النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: خطبة جمعة بعنوان صفتي الوفاء والغدر في الناس

  1. #1
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,693
    المشاركات
    1,693

    خطبة جمعة بعنوان صفتي الوفاء والغدر في الناس



    خطبة جمعة بعنوان صفتي الوفاء والغدر في الناس
    عبدالله بن فهد الواكد
    إمام وخطيب جامع الواكد بحائل

    الخطبة الأولى
    أيها الأحبة المسلمون : الثقة بين الناس صفة محمودة، تطمئن إليها النفوس، وترتاح لها القلوب، وكل من اتصف بهذه الصفة صار ثقة محبوبا عند الناس، مقربا لديهم ، مأمونا في أقواله وأفعاله ومعاملاته ، وبقدر ما يكون ثقة أمينًا فإنه يكون أهلاً يُعتَمَد عليه بعد الله تعالى في كل شيء ، فإذا تزعزعت هذه الصفة وزالت ، إهتزت مكانته عند الناس ، وابتعد الناس عنه ، وحذروا من التعامل معه ، وأصبح الناس لا يأمنون غدره وانقلابه.
    والمرء أيها الناس : إذا كان معدوم الثقة تنقطع عنه الروابط الأخوية والعلاقات الاجتماعية ، فلا يؤمن له جانب ، لا في عرض ولا مال ولا غير ذلك من ضروريات الحياة الأخرى ، لأن الخيانة ديدنه ، والغدر صفته وعادته ، يبيعك بأقل ثمن ، ويروغ عنك لأتفه سبب ، لا يتردد في إلقائك في المهالك والحفر ، ولا يتورع عن وصفك بأقبح الصفات ونعتك بأبشع الألفاظ ، من أجل مصلحة من مصالحه ، فلا تطمئن لصداقته ، ولا ترتاح لتظاهره بحسن علاقته ، لذلك أيها المسلمون : كانت صفة الغدر من الصفات القبيحة التي ذمها الإسلام ، ومن الخلال الذميمة التي حذر منها أشرف الأنام .
    قال تعالى: ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ) ، وقال جل وعلا: ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً )
    وأعظم الغدر قبحا ، أن ينقض الإنسان العهد الذي بينه وبين خالقه ، بينه وبين الذي أوجده من العدم ، وَأَدَرَّ عليه الخيراتِ والنعم ، ثم هو في كل مرةٍ لا يفي بما وعد ، ولا يُتِم ما به التزم وتعهد ، فكم من أناس عاهدوا الله لزوم الطاعة ، ولزوم الجماعة ، وعاهدوا الرزاق ، على البذل والإنفاق ، وعاهدوا الحكيم العليم ، على الإذعان والتسليم ، فما أوفوا بوعودهم وما التزموا بعهودهم ، بعدما من الله عليهم بالصحة والعافية ، وبالسلامة والنجاة ، وبالغنى والمال ، أعطاهم الله ما سألوه ، ولم يوفوه ما عاهدوه
    ومن اتصف بذلك فإنه على حالٍ خطيرة ، قال تعالى: ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )
    أيها المسلمون : إن الغدر صفة ذميمة وممقوتة ، ولا أدلّ على ذلك ، من أن الخالق ، هو خصمه يوم يبعث الخلائق ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجره)) رواه البخاري. ومن كان الله تعالى خصمه فقد وقع في أحقر موقف وأذل صورة وأخزى حال ، إذ هو أمام رب العالمين وأحكم الحاكمين.
    ولقد عاقب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغادرين بعقوبة قاسية أليمة ، فعن أنس بن مالك أن أناسًا قدموا على رسول الله المدينة فاجتووها ـ أي: استوخموها فلم تناسبهم واعتلت صحتهم ـ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ) ، ففعلوا وانطلقوا إليها ، فشربوا من أبوالها وألبانها ، حتى صحوا وسمنوا فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الإبل ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعث في آثارهم وأتى بهم ، فأمر أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، ثم أمر بسمر أعينهم، وطرحهم في الحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتوا. رواه البخاري ومسلم.
    أنزل بهؤلاء هذه العقوبة الصارمة جزاء غدرهم ومقابلتهم الإحسان بالإساءة والمعروف بالنكران، ولعذاب الآخرة أخزى وأشد.
    ولو لم يكن في الغدر والخيانة وعدم الوفاء بالعهد إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّ ذلك من صفات المنافقين لكفى ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر )) رواه البخاري ومسلم.
    ومما يدل على شؤم الغدر وسوء عاقبته أن الله تعالى يفضح صاحبه على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يُرفع لكل غادر لواء، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان)) متفق عليه ،
    فتكون عقوبته في ذلك الموقف العظيم ، التشهير بخيانته وإعلان غدره ونشر فضيحته أمام أهل الموقف، حتى يُعرف بذلك ويُذم بينهم نسأل الله لنا ولكم السلامة ، وأما المؤمنون الصادقون ، الموفون بعهودهم فقد أثنى الله عز وجل عليهم في كتابه فقال سبحانه ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم


