تربية الشوارع ليست سيئه دائماً ...
فالمتمعن يجد أن الشوارع في العالم أصبحت ملتقى ثقافي وتربوي ضمنياً وإن كانت المقاهي على حواف تلك الشوارع هي الملتقي الفعلي للكثير .
كنا شباباً نبحث عن حرية الفكر في أطراف شارع التحلية على طاولات تلك المقاهي فنضخم بعض الأمور ونهمش أمور كثيره ونضيف تعليقاً على الحدث ونحذف جزءاً من الخبر ليتوافق مع رؤيتنا الشبابيه والتي كانت تحمل ضبابيه شبابيه حتى أننا لا نرى نهاية شارع التحليه او بدايته وهو بما يسمى شارع الضباب .
حتى أن بعضنا يرى أن نهاية ذلك الشارع هو بداية جادة ( الشانزليزيه ) او نهاية شارع ( الحمراء ) ببيروت ويرى أن التطور يبتدئ من النقطه المتواجدون فيها في تلك اللحظه .
يختلف بعضنا مع بعضنا أن البدايه هي نقطة مرجعيه من العمر قد حُددت سلفاً في مرحلة سنيه ما .
لا يظن أحد أن الأمور النقاشيه دوماً أمور مهمة في الحياة فعقلية النقاش في تلك المرحلة جعلتنا نختلف حول كيفية المشاكسات ( ولأبي الحروف الحريه التامه في تبديل حرف الشين بحرف العين ) حتى أن النقاش يصل يوما الى أفضل قصات الشعر الشبابيه وآخر صيحات الموضه الرجاليه ولا لوم فعقلية الحوار بشارع التحلية أحياناً لا تتجاوز عقلية ثقافة المظهر والحديث لا يتجاوز لغة الجسد ( وهذا منطقي خلال المراحل العمريه للانسان ) .
أختلفت الرؤى واختلفت الميول والتوجهات وتفرق أصحاب تلك المرحله ومن شارع التحلية الى شارع مغيضه ( أحد الشوارع في حائل ) وإن كان لا يضم بين جنباته تلك المقاهي التي يجتمع بها الشباب ولا تلك المجالس الشبابيه ولكنه كان ذات يوماً تنتشر حوله ( الدكات ) ويجتمع بها كبار السن والصغار أيضاً وهذه الجلسات تواصليه أكثر منها نقاشيه يتبادلون فيها أخبار المجتمع وكان الحديث تضخيمي أكثر منه تحديد للخبر .
تغير شارع التحلية كثيراً عن الماضي وتغيرت العقليات فيه والتغيير بمفهوم عصري الى تطور مادي أكثر منه فكري .
وتغير أيضاً شارع مغيضه في مفهوم عصري الى شارع للحنين فقط لمن كان يسكن حوله في سالف الزمن ولم يتغير بمنظور مادي حيث أنه لا زال على حاله ولم تجدد حتى طبقات رصفه الأسفلتي منذ فترة ليست بالقصيرة .
الرؤى الحديثه أصبحت رؤيه مصمته تنظر للتطور من عين الماده وهذه الرؤية فرضت نفسها على أرض الواقع حيث أصبحت الشوارع وسيلة وصل بين النقاط والأفكار .
وبما أن الشوارع تستطيع نقلك مكانياً لا زمانياً تكون بذلك ضيقه وإن اتسعت وتبقى قصيره وإن طلت المسافه .
مكانيا نستطيع التنقل بالسرعه المادية الى شارع آخر بهذا العالم ولكن لا نستطيع التنقل بأريحية إلى إزقة بغداد الرشيد او دمشق الأومويين ولا إلى شوارع قاهرة المعز .
لنا الحق وكل الحق في تحديد وجودنا المكاني حسب راحتنا وفي أي شارع نختار الجلوس فيه وتبقى هويتنا نقطة تاريخيه مرجعيه نكون فيها في كل وقت ومهما اختلف المكان .
لا أظن أن تربية الشوارع سيئه إن كانت هويتنا الثقافيه والتربويه حسنه .
رأيكم ..!!
المفضلات