خُلُقه الرحمـــة
الرحمة عطاء وإفاضة. الرحمة حصن منيع يلوذ إليه كل ضعيف ويتحصن به كل مسكين, مظلوم مغلوب على أمره.
الرحمة يرافقها عفو وصفح ويلازمها ود ووصل, والرحمة صورة من كمال الفطرة وجمال الخلُق، تحمل صاحبها على البر، وتدفعه إلى عمل الخير, بها ترق القلوب, وبها تتحرك المشاعر.
الرحمة لا يقدر عليها إلا الأقوياء. فالقوي يرحم الضعيف بالعون , ويرحم المسكين بالعطاء, يرحم الشيخ بالاحترام, ويرحم الطفل بالمحبة ويرحم المرأة بالعطف عليها.
الرحمة خلق الأنبياء والرسل. والرحمة من أعظم ما تحلى به سيد الخلق أجمعين الأولين والاخرين محمد بن عبد الله الرسول الامي. ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أنا محمد وأحمد والمقفَّى, وأنا الحاشر, ونبي التوبة ونبي الرحمة". والمقفَّي: أي خاتم الأنبياء والحاشر: أي ليس بينه وبين الحشر نبي آخر في معنى، وفي معنى آخر أن الله سيحشر الناس أمامه يوم القيامة.
ورسولنا وقدوتنا عُرف بكمال خُلقه وتمام صفاته ومن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير ، فكان في كل احواله صاحب قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، حتىصارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، وتعدت ذلك كله لتشمل الحيوانات والجمادات.
فالرحمةخُلقه صلى الله عليه وسلم
فقد وصفه ربه سبحانه بالرحمة.
قال سبحانه: (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل عمران 159. فوصفه بخلق الرحمة ولين الجانب، ونفى عنه ما يقابلهما من سوء الأخلاق،
وقال سبحانه: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة 9. فوصفه سبحانه أنه (عزيز عليه ما عنتم) أي يشق عليه ضرركم وأذاكم، وأنه حريص عليكم أي على ما ينفعكم في دنياكم وأخراكم، وختم الآية بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم.
وقال سبحانه: (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) الشعراء 3
وقال سبحانه: (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون) فاطر 8
وقال سبحانه: (ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون) النمل 7
وقال سبحانه: (واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) النحل 128
ففي هذه الآيات بيان لمدى رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفقته بمن دعاهم إلى الهداية فأعرضوا عنها حتى أنه كاد يهلك من الحزن والأسى لأنهم لم يؤمنوا، وهذا يدل على ما يحمله الرسول صلى الله عليه وسلم من حب الخير للناس كافة، ولم تقف رحمته صلى الله عليه وسلم عتد المؤمنين فأخبرنا سبحانه وتعالى أنه رحمة مهداه لجميع خلقه, يخرجهم من ظلمات الكفر والجهل والظلال بأمر الله إلى رحمة الله ورضوانهوصدق الله تعالى إذ قال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء 107
حض صلى الله عليه وسلم المؤمنين على التحلي بالرحمة :
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
و عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ارحموا ترحموا واغفروا
يغفر الله لكم) رواه أحمد
وعن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول لا تنـزع الرحمة إلا من شقي) رواه الترمذي وقال حديث حسن
وتذكر أخي قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( جعل الله الرحمة مائة جزء، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهلا يرحم الله من لا يرحم الناس) متفق عليه، وفي الحديث الآخرمن لا يرحم لا يُرحم), يقول ابن بطال رحمه الله: "في هذا الحديث الحضّ على استعمال الرحمة للخلق، فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك فيها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والمساعدة في الحمل وترك التعدي بالضر"
وفي الحديث الصحيح الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه أبو داود والترمذي.
من مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم :
رحمته بالمؤمنين :
من رحمته بأمته خشي أن يشق عليهم في العبادات والأعمال قال صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ) رواه البخاري ومسلم.
قالت عائشة رضي الله عنها : ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل، فقال:إني لست كهيأتكم إني يطعمني ربي ويسقيني ) رواه مسلم.
رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته في الآخرة:
قال صلى الله عليه وسلم: ( لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا) رواه البخاري.