    الثانية

    أيها الإخوة في الله : نعوذ بالله من الغدر وأهله ، كلما انتشر الغدر بين الناس وشاع بينهم نقضُ العهد وعَدَمُ الوفاء به أدى ذلك إلى تفكك المجتمع واضطرابه ، وفقدان الثقة بين أفراده ، وعدم اطمئنان بعضهم لبعض ، وتناؤوا عن روابط الألفة والتماسك فيما بينهم ،
    روى بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم ، ولا ظهرت الفاحشة في قومٍ إلا سُلط عليهم الموت ، ولا منع قوم الزكاة إلا حُبس عنهم القطر)) رواه الطبراني.
    أيها المسلمون : إذا سادت الثقة بين الناس ، وأمن بعضهم بعضا ، والتزموا الوفاء بما عليهم ، ساد الخير والمعروف بينهم ، وصارت قلوبهم صافية ، ونواياهم سليمة ، ووفقهم الله لكل خير ، وحرسهم الله من كل سوء ،
    ألا وصلوا وسلموا على خير من وفى العقود ، وأتم العهود ، صاحب الحوض المورود ، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا



    الملفات المرفقة


  2. #2
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    كم نحتاجها هذه الخطبة
    كم نفتقد اليها
    في زمن انتفى فيه الوفاء وكثر الغدر
    الوفاء من أخلاق المسلم وبدأ يتساقط مع بقية الأشياء التي تساقطت فلم يبق منه سوى ذكرى إنسان
    ومع ذلك لا يأس من هذه الأمة التي لازلت فتية ولازال أبناءها يستشعرون الاخلاق الاسلامية
    فمع كل حلول ظلام هناك بشائر بأن القادم نهار آخر.
    جزاك الله خيراً شيخنا الواكد
    لنشر هذه الخطبة القيمة والمفيدة
    وحفظك الله ورعاك



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #3
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    بارك الله فيك شيخنا الفاضل










  4. #4

    [ عـشـق بــدوي ]

    الصورة الرمزية طلال


    تاريخ التسجيل
    04 2008
    الدولة
    حائل
    العمر
    38
    المشاركات
    4,578
    المشاركات
    4,578


    ابو فهد

    يشهد الله أني أحبك فيه

    ما أجمل فكرك و اختيارك لـ الخطب ، سهل جداً أن نستفيد بدون تعقيد في اللغة

    جزاك الله ألف خير

    ..



    كل عام و انتم بخير



  5. #5
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,693
    المشاركات
    1,693


    بنتي الكريمة الفاضلة شام

    لا يزال في الناس الكرام مخزون الخير
    وهم كثيرون بفضل الله ولكن هذه الإفرازات السيئة والمظاهر الساقطة والسلوك غير اللائق
    وجوده في المجتمعات حتمي حتى في أطهر القرون وأفضل الأزمنة زمن النبوة وجدت هذه السلبيات
    لأن الله عز وجل قال ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) فلا بد لكسب الحسنات واكتساب السيئات من هذه الدولبة
    فعمل الخير وعمل الشر والدعوة للخير والفضيلة والحق والدعوة للشر والرذيلة والباطل وكل ماهو على سياق ذلك أوعية تجمع بها الحسنات والسيات
    ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ، ولو شاء الله لجمع الناس على الهدى ، ولكن هذه حكمة الله من الخلق كله وحكمته من خلق الجنة والنار
    ولكن الصفات الحميدة والخلال الذميمة مثل النباتات كل نبات ينمو ويستطيل ويستغلظ ويستوي على سوقه في زمنه وموسمه
    وهذا لا يعني زوال النبات الطيب وهلاكه وانحساره ولكنه كامن وقابع في حبه ونواه حتى يأتي وقته وزمانه وموسمه

    أبشري فالخير قادم بإذن الله ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )

    بارك الله فيك





  6. #6
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,693
    المشاركات
    1,693


    وبك بارك الله يا أبا ضاري وحفظك الباري من كل سوء وشر وبلاء وفتنة

    أشكر لك حضورك الكريم يا أيها الفاضل الكريم





  7. #7
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,693
    المشاركات
    1,693


    أخي الكريم وإبني الفاضل طلال حفظك الله

    وأحبك الله الذي أحببتنا فيه

    تشرف المكان والزمان بمرورك العطر وأسلوبك المطر

    أبلغ سلامي بيت الفضيلة والشهامة والمروءة الذي تربيت في أكنافه

    وعلى رأسهم والدنا أبو نومان

    أخوك المليء قلبه بمحبتك





معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة جمعة بعنوان ( الصبر )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-03-2011, 08:59
  2. خطبة جمعة بعنوان ( تحت ودق السحاب )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 16-05-2009, 15:04
  3. خطبة جمعة بعنوان ( تحت ودق السحاب )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة مسموعة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-05-2009, 17:16
  4. خطبة جمعة بعنوان ( الصبر )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة مسموعة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2009, 20:08
  5. خطبة جمعة عبيد بن عساف الطوياوي بعنوان : الإصلاح بين الناس
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-02-2007, 00:59

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته