النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: جبّارون في مجتمع معيق

  1. #1
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78

    رسالة جبّارون في مجتمع معيق








    قد أكون محطمة، لكني لست مهزومة».. صرخت نيفين ابنة الثامنة عشر عاماً في المستشفى بعد حادث أليم أقعدها في الفراش مدى الحياة، بينما اقتنع مروان بعد معاناته مع مرض السكري وفقده البصر منذ سني الطفولة المبكرة أنه لا عوق مع الأمل ولا أمل من دون إرادة وفعل، ثم انطلق في دراسته وأكمل نجاحه ليصبح مدرِّساً في معهد للمكفوفين.. قال



    كنان يوماً في غرفته المعتمة: «ليت الإعاقة لم تسلب جزءاً من صفاتي الآدمية وتكويناتي الطبيعية، لكنت أفضل».. وندبت أمٌّ حظها وحظ ابنتها الذي تعثَّر بفعل السماء أو الأرض أو كلتيهما.. لا أحد يعرف؟.. وفراس الأصم والأبكم اشتكى اضطهاده في مجتمعه الذي لايعترف بإنسانيته مسلوبة الحواس والحقوق، وقال: «لم أدرك حتى الآن ما وجه الشبه بين الإعاقة والحرمان؛ أهي ما تبرِّر حرماني من أبسط الحقوق تحت حجج وذرائع مختلفة يختبئ التخلُّف والجهل المجتمعي في طيّاتها».. ماذا لو وضع أحدنا نفسه مكان هؤلاء؛ مكان أيّ شخص سبق ذكره، بالطبع ستتغيَّر أحكامه. وماذا لو عرفنا أنَّ نسبة المعاقين في سورية تبلغ 10 % من تعداد السكان- بحسب أقل تقدير لمنظمة الصحة العالمية- قد يصاب الجميع بالذهول عند معرفة أنَّ مليوني معاق سوري يتنفَّسون بصمت الهواء نفسه الذي نتفَّسه، وهناك مَن يتمنَّى لو كان آخر مرة يتنفَّس فيها هذا الهواء؛ لا لأنَّ نظرة المجتمع ستتراوح بين الشفقة والعطف أحياناً والخجل أحياناً أخرى، بل لأنَّ أهله قد يخفون وجوده ضمن الأسرة, وكأنه وصمة عار أبدية، ولا يدركون في أغلب إعاقات أبنائهم أنهم السبب المباشر لذنب اقترفوه. .ودفع أبناؤهم ثمنه غالياً.

    ¶ خدمات تخطَّت الـ34

    حدَّد القانون 34 للعام 2004 نوعية الخدمات المقدَّمة لذوي الإعاقة في المجال الصحي عن طريق الاهتمام بالخدمات الوقائية والعلاجية وتعزيز أقسام الطب الفيزيائي.
    وفي المجال التربوي أو التعليمي أو الرياضي؛ من خلال توفير التربية والرعاية المناسبة للأطفال المعاقين، وتقديم التسهيلات الممكنة لهم لاحقاً إبان دراستهم الجامعية.
    وفي مجال التأهيل والعمل، منح القانون المعاق أفضلية الاستفادة من القروض والإعفاءات من الرسوم، وتحفيز القطاع الخاص على الاستفادة من خدماتهم في مجال العمل. إضافة إلى تخصيص 5 % من البنية التحتية الإنشائية للمعاقين.
    كما حضَّ القانون وزارة الاتصالات والتقانة على توفير معدات وأجهزة ملائمة للمعاقين. وتمَّ تخصيص أراضٍ مجانية من أملاك الدولة لإحداث المعاهد عليها.. وتحديد مقاعد للمعاقين في وسائل النقل العام، وتخفيض بنسبة 50 % من الأجور المترتِّبة على استخدام المعاق ومرافقه وسائط النقل الجماعية والبرية والبحرية، والجوية أيضاً.
    وفي مجال الإعلام والتوعية، تحدَّث القانون عن أهمية إعداد البرامج الهادفة للتعريف بالإعاقة وأسبابها والوقاية منها. وفي ما يتعلَّق بوزارتي المالية والثقافة، فقد أشار القانون إلى إعفاء المعاق من رسم الطابع في معاملاته الشخصية، وإعفاء المعاق من رسم دخول الأماكن العامة، الأثرية أو الثقافية.
    كما نصَّ القانون على منح وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إعانات للأسر الفقيرة.
    دعم المرسوم 34، المعاقَ على حدِّ قول برهان السيد عبيد (مصاب بشلل الأطفال) الذي يعمل حالياً موزِّعاً لدى الأمم المتحدة، وتكفَّل به من المهد إلى اللحد؛ سواء على مستوى التشغيل أم الطبابة أم التعليم والإنشاءات الهندسية، حيث أكَّد على نقابة المهندسين الالتزام بعدم إنهاء إجراءات أيِّ رخصة بناء دون الأخذ في الاعتبار

