صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية (5 /6 )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
وآله وصحبه والتابعين ،،،
ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم :
7- التطاول على ذات الله تعالى :
لقد بلغ من عتو اليهود وشرهم ، أنه لم يسلم أحد من شرهم وإيذائهم وافترائهم ، حتى ذات الله جل جلاله وتقدست أسماؤه ، حيث جاء في القرآن بعض ما وصفوا به ربهم ، مما لا يليق به وبجلاله وكماله وجماله .
فمن ذلك قول عز وجل عنهم ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) (المائدة: 64) .
ففي الآية إخبار عن مقالة اليهود الشنيعة ، عليهم لعائن الله ، حيث قالوا : إن يد الله تعالى مغلولة ، أي موثقة ، يعني : عن الخير والإعطاء ، أي وصفوه بالبخل ! تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
وقد رد الله تعالى عليهم ما قالوه وافتروه واختلقوه ، فقال ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ) وهذا دعاء عليهم بجنس مقالتهم ، وهكذا وقع لهم ، وانطبق عليهم ، فإن عندهم من البخل والحسد والجبن ، ما ليس عند غيرهم من خلق الله تعالى .
قال السعدي : فكانوا أبخل الناس ، وأقلهم إحسانا ، وأسوأهم ظنا بالله ، وأبعدهم عن رحمته التي وسعت كل شيء ، وملأت أقطار العالم العلوي والسفلي اهـ
ثم قال تعالى ردا عليهم ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) قال الحافظ ابن كثير : أي : بل هو الواسع الفضل ، الجزيل العطاء ، الذي ما شيء إلا عنده خزائنه ، وهو الذي ما بخلقه من نعمة فمنه وحده لا شريك له ، الذي خلق لنا كل شيء مما نحتاج إليه ، في ليلنا ونهارنا ، وحضرنا وسفرنا ، وفي جميع أحوالنا ، كما قال ( وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) والآيات في هذه كثيرة اهـ .
فيده سبحانه سحاء الليل والنهار – كما ورد في الحديث الصحيح - مدرارا في جميع الأوقات والأحوال ، بل خيره وبره عم الجميع ، البر والفاجر ، والمؤمن والكافر ، كلاهما يرتع في خيره ورزقه وفضله ، لا يمنع منه عاصيا ، وفضله على أوليائه أعظم وأبقى .
فسبحان الملك العظيم ، البر الكريم ، لا نحصي ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه تعالى ، وقبح من وصف ربه بما لا يليق بعظمته وكبريائه .
ومن تطاولهم على ربهم أيضا : قولهم عن الله تعالى شأنه بأنه : فقير!! فيقول سبحانه فيهم ( لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ) ( آل عمران : 181) .
وهذه مقالة شنيعة أخرى يذكرها الله عن هؤلاء المتمردين ، وأخبر أنه سمعها منهم ، وأنه سيكتبها عليهم ويحفظها – وهو تهديد لهم ووعيد - مع أفعال أخرى لهم شنيعة ، وهي قتلهم الأنبياء البررة النصحة لهم ، وأنه سيجازيهم على ذلك العذاب الأليم المحرق .
روى الإمام محمد بن إسحاق بسند حسن : عن ابن عباس رضي الله عنه قال : دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بيت المدارس ، فوجد من يهود أناساً كثيراً قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص , وكان من علمائهم وأحبارهم , ومعه حبر يقال له أشيع , فقال له أبو بكر : ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم , فو الله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عنده , تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل , فقال فنحاص : والله يا أبا بكر ، ما بنا إلى الله من حاجة من فقر ، وإنه إلينا لفقير ! ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا ! وإنا عنه لأغنياء ! ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ؟! ينهاكم عن الربا ويعطناه , ولو كان غنيا ما أعطانا الربا !! فغضب أبو بكر رضي الله عنه فضرب وجه فنحاص ضربا شديداً , وقال : والذي نفسي بيده ، لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدو الله , فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين . فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، أبصر ما صنع بي صاحبك , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " ما حملك على ما صنعت ؟ " فقال : يا رسول الله ، إن عدو الله قد قال قولا عظيما , زعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء , فلما قال ذلك , غضبت لله مما قال فضربت وجهه , فجحد فنحاص ذلك وقال : ما قلت ذلك فأنزل الله فيما قال فنحاص ردا عليه ، وتصديقاً لأبي بكر { لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء } الآية [ آل عمران : 181] . ( رواه ابن أبي حاتم – انظر حسن التحرير 1/ 309 ) .
ومن سوء أدبهم مع الله تعالى ومع رسله أيضا : ما حكاه الله عنهم من ردهم القبيح ، وفي نكولهم عن الجهاد مع موسى عليه الصلاة والسلام ، وتخلفهم عن نصرة دينهم ، وقتال عدوهم ، في قوله سبحانه { قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } ( المائدة : 24 ) .
فما أشنع وأقبح هذا الكلام ؟! الموجه منهم لله تعالى ورسوله ، في مقام حرج ، وحال ضيق ، دعاهم فيه إلى نصرة الله ورسوله ودينه .
