طالب عدد من الطلاب الصم الذين يدرسون في الجامعة المفتوحة بالرياض في إطار تأهيلهم لتدريس المرحلة الابتدائية للصم، بدعم الصم، وعقد دورات تدريبية للمدرسين الجدد في لغة الإشارة القاموس العربي للغة الموحدة، لتحقيق التواصل بين الأصم والمعلم، ومساعدته على الفهم والتحصيل، وانتقدوا التفرقة في المنهج الدراسي بين الطالب الأصم والعادي.
وذكرت أستاذ مشارك أمراض السمعيات كلية العلوم الطبية جامعة الملك سعود مستشارة بالجامعة العربية المفتوحة الدكتورة خيرية العبدالجواد أن عدد الطلاب الصم الذين يدرسون بالجامعة المفتوحة حاليا أكثر من 150 طالبا، وما زال هناك 75 طالبا بانتظار الدعم المادي لهم لمواصلة تعليمهم.
وكان أكثر من 150 طالبا من الصم بالجامعة قد بدؤوا دورة تدريبية للغة العربية والقاموس الإشاري الموحد، وذلك بعد أن لمست لجنة تطوير تعليم الصم بالجامعة حاجتهم لذلك، "الوطن" التقت ببعض الطلبة والطالبات بالجامعة، وقام بالترجمة إلى لغة الإشارة المترجم مالك الرعود.
يريد سعد عبود الوعل (طالب بالسنة الثالثة بالجامعة قسم التعليم الابتدائي) أن يحصل على الشهادة ليعلم الصم ويدعمهم في المجتمع، وقال إنه انتظر سنوات حتى أطلقت الجامعة هذا البرنامج الذي كان حلما، وحسن من خلاله مستواه التعليمي وقدراته.
وحمل الوعل المجتمع انخفاض المستوى التعليمي للصم وقال إن المجتمع ليس لديه ثقافة في كيفية التعامل مع الصم، ولا توجد لغة للتواصل بينهم، وطالب المجتمع بدعم الصم، لأنه لا يوجد فرق بين أفرد المجتمع الأصحاء والصم.
التواصل مع المجتمع
أما خالد محمد العسيري (طالب بالسنة ثالثة بالجامعة) فيقول "بعد أن تخرجت من الثانوية لم أقبل في جامعة الملك سعود لأنني أصم، ولم أجد عملا أيضا"، وأضاف أنه لا يوجد أفضل من الأصم لتدريس الصم، لذلك تخصص في تعليم الصم، لأنه يرغب في تعويض النقص الذي سببه معهد الأمل، وعدم إعداده للطالب الأصم كما يجب من الناحية اللغوية، مشيرا إلى أن المشكلة كانت مع المدرسين أنفسهم، فليس لديهم هدف أو رغبة في تعليم الصم، وتوصيل المعلومة لهم.
وتساءل عن عملية الدمج التي نفذت وقال "كيف يمكن أن ينجح الدمج، ونحن لا نجد طريقة نتواصل بها مع المجتمع، وكيف يطلبون منا عدم استخدام لغة الإشارة وهي لغتنا الأم، والطريقة الوحيدة التي نتواصل فيها مع المجتمع؟".
وطالب العسيري بعقد دورات تدريبية للمدرسين الجدد في لغة الإشارة القاموس العربي للغة الموحدة، لأن بعض المعلمين يؤلفون حركات من عندهم، ويخترعون لغة مختلفة، مما يشتت الطالب الأصم دون أن يكلف نفسه تعلم لغة الإشارة.
وعبر الطالب عبد الحميد القاسمي الطالب بالسنة الأولى والذي درس ضمن برنامج الدمج في مدرسة اليمامة عن غضبه من التفرقة في المنهج الدراسي بين الطالب الأصم والعادي، وقال إنه سيصبح معلما للغة الإنجليزية بالإشارة، وذلك بعد أن قدم له البرنامج في الجامعة العربية المفتوحة الفرصة في التعليم الجامعي.