    كلّ الإعاقات، لكنه- ومن أسف- بقي حبراً على ورق، ولم تحمل بنوده صفة الإلزام لأيِّ جهة من الجهات المذكورة، وبقي تطبيقه عرضة لأهواء لا مركزية هذه الوزارات. وربما ولد هذا القانون في العام 2004 مترهِّلاً يفتقد روح التطبيق والإلزام. وأهم ما حقَّقه هو نقل قضية المعوقين من قضية وزارة إلى قضية مجتمع يشمل قطاعات الحكومة والمجتمع الأهلي والقطاع الخاص، واكتشفت كلُّ جهة بعد 5 سنوات من تطبيق القانون نقاط الضعف فيه، وحالياً تقف الاجتماعات الدورية الشهرية لضباط الارتباط الممثلين عن كلِّ هذه الجهات على جوهر القانون وعيوبه وبحث إمكانية تعديله.


    للمعاق حقوق.. كما الواجبات
    حرص المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان في الربع الأخير من القرن الماضي، على أن يأخذ المعوق نصيبه من الرعاية والاهتمام والحقوق والواجبات، فأصدرت الأمم المتحدة إعلان حقوق المعاقين عقلياً في العام 1971، وإعلان حقوق المعوقين في العام 1975، كما أعلنت العام الدولي للمعاقين في العام 1981.
    والمفهوم الواسع للإعاقة- على حدِّ قول المحامي نبيل لطوف- يحتّم وجود إعاقة قد تكون ظاهرية أو باطنية لا تظهر على الأشخاص من غير المعاقين، والجهل بمفهوم الإعاقة يتحمَّل مسؤوليته الإعلام بأنواعه؛ للتقصير في توعية المجتمع بضرورة الدمج، لا سيما عندما تتضاعف الإعاقة الجسدية وتتحوَّل إلى إعاقة نفسية أيضاً عند عزل المعاق ليكون بمثابة الموت البطيء بالنسبة إليه.



    ¶ مشاركة روحية
    3 ساعات ونصف من السير على الأقدام والاحتفال، في يوم الكفيف العالمي عام 2006، حيث شارك في الاحتفال مَن لا يبصرون النور، ومَن يمشون على العكازات، ومنهم مَن رافقته كرسيّه التي يقودها أحد ذويه، حتى المبصر حاول المشاركة وأغمض عينه بأقمشة سوداء لاقتسام عتمة الكفيفين ولو لبضع ساعات من حياتهم المظلمة.
    وهو يوم ما زال يذكره تماماً برهان عبيد بكلِّ تفاصيله، لا لأنه كان يوماً مميَّزاً في حياته، وإنما لأنه يوم أعاد ثقة الكفيف والمشلول والأصم والأبكم بمجتمعهم وسمح بدمجهم مع أبناء جيلهم الأصحاء (في نظرهم) لساعات قليلة، ليقمع أفكار كثر ممن ينتمون إلى هذا المجتمع الكبير، الذين لا يصدِّقون أن يكون المعوق موجوداً في أمكنة أخرى غير قارعات الطرقات أو غرف المنازل المظلمة، ولا يتوقَّعون أن يتقن أعمالاً أخرى غير التسوُّل وطلب المساعدة .

