من المؤكد أن الإعلام الإسلامي قد حقق في السنوات الأخيرة طفرات هائلة على مستوى الشكل و المضمون , فقد كثرت الصحف و المجلات الإسلامية و غطت مساحات شاسعة في عالمنا الإسلامي و خارجه , و إمتلأت شبكة الإنترنت بالمواقع الإسلامية في شتى المجالات , ثم بدأ ( الغزو الفضائي ) الإسلامي عبر فضائيات ظهرت أخيرا و بدأت في التزايد و بدأت رقعة مشاهديها بالإتساع , كان آخرها قناة الرسالة التي يديرها الدكتور طارق السويدان .
إلا أن هذه المسيرة مواجهة بعدة إشكاليات أهمها : أنها ما زالت تراوح مكانها في دائرة الفعل و رد الفعل , فلولا القنوات الغنائية ( روتانا و أخواتها ) و قنوات الأفلام ما ظهرت إقرأ و المجد و الرسالة , و لولا حجم التأثير الذي أحدثته القنوات الفنية و الغنائية في نشر ثقافة الإنحلال في المجتمعات العربية و الإسلامية لما تحرك إعلاميونا لتصميم رسالة مقابلة تستطيع وقف التداعي الاخلاقي الذي بدأ يستشري في واقعنا المعاصر , و خاصة في أوساط الشباب .
إذا فالعملية على أهميتها و نبلها هي رد فعل , فهل سيزول رد الفعل القوي هذا الذي أنجب إقرأ و المجد و الرسالة إذا خفت الفعل أو قل تأثيره .
إن المسلم مكلف بتبليغ رسالته في أوقات الصلاح و الفساد و الشدة و الفرج , و ليس هذا إنتقاصا من هذه القنوات أو تبخيسا من حقها , فما أحدثته هذه القنوات من آثار حميدة في المجتمعات و ما إكتسبته من جماهير يشهد لها و للعاملين عليها بالحرص و الإتقان , لكننا لا نريد أن نكون نسخا من الآخرين , إنما نريد نماذج إسلامية قائمة بذاتها و متميزة يسعى الآخرون لتقليدها و لا تسعى هي لذلك , لأن المشاهد الآن يرى الكثير من البرامج التي تبث في القنوات الإسلامية نسخا تكاد تكون متطابقة لما يبث في غيرها مع بعض التعديلات و الرتوش .
و جودة الإنتاج و إتقانه اليوم هي مفتاح لقبول الكثيرين , إذ أن الكثير من القنوات الفضائية فقدت بريقها الإعلامي و تأثيرها رغم رصانة ما تحمله بسبب تأخرها التقني و عدم قدرتها على منافسة القنوات الأخرى تقنيا و فنيا .
إشكالية أخرى مهمة : و هي أن جمهور هذه القنوات رغم أنه يتزايد بإستمرار إلا أنه ما يزال يعني الحظر في بعض الأوساط لأسباب متعددة , و ما زالت شرائح واسعة خارج دائرة تأثير هذه القنوات كالأوساط ( المترفة ), لذا فإن على هذه القنوات مسئولية كبيرة في إختراق هذه الفئات و توصيل رسالتها الإعلامية لهم , و لعل تجربة الأستاذ عمرو خالد تعكس نجاحا في هذا المجال .
نأمل أن تكون هذه القنوات مرآة لشعوبنا العربية و الإسلامية بكافة شرائحها و إتجاهاتها , ملتصقة بهمومها معبرة عن نبضها بعد أن خذل الإعلام الرسمي - بإنحيازه للسلطة و تملقه - الشعوب ... و كان الله في عون الأخيار .
المفضلات