في حين قال الصحابة الكرام لرسولهم صلى الله عليه وسلم حين استشارهم للقتال يوم بدر ولم يكن واجبا عليهم ، قالوا له : والله يا رسول الله ، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ) وكنا نقاتل عن يمينك وعن يسارك ، ومن بيدك ومن خلفك ، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرق لذلك وسر بذلك . رواه البخاري وأحمد
وفي رواية لأحمد والنسائي : " قالت الأنصار : والذي بعثك بالحق ، لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك ".
ومن سوء أدبهم مع ربهم : أنهم طلبوا - وبكل وقاحة وجهالة – من نبيهم موسى عليه السلام أن يريهم الله تعالى جهرة وعلانية !! وهو مما لا يطاق ولا يستطاع لهم كما هو معلوم ، وذلك بعد أن تبينت لهم آيات الله عز وجل ، وآمنوا به وبرسوله عليه السلام ، قال سبحانه في ذلك ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ) ( البقرة : 55 ).
أي : لن نؤمن لك حتى نرى الله عيانا ، برفع الساتر بيننا وبينه ، وكشف الغطاء دوننا ودونه حتى ننظر إليه بأبصارنا ، فأخذتهم الصاعقة ، صوتا كان ذلك أو نارا أو زلزلة أو رجفا ، قاله ابن جرير وأهل التفسير .
وقال تعالى أيضا في ذلك ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) {النساء : 153}.
فقوله تعالى ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ) توبيخ من الله جل ثناؤه ، وتقريع لهم ، لجهلهم بالله العظيم الخالق البارىء ، ونقص عقولهم ، وجرأتهم عليه ، واغترارهم بحلمه عنهم ، وصبره عليهم ، وتوضيح ذلك لهذه الأمة وغيرها من الناس ، ألا يقعوا فيما وقعوا فيه من هذا الذنب الذي استحقوا به عقوبة الله سبحانه بالصاعقة المهلكة .
ومن ذلك أيضا : قال الله تعالى ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) {الأعراف : 138}.
وذلك بعد أن أنجاهم الله سبحانه من عدوهم ، من فرعون وقومه ، وأهلكهم الله وبنو إسرائيل ينظرون .
وذلك من كفرهم بالله تعالى وجهلهم وسفههم .
قال السعدي : وأي جهل أعظم من جهل الإنسان ربه وخالقه ، وأراد أن يسوي به غيره ، ممن لا يملك نفعا ولا ضرا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ؟!
ولهذا قال لهم موسى ( إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ) لأن دعاءهم إياها باطل ، وهي باطلة بنفسها ، فالعمل باطل ، وغايته باطلة .
( قال أغير الله أبغيكم إلها ) أي : أطلب لكم إلها غير الله المألوه الكامل في ذاته ، وصفاته وأفعاله ( وهو فضلكم على العالمين ) فيقتضي أن تقابلوا فضله ، وتفضيله بالشكر ، وذلك بإفراد الله وحده بالعبادة ، والكفر بما يدعى من دونه .
8 – قتل الأنبياء والرسل :
وهذا لم يتصف به أحد من كفار الأمم جميعاً سواهم ، قال تعالى ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) البقرة : 61 .
قال الحافظ ابن كثير ( 1/ 67) : يقول تعالى : هذا الذي جازيناهم من الذلة والمسكنة , وإحلال الغضب بهم من الذلة , بسبب استكبارهم عن إتباع الحق وكفرهم بآيات الله , وإهانتهم حملة الشرع وهم الأنبياء وأتباعهم , فانتقصوهم إلى أن أفضى بهم الحال إلى أن قتلوهم !
فلا كفر أعظم من هذا , أنهم كفروا بآيات الله , وقتلوا أنبياء الله بغير الحق , ولهذا جاء في الحديث المتفق على صحته : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الكبر بطر الحق ، وغمط الناس " .
يعني : رد الحق , وانتقاص الناس , والازدراء بهم والتعاظم عليهم .
ولهذا لما ارتكب بنو إسرائيل ما ارتكبوه من الكفر بآيات الله , وقتلهم أنبياءه , أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد ، وكساهم ذلاً في الدنيا ، موصولاً بذل الآخرة ، جزاءً وفاقا .
وروى الإمام أحمد : عن عبدالله يعني ابن مسعود , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أشد الناس عذابا يوم القيامة : رجل قتله نبي ، أو قتل نبياً , وإمام ضلالة , وممثل من الممثلين " انتهى .
وقوله تعالى عن قتلهم ( بغير الحق ) زيادة في بيان شناعة فعلهم ، وإلا فمن المعلوم أن قتل النبيين لا يكون بحق أبدا ، وأنهم إنما فعلوا ما فعلوا عن عناد واستكبار ، لا عن جهل وعدم علم .
وقال تعالى أيضا : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) {البقرة : 87}.
هذه معاملة بنو إسرائيل لأنبيائهم ، أسوأ معاملة وأقبحها ، فريقا يكذبونه ، وفريقا يعتدون عليه فيقتلونه ، وذلك لأنهم كانوا يأتونهم بما لا يشتهونه ، من الأحكام المخالفة لأهوائهم وآرائهم ، مما حكم الله تعالى به في التوراة والإنجيل ، وخالفوه هم بأفعالهم وأحكامهم ، ولذلك أدى بهم الحال إلى تكذيب بعضهم ، بل وإلى قتل بعضهم!