المساواة بين الأصم والناطق
أما بالنسبة للطالبات فقد عبرن عن استيائهن من التخصص الذي قدمته لهم كلية التربية، ومن ثم أغلقته كونه حرفة يدوية فقط..وقالت شيخة الرشيد "درست في كلية التربية اقتصاد منزلي لمدة سنتين وتركتها، لأن التعليم كان حرفيا وشغلا يدويا، ولا يوجد بيننا وبين المعلمات أي تفاهم أو انسجام، والتحقت بالجامعة العربية المفتوحة لأنني أرغب في التدريس كما أن الجامعة تساوي بيننا والناطقين".
أما ندى الأحمري (طالبة بالسنة الثانية والتي درست الحاسب الآلي في كلية الاتصالات) قالت إن الدراسة كانت صعبة عليها، لأنه لا يوجد طريقة للتواصل بين الطالبات والمعلمات، بينما الوضع مختلف في الجامعة العربية، في حين قالت عبير الهويمل إن كلية التربية لم تعطها الفرصة ولم تتعاون معها، فانتقلت إلى الجامعة لتتعلم اللغة العربية بطريقة أفضل.
والتحقت آثار الكوييلت بالجامعة العربية بعد حصولها على دورات تدريبية مكثفة في الحاسب الآلي، لتجد مجالا يساعدها على التفكير والحصول على معلومات وليس حرفة يدوية فقط، فهي ـ كما تقول ـ في المرحلة الثانية، وتتطلع لاستكمال دراستها العليا في علم النفس، وقد راسلت جامعة في الخارج، وأبدت الموافقة على قبولها بعد أن تتخرج من الجامعة العربية المفتوحة.
وتتفق معها زميلاتها نوف العقيلي، والشيماء شكري، وندى زكريا في أن البرنامج أتاح لهن فرصة التعليم الجامعي، وأوضحن أن الأصم لا يسمع، ولكنه يفهم ويملك عقلا يستطيع أن يفكر، ولديه طموحات، ورغبة في مواصلة التعليم والحياة بشكل أفضل.
حق الأصم في التعليم العالي
وقال مدير الجامعة العربية المفتوحة الدكتور عبدالله السلامة "تعليم الطلبة الصم أو ما تسميهم كلية التربية بذوي الإعاقة السمعية من أجمل المشاريع التي قامت بها الجامعة العربية المفتوحة، خاصة بعد أن عرفنا أن هذه الفئة لا أحد يستمع لها"، مبديا استغرابه أن المملكة على قدراتها المالية والتعليمية واتساع مساحتها لم تفتح لهم المجال في التعليم العالي الذي هو حق من حقوقهم، في حين وفرتها الجامعة لإيمانها بحق التعليم العالي لهم".
وأضاف أن الدكتورة خيرية العبدالجواد هي التي لفتت انتباههم نحو هذه الفئة التي أعطاها الأمير طلال بن عبدالعزيز الفرصة في التعليم الجامعي، مشيرا إلى أن الطلاب لمسوا الاهتمام بهم كفئة غير قادرة على دفع تكاليف تعليمهم الجامعي، وقد دعمت مجموعة من الطلاب وتكفلت بتعليمهم الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي.
ودعا الدكتور السلامة رجال الأعمال القادرين لدعم الطلاب المتبقين لفتح المجال بفروع الجامعة في المملكة، داعيا الجهات المعنية للاهتمام بهذه الفئة، مطالبا بوجود آلية ثابتة لهذه الفئة، لأنه لا يوجد أي سبب يبرر وضع الصم التعليمي، لأن الجامعة لن تكون قادرة على تعليم العدد الموجود، لأنها تقدم لهم مسارا واحدا، كما أن المسارات الأخرى تقدم باللغة الإنجليزية، لذلك على الدولة فتح المجال لهم.
