مكة المكرمة نَسَبْ وَتَرَاجِمْ آلَ العِجَيْمِيْ المَكّيّينْ بقلــم د: هشام بن محمد علي بن حسـن عجيمي. أستاذ التاريخ والحضارة الاسلامية ـ جامعة أم القرى. مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدالأولين والآخرين، نبينا وسيدنا ومولانا محمد النبي الأمين، وعلى آلـه وأصحـابه وأحبابه وإخوانه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. وبعـد: فهذه دراسة بينت فـيها أصل ونسب أسرة آل العجيمي المكيين ، وتتبعـت فيها تراجمهم وصلتهم ببعضهم ، من خلال ما توفر لدي من النصوص التاريخية والوثائق والأسانيد الحديثية وغيرها من المصادر والمراجع، فضلا عن الروايات الشفهية ممن عاصرتهم، ومن كبار العائلة رجالا ونساء. وقد إبتدأت بجمع المعلومات منذ عام 1396هـ، وما زلت أجمع وأدقق المعلومات وأرتبها، حتى وصلت إلى مرحلة التسلسل العلمي الدقيق، فاستحقت التحرير والكتابة، وإذا توفرت معلومات جديدة موثقة أضيفها في موقعها من الدراسة. وأقدم هذه الدراسة إلى أبناء الأسرة لعلها ترد على تساؤلاتهم واستفساراتهم، وأتمنى ممن يطلع على هذه الدراسة، ولديه معلومات جديدة موثقة، أو وجهة نظر، أو أي ملحوظة، أن يتفضل مشكورا بطرحها في موقع الأسرة على الشبكة. وأخيرا آمل أن أكون قـد وفـقت في إخراج هذه الدراسة التي طالما تمنيت عملها، والأمور مرهونة بأوقاتها، والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، فـله كل الحمد والثناء اللائقان بجلاله وعظمته أولا وآخرا وكل وقت وحين، وصلوات الله وسلامه على حبيبه النبي الأمي الأمين وسلم تسليما كثيرا . د. هشام بن محمد علي بن حسن عجيمي. مكة المكرمة 1428هـ. الأصل والنسب والهجرات: لقب (عِجَيْمِيْ) بكسر العين، وهو الأصح ،وليس بضمها و بالتعريف (العِجَيْمي) عنـد الإضافة، نسبة إلى (عِجَيْم)، وهي صفة أطلقت على الشيخ علي بن هشام الهمـداني، بسبب لثـغة في لسانه لا تساعده على نطـق بعض الحروف، واستمر اللقب يطلق على ذريته، واختفى لقب(الهَمداني)، فنسبت ذريـته إليه بلفظ(عجيمي) وهو الأصح في النسبة لغويا، والنسبة إلى عشيرته أو قبيلته، بعد أن كثرعددهـا، بلفظ (عَجْمِي) بفتح العين وسكون الجيم وكسر الميم ثم ياء ، ولعل بعض أفراد القبيلة رفضوا التصغير الظاهر في لقب (عجيمي) وفضلوا (عجمي ) رغم اعترافهم بأنهم ينتسبون إلى علي بن هشام الملقب ب (عجيم) واشتهـرت القبيلة في كتب الأنساب بقبيلة (العُجمان)(1)، وهي إحدى القبائل العربية اليمنية، وعرفت قبل (العجمان) باسم(همدان) من ربيعة، وكان الوالد رحمة الله عليه يكتب أحيانا بعد لقب(عجيمي) لقب(الربعي) نسبة إلى قبيلة( ربيعة). ونسب علي بن هشام الهمداني (عجيم) الذي ينتسب إليه العجيميون بصفة عامة كالتالي: علي بن هشام بن ألغـز بن مذكر بن يام أصفى(أصبا) بن مانع بن مالك بن جشـم بن حاشد بن جشم بن جبران(خيوان) بن نوف بن همـدان بن زيد بن مالك بن أوسله بن ربيعه بن الخياربن مالك بن زيـد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعـرب بن قحطان بن عابر، وعابر هو نبي الله تعالى هود عليه وعلـى سيدنا محمد وجميع أنبياء الله تعالى أفضل الصلاة وأتم السلام(2). والهمدانيون من الأسرات الحاكمة في اليمن، إمتد نفوذهم إلى صنعاء سنة 492هـ على يد أول ملوكهم حاتم بن الغشيم الهمداني، واستمرت سيطرتهم على أجزاء كبيرة من اليمن حتى سنة 569هـ حين تغلبت القوات الأيوبية القادمة من مصر على اليمن عامة، ودخلت تحت سيطرة الملك المعظم توران شاه بن أيوب سنة 569هـ ، وفي تلك السنة سقط آخر الملوك الهمدانيين علي بن حاتم في صنعاء(3).