ذكر ابن دريد إن الحارث بن عمرو بن عامر، "هو محرق، وهو أول من عذب بالنار". فأيد بذلك رواية من يرى انه أول من عذب وحرق الناس بالنار.
وذهب "محمد بن حبيب" إلى أن أول من ملك من الغساسنة بالشام هو "ثعلبة بن عمرو بن المجالد بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد"، وذلك بعد فتك "جذع" بالضجاعمة فعهد إليه ملك الروم "ديقيوس" أمر تولي رئاسة عرب بلاد الشام، وملكهه وتوجه، فصار بذلك أول ملك من ملوك غسان، على نحو ما ذكرته قبل قليل.
و "جفنة" الذي صيره حمزة أول من ملك من غسان، هو "جفنة بن عمرو، وهو مزيقيا بن عامر ماء السماء". وقد نجل عمرو بن عامر على رواية ابن خلدون، جملة أولاد، منهم: جفنة، والحارث وهو محرق، وثعلبة وهو العنقاء "العنقاه"، وحارثة، وأبو حارثة، ومالك، وكعب، ووادعة، وعوف، وذهل، وواكل. فيكون جفنة على هذه الرواية أخا للحارث بن عمرو الذي عده المسعودي وابن قتيبة أول من تملك من الغساسنة في ديار الشام. وتولى الحكم بعد جفنة على رواية حمزة ابنه عمرو بن جفنة، وكان ملكه خمس سنين. ونسب حمزة إليه بناء عدة أديرة، منها: دير حالي، ودير أيوب، ودير هند.
أما "الأصمعي" فقد أورد اسم "الحارث بن جفنة بن ثعلبة ين عمرو"، بعد اسم "جفنة". وقال عنه "وهو الحارث الأكبر" ثم ذكر له وصية وصى بها ابنه "عمرو بن الحارث" وهي وصية نظمها شعرا. وقد قال له فيها إن هذه الوصية هي وصية أبي لى، وبها يا عمر أوصي وفيها الملك مرسوم.
وأما "محمد بن حبيب"، الذي جعل ثعلبة أول من ملك من الغساسنة، فقد جعل الحكم للحارث بن ثعلبة من بعده، ثم لابنه جبلة بن الحارث بن ثعلبة، ثم لابنه الحارث، وهو ابن مارية ذات القرطين، ثم للنعمان بن الحارث ثم للمنذر ابن الحارث ثم للمنيذر بن الحارث، ثم لجبلة بن الحارث.
وأما "ابن قتيبة" "الذي جعل "الحارث بن عمرو بن محرق" أول ملوك آل غسان، فقد وضع "الحارث بن أبي شمر" من بعده. وقال: انه الحارث الأعرج بن الحارث الأكبر، وأمه مارية ذات القرطين. وكان خير ملوكهم، وأيمنهم طائرا، وأبعدهم مغارا. وكان غزا "خيبر"، فسبى من أهلها، ثم اعتقهم بعد ما قدم الشام. وكان سار إليه المنذر بن ماء السماء في مئة الف، فوجه اليهم مئة رجل، فيهم لبيد الشاعر وهو غلام، وأظهر انه انما بعث بهم لمصالحته، فأحاطوا برواقه فقتلوه، وقتلوا من معه في الرواق، وركبوا خيلهم فنجا بعضهم وقتل بعض وحملت خيل الغسانيين على عسكر المنذر فهزموهم، وكانت له بنت يقال لها "حليمة" كانت تطيب اولئك الفتيان يومئذ وتلبسهم الأكفان والدروع وفيها جرى المثل: "ما يوم حليمة بسر ". وكان فيمن أسر يومئذ أسارى من بني أسد، فأتاه النابغة، فسأله اطلاقهم، فأطلقهم، وأتاه علقمة ابن عبدة في اسارى من بني تميم، فأطلقهم اكراما لشأنه. وفي جملة من أطلق حريتهم شأس بن عبدة شقيق علقمة.
وروى "ابن قتيبة" أيضا إن "علقمة بن عبدة" قال في "الحارث بن أبي شمر هذه الأبيات:
إلى الحارث الوهاب أعلمت ناقتي بكلكلها، والقصرين وجبيب
وفي كل حي قد خبطت بنعمة فحق لشأس كل من نداك ذنوب
فقال الحارث: نعم وأذنبة.