    ¶ كفيف.. لكنني أرى
    بعد تخرُّج الدكتور أحمد في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين، واصل دراسته وحصل على شهادات عليا في كلية الآداب، وهو حالياً يدرس في جامعة البعث.. يشكِّل أحمد مع مجموعة من مكفوفي البصر مثله، مثالاً لأشخاص منسجمين مع أنفسهم ومجتمعهم، وقادرين على العطاء وتعويض نقص حاسة بصرهم بقوة بصيرتهم، وأهم ما يميِّزهم أنهم متحدّثون وقدرتهم اللغوية عالية نتيجة تجاوزهم عقبة «العين مغرفة الكلام» التي تعيق حديث المبصرين. وطموحات 300 طالب، بعضهم يدرس وبعضهم الآخر يسكن في غرف المعهد مع سنوات دراسته، كبيرة جداً إلى حدٍّ يفوق أعمارهم الصغيرة، ويتخطَّى واقعهم الأسري الذي يرفض بنسبة 50 % عودتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء دراستهم الثانوية، ويعتبرون المعهد بمثابة مأوى لأبنائهم مدى الحياة.

    ¶ محامٍ بحاجة إلى مَن يدافع عنه..
    شريحة الأوساط الضعيفة التي ترى في نظرة المجتمع والأشخاص المحيطين بها، ظلماً لا نهاية له، وكأن الإعاقة عيب أو عار يرافق المعاق طوال حياته؛ ليست بالقليلة، ولا أمل يغيِّر هذا الواقع الأليم طالما لم تتغيَّر هذه النظرة. وما المحامي نبيل لطوف الذي تخرَّج في العام 1993 في كلية الحقوق سوى خير دليل على ذلك حيث يعمل حالياً في منطقة «التجارة»، في محل اتصالات؛ حيث لم تقبل نقابة المحامين انتسابه إليها لوجود بند في الإجراءات التنفيذية يشترط خلوّ المنتسب من الأمراض والعاهات التي تمنع مزاولته المهنة، علماً بأنَّ هناك تجاوزات كثيرة في موضوع الانتساب- بحسب لطوف- فالكثير من المكفوفين منتسبون ويعملون في شهاداتهم. والمحاماة- في رأيه- مهنة ذهنية لا تحتاج إلى مجهود جسدي، ويجب أن يعطى المعاق فرصة لمزاولة المهنة، ومن الظلم أن يحكم شخص على شريحة كاملة قبل تجربة عملها، من هذا المنطلق بقي المحامي نبيل متمسِّكاً بأمله في العمل، فرغم رفض النقابة والمكاتب الحقوقية تدريبه، تسلَّم 18 قضية من الدرجة الأولى، وربحها جميعها.