فيقول الله : أفهذا فعلكم برسلي !!
وكذا قوله سبحانه ( لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ) ( آل عمران : 181) .
وقد ذكر أهل التفسير والسير أنهم قتلوا يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام ، واختلفوا في قتلهم لأبيه زكريا عليه السلام .
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ( 2/411) : وذكروا في قتله أسبابا كثيرة ، من أشهرها أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق ، كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزويجها ، فنهاه يحيى عليه السلام عن ذلك ، فبقي في نفسها منه ، فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها ، استوهبت منه دم يحيى ، فوهبه لها فبعثت إليه من قتله ، وجاء برأسه ودمه في طشت إلى عندها ، فيقال : إنها هلكت من فورها وساعتها ... وروى عن سعيد بن المسيب بسند صحيح قال : قدم بخت نصر دمشق ، فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي ، فسأل عنه فأخبروه ، فقتل على دمه سبعين ألفا ، فسكن . ( فسبحان الله العزيز ذي انتقام )
قال : وقد اختلفت الرواية عن وهب بن منبه : هل مات زكريا عليه السلام موتا ، أو قتل قتلا ؟ على روايتين ... انتهى
ولم يكتف اليهود بتلك العظائم والجرائم مع أنبياء الله ، بل حاولوا قتل خاتم الأنبياء والمرسلين ، أكثر من مرة ، وظاهروا على قتله وقتاله وقتال أصحابه ، الكفار وعبدة الأوثان ؟!
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم ) ( المائدة : 11 ) .
قال ابن كثير ( 2/34 ) : وذكر محمد بن إسحاق ومجاهد وعكرمة وغير واحد : أنها نزلت في شأن بني النضير ، حين أرادوا أن يلقوا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحى ، لما جاءهم يستعينهم في دية العامريين ، ووكلوا عمرو بن جحاش بن كعب بذلك ، وأمروه إن جلس النبي صلى الله عليه وسلم تحت الجدار ، واجتمعوا عنده أن يلقي تلك الرحى من فوقه ، فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ما تعاهدوا عليه ، فرجع إلى المدينة وتبعه أصحابه ، فأنزل الله في ذلك هذه الآية ( 1) .
وليست هذه هي الحادثة الوحيدة التي حاول فيه اليهود قتل النبي صلى الله عليه وسلم
فأحبط الله كيدهم ، وخيب مسعاهم ، بل هناك غيرها .
فقد أخرج الإمام البخاري : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : " لما فتحت خيبر وأطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتحها - أهديت إليه شاة فيها سم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن لاك منها مضغة ثم لفظها - : " اجمعوا لي من كان هاهنا من اليهود " , فجُمِعُوا له , فقال لهم حين اجتمعوا عنده : " إني
سائلكم عن شيء ، فهل أنتم صادقي فيه ؟ قالوا : نعم يا أبا القاسم , فقال لهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " مَن أبوكم ؟ " قالوا : أبونا فلان , قال : " كذبتم ، أبوكم فلان " - قال الحافظ ابن حجر : أي إسرائيل يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام - قالوا : صدقت وبررت , قال : " فهل انتم صادقي عن شيء ، إن سألتكم عنه ؟ " قالوا : نعم يا أبا القاسم , وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا , فقال لهم : " مّن أهل النار ؟ " قالوا : نكون فيها زماناً يسيراً ، ثم تخلفوننا فيها , فقال لهم : اخسؤا فيها - أي اسكنوا فيها سكون ذلة وهوان - والله لن نخلفكم فيها أبدا .
ثم قال لهم : " هل أنتم صادقي عن شيء ، إن سألتكم عنه ؟ " فقالوا : نعم , قال : أجعلتم في هذه الشاة سُماً ؟ " قالوا : نعم ، قال : " فما حملكم على ذلك ؟! " قالوا : أردنا إن كنت كاذبا ، أن نستريح منك , وإن كنت نبياً لم يضرك ؟؟؟! .
هكذا جوابهم وردهم القبيح ، لسيد الخلق ، وإمام المرسلين ، صلوات الله عليه وسلامه .
فاليهود حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة ، ولكن الله تعالى نجاه من شرهم ومكرهم ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) (التوبة : 23- 33 ).
ومع هذا فقد ظل أثر السم فيه صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله عز وجل بعد ثلاث سنين ، كما روى البخاري في المغازي ( 8/131) : عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : يا عائشة ، مازال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم " .
والأبهر : عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه .
فإذا كانت هذه الخصلة مذكورة عنهم في كتاب الله تعالى مرارا ، فلا يستغرب اجتراؤهم على الأنفس البريئة المعصومة ، من الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم .
والله من ورائهم محيط .
________________
1- وورد أنها نزلت في الأعرابي الذي أخذ سيف النبي صلى الله عليه وسلم فسله عليه ... الحديث ، ولا مانع من تتعدد الحوادث والآية واحدة ، كما في علوم القرآن
المفضلات