واستمر حكمهم 77 سنة. وقـد عاصر علي بن هشام(عجيم) إبن عمه الملك علي بن حاتم آخر ملوك الهمدانيين ، وهما يلتقيان في النسب في جدهم(مِذكِرْ)(4). وبعد سقوط دولة الهمدانيين في اليمن، وسيطرة الأيوبيين عليها، بدأ انتشار الهمدانيين في اليمن؛ فاختار بعضهم النزول إلى (نجران)، وبعضهم بقي في المرتفعات القريبة من (صنعاء)، وما زالت بقاياهم تسكن مرتفعات (إب) ووادي (سحول) في شمال اليمن، وآل عبد الحق العجيمي في (وادي جردان) من محافظة( شبوة) في جنوب اليمن(5)، وهاجر بعضهم في فترات لاحقة ومتتالية على سقوط دولتهم إلى وسط الجزيرة العربية (نجد ، العارض، الأحساء،القصيم، الرياض، البحرين، الكويت )واتجه بعضهم إلى جنوب العراق وسكنوا (الأُبُلّه،الحديثه،البصره،الكوفة،بغـداد)، وما زال في بغداد في محلة الكرخ سوقا يسمى ( سوق العجيمي)(6) ، وهاجر بعضهم إلى (الشام) فسكنوا(عسقلان،دمشق، حلب)،ثم هاجر بعضهم إلى (مصر) فسكنوا(بلقينه، القاهرة، بسراط ، سوهاج)، ومن مصر إنتشروا؛ فهاجر بعضهم إلى ( السودان) فسكنوا(البرصة، الخرطوم) وإلى (تونس) وإلى( الحجاز: مكة المكرمة،الطائف) ، ومن العراق كانت هناك هجرات لبعضهم إلى (تركيا) وإلى (مكة المكرمة) في فترة الدولة العثمانية. وسيتضح ذلك من خلال تراجمهم لاحقا. والجدير ذكره أن لقب ( عجيمي ) أو( العجيمي) ما زال موجودا في الأماكن أو المدن أو الدول السابق ذكرها حتى الوقت الحاضر، ومن الصعوبة ربط تسلسل النسب بينهم، لاحتمال التشابه في اللقب من ناحية، ولطول الفترة الزمنية التي تمتد إلى قرابة الألف عام منذ إنهيار دولتهم سنة 569هـ وبدء هجراتهم من موطنهم الأصلي(اليمن)، لذا لا يمكن الجزم بالصلة النَّسبية بين من يحملون لقب(عجيمي) أو( العجيمي) في الأماكن السابق ذكرها. كما أن الإختلاف المذهبي الديني يمثل عائقا في ربط الصلة النسبية ممن يحملون لقب ( عجيمي ) أو ( العجيمي )، فمنذ أن كان ( العجيميون) في موطنهم ( اليمن )، كان بعضهم على مذهب(أهل السنة والجماعة) وبعضهم على مذهب ( الشيعة الزيدية)، وبعـد هجرة بعضهم من اليمن إلى وسط الجزيرة العربية ودول الخليج العربي، نلحظ بعضهم على مذهب آل البيت (الشيعي الإمامي الأثنى عشري أو الجعفري)، وفي العراق تمذهب بعضهم بالمذهب( الشافعي ) وكذلك في الشام ومصر، أما في شمال أفريقيا في تونس والمغرب العربي فتمذهب بعضهم بالمذهب( المالكي )، وفي الحجاز(مكة المكرمة) تمذهب العجيميون بالمذهب (الشافعي) في القرن التاسع الهجري، ثم اعتنقوا المذهب( الحنفي) في القرن العاشر الهجري، وما زالوا عليه، وفي نجد(العارض، الرياض، القصيم) إعتنق بعضهم المذهب الحنبلي( على آراء المدرسة الوهابية أو السلفية أو الوسطية كما