    ¶ بطاقة.. أنا معاق
    أسَّس برهان السيد عبيد مع مجموعة من المعوقين المصابين بشلل الأطفال مسرحاً للمعوقين، شرح من خلاله كيفية حدوث إعاقة شلل الأطفال، وهو من خريجي قسم الصحافة. وأسَّس فيما مضى مجلة «السنابل» للمعوقين، وترشَّح لمرتين متتاليتين لعضوية مجلس الشعب، سعياً منه إلى تفعيل القوانين الخاصة بالمعوقين في المجلس، وإيماناً منه بأنَّ دعم المعوقين مادياً ومعنوياً يحوِّلهم من أشخاص اتّكاليين وسلبيين إلى فاعلين ومنتجين في المجتمع، ولم يكن ما ورد في مادة المرسوم التي قرَّرت على جميع الشركات سواء القطاع الخاص أم العام توظيف 4 % من كوادرها العاملة، عبثاً، لولا قدرة بعض المعوقين الفعلية على العمل والنجاح؛ الذي أبرز- وبلا شك- رغبة بعض الشركات الحقيقية في إدماج المعوقين بسوق العمل، وتحويلهم إلى قوة خلاقة.. لكن في مجال لا يتَّسع إلا لعدد قليل من آلاف المعوقين الذين لم ولن تشملهم نسبة الـ4% الواردة في القانون رقم 34 /2004، الذي تحوَّل إلى متاهة في تعليماته التنفيذية، وذهبت بنوده أدراج الرياح، ولم يحظَ بأيِّ أهمية أو تطبيق يُذكر، سوى عمل بطاقات ساذجة للمعوقين، تثبت فقط أنهم معاقون، ودون أن تحمل على ظهرها الامتيازات التي تحقُّ للمعوقين بموجب القانون رقم 34. وعلى الرغم من أنَّ القانون رقم 34/2004 حدَّد نسبة توظيف المعوقين في الوزارات بـ 4 % من عدد الموظفين في ملاكها، وشجَّع القطاع الخاص الذي يقوم بتشغيل المعوقين على إعفائهم من جزء من الضرائب، إلا أنَّ سوق العمل في مختلف قطاعاتها (الحكومي، والخاص، والمشترك) لا تزال تقصي المعوقين إقصاء تاماً، وتمارس- كجزء من السياسة العامة- عملية عزل المعوقين- بقصد أو بغير قصد- عن مشاريع التنمية والنهوض الاجتماعي والاقتصادي، ولايزال عمل المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية يسير ببطء شديد في ما يتعلَّق بحقوق المعوقين ودمجهم الكلي في المجتمع. بينما صنَّف مدير الخدما ت الاجتماعية، ماهر رزق، المشاكل التي يتعرَّض لها الأشخاص ذوو الإعاقة في العمل، إلى مشاكل ذاتية تتعلَّق بالأشخاص ذوي الإعاقة لعدم وجود تأهيل مهني أو تحصيل علمي يتناسب مع متطلبات سوق العمل، ومشاكل أخرى تتعلَّق ببيئة العمل والبنى التحتية للعمل.
    وبما أنَّ النسبة الكبرى من المعاقين ليست لديها مؤهلات علمية أو كفاءات علمية، فإنَّ هذا يجعلها جزءاً من مشكلة البطالة التي تعاني منها سورية.

    ¶ معاناة تولِّد إبداعاً
    يعتبر مدير الخدمات الاجتماعية، ماهر رزق، أنَّ الإعاقة والمعاناة إما تولِّد إبداعاً أو تسوُّلاً، وما الدكتور حازم إبراهيم سوى أنموذج يحتذى في الإصرار وقوة الإرادة، حيث لم يمنعه عجزه عن المشي من إتمام دراسته والحصول على شهادات عليا في الترجمة، ليصبح فيما بعد عضواً في المجلس المركزي ومن الناشطين في مجال الإعاقة.. كذلك الأمر بالنسبة إلى أصمٍّ له اختراعات في مجال الأجهزة السمعية، بالإضافة إلى مدرسين مكفوفين يحملون إجازات في اختصاصات علمية متنوعة ويعملون في التدريس في معهد الإعاقة البصرية، على الرغم من أنَّ التميُّز في الأصل حالة نادرة.
    والخطة الوطنية التي وضعت في العام 2008 كانت بمثابة تعديل للقانون 34 والنقطة الفاصلة حالياً- على حدِّ تعبير ماهر رزق- هي مسح الإعاقة من حيث الحجم والتوزع الجغرافي والعمري؛ حيث يمكن من خلال هذا المسح حصر الاحتياجات والوقوف على ثغرات القانون التي ظهرت بعد التطبيق؛ كأن نكثِّف التوعية بمخاطر زواج الأقارب، ونضع شروطاً تحدُّ من حدوثه في مناطق انتشار زواج الأقارب، كإقامة مراكز لفحص ما قبل الزواج. وحالياً يتمُّ احتساب التكلفة والإجراءات والكوادر البشرية اللازمة لاختيار نوع المسح، لأنَّ المسوحات المباشرة التي اتُّبعت سابقاً أثبتت فشلها، لسببين رئيسين؛ أحدهما إخفاء حالات الإعاقة تحت ذريعة الخجل الاجتماعي وتعاطيهم مع القضية بشكل سلبي، والآخر يعود إلى تركيز الجهات المنفِّذة للمسح على الإعاقات الشديدة وإهمال الإعاقات المتوسطة أو الخفيفة التي يمكن علاجها. وتمَّت الاستعانة بأحدث التجارب العالمية في وضع الإستمارة على أساس البحث، مع مراعاة البعد المحلي، ومن المقرَّر أن ينتهي إنجاز المسح في العام 2010.

