[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








الغيم يغطي سماء دمشق و بينما الأنجم راحت تهطل بغزارة فوق الأرض كما يرافقها هبوب
تحمل غبار الأسماء التي نسيت وسط العجاج و ارتفعت درجة حرارة الحكايات الطفولية على
موانئ و مرافئ الافئدة فهي تصفو أحياناً و تغضب أحياناً وقت الأنواء العاصفة و هطول المطر.
فالجمر مختبئ تحت رماد من خلايا النار وأما عيون النيران فهي كالميزان ترتقب تقلبات الطقس ومواعيد الأنواء .

البحر اليوم متوسط ارتفاع الموج و الشوق والرؤية ضبابية ورياح الحب متقلبة بين ضحك وبكاء
و قهقهة وأنين ، هناك احتمال لهطول زخات من دموع الرحيل من المناطق التي تتعطش الى الماء و الضوء و الحرية ، فالأرض يباب متشقق و النفوس قاحلة و أما الأفئدة اعتمرها العجاف
براري الربيع في الشام لا تبنئ عن مواسم خير قادمة لذلك ينصح بكبح العواطف و بتحجيم
الحركة بسبب المد و الجزر .

الحرارة اليوم فوق معدلاتها لمثل هذا الوقت من العام فهي مختزنة في أوردة وشرايين نيرانية
حارقة لجليد الاحساس و الحواس، ولقد حذر بعض الوشاة من تشكل شابورة مائية في الساعات الأولى من الحب و الوجد.
قد يتأخر الندى هذا العام عن سوسنات الصبح و قد تذبل قرنفلات الظهيرة مع أشعة
شمس عمودية تسبب زخات متفرقة من العرق .
لقد بدا لي أن مسير الغيم و القيم نحو سماء الشام بطيء الخطوات فالفضاءات كلها
تشكو الجفاف.

سأمارس هواية المشي فوق ثلج القلمون كما كنت افعل من سنوات وعلى ضفاف بردى
الذي لم يبق منه الا القاع بمسير يمتد من كلية الآداب في المزة الى حي الميدان .
و سأجعل للخطوة همساً فلا تستيقظ مدينتي النائمة على نمارق من ضجيج أما الحراس
و الشرطة المنتشرة في زوايا الشام سيرون تشققات عقولنا ونفوسنا من شدة الجفاف
هم لن يروا مخالفات حقيقية وسرعة زائدة ومتفاقمة وقت الظهيرة بل سيرون التشققات
و الندب التي أحدثها فصل طويل من العجاف و الجفاف و العطش.
سأحمل جواز سفري إلى المطارات التي لا تعرف سوى قصائد الشعراء و قصص الأطفال
التي كانت ترويها الجدة على وسادة نوم طفولية و أخرى نسجت من نعاس ، وسأختار
شجرة من حور و صفصاف تعرفني و أعرفها لعل في ظلالهما يسترخي فكري و قلمي
المتعب من السفر و الاغتراب ، و سأرقب قرص الشمس وأنتظر بشارة لمطر قادم.

اتعبني الرحيل من الشام و الى الشام ياشام و تعبت من الرسم على رمال الصحراء
وتعبت من تفاصيل الغروب و الشروق و الغبار فكأنما لم يسكن خلايا عقلي وفكري الا قبائل
لا تتقن سوى الترحال وترويض الخيام فـ حشائش الفكر لا تنبت في بيداء لا يحضنها سوى
التراب .
على مشارف من يأس الذي لم يسكن بعد خرائط مدينتي اكتشتف بأن بوصلتي
كانت بحاجة للاصلاح فلقد اصاب رأسها العطب أعترف بأنني اشتريت بوصلتي من باعة
يمارسون الافك في المتاجر و الحوانيت.
يقودني قحط السنين الى بحر هناك حيث يبدأ العمر و ينتهي ومع وصولي لشاطئ البحر
وجدته عامراً بالماء ولكن لم يزدني البحر الا المزيد من العطش .


حكمة :
قال حمورابي: إلى أين أنتم ذاهبون؟... إلى حيث العالم يرجع؟!!.. ‏


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]