مشكلة في اللغة
ويقول أستاذ مشارك بكلية التربية جامعة الملك سعود المشرف العام على البرامج التربوية بالجامعة العربية المفتوحة الدكتور حسين أبو بكر العولقي "لوحظ وجود مشكلة في اللغة لدى الطلاب والطالبات معا، فطلبت من الأساتذة ممن يتولون التعليم بلغة الإشارة هنا في الجامعة إعداد تقارير بعد إجراء اختبار، ومن خلاله اتضح ضعفهم الشديد في اللغة العربية، وبما أنهم سيتخرجون معلمين للصفوف الأولى في المرحلة الابتدائية أو مساعدين لمعلمين، لا بد من حصولهم على المهارات الأساسية وهي القراءة والكتابة، لذلك كان التركيز في هذا الفصل على تنفيذ دورة مكثفة في اللغة العربية ليتمكن الطلاب من إتقان اللغة العربية قراءة وكتابة"، مشيرا إلى أنه تمت الاستعانة بمتخصصين في اللغة العربية لتنفيذ هذه الدورة التدريبية.
وأضاف أن الطلاب يعانون من الاختلاف في لغة الإشارة أيضا، لأن كل معلم كان يعلمهم لغة مختلفة بحسب اجتهاده الشخصي، وهذه المشكلة كانت عائقا أساسيا في تعليمهم، لذلك كان لابد من مراجعة كل الأوراق وتزويد حصيلتهم، وتطوير القراءة والكتابة، وتعميق لغة الإشارة الموحدة القاموس الموحد الإشاري.
وأشار إلى أن الفضل في فتح مجال التعليم للصم يعود للجامعة العربية المفتوحة وجهد الذين مولوا وساهموا وساعدوا، ومنهم الدكتورة خيرية العبد الجواد التي لعبت دورا كبيرا في هذا المجال، والدعم المادي والمعنوي من المانحين.
دعم مستمر
وذكرت أستاذ مشارك أمراض السمعيات كلية العلوم الطبية جامعة الملك سعود مستشارة بالجامعة العربية المفتوحة الدكتورة خيرية العبدالجواد أن إطلاق برنامج الدورات المكثفة لتقوية الطلاب الصم في اللغة العربية، وتنمية قدراتهم اللغوية في القراء والكتابة ولغة الإشارة العربية الموحدة جاء بعد لمس حاجتهم الضرورية، لذلك فمعظمهم وصل للسنة الثالثة ويعاني من صعوبة في فهم اللغة العربية.
وأضافت العبدالجواد "أول من ساهم في انضمام الطلاب للدراسة بالجامعة العربية المفتوحة هو حماسهم كما أن لديهم القدرة، ولا ينقصهم شيء عن الطلاب العاديين، طالما توفرت لهم الطرق التي توصل لهم المعلومة، ولم يكن لهم ذلك، ولولا تفهم مدير الجامعة المفتوحة الدكتور عبدالله السلامة الذي قبل بتنفيذ هذا البرنامج، ورغم العوائق التي واجهتني وأولها الدعم المادي والذي أخذته على عاتقها الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي التي دعمت البرنامج، ووفرت لهم الأجهزة والمعينات السمعية التي تساعد الصم على التحصيل الدراسي، وتكفلت بإحضار الكتب والوسائل التعليمية لـ 150 طالبا وطالبة، بالإضافة إلى دعمها المستمر"، مشيرة إلى أن لديهم حاليا 75 طالبا وطالبة على مقاعد الدراسة، ولا يوجد من يدعمهم ماديا.
وذكرت العبدالجواد أن البرنامج مقنن للصم لتطوير قدراتهم، وفتح مجال التعليم الجامعي لهم في المملكة، وهي خطوة جريئة تمت بمباركة ودعم من الأمير طلال بن عبدالعزيز، حيث وافق على ذلك عندما قدمت له الطلب عام 1425.
وطالبت الجامعات السعودية بتحمل مسؤوليتها، وفتح المجال أمام هذه الفئة التي حرمت من نعمة السمع، ولكنهم يتمتعون بجميع الحواس الأخرى مثلهم مثل العاديين، ولا يحتاجون إلا لمن يفتح لهم المجال، ليقدم لهم طرق توصيل المعلومات، وتهيئة المناخ العلمي لهم كما فعلت الجامعة العربية.
المصدر جريدة الوطن واليكم رابط الخبر
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...0446&groupID=0
المفضلات