خطبة عيد الأضحى المبارك للعام 1431
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحمد لله والله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، عمَّ فضلُه العالمين ، ووسع إحسانُه الخلقَ أجمعين ، وكتب رحمته للمؤمنين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ أنار الله به طريق السالكين ، ورفع ذكره في العالمين ، وجعله حجة على العباد أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه المتقين ، والغر الميامين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر عدد من طاف بالبيت وكبر
والله أكبر عدد من حمد الله واستغفر
الله أكبر عدد من طاف وسعى
وعدد من نحر ورمى ،
الله أكبر عدد من حلق وقصر
الله أكبر عدد مارتفعت الأصوات ، في منى ومزدلفة وعرفات ، الله أكبر عدد ما ارتفعت الدعوات ، وعرضت الحسرات ، وسكبت العبرات ، وكفرت السيئات ، الله أكبر عدد ما أهريقت الدماء في منى ، وما رميت الجمرات
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
الله أكبرالقائل (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ،
الله أكبر ،فكم من متضرع بالأمس قد أجيب دعاؤه ، وكم من واقف بعرفة قد قُبِل رجاؤه ، وكم من حاج خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وكم من صائم بالأمس قد غفر ذنبه ولممه ، فلله الحمد على ما هدى ، ولله الحمد على ما أعطى
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
أيها المسلمون: هذا اليوم العظيم هو يوم الحج الأكبر، وهو أفضل أيام السنة وهو خاتمة العشر المباركات ، هو الوسط بين أيام العشر وأيام التشريق، وكلها أيام ذكر وتكبير (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) أيام التشريق ، أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى ، فما أعظم فضل الله تعالى علينا ،
وأما اليوم يا عباد الله فهو يوم الذكر والشكر، وهو يوم الذبح والنحر، وهو يوم الحج الأكبر لأن أكثر أعمال الحجاج تكون فيه ، فيرمون ويهدون ويحلقون ويُحلِّون ويطوفون ويسعون
وفيه هذه الصلاة العظيمة لكم ولسائر أهل الأمصار، وأنتم بعد هذه الشعيرة الكريمة ، تتقربون لله تعالى بضحاياكم ، هذه الأضاحي نعمة من ربكم سبحانه ، إشتريتموها من رزقه ، وتتقربون بها لأمره ، تذبحونها وتذكرون اسم الله عليها ، وتنتفعون بها ، ومع ذلك تؤجرون عليها ( لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) فأي فضل أعظم من هذا الفضل ،
أيها المسلمون : أبشركم أنكم على سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أعظم التمسك بها في مثل هذا اليوم ، الْبَرَاءِ بن عازب رضي الله عنه يروي لكم هذا الحديث وهو في الصحيحين قال رضي الله عنه : "خَطَبَنَا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْرِ فقال: " إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا "
فإذا انقلبتم من مصلاكم ، فضحوا تقبل الله تعالى ضحاياكم ، وكبروا الله تعالى كما هداكم ، واشكروه على ما أعطاكم ، فإن ربكم غني عنكم ، وأنتم الفقراء إليه ، فاطلبوا فضله ومغفرته ، ولطفه ورحمته ،
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: لا هداية أعظم من الهداية للحق المبين، ولا حسد أكبر من الحسد على الدين ، فاحمدوا الله الذي هداكم لما ضل عنه الضالون ووفقكم لما زاغ عنه الكافرون أنتم في نعمة قد حسدكم أهل الكتاب عليها ، وهم يملكون ثروات الدنيا ، حسدوكم على دينكم وعلى قبلتكم وعلى شعائركم وعلى أعيادكم حسدوكم على اجتماعكم هذا ، وعلى عيدكم وحجكم (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ)
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن اليهود قوم حسد وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين" رواه ابن ماجه وصححه ابن خزيمة.