تسمي نفسها في الوقت الحاضر). أما المدرسة التصوفـية التي انتشر فكرها بين السنة والشيعة على وجه العموم، فقد اعتنق بعض آل العجيمي سواء كانوا أحنافا أم شافعية أم مالكية المدرسة التصوفيه، والغريب أن النصوص تثبت وتوضح إعتناقهم للمدرسة التصوفية في كل من الشام ومصر والسودان وتونس ومكة المكرمة رغم عدم وجود تواصل بين آل العجيمي في الدول السابق ذكرها، فعلى سبيل المثال: في مكة المكرمة من أشهر متصوفة آل العجيمي الجدالشيخ حسن بن علي بن يحي العجيمي المتوفى سنة 1113هـ قد سلك في كل الطرق التصوفية التي كانت معروفة بمكة المكرمة والتي بلغت أربعين طريقة ذكر أسانيدها الشيخ حسن العجيمي في كتابه( خبايا الزوايا أهل الكرامات والمزايا) وأجازها لصديقه وخليله الشيخ أبو سالم العياشي من أهل (تونس) في خطاب مؤرخ في سنة1076هـ، وذكرها الشيخ العياشي في رحلته للحج. وفي السودان نجد من أشهر متصوفة آل العجيمي الشيخ نور الدايم العجيمي المتوفى سنة 1422هـ بن الشيخ محمد علي العجيمي ، مؤسس (الطريقة العجيمية) في منطقة البرصة بمحافظة (مروى)(7) بالسودان. والشاهد مما سبق أن الإختلاف في المذهب قد يؤدي إلى عدم الإعتراف بوجود صلة بين آل العجيمي وخاصة بين آل العجيمي الأحناف بمكة المكرمة، وآل العجيمي الوهابية أو السلفية في نجد، وآل العجيمي الشيعة الإمامية في البحرين وبعض دول الخليج( الفارسي/ العربي) وآل العجيمي الشيعة الزيدية والسنة في اليمن، وآل العجيمي المتصوفة في السودان ، لذا قـد ينكر البعـض منهم الصلة النسبية بينهم بحكم الاختلاف والصراع المذهبي الديني الذي تنبعث فتنته بين الحين والآخر بحسب الوضع السياسي، كما هو مشاهد ومحسوس ومسجل في تاريخ (المسلمين ) على وجه العموم. وإلى جانب العامل الزمني والعامل المذهبي الديني، يشكل العامل الإجتماعي عائقا من معوقات إيجاد الصلة بين الحاملين للقب (عجيمي ) أو ( العجيمي ) في الدول والمناطق والمدن السابق ذكرها، وأقصد بالعامل الإجتماعي: حطام الدنيا ومنه الثراء المادي؛ من أموال وأوقاف وأملاك ثابتة ومنقوله. والمراتب العلمية؛ كمشيخة الإسلام والقضاء والفتوى، والتقدم والشهرة في علم أو مجموعة علوم كالفقه والحديث واللغة وغيرها من العلوم، والمناصب الإدارية، كالوزارة ومشيخة دور العلم من مدارس ورواقات وخانقاوات وتكايا ومحاضر ونحوها، فضلا عن لون البشرة ؛ الأبيض والأسمر والقمحي والأسود، إلى جانب وجود العنصرية القبلية والجغرافية التي تظهر بوضوح من بعض الكتاب في مواقع الأنساب وغيرها على الشبكة المعلوماتية. وقد تكون كل العوامل السابقة مجتمعة عائقا من عوائق تتبع الصلة النسبية بين آل العجيمي في المواقع السابق ذكرها. ورغم كل تلك العوائق مجتمعة أم منفرده، لا أجد مانعا من أن يتتبع أي إنسان نسبه، خاصة إذا كان من أهل العلم فيتتيع سيرة آبائه وأجداده ويحذو حذوهم ، فيكون دافعا له ولذريته لتلقي العلم بكافة فروعه، وقد ورد عن العلم وفضله الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الحكماء من علماء الإسلام كما هو معروف ومتداول بين الناس ولا يحتاج إلى إثباته والتدليل عليه. التـراجـم:
المفضلات