    ¶ زيادة عشرة أضعاف
    انتهى العام 2009 ولم تأخذ جميع عائلات الشلل الدماغي كلّ إعاناتها بسبب الفهم الخاطئ لمبدأ الإعانة التي فُهمت بمثابة راتب شهري، والحقيقة- كما أوضحها رزق- بيَّنت أنَّ الكتلة المالية التي وضعتها وزارة المالية بالتعاون مع وزارة الشؤون لـ2623 عائلة سورية، كان من المقرَّر أن تكون شهرية لولا تضاعف العدد عشر مرات إضافية؛ حيث وصل العدد إلى 33 ألف أسرة. فتحوَّلت الإعانة من شهرية إلى سنوية نتيجة أخطاء الاعتماد على إحصاءات تعداد السكان العامة، وعدم تعاون المواطنين معها، على الرغم من اقتناع رزق بعدم جدوى الإعانة، لأنها لن تحقِّق هدفها؛ وهو الدمج والاستفادة من طاقة المعوق، وكان من الممكن الاستفادة من المبلغ في إنشاء مراكز تأهيلية تقدِّم خدمات عينية وتوعوية، خصوصاً أنه لاتوجد دولة في العالم تعطي إعانات للمعوقين.
    ¶ تأهيل مجتمعي.. ودرامي
    يعتقد متخصِّصون في الدراسات الاجتماعية والإنسانية، أنَّ تأهيل المعاق ودمجه في المجتمع يشكِّل خطوة على الطريق الصحيح باتجاه تحصيل حقه في الحياة وفق قواعد الكرامة والعدالة الاجتماعية، لذلك اقترحت مجموعة ممن التقتهم «بلدنا « أن يتمَّ تخصيص زاوية شهرية في الإذاعة والتلفزيون تسلِّط الضوء على قضايا المعاقين من جهة وتركِّز على نشر التوعية في المجتمع من جهة أخرى بضرورة الدمج. بينما أشار ماهر رزق إلى برنامج «CBR» وهو جزء من الخطة الوطنية للإعاقة للتأهيل مجتمعي، وهو مشروع قديم جديد تأسَّست فروع له في المحافظات، ويضمُّ ممثلين عن وزارة الشؤون والصحة والتربية، إضافة إلى جمعيات أهلية للإعاقة، ويتناول قضية الإعاقة- منذ البداية- من قاعدة المجتمع للوصول إلى نتائج أفضل ودمج أسهل، سواء الدمج التربوي في المدارس التابعة لوزارة التربية أم الدمج المهني. وهو مشروع طُبِّق منذ 3 سنوات في عدة قرى في ريف دمشق، وسيتمُّ تطبيقه على مستوى القطر من خلال تدريب الفرق، وسيتمُّ وضع منهاج خاص خلال شهر، وسيكون لهذه الفرق دور مساعد في إحصاء عدد الإعاقات.
    بعد وضع الإطار الزمني وجدول العمل للخطة، تشكَّلت لجنة إعلامية برئاسة وزير الإعلام، تضمُّ ممثلين عن الصحف العامة والخاصة وممثلين عن نقابة الفنانين، لإظهار نموذجي الإعاقة السلبي والإيجابي في مسلسلات درامية تعرضها بشكل غير مباشر، كما وضعت خطة تدريب الإعلاميين والصحفيين على مفاهيم الإعاقة، نظراً إلى تعدُّد المصطلحات والخلط الحاصل بين مفهومي «ذوي الاحتياجات الخاصة» العام و «ذوي الإعاقة» كجزء من ذوي الاحتياجات بعد طرح عدة مصطلحات، بدءاً من معاقين إلى معوقين إلى ذوي الاحتياجات وذوي التحديات، انتهاءً بالمقولة الأدبية العالمية التي اتُّفق عليها مؤخراً «الأشخاص ذوو الإعاقة»، فكلمة المعاق التي أطلقت في البداية أبعدت صفة الإنسانية، بينما تخطَّت تسمية أشخاص ذوي الإعاقة هذه المشكلة.
