صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 11 إلى 20 من 20

الموضوع: يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟ الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

  1. #11


    وهذه الفجوة التي يفتعلونها بين الساق والقدم طولها ألفا سنة!!

    والمصيبة أنها ستظل تطول حتى قيام الساعة! فلنتخيل هذا التمثال الغريب الذي تطول الفجوة بين أعلاه وأسفله كل يوم!!

    إنها صورة لا يصدقها العقل فضلاً عن أن يقبلها فنان أو يستحسنها ناظر.

    وقد عرفنا لماذا افتعلوا هذه الفجوة، فالسؤال إذن! بماذا سدوا الفجوة؟!

    لقد انتـزعوا " قطع غيار " شاذة من تمثال آخر وأرادوا إلحامها بالتمثال!!

    إن هذا التـزوير لم ينجح، ولكنه بلا ريب ألقى ظلالاً من الضباب حول الرمز لابد من تجليته.

    وجد هؤلاء أن لدانيال رؤيا أخرى - أو بالأصح في سفره رؤيا أخرى في الفصل السابع - هي رؤيا الحيوانات الأربعة، فسرقوا الحيوان الرابع وركبوه في التمثال، مما يذكرنا بأكذوبة "بلتداون" التي ارتكبها بعض الداروينيين حين أراد سد الحلقة المفقودة في سلسلة التطور، فركّب جمجمة من أعضاء إنسان وأعضاء قرد!!

    والفرق أن الغش في الدين أعظم منه في أي شيء آخر!!

    تقول الرؤيا الأخيرة: 'إن دانيال رأى أنه صعد من البحر المحيط أربعة حيوانات عظيمة مختلفة: - الأول: كالأسد، ولـه جناحا نسر...، والثاني: كالدب، وفي فمه ثلاثة أضلع، والثالث: مثل النمر، وله أربعة أجنحة وأربعة رءوس، والرابع: حيوان هائل قوي لـه أسنان من حديد، أكل وداس بقية الحيوانات برجليه، وله عشرة قرون طلع بينها قرن صغير طلعت من قدامه ثلاثة قرون، وظهر لهذا القرن الصغير عيون، وفم إنسان، فتكلم بإلحاد وكفر، ثم تكون نهاية القرن الصغير هي الهلاك على يد قديم الأيام ذي العرش الذي تخدمه الألوف المؤلفة!!

    وبقيت الحيوانات الأخرى حية لكن نزع عنهم سلطانهم!!'.

    وقد فسرت الرواية نفسها الحيوان الرابع بأنه 'مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك تأكل الأرض كلها وتدوسها، والقرون العشرة من المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلامٍ ضد العليّ'.

    وأخيراً يبيد ملكه على يد "قديسي العليّ" الذين تؤكد هذه الرؤيا مراراً أن العاقبة لهم، وأنهم يمتلكون المملكة التي لا تزول!!

    ربما لأن للحيوان الرابع أسناناً من حديد، والمملكة الرابعة تكون من حديد، قالوا: إن المملكة الرابعة هي الحيوان الرابع - لاسيما وكل منهما هو "الرابع" لما سبقه - وقالوا: إن هذه المملكة رمز لـأوروبا التي سيكون فيها عشر دول قومية يخضع لها العالم قبل نزول المسيح!!

    وعليه تكون المملكة الخامسة هي الألفية السعيدة عند نـزول المسيح.

    ومن السهل إبطال هذا الرأي من وجوه كثيرة :-

    1- أن يقال: ما تعبير الحيوانات الثلاثة الأخرى إذن؟ مع أنهم مهما فسروها فلا يصح أي تعبير يناقض ما فسره دانيال نفسه، فكيف تظل الثلاثة الممالك في التمثال هي الممالك القديمة، والرابعة هي أوروبا الحديثة؟!

    إنها مفارقة واضحة، فالمنطق السليم يفرض إما أن نحمل الرؤيا على الرؤيا كلياً، وإما نجعلهما منفصلتين كليا،ً وهو الصحيح!!

    2- الحيوانات طلعت متجاورة وغلبها الرابع دفعة واحدة، أما الممالك في الرؤيا الأولى فمتتابعة متوالية كل منها غلب ما قبله.

    3 - الحيوانات الأربعة طلعت من البحر المحيط، والممالك الأربع قامت في الشرق، والخامسة (الإسلامية) قامت في المنطقة نفسها، ثم امتدت شرقاً وغرباً حتى وصلت في أيام المغول والترك إلى شمال أوروبا وسيطرت على شرقها كله .

    4- الحيوانات الثلاثة تسلط عليها الرابع؛ لكنها بقيت حية، أما الممالك الثلاث فقد اندثرت مطلقاً.

    5- تعبيرهم الرؤيا الأخيرة باطل في نفسه؛ فإنها ذكرت حيواناً لـه عشرة قرون، وفسرتها بأنه مملكة لها عشرة ملوك، فتفسيرهم بأنها عشر ممالك متجاورة باطل.

