مساكم الله بالخير
تعتبر البحار مكانا مثاليا للمراوح الهوائية المولدة للطاقة الكهربائية بسبب قوة هبوب رياحها. ولتثبيت هذه المراوح العملاقة طور العلماء الألمان جزيرة عائمة يبلغ طولها 70 مترا وعرضها 40 مترا وهي أحدث سفينة من نوعها في العالم.
مع ازدياد الإقبال على الطاقات المتجددة، يتوقع الخبراء أن يتم تركيب حوالي 800 مروحة هوائية في البحار سنويا. لكن المشكلة تكمن في صعوبة تثبيت الجيل الجديد من هذه المراوح في عرض البحر، لأنها من الضخامة بحيث لم يعد بوسع السفن العادية القيام بهذه المهمة، خاصة إذا كان البحر هائجا. لهذا الغرض تم تصميم "جزيرة عائمة" تستطيع تثبيت أقدامها الأربع في قاع البحر والعمل مهما كان الموج عاتيا.
ويقول تيو بيركودر، رئيس فريق المهندسين الذي أشرف على تطوير الجزيرة العائمة، إن أرجل السفينة هي عبارة عن اسطوانات مصنوعة من الحديد الصلب "يبلغ قطر الاسطوانة الواحدة ثلاثة أمتار وسبعين سنتيمترا". وبهذه الاسطوانات تستطيع السفينة تثبيت "أقدامها" في قاع البحر.
وقد أطلق على الجزيرة العائمة اسم "ثور" الذي هو إله الرعد القديم عند الشعوب الجرمانية قبل اعتناقها المسيحية. مهمة السفينة التي بنيت في مدينة دانتيسغ البولندية هي تركيب الجيل الجديد من المراوح الهوائية العملاقة في البحر حيث يمكن إنتاج طاقة كهربائية تزيد بمقدار 40 بالمائة عما هو ممكن على اليابسة. ولكي تتمكن السفينة من تثبيت المراوح العملاقة في قاع البحر تم تزويدها بأربع أرجل يصل طول الواحدة منها، وقت الحاجة، إلى 83 مترا. وطبعا يستهلك تحريك هذه الاسطوانات كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية يتم توليدها وهي مهمة تتولاها محركات الديزل الموجودة على متن السفينة. كما يوجد عليها 10 مضخات هيدروليكية قادرة على تحريك الاسطوانات/ الأرجل بمعدل متر واحد في الدقيقة. "وهذه سرعة خيالية لأننا نحرك بذلك 9000 طن من الماء بسرعة متر في الدقيقة." كما يقول المهندس بيركودر.
"ثور" تنجز أول مهمة لها في بحر الشمال
تستطيع سفينة "ثور" الرسو في مياه يصل عمقها إلى 50 مترا وتتولى الاسطوانات رفع السفينة إلى عشرين مترا فوق سطح البحر، وهذا ارتفاع كاف كي تصمد السفينة أمام عاصفة بحرية قوية. كما أن قمرة القيادة مزودة بأحدث أجهزة الملاحة البحرية ونظام تحديد المواقع بالأقمار الصناعية. ويقول القبطان شتيفين مولر إن هذه الأنظمة تساعد "على تسيير السفينة إلى الموقع المطلوب بنسبة خطأ لا تتعدى مترا واحدا".
ويضيف مولر بأن السفينة مزودة بأجهزة تتيح إمكانية التحكم بالاسطوانات الأربع كل على حدة، أي أن السفينة لا ترتفع أو تهبط مثل المصعد الكهربائي بل يلزم تحريك كل قدم بشكل منفرد. أما الرافعة "الونش" التي تتولى رفع مراوح الهواء العملاقة فقد تم صنعها بمزايا خاصة كما يقول المهندس بيركودر بحيث "تستطيع رفع 400 طن، وعند استعمال الذراع القصيرة يمكنها رفع حمولة تصل إلى 500 طن".
في السادس من أيار مايو تم تدشين السفينة "ثور" في ميناء هامبورغ وسوف تبحر قبل نهاية الشهر الجاري إلى بحر الشمال في أول مهمة لها لتركيب مراوح هوائية عملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية من قوة الرياح.
المفضلات