النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: طفلة اسمها غزة ( نزف قلم : محمد سنجر )

  1. #1

    New طفلة اسمها غزة ( نزف قلم : محمد سنجر )



    سكن الليل
    ارتخت الجفون و هدأت القلوب
    استسلمت العيون للنوم
    الأم ترخي الغطاء الصوفي فوق ابنتها
    تضع بين أحضانها دميتها القطنية
    تحمل ما تبقى من الطعام المتناثر هنا و هناك
    تجمع علب المياه الغازية الفارغة
    الأب يطبع فوق جبين الأبناء قبلاته المسائية
    يغطي قلبهم بالدفء الأبوي
    يغلق التلفاز على أفلام الكارتون
    تتخافت الإضاءة بين زوايا المنزل الوردي
    في الخارج
    صفير الرياح الباردة يشق سكون الليل
    يعبث بكل ما يعترض طريقه
    يتردد بين الأزقة
    حاويات القمامة الفارغة
    تتدحرج
    تصطك بالأرصفة
    بين إحدى هذه الحاويات
    اختبأت فتاة مسكينة

    اسمها ( غزة )

    أمواج البرد القارص تلاحقها
    تحاول الهرب
    تلحقها
    تصرعها
    تغرقها بين دوامات برودتها الرهيبة
    يسرى البرد بجسدها الواهن يتوغل
    تتجمد أطرافها الرقيقة
    تحاول كبح جماح السعال الذي ينهش رئتيها
    تفشل
    كلما حاولت ، أجابها بالمزيد و المزيد
    تكاد لا تشعر بأصابع قدمها التي تقيحت منذ فترة
    تخاف حتى النظر إليها من هول المشهد
    لا تدري ، أمازالت هناك ملتصقة بقدمها ؟
    حتى قدمها ذاتها تكاد تشك أنها مازالت ملتصقة بجسدها
    ليست لديها الشجاعة الكافية كي تتحسس قدمها بيدها
    فأصابع يدها شلها البرد القارص
    برغم هذه الحاوية التي لجأت إليها
    إلا أن البرودة تسري تتوغل و تتوغل بجسدها
    البرودة حالت دون شعورها بالروائح الكريهة التي تلفها
    فالمسكينة لا تحس بأنفها منذ ولجت إلى هذه الحاوية
    موجات البرد تتلاحق
    كلما هم الدفء يداعب جسدها الواهن
    افترستها موجة أخرى أشد صقيعا
    ترتجف و ترتجف
    فترتجف ثم ترتجف
    لا شيء هناك سوى الرجفة
    تلاحقها
    تغرقها ،
    تكفنها
    تحاول المسكينة السيطرة على جسدها ليهدأ قليلا فقد أعيتها الرجفة
    فتزداد الرجفة أكثر و أكثر
    يصم سمعها اصطكاك أسنانها الصغيرة التي تكاد أن تتكسر
    تحاول جاهدة فرك وجهها الذي تشقق من شدة البرد
    لا تحس بملمس كفها و لا أثر لملمس وجهها
    جسدها هلامي الأبعاد
    تحاول إغلاق كل منافذ ملابسها البالية و التي يمكن أن يتسلل الصقيع من خلالها
    دست قميصها داخل سروالها لعل الدفء يعرف لجسدها سبيلا
    و لكن هيهات ، لا محالة
    استسلمت بعد محاولاتها الفاشلة
    و ليكن ما يكون
    غزالة استسلمت منتعشة لأنياب الليث تنال من عظامها الرخوة
    تحرش بسمعها قرقرة معدتها الخاوية
    شغلها الألم الذي سيطر على معدتها الخاوية عن البرودة التي افترست أطرافها
    فمازال هناك جزءا من جسدها يتحرك لم يتجمد بعد
    تعتصر معدتها
    تستصرخها لتنقذها مما تلاقيه من ألم
    تكاد تلتهم نفسها من فرط غيظها
    أيام و أيام مرت
    لم تذق فيهما طعاما
    ربما منذ شهور
    لا تدري كم من الوقت مر و هي بداخل هذه الحاوية
    تنتظر قمامة إخوانها الميسورين
    لعلهم ينسون للحظات و يلقون بحاويتها ما فاض عن أنانيتهم
    كلما مغصت معدتها أخرستها بالنوم
    من تنتظرين غزة ؟
    أنت لا قيمة لك في هذه الدنيا
    فتحت عينيك على الدنيا ملفوفة بخرقة بالية بجوار حائط بيت مهجور
    لم يرحمها البشر
    حتى إخوانها في العروبة
    كادت أن تموت
    بكت كثيرا
    وبكت
    تتساقط عليها أمطار حجارتهم
    لم تجد منهم إلا القهر
    ما العمل الآن في هذا الألم الذي سيطر على معدتها
    الوقت قارب منتصف الليل
    البرد يمكن أن تتناساه للحظات
    يراودها بين الحين و الحين
    شدت الرباط فوق بطنها أكثر من مرة
    ما الحل الآن؟
    تتحسس القمامة حولها
    لعل هناك ما تسد به هذا الجوع اللعين
    تقلب و تقلب و لا فائدة
    يبدو أن الأعراب نسوا أن هناك من ينتظر قمامتهم بفارغ الصبر
    و من يتذكرك أيها الحقيرة ؟
    نظرت إلى السماء
    تترقرق صورة النجوم في عينيها
    أخذت تصرخ و تصرخ
    و لكن
    لا حياة لمن تنادي




