الحادي عشر
همسه للرجال
أخي الحبيب :
عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في هذه الدنيا وحقارتها وقلة وفائها وكثرة جفائها وخسة شركائها ، وسرعة انقضانها . وتتفكر في أهلها وعشاقها وهم صرعى حولها ، قد عذبتهم بأنواع العذاب ، وأذاقتهم مر الشراب ، وأضحكتهم قليلا وأبكتهم كثيراً وطويلاً .
عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في الآخرة ودوامها وأنها هي الحياة الحقيقية وهي دار القرار ومحط الرحال ومنتهى السير.
عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في النار وتوقدها واضطرامها وبعد قعرها وشدة حرها وعظيم عذاب أهلها .. . عليك أن تتفكر في أهلها وهم في الحميم على وجوههم يسحبون وفي النار كالحطب يسجرون .
عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في الجنة وما أعد الله لأهل طاعته فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم المفصل الكفيل بأعلى أنواع اللذة من المطاعم والمشارب والملابس والصور ، والبهجة والسرور ، والتي لا يفرط فيها إلا إنسان محروم
همسه للنساء
قال تعالى"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد" الحشر18
وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ؟
و عن علمه فيم فعل فيه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه ؟ و فيم أنفقه ؟ و عن جسمه فيم أبلاه ؟" صحيح
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا
فإن أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم
وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية"
وقال الحسن البصري رحمه الله: " لا تلقى المؤمن إلا بحساب نفسه : ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدما لا يحاسب نفسه".
يالغبطة من جعل الآخرة نصب عينيه والزمها المقام الأول
فما تزال عينه تتفحص مسيره..
ناقدة لكل نفس من أنفاسه وبصيرة بكل خطوة من خطاه
كيف كانت .. أين سارت .. ولم؟
وما يزال في كل يوم يشد اللجام..ويهذب في الخطام
في كل آن هو ممسك بناصيته..معاتبا .. مؤنبا.. ولائما
أن أخلصي تتخلصي
علك أن تحظي بالنجاة يوم يؤخذ بالنواصي والأقدام
اجتهد في حساب نفسه وترصد ممشاه
فجاء سيره أوثق..وشع نوره وأشرق..
أغمض جفون الرضى عن رؤية نفسه وأشغل فيها عينا من العتاب بصيرة
ومتى ما رضي عن نفسه شيئا..أوزانه أمر فيها..أو أعجبته للحظة
فذلك هلاكه وهلاكها
وأي نفـــــــس هـــــذه!
للمطامع داعية .. ووراء الأهواء منكبة ساعية.
ومن وهب العينين واللسان والشفتين ابتلاء وتمحيصا
خليق أن يجهد في جعلها شهودا له لا عليه
ومن كان ليحاسب على الذرة من العمل
حري به ألا يصدر نفس من أنفاسه إلا في ما يرضي واهبها
ومن ذللت له الأرض ووهب خيرات البحار وسخرت لخدمته الخلائق
ألا يستحي أن يأتي غدا والحجة عليه.. يعتذر فلا يعذر.. ويستجير ولا مجير..
المفضلات