طاغية آخر من طغاة هذا العصر...
مجرم حرب اشتهر ليسجل بهذه القائمة...
سجل اسمه بدماء الابرياء وجثث المسنين واشلاء الاطفال ...
ضيفنا اليوم هو :
سلوبودان ميلوسيفيتش :
....}
يعتبر ميلوسيفيتش السند الرئيسي للقوات الصربية في الحرب الأهلية التي دارت في يوغسلافيا السابقة قبل خمس عشرة سنة، تمت محاكمته أمام المحكمة الدولية في هيج بهولندا بتهم التطهير العرقي وارتكاب جرائم حرب في إقليم كوسوفو، ولكنه توفي في سجنه قبل أن تصدر المحكمة حكمها في التهم التي وجهت إليه.
بالنسبة للبعض ميلوسيفيتش كان هو صربيا، وبالنسبة لآخرين فإن ميلوسيفيتش استعمل صربيا كمدك ليدمر بناء يوغاسلافيا قطعة قطعة في سلسلة من الحروب الدموية.
تعلّم ميلوسيفيتش الشاب مهاراته السياسية في بلغراد. وخلال الأعوام الأخيرة من حكم المارشال تيتو كان ميلوسيفيتش شيوعياً مثالياً.
ومع موت تيتو والفراغ الذي نتج عن ذلك استعمل ميلوسيفيتش بحنكته ودهائه صربيا سلماً ليصعد إلى قمة السلطة.
في نيسان/أبريل عام سبعة وثمانية سنحت الفرصة له فاغتنمها وأنشب بها كلتا يديه. فباعتباره المسؤول الثاني في الحزب الشيوعي الصربي، أرسله رئيسه إيفان ستاربوليتش إلى إقليم كوسوفو المضطرب في صربيا.
واستغل ميلوسيفيتش أوضاع الأقلية الصربية في كوسوفو واستغل وسائل الإعلام ليكسب دعمهم كزعيم لهم.
وقبل نهاية العام أزاح ميلوسيفيتش رئيسه ورفيق دربه وراعيه ستاربوليتش عن السلطة. وخلال عامين أصبح ميلوسيفيتش رئيساً لصربيا. وتم إلغاء الحكم الذاتي لإقليمي كوسوفو وفويفودينا أمام تنامي المد القومي الصربي.
لكن المشاعر التي جمعت الصرب معا أبعدت السلوفان والكروات وغيرهم في يوغاسلافيا, وبينما اعتبر ميلوسيفيتش أنه يبني صربيا الكبرى على أنقاض يوغسلافيا، إذا به يخلق وحشا كاد يفترس صربيا ذاتها.
في عام 1991 عندما أعلنت سلوفانيا وكرواتيا انفصالهما عن يوغسلافيا شن الجيش اليوغسلافي الذي يسيطر عليها الصرب الهجوم.
وأخذت المدن الكرواتية مثل فوكوفار تسقط بيد الميليشيا الصربية المدعومة من الجيش.
وتعرضت البوسنة والهرسك لنفس المعاملة، وعندما أعلنت استقلالها كان صرب البوسنة مسلحون وجاهزون للمقاومة.
وبعدها حاصر الجيش عاصمة البوسنة والهرسك ساراييفو ومدنا أخرى واستمر الحصار أكثر من ثلاثة أعوام.
ومع فظائع الحرب برز تعبير جديد" التطهير العرقيّ" حيث أرغم آلاف على ترك منازلهم، بينما كان مصير آخرين أكثر سوءا.
وفي تلك الفترة نأى ميلوسيفيتش بنفسه عن قيادة صرب البوسنة وقائدها العسكري الجنرال راتكو ملاديتش الذي كان حاضرا في سيربرينيتشا حيث تم قتل أكثر من ثمانية آلاف رجل وويافع وصبي من مسلمي المدينة.
في ظل نأيه عما جرى، ابتدع ميلوسيفيتش لنفسه صورة السياسي الباحث عن السلام بلدا من الرجل الذي هندس الحرب. وكان ميلوسيفيتش هو نفسه الذي وقع في باريس اتفاق دايتون للسلام ممثلا لصرب البوسنة الذين حرضهم على الحرب.
ومع ثلاثة حروب خاضها وخسرها من أجل يوغسلافيا بدأ ميلوسيفيتش يخطط لحرب رابعة من أجل كوسوفو.
خلال عشر سنوات كانت أوضاع ألبان كوسوفو تسوء بشكل كبير، لكنهم سرعان ما بدأوا العمل من أجل الخروج عن حكم صربيا مطالبين بعودة حكمهم الذاتي إليهم.
في صيف عام ثمانية وتسعين ومع الاحتجاجات الكبيرة التي نظمها ألبان كوسوفو ضد الحكم الصربي أرسلت تعزيزات من الشرطة والجيش للقضاء على مقاتلي منظمة "جيش تحرير كوسوفو".
وكان ذلك بداية نهاية حلم ميلوسيفيتش. ولم تتوصل مفاوضات السلام التي دامت أسابيع في فرنسا لأي نتيجة وطلب من حلف شمالي الأطلسي تنفيذ تهديده بضرب الجيش الصربي حتى يذعن.
وتبع ذلك أعمال تطهير عرقي في الإقليم حيث أجبر أكثر من نصف سكانه على تركه، كما ساهمت ضربات الحلف أيضا في الهجرة الجماعية للسكان.
لكن هذه المرة كان مسؤولية بلغراد واضحة وبات سلوبودان ميلوسيفيتش أول رئيس دولة يدان بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبدأت قبضته على السلطة تتراخى.
في صيف عام ألفين غير ميلوسيفيتش آلية الانتخابات الرئاسية وأصبح شعب يوغوسلافيا يختار الرئيس باقتراع مباشر.
وظن المراقبون أن هذه الخطوة ستؤمن له فترة رئاسية ثانيةـ لكن ذلك لم يحصل.
فخلال انتخابات الرئاسة في أيلول/سبتمبر عام 2000 ورغم حرمان المعارضة من إسماع صوتها عبر وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة تعرض ميلوسيفيتش لهزيمة جلية على يد مرشح المعارضة فويسلاف كوستونيتشا.
وعندما دعت اللجنة الاتحادية للانتخابات لجولة إعادة، شلت يوغوسلافيا.
وتتويجا لمظاهرات واسعة النطاق وإضراب عام استولى أنصار المعارضة على مبنى البرلمان في بلغراد وعلى مبنى التلفزيون الحكومي. وهرب ميلوسيفيتش وزوجته. وانتهت بذلك ثلاثة عشر عاما من حكمه خلال اثنتي عشرة ساعة حبست الأنفاس.
وبعد ستة أشهر ألقي القبض على ميلوسيفيتش وأرسل إلى محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في لاهاي.
وبدأت محاكمة ميلوسيفيتش على جرائم ضد الإنسانية في أوائل عام 2002 وعند موته، كانت جهة الإدعاء قد قدمت للمحكمة أدلتها لكن الدفاع كان يواصل دفاعه بشكل متقطع بسبب اعتلال صحة ميلوسيفيتش.
ويرى البعض ان وفاة سلوبودان ميلوسيفتيش المفاجئة جعلت منه شهيدا في اعين بعض الصرب في الوقت الذي تحيي في البلاد يوم الاحد الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الوزراء زوران دينديتش.. ذلك الرجل الذي اطاح به.
المفضلات