  2. #2


    ولكنها طفلة متنمرة

    لم تستسلم للبرد ولا للجوع ولم تشغل نفسها بمن يسكن البيوت الوردية ويتقلب بالفرش الدافئة بل شقت زوايا الحاوية التي وضعت بها بأضافرها التي تصلبت من شدة البرد حتى أصبحت كالصلب

    ويبقى الشد والجذب بين الجسد المترهل المتماوت للأمة وأطرافه الحية كغزة اليوم والفلوجة بالأمس وغداً الله أعلم حتى يتعافى الجسد وتدب به الحياة من جديد أو يسري بأطرافه الحية المرض فتلتحق ببقية الجسد !


    ويبقى محمد سنجر أحد المعالجين بالصدمات الكهربائية لعل وعسى أن يعود القلب للحياة مرة أخرى

    تحياتي




  3. #3


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاصمعي مشاهدة المشاركة
    ولكنها طفلة متنمرة

    لم تستسلم للبرد ولا للجوع ولم تشغل نفسها بمن يسكن البيوت الوردية ويتقلب بالفرش الدافئة بل شقت زوايا الحاوية التي وضعت بها بأضافرها التي تصلبت من شدة البرد حتى أصبحت كالصلب

    ويبقى الشد والجذب بين الجسد المترهل المتماوت للأمة وأطرافه الحية كغزة اليوم والفلوجة بالأمس وغداً الله أعلم حتى يتعافى الجسد وتدب به الحياة من جديد أو يسري بأطرافه الحية المرض فتلتحق ببقية الجسد !


    ويبقى محمد سنجر أحد المعالجين بالصدمات الكهربائية لعل وعسى أن يعود القلب للحياة مرة أخرى

    تحياتي


    جزاكم الله خيرا
    أخي الحبيب
    الأصمعي
    نعم ستبقى غزة صلبة رغم كل ما تلاقيه
    دمت بحفظ الرحمن
    أخي العزيز
    الأصمعي




  4. #4
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    غزه المجد ...............غزه الصامده

    لن تتاثر بالبرد والجوع وتبقى غزه في قلوبنا

    ويبقى محمد سنجر كاتبن المبدع










  5. #5


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الضاري11 مشاهدة المشاركة
    غزه المجد ...............غزه الصامده

    لن تتاثر بالبرد والجوع وتبقى غزه في قلوبنا

    ويبقى محمد سنجر كاتبن المبدع
    نعم أخي العزيز
    الضاري
    ستبقى غزة العزة و الكرامة
    برغم من كل ما يحاك لها
    دمتم و داموا بحفظ الرحمن




  6. #6


    [align=center]لأنها طفلة !!

    لكنها غداً ستشب عن الطوق ,,

    لتصبح فتاة فتية لايقوى أحد على إخماد جذوة الحياة فيها ,,,

    هي أيام وليالي بعدها سينكشف الستار ليزف لنا عروساً يلفها الخمار لم ولن تتزعزع أو تستسلم لهم ,,

    لابد لنا أن نرى ذاك اليوم وسيكون قريباً

    مبدعنا محمد سنجر

    أبدعت أيما إبداع

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية [/align]



    يانسمـــة الــــوادي ,, ياوردة بــــلادي
    حايل ربى الشادي ,, يانرجس وكادي

  7. #7


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجازي مشاهدة المشاركة
    [align=center]لأنها طفلة !!

    لكنها غداً ستشب عن الطوق ,,

    لتصبح فتاة فتية لايقوى أحد على إخماد جذوة الحياة فيها ,,,

    هي أيام وليالي بعدها سينكشف الستار ليزف لنا عروساً يلفها الخمار لم ولن تتزعزع أو تستسلم لهم ,,

    لابد لنا أن نرى ذاك اليوم وسيكون قريباً

    مبدعنا محمد سنجر

    أبدعت أيما إبداع

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية [/align]

    و بارك الله فيك
    أختنا الفاضلة
    الجازي
    نعم معك كل الحق
    فهي غزة العزة و الكرامة و الإباء
    حفظها الله و حفظ أهلها من كل مكروه

    دمتم بحفظ الرحمن
    أختنا الفاضلة




  8. #8


    جزاكم الله خيرا
    على التثبيت
    دمتم و دامت غزة العزة و الكرامة بحفظ الرحمن
    إنه عز و جل ولي ذلك و نعم النصير




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. وجهة نظر : الخوالف ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2008, 08:05
  2. غزة ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 28-01-2008, 02:01
  3. ما بين هذا و ذاك ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-07-2007, 21:33
  4. عمر سنجر (نزف قلم:محمد سنجر)
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 28-12-2006, 08:07
  5. الطامعة (نزف قلم :محمد سنجر)
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى مضيف الأدب العربي الفصيح
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 22-11-2006, 20:32

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته