من يذهب منا الى دائرة حكومية عليه ان يحمل معه ملف كامل بمستنداته الثبوتية وغير الثبوتيه بدأً من شهادة الميلاد مروراً بشهاداته الدراسية منتهياً بشهادة الوفاة ..

وكل دائرة من تلك الدوائر تطلب من المواطن صور لك المستندات لحفظها في أرشيفها وفي كل مراجعة لنفس الدائرة يطلب من المواطن نفس المستندات السابقة وهكذا حتى أصبحت دوائرنا الحكومية مثقلة بطوابق من الاوراق وكأن العالم ما زال لم يكتشف الكمبيوترات والطرق الحديثة للتعرف على مواطنيها ..

الموظف يتعامل من منطلق (احمِ نفسك) فلابد أن تكون الإجراءات الورقية مستوفاة، وموقّعة من أكثر من موظف قبله، وعن طريق توزيع التوقيعات، لا يجد المراجع شخصا مسؤولا بعينه، مراجعة الأوراق عند موظف، وتوقيعها عند موظف آخر، قبل اعتمادها من المسؤول "إن كان موجودا" والذي يوقعها ثم يحيلك إلى من عنده الختم من أجل أن يختمها لك، فـ"التختيم" ليست مهمة كبار الموظفين.

مصيبتنا أننا مجتمعات ورقية نعتمد في حياتنا اليومية على الاوراق في كل صغيرة وكبيرة ، حتى بلغ بنا الامر أن الزوجة ان ارادت حاجيات بيتها تكتبها في ورقة ليأتي بها الزوج المثقل من الاوراق الحكومية داخل سيارته وفي جيب دشداشته ..

المواطن المسكين عندما يمد يده على جيبه يجد ان الاوراق المخبأه به أكثر من النقود فيتأمل قيمة هذه الاوراق ومعادلتها بكمية تلك النقود المهدرة من أجل الورق ..

كلنا نسمع بالحكومات الالكترونية الا اننا لم نشاهدها حتى يومنا هذا ولا نعرف سبب هذا التخلف الذي صابنا وهذا التعقيد المتعمد في حياتنا وهذا التعطيل لانجاز معاملاتنا وهذا الهرم الكبير من تجميع الورق ...

احد يقول ان مسئول كبيراً في الدولة لديه مصنع ورق هو السبب في تعطيل مشروع الحكومة الالكترونية حتى لا يتوقف مصنعه !!!