عندما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ( إن تعذبهم فإنك عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) رفع يديه وقال:اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل: ياجبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بما قال، فقال الله: ياجبريل اذهب إلى محمد فقل:إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك) . رواه مسلم.
رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال:
كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرقّ لهم ، حتى كان كالوالد لهم ، يقبّلهم ويضمّهم ، ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر ،كما فعل بعبدالله بن الزبير عند ولادته .
وفي رواية جاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا والتسليم ، والصبر والاحتساب عن أنس رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله على إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال عبدالرحمن بن عوف: وأنت رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (يا ابن عوف إنها رحمة) ، ثم قال : ( إن العين لتدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) رواه البخاري ومسلم.
كان صلى الله عليه وسلم يُقعد أسامة على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ويقول : (اللهم ارحمهما فإني ارحمهما) .
رحمته صلى الله عليه وسلم بالنساء
لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ، والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ، فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّوكان يقول : ( من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) ، بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) .وضرب صلى الله عليه وسلمأروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم, وكان يقول : (هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ، ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ، ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره ودخانه ) رواه ابن ماجة و مسلم .
رحمته صلى الله عليه وسلم بالضعفاء عموماً
فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ، وكان يقول : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) .
رحمته صلى الله عليه وسلم باليتامى والأرامل
رحمته صلى الله عليه وسلم بكبار السن
عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ من إِجْلال اللَّه إكرام ذي الشَّيبة المسلمِ، وحامل القرآنِ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإِكرام ذي السلطانِ المقسط)
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيس منا من لم يرحم صغِرنا ويوقر كَبيرنَا)ولما أُسر عمرو بن أبي سفيان بن حرب، في معركة بدر، ووقع أسيرًا في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لأبي سفيان: افدِ عمرًا ابنك! قال: أيجمع علي دمي ومالي، قتلوا حنظلة وأفدي عمرًا، دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم.
فبينا هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ خرج شيخ كبير مسلم إلى مكة لأداء العمرة، وكان اسمه سعد بن النعمان بن أكال -أخو بني عمرو بن عوف- فخرج معتمرًا، رغم أن الظروف السياسية عصيبة، لا سيما بعد بدر.. ولم يظن أنه يحبس بمكة، وقد كان عهد أن قريشًا لا يعرضون لأحد جاء حاجًّا أو معتمرًا إلا بخير، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة، فحبسه بابنه عمرو..
ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروا خبره، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان، فيفكوا به الشيخ، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفرج عن ابن أبي سفيان على الفور، دون فداء، فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلى سبيل الشيخ
رحمته صلى الله عليه وسلم بضعفاء المسلمين:
عن أنس رضي الله عنه قال:كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.رواه البخاري
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها فقالوا:ماتت، فقال : ( أفلا كنتم آذنتموني، ... دلوني على قبرها ) فدلوه فصلى عليها) . رواه البخاري ومسلم.
رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار:
قال النبي صلى الله عليه وسلم في أهل مكة : ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده
لا يشرك به شيئا) رواه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله:ادع على المشركين، قال: (إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم.
رحمته صلى الله عليه وسلم بالأعداء حرباً وسلماًفعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم ، وليس أدلّ على ذلك من قصة يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى له ، حينما أعلنها صريحةً واضحةً : ( اليوم يوم المرحمة ). وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى بالمسلمين ، فقابل الإساءة بالإحسان، والأذيّة بحسن المعاملة .عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة . فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ) رواه البخاري ومسلم .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ) رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه ، على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن دوسا عصت وأبت ، فادع الله عليها ، فقيل : هلكت دوس ، قال : (اللهم اهد دوسا وأت بهم ) رواه البخاري .
رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان والجماد:
وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ، فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته )
ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود .
مر الرسول صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: ( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة ) رواه أبوداود.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها!) رواه أبوداود.رحمته بالجماداتولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة) رواه أحمد .
لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة ، فهو الرحمة المهداة ، ودينه رحمة, وشريعته رحمة، وسيرته رحمة ، وسنته رحمة ، فسبحان الذي أرسله رحمة للعالمين { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} الأنبياء107 .
المفضلات