    وهكذا فالقول بأن هذه الممالك العشر هي التحالف الأوروبي أيام نابليون -كما ذكر ( بيتز ص:251) أو الاتحاد الأوروبي الحالي -كما يـزعم المعاصرون لا يصح تعبيراً ولا واقعاً، فهو يناقض كلا الرؤيتين ويخالف الواقع، فـأمريكا وحدها اليوم أقوى من الاتحاد الأوروبي كله، والاتحاد الأوروبي لم يعد عشر دول بل زاد كثيراً .

    ونحن لا نريد أن نخوض في تعبير الرؤيا، لكن في إمكاننا أن نقول: إن الحيوانات الأربع التي طلعت من وراء المحيط هي الامبراطورية البريطانية الأسد، وروسيا الشيوعية الدب.

    أما الثالث: شبيه النمر ذو الرءوس الأربعة والأجنحة الأربعة، فقد يكون الدول الكاثوليكية الاستعمارية الأربع فرنسا ، وإيطاليا ، وأسبانيا ، والبرتغال أو تحالف دول آسيا المسماة: النمور وهي ثمان!!

    وبالطبع سيكون الحيوان الرابع الذي أكلها وداسها هو الولايات المتحدة الأمريكية (أو حلف الناتو عموماً)، أما القديسون الذين سيدوسون أمريكا فلا يحتاجون إلى تفسير؛ بل إلى الانتظار.

    ونقول للأصوليين:

    إن أعجبكم هذا التعبير فخذوه واستريحوا، وإن رددتموه وقلتم: ظنٌّ وتخمينٌ! قلنا: نعم؛ ولكن أي الظنين أولى؟ ولماذا ظنكم أنتم يقين وظننا نحن وهم؟!

    أما اليقين بهذا الشأن فهو أمران:

    1 - أن الروم ذات قرون كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فارس نطحة أو نطحتان، ثم يفتحها الله، ولكن الروم ذات القرون كلما هلك قرن قام قرن آخر }.

    2 - أن المعركة بيننا وبينهم سجال إلى أن يكون الفتح الأخير لـروما وينـزل المسيح عليه السلام، وهذا ما لا يعلم زمان وقوعه إلا الله، وعليه فلا يعلم عدد قرون الروم إلا الله تعالى، وربما كانت العشرة المذكورة في الرؤيا لا مفهوم لها؛ بل مجرد رمز، وهذا مذهبٌ لهم في الأعداد المذكورة في الكتاب المقدس كله[17] هذا إن لم نقل: إن في الرؤيا تحريفاً وإضافة!!

    وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه الرؤيا والخلاف فيها قد لا يثير ثائرة القوم إلا إذا تعرفنا على القرن الصغير الملحد من هو؟!

    فقد ذهب طائفة منهم إلى أنه دولة الإسلام؟

    وأن التجديف والإلحاد هو إنكار المسلمين لألوهية المسيح!!

    وهذا عجيب! إذ كيف تكون المملكة الخامسة العظمى الأبدية قرناً صغيراً من قرون حيوان من الحيوانات الأربعة الذي له غير هذا القرن عشرة قرون كبرى؟!!

    وكيف تكون الأمة الإسلامية التي شملت العرب والفرس والترك والبربر والزنج والهنود والتتار وغيرهم مجرد قرن من الروم؟! وقرن صغير أيضاً؟!

    إن النـزول بالبحث العلمي إلى هذا الحد يوجب الإعراض والضرب صفحاً عن هذا اللغو؛ لاسيما وأنه لا علاقة للمسيح وألوهيته بالرؤيا من قريب ولا من بعيد، بل السفر كله توحيد.

    وذهبت طائفة منهم إلى أن القرن الصغير هو الوحش المذكور في سفر الرؤيا!!

    وهنا ينبغي أن نعتذر للقارئ المسلم عن الاسترسال في ذكر الغرائب الحيوانية، ولا يظن أننا سنورد فيلم الرعب الطويل المسمى: سفر الرؤيا!

    ونرجو منه أن يتأمل معنا هذا الوحش في لقطة لا تتعدى الثواني من هذا الفيلم، وليعلم أن القوم في الغرب أضاعوا ويضيعون في هذا ما يعد بالملايين من ساعات العمل، بل ربما من أيام العمل، وأن الكتب المتعلقة بها أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا !!

    فماذا علينا لو تحملنا دقائق وصفحات لنردهم إلى الصواب، ونريحهم من العناء ونحمد الله على اليقين؟!

    يقول سفر الرؤيا : 'ثم وقفت على رمل البحر، فرأيت وحشاً طالعاً من البحر لـه سبعة رءوس وعشرة قرون، وعلى قرونه عشرة تيجان، وعلى رءوسه اسم تجديف (أي إلحاد وزندقة)، والوحش الذي رأيته كان شبه نمر، وقوائمه كقوائم دب، وفمه كفم أسد، وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً، ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي، وتعجبت كل الأرض وراء الوحش'.

    لقد حاول ت.ب.بيتز - وهو أجود شارح لسفر الرؤيا - أن يصيب كبد الحقيقة، ويدل قومه على القرن الصغير الملحد، الذي