وزعم "ابن قتيبة" إن الذي ولي الملك بعد "الحارث الأعرج بن الحارث الأكبر"، هو ابنه "الحارث بن الحارث بن الحارث" ويسميه بالحارث الأصغر ابن الحارث الأعرج بن الحارث الأكبر. وكان له أخوة، منهم: النعمان بن الحارث، يقول، وهو الذي قال فيه النابغة:
هذا غلام حسن وجهه مستقبل الخير سريع التمام
للحرث الأكبر والحارث الأصغر والحرث الأعرج خير الأنام
وله يقول النابغة أيضا، وكان خرج غازيا:
إن يرجع النعمان نفرح ونبتهج ويأتي معدا ملكها وربيعها
ويرجع الى غسان ملك وسؤود وتلك المنى لو أننا نستطيعها
وقد وهم "ابن قتيبة" في "الحارث بن أبي شمر" إذ صيره الملك الثاني، وجبلة هو أول من يمكن أن نطمئن إلى وجوده من ملوك الغساسنة كل الاطمئنان وهو "جبلس" "Jabalac" عند ثيوفانس. وقد ذكر عنه أنه غزا فلسطين حوالي سنة 550 للميلاد. ولا نعرف من أمر هذا الرجل شيئا يستحق الذكر. وقد نسب حمزة والبطليوسي إليه بناء القناطر وأدرج والقسطل. وقالا إنه حكم عشر سنين. وذكره "ابن دريد" على هذا النحو: "ومنهم جبلة بن الحارث الملك. وهو ابن مارية التي يقال لها قرطا مارية".
وجاء بعد "جبلة" ابنه "الحارث بن جبلة"، الذي يمكن عده اول ملك نعرف من أمره شيئا واضحا يذكر من ملوك آل جفنة. وهو في نظر "نولدكه" "اريتاس" "Aretas" "Arethas" الذي ذكره المؤرخ السرياني "ملالا" "Malalas". وقد ذكر انه كان عاملا للروم. ويظن أن حكمه كان من حوالي سنة "529" حتى سنة "569" للميلاد تقريبا. وأرى إن حكمه كان قبل سنة "529" للميلاد بقليل، اذ ذكر أنه حارب "المنذر" "Alammundarus" في حوالي السنة "528" للميلاد. ومعنى ذلك أنه ولي الحكم في هذه السنة، أو قبلها بقليل.
وقد عرف الحارث هذا عند أهل الأخبار ب "الحارث الأعرج" وب "الحارث الأكبر".
وذكر حمزة والبطليوسي وآخرون أن والدة الحارث هي "مارية ذات القرطين، بنت عمرو بن جفنة". وذكر المسعودي ومحمد بن حبيب أنها "مارية بنت الأرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة". واستدرك "محمد بن حبيب" على ذلك بقوله: "ويقال: بل هي مارية بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية ابن ثور، من كندة". وهي أخت هند الهنود امرأة حجر الكندي، وقد ضرب المثل بحسنها، فقيل: "خذوه ولو بقرطي مارية ". وقالو: وكان في قرطيها مئتا دينار.
وذكر البطليوسي إن الحارث كان يسكن البلقاء، وبها بنى "الحفير" ومصنعة بين "دعجان" وقصر أبير ومعان. و كان حكمه على رأيه عشرين سنة. وهو دون العدد الذي يقدره الباحثون لحكمه، حيث قدر بأربعين سنة. إذ حكم على تقديرهم من حوالي السنة "9 2 5" حتى السنة "569" للميلاد.
ويشك بعض الباحثين في صحة نسبة الأبنية المذكورة إلى الحارث، اذ يرون أنها من عمل شخص آخر. غير أنهم يرون احتمال، بنائه للقصر الأبيض في "الرحبة". ولقصر الطوبة.
وجعل "ابن دريد" للحارث بن جبلة من الولد: النعمان والمنذر والمنيذر وجبلة وأبا شمر، ذكر انهم ملوك كلهم.
وذكر الأخباريون ان الحارث بن مارية الغسانى، كان قد اجتبى أخوين من بني نهد اسمهما حزن وسهل، وهما ابنا رزاح، فحسدهما زهير بن جناب الكلبي وسعى بهما لدى الحارث، وأظهر له انهما عين للمنذر ذى القرنين عليه حتى قتلهما. ثم تبين له فيما بعد بطلان قول زهير، فطرده من عنده. واسترضى الحارث والد القتيلين رزاح.، وأبقاه عنده، فلم يطق زهير على ذلك صبرا، حتى تخلص منه بمكيدة انتهت بقتل الحارث له وبرجوع زهير إلى ما كان عليه. وهي قصة من هذه القصص التي يرويها الأخباريون تشير إلى معاصرة زهير للحارث وللمنذر الأكبر ذي القرنين، أي المنذر بن ماء السماء.
وقد ذكر ملالا إن الحارث بن جبلة حاربت "المنداروس" Alamundarus " "Alamoundros" أمير عرب الفرس، وانتصر عليه في شهر نيسان من سنة "528م"، وذكر معه اسم أميرين، هما: "جنوفاس" "Jnophas"، و "نعمان" "Naaman". و يرى "نو لدكه" ان "جنوفاس" هو "جفنة" وهو اسم أحد الأمراء الجفنيين، سمي باسم جفنة مؤسس تلك الأسرة. وأما نعمان فهو أيضا اسم أمير من أولئك الأمراء الجفنيين.
اسامه الدندشي