تسلحت كوريا الجنوبية جيدا لمواجهة العملاق الالماني بتاريخه الحافل، فاكتسبت الخبرة والحماس الضروريين، وجندت الملايين واعلنت جهوزيتها للمعركة اليوم في سيول في نصف نهائي مونديال 2002 الذي تستضيفه على أرضها مع اليابان حتى30 حزيران/يونيو الحالي.والمنتخب الكوري الجنوبي هو أول منتخب آسيوي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم، بينما اعتلى المنتخب الالماني العرش ثلاث مات اعوام 54 و74 و1990، وستكون فرصته ذهبية للوصول إلى النهائي واحراز اللقب لمعادلة الرقم القياسي المسجل باسم البرازيل التي تخوض نصف النهائي ايضاً غداً ضد تركيا.وبغض النظر عن التاريخ الذي يميل لمصلحة الالمان بشكل لا يقبل الجدل. فان الحديث عن افضلية احد المنتخبين في مباراة الغدلا معنى له، ولا حتى على الورق ايضاً. لان ايطاليا واسبانيا كانتا افضل من كوريا الجنوبية من الناحية النظرية لكن عمليا تابع "شمشون" الكوري طريقه إلى نصف النهائي، وباتت كلمة مستحيل مستحيلة على الكوريين بعد ان اجتازوا مشواراً صعباً جداً تطوا فيه منتخبات اوروبية عريقة مدججة بالنجوم، وذهبت احلامهم إلى خوض المباراة النهائية في مدينة يوكوهاما اليابانية في 30 الحالي.
وجاءت امنية الكوريين على لسان رئيسهم كيم داي يونغ الذي يتابع المباريات من الملعب مباشرة حيث قال بعد التأهل إلى نصف النهائي «انه اسعد يوم في تاريخ كوريا الجنوبية منذ خمسة آلاف عام (منذ تأسيسها)». مضيفا «لنذهب إلى النهائي ونحرز اللقب في يوكوهاما».
والأهم من جميع النواحي الفنية والجهوزية اللتين يتمتع بهما المنتخب الكوري، جمهوره الرائع وهو اللاعب رقم 12 بامتياز وقد يكون احد ابز العوامل التي قادت المنتخب إلى نصف النهائي للمرة الاولىفي تاريخه.
واللاعب رقم 12 ليس فقط عشرات الالآف الذين يتابعون المباريات من المدرجات، بل هو المد الأحمر، أو الطوفان البشري، الذي لا يترك ساحة أو حياً أو شارعاً منذ صباح يوم المباراة إلى فجر اليوم التالي. وكأن الشعب الكوري باسره الذي يقدر بنحو 47 مليون نسمة يشارك في المباريات.
واذا كان الموج الازرق رافق مباريات المنتخب الياباني قبل خروجه، فان الطوفان الأحمر في كوريا الجنوبية كان مرعبا لدرجة ان معظم مدربي المنتخبات التي واجهت كوريا تخوفت منه واعترته فعلا اللاعب رقم 12.
ويتذكر الكوريون والالمان معاً مدى الاثارة التي بلغتها مباراة المنتخبين عندما التقيا في الدور الأول من مونديال الولايات المتحدة عام 1994 وكانت الغلبة فيها لالمانيا بصعوبة بالغة 32 بعد ان تقدمت 3صفر في الشوط الأول.
وسجل اهداف المانيا في حينها النجمان السابقان يورغن كلينسمان (2) وكارل هاينتس ريدله (1).ثم قلص الكوريون الفارق في الشوط الثاني عبر هوانغ سون هونغ وهونغ مييونغبو، والاثنان يشاركان في النهائيات الحالية.فهوانغ سون هونغ هو قائد المنتخب وصاحب الركلة الترجيحية التي اهلته لى نصف النهائي، والثاني سجل الركلة الأولى.
ويختلف مشوار المنتخبين في هذه النهائيات فاجتازت كوريا الجنوبية في طريقها الى نصف النهائي منتخبات عريقة واختبرت الوقت الاضافي والهدف الذهبي وركلات الترجيح، بينما لم تواجه المانيا منتخبات مماثلة، ويملك المنتخبان قاسما مشتركا انهما تصدرا مجموعتيهما في الدور الاول من دون اي خسارة، بفوزين وتعادل، بدأت كوريا مشوارها ضمن المجموعة الرابعة، ففازت على بولندا 2/صفرثم تعادلت مع الولايات المتحدة 1/1 قبل ان تتغلب على البرتغال بقيادة لويس فيغو 1/صفر.وقالت كلمتها في الدور الاني امام ايطاليا عندما انتزعت التعادل او لا قبل دقيقتين من نهاية الوقت الاصلي ثم سجلت هدفا ذهبيا، واقصت في ربع النهائي الارمادا الاسبانية بركلات الترجيح 53 بعد انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي سلبا، اما المانيا، فاستهلت النهائيات بفوز عريض على السعودية 8/صفر، ثم تعادلت مع جمهورية ايرلندا 1/1 وفازت على الكاميرون 2صفر. وتخطت البارغواي في الدور الثاني 1/صفر، وهي النتيجة التي فازت فيها على الولايات المتحدة في ربع النهائي ايضا.وبعيدا عن الاخطاءالتحكيمية، برهن المنتخب الكوري عن رقي في مستواه وتطور لافت في افكاره لتكتيكية واستعداده البدني بقيادة هيدينك، وما حققه حتى الان لم يعد مفاجئا ابدا اذ اثبت انه صعب المراس ويمكنه التحكم بالمجريات جيدا، وسيطر المنتخب الكوري على مجريات المباراتين امام ايطاليا واسبانيا وكان الافضل والاكثرمحاولة للتسجيل وكان دفاعه منظما جدا ايضا وخير دليل على ذلك ان شباكه اهتزت مرتين فقط حتى الان، وستكون المباراة اختبارا اكثر جدية للمنتخب الالماني الذي لم يقدم مستوى جيدا باستثناء المباراة الاولى، وافلت من خسارة محققة امام الاميركيين في ربع النهائي لانه سجل هدفا من احدى الفرص النادرةله.

جــريـــدة الجــزيرة


تحيــــــــاتي للجميــــــــع