    ¶ امرأة .. ومعاقة؟
    المرأة ذات الإعاقة لديها مشكلة مزدوجة؛ فبالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية التي تتعرَّض لها المرأة الشرقية بشكل عام، تواجه بإعاقتها عقبات تؤدِّي في معظم الأحيان إلى عزلتها. وقليلات من تجاوزن أزمتهن، كـ»مي أبو غزال»، رئيسة مجلس إدارة جمعية «آفاق الروح» للنساء المعوقات وأمهات الأطفال المعوقين، وتعمل في مديرية البحوث التابعة لوزارة التربية في وحدة الدمج والقسم التعليمي للمعوقين، وقد اضطرَّت منذ طفولتها إلى سماع كلّ كلمات الشفقة وتجاهل كل النظرات التي أول ما تلتفت إليه هو الكرسي أو العكازات، وكأن المعوق شخص غير طبيعي، ويأتي الإعلام أحياناً- على حدِّ قولها- ليكرِّس مبدأ المفاجأة والاستهجان من كلِّ ما يقوم به المعوق، كأن يرد في مانشيت إحدى الصحف العريض «معوق ينجب 4 أطفال»، وبدلاً من المبالغة في التصفيق لأي عمل يقوم به المعوق يجب العمل على إزالة الإعاقات التي تقف في وجهه، كما أنَّ وزارة الشؤون المعنية بتقديم كلِّ التسهيلات للمعاقين غير مهيَّأة- بحسب أبو غزال- للمعاقين، وكل ما يحيط بهم (أرصفة وشوارع وأبنية ومصاعد وإشارات مرور) يمنع حركتهم ويعزلهم عن المجتمع، على عكس ما تتَّجه إليه الدول المتطورة التي تخصِّص في كلِّ أبنيتها ممرات خاصة للمعاقين تسهِّل تحركهم وتجعله طبيعياً. فما المانع من أن تكون إشارات المرور أو اللوحات الرقمية للمصاعد في سورية بلغة «بريل» للمكفوفين؟.
    يأتي الجواب على لسان مدير الخدمات الاجتماعية متفائلاً: «ليس تخصيص خدمات معينة للمعاقين بهذه الصعوبة، ولا يحتاج إلى هذا الحجم الكبير من تفكير المعنيين في إعادة تأهيل الأبنية، ولن يكلِّفهم مادياً ما ستخصِّصه المحافظة والبلديات أثناء التنفيذ من معابر للمصابين بالشلل أو إشارات مرور خاصة بالمكفوفين، وهو ما يسعى الجانبان؛ سواء المرتبط بنقابة المهندسين أم المتعلق برخص البناء، إلى تطبيقه على نطاق واسع». لكن النتائج- بحسب ماهر رزق- لن نلمسها حالياً بوضوح، والقضية سهلة التطبيق عند الإيمان بها والالتزام بالتطبيق من قبل جميع الجهات.