أيها المسلمون : هذه الأمة محسودة على دينها ، أنت محسود على ترددك على بيت الله ، واستقبالك لقبلة الله ، وحفاظك على الصلوات المكتوبة ، والزكوات المفروضة ، أنت محسود على الصيام والقيام ، محسود أن يختم لك بالتوحيد والخاتمة الحسنة ، ويختم لهم بالشرك والضلال وخاتمة السوء والعياذ بالله ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ) ، هؤلاء الكفار وأذنابهم من سائر المنافقين ، تتقطع قلوبهم من الغيظ ، وتذوب نفوسهم كمدا وحسدا على هداية الله تعالى لنا ، ( قل موتوا بغيظكم ) وما نسمعه وما نقرؤه من طعن الكفار والمنافقين في ديننا وحملته ، ومحاولة توهينه في نفوس الناس ، و تحريفه بإباحة ما حرم الله تعالى ، و صدّ الناس عنه ، كل هذا من الحقد والحسد لهذه الأمة الذي امتلأت به قلوبهم ، وفاضت به نفوسهم ، وعجزوا عن كتمه وكبته ، ففاضت به أقوالهم ، وساحت به أقلامهم في الفضائيات والإنترنت والصحف والمجلات ، إنهم يحسدونكم على ما هداكم الله إليه ، يريدون تشويه الدين في أعينكم ، والتقليل من التمسك بالسنة في نفوسكم ، والتقليل من شأن العلماء الراسخين في العلم ، والحيلولة بينكم وبينهم ، والتقليل من شأن طاعة الله والرسول وأولي الأمر منكم ، فلا يخلوا مرور شمس ولا قمر فوق رؤوسكم من كتاباتهم المغرضة ، متمسحين بتسامح تنخنع فيه العفة بالرذيلة ومستنقع ينغمس فيه الحق بالباطل ، فكيف تتساوي الضلالة والهدى ، والكفر والإيمان، والبدعة والسنة ، والطاعة والمعصية ، ( ولكم الويل مما تصفون )
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
إن أهلَ الإسلام يا أهل الإسلام : محسودون من شتى الملل والنحل وإن أهلَ السنة والجماعة محسودون من سائر الطوائف الأخرى ، لأن أهل السنة والجماعة هم المتمسكون بحقيقة الإسلام لا برسومه ، المقيمون على أرضه وتحت شمسه وقمره ونجومه ، لأنكم المستمسكون بوصية النبي عليه الصلاة والسلام ، العاضون على سنته بالنواجذ ، قال عليه الصلاة والسلام ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) ولله الفضل والمنة ، أنكم بالحق مستمسكون ، وعلى خطى نبيكم سائرون ، فاحمدوا الله واشكروه ، واذكروه وكبروه ،
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون : إن أرباب البدع وأصحاب الانحراف الفكري والفساد الأخلاقي يريدون طمس السنة ونشر البدعة وبث الفساد في أوساطنا ، ورفع الحياء والعفاف من نسائنا ، وزعزعة أمننا واستقرارنا والإفساد في بلادنا ، واضطراب أحوالنا ، ردّ الله تعالى كيدهم في نحورهم ، وشفى صدور أهل الحق منهم ، وحفظ البلاد والعباد من شرهم ، إنه سميع مجيب. بارك الله لنا بالقرآن ، وحمانا الله وإياكم من الزيغ والخسران ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين .
الثانية
الحمد لله والله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الحمد لله الذي يكافيء على الحمد حمداً وفضلاً، ويكافئ على الشكر زيادة وبِرَّا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أيتها النساء : أيتها المرأة المسلمة ، أيتها المؤمنة المحشومة : اعلمي أن هؤلاء الأعداء الحاقدين قد أجمعوا أمرهم ، وأشهروا سلاح مكرهم وكيدهم ، يبتغون ما نحن فيه من نعمة ، وما تتبوؤه المرأة من مكانة ، فأنت الأم التي يجب برها ، وأنت الأخت التي تجب صلتها ، وأنت البنت التي تجب رعايتها ، وأنت الزوجة التي تجب عشرتها وصيانتها ، أنت المرأة التي أوجب الإسلام علينا معاشر الرجال رعايتها والحفاظ عليها والقيام على شؤونها ، هؤلاء الأعداء ومن هم على شاكلتهم من مرضى الشهوة ، لا يريدونك كذلك ، إنهم يريدون إنزالك من هذه المكانة السامقة ، والمرتقى الصعب ، باسم تحرير المرأة ، ليتخلى عنك وليك ، ويغيب عنك حاميك ، وتكونين حرة ، تذهبين وتأتين دون ولي يرعاك ، ليسهل على هذا المريض الوصول إليك ، أتظنين أن هؤلاء يصونون لك عرضا ، أو يحفظون لك حقا ،
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
أيتها المصونة : لقد أجلبوا بخيلهم ورجلهم ، وها أنت ترين في القنوات من السافرات المتبرجات ، ما تتأسفين لحالهن ، فهاهم ينشرون ثقافة الاختلاط ، وشريعة الفساد ، وإخراج المرأة من أحكام الإسلام ، إلى حبائل الإستسلام ، ولا يغرنك من غير شريعة الله وضرب المحكم بالمتشابه ، وركب شواذ الأقوال ومنكرها ، ليحقق لهم المآرب في إفساد الناس ، فالحذر الحذر منهم ، فإن الله تعالى قد قال في أشباههم من أهل الكتاب (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ الله لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) وقال قدوتك وأسوتك محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم : " إذا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سمى الله فَاحْذَرُوهُمْ " رواه البخاري ومسلم
فتمسكي بدينك وحجابك وعفافك ، وابتعدي عن مخالطة الرجال وفتنتهم والفتنة بهم ، فإن الله تعالى سائلك عن نفسك ، ولن ينفعك يوم القيامة إلا ثباتك على دينك وعفتك ، حفظك الله تعالى بحفظه ، وأسبغ عليك ستره ، وكفاك ونساء المسلمين شر المفسدين والمفسدات ، إنه سميع مجيب.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: أظهروا الفرح والسرور بما أنعم الله تعالى به عليكم ، فعاد عيدكم أيها المسلمون ، وعساكم من عواده ، وأعاده الله تعالى علينا وعليكم وعلى المسلمين باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال..
(إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
المفضلات