    ¶ أبواب موصدة لا تفتح

    حادثة حصلت مع أحد المعوقين، عندما أراد الحصول على طابع مالي، فطلب منه موظف مكتب الإشغالات المخصَّص للمعاقين في محافظة دمشق ثمناً لهذا الطابع، مع العلم بأنَّ المرسوم أعفى المعاق من الطوابع في جميع معاملاته المالية، ومع ذلك لا يعرف هذا الموظف هذه القوانين، رغم أنه يعمل في هذا المكتب.. وبرَّر ماهر رزق، مدير الخدمات الاجتماعية ذلك، بأنَّ القانون أعفى الأشخاص ذوي الإعاقة من قيمة الطوابع في تعاملاتهم الشخصية، في شراء البيت أو رسوم الدراسة الجامعية مثلاً، ولم يعفِهم- كما فهم البعض- من ضريبة الأرباح، ففي حال أعفى القانون هذه الشريحة من الضريبة سيتحوَّل هذا الامتياز إلى تمييز سلبي.
    ولمّا أتاح المرسوم رقم 15 الصادر في العام 1971 إمكانية الترخيص للأكشاك كفرصة عمل للمعاق تدرُّ عليه مردوداً معقولاً، فلماذا يمنع الموظف المسؤول المعاق من أخذ هذا الترخيص.. ويتساءل برهان: هل يعقل أن لا يكون في المحافظة دائرة قانونية تحترم القوانين وتسعى إلى تطبيقها. ومن التدليس الحاصل في مكتب الإشغالات أيضاً- بحسب المعاق (ط-ج)- أن تتاح فرصة عمل للمعاق ويسمح له بعد دفع 32 ألف ليرة سورية سلفاً للمحافظة فتح «بسطة» أو مركز في منطقة نهر عيشة أو شارع الأمين في ابن عساكر، ولكنه يكتشف بعد تأمينه المبلغ أنَّ المكان شبه مهجور، ولا يمكن العمل فيه، عندها يضيع رأس ماله كله بين الداخل المفقود والخارج المولود. كما لا يسعى مكتب التشغيل إلى تقديم دور أبناء المعوق في الحصول على عمل كأولوية ابن الشهيد مثلاً.


    ¶ إصابة.. ثم عجز
    توضح مي أبو غزال، أنَّ الكشف المبكر عن الإعاقة يساعد على تخطِّي أزمة كبيرة قادمة يتعرَّض لها الطفل. وبرنامج التدخُّل المبكر الذي مازال في أوله في سورية، يساعد الأسرة على التعرُّف إلى الأمراض، وكذلك مواهب أطفالها منذ السنة الأولى إلى السنوات الخمس، ويقوم على منهجية اللعب ووسائل مساعدة وجلسات فيزيائية تساعد مع الأيام على خدمة الطفل الذاتية وتقبُّل المجتمع له، ويصبح في إمكانه أن يفهم ويسمع ويرى ويمشي، لكن بطريقته. إلا أنَّ ضعف برامج التوعية حول الكشف المبكر عن الإعاقة في الطفولة المبكرة وقلة الاهتمام بالعلاج الوظيفي والنفسي والحركي والعلاج بالموسيقا، شجَّعا المعوق على العزلة أو التسوُّل أو إظهاره بصورة المعقّد نفسياً أو المجرم أو المتشرد.
    ومن المهم معرفة ما يدور حول الإعاقة، كونها مرضاً يبدأ بإصابة وينتهي بعجز. ومن أكبر الأخطاء التي تحدث في سورية- بحسب رزق- استهداف الأشخاص ذوي الإعاقة ببرامج مباشرة.. وعلى العكس من ذلك، يجب التعامل مع موضوع الإعاقة ضمن برامج عامة، كبرنامج تمكين المرأة والحد من الفقر لتأهيل المرأة بشكل عام، ومراعاة التعرُّض لموضوع المرأة المعاقة بشكل خاص، ولا يؤيِّد رزق مبدأ التخصُّص في الجمعيات والفصل بين إعاقات الرجل والمرأة.



    قد يستغرق ما تحتاجه القوانين من جدية وتفعيل وقتاً أكبر بكثير مما تستحقّ فعلياً. وما تجربة إحدى الدول الشقيقة، التي تمثّلت بتعميم أصدره رئيس وزرائها إلى جميع الوزارات والدوائر الحكومية وأماناتها والبلديات منعَ فيه إصدار إذن إشغال للمباني والمرافق العامة إلا بعد التأكد من وجود تسهيلات بيئية للمعوقين في تلك المباني، سوى دليل قاطع على صدق المقولة: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر»، لاسيما بعد ملاحظة النقاط المدعمة بالوثائق وغياب الرقابة عن تطبيق قانون نظام البناء الخاص بالمعاقين الذي يحرمهم المشاركة الفاعلة في المجتمع ويعزّز عزلتهم وشعورهم بالاتكالية. وما زال المعنيون في سورية يؤكدون إدراج القضية ضمن أولويات اجتماعاتهم ومناقشاتهم !!.






    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  2. #2
    كبار الشخصيات الصورة الرمزية عبدالله المهيني


    تاريخ التسجيل
    08 2002
    الدولة
    نجد
    العمر
    43
    المشاركات
    11,786
    المشاركات
    11,786
    Blog Entries
    1


    نقل موفق أختي شام



    .
    .
    .




    الموضوع جميل جداً

    أعتقد لو تم تنزيل هذا النقل الدسم على شكل حلقات

    كل مقطع من الموضوع في تعقيب مستقل


    لكن أفضل


    لماذا ؟



    ليجعل الموضوع مغري للأعضاء للإطلاع والقراءة فيه

    لأن توارد المقاطع متتابعة بتعقيب واحد يجعل الموضوع ثقيل جداً









    أرجع وأقول النقل دسم

    سلمت يداك على هالجلب




  3. #3
    فارس المضايف الصورة الرمزية السنعوووسيه


    تاريخ التسجيل
    06 2008
    المشاركات
    2,245
    المشاركات
    2,245


    شامو بارك الله فيك ويعطيك الف عافيه


    عاطر ودي




  4. #4
    مشرفة مضيف الأسرة الصورة الرمزية بعد ملي


    تاريخ التسجيل
    05 2009
    المشاركات
    4,746
    المشاركات
    4,746


    غاليتي شام
    الله يعطيكـ العآفيـه على إنتقآئكـ الجميل ..
    كـل الشكر ومآننحرم من هالتميز بالطرح ..
    ودي ومحبتي الصادقه ..




  5. #5

    وردة



    شااااااااااااااام

    شكرا من قلب قليلة في حقك

    ررررروعة وتميز

    بارك الله فيك




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. مجتمع الدجاج والثعالب؟
    بواسطة شام في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 10-10-2007, 01:07
  2. تناقضات مجتمع !!!
    بواسطة محمدالشمري في المنتدى مضيف آدم وحواء
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 30-12-2005, 19:51
  3. إنشاء فرد لفضيلة مجتمع
    بواسطة نوف الفهد في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 23-11-2005, 22:57
  4. مجتمع التناقض
    بواسطة مخاوي الوقت في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-05-2005, 13:52
  5. فقيدة .. مجتمع
    بواسطة عقاب الربع في المنتدى مضيف الأمير الشاعر طلال الرشيد(رحمه الله)
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 08-12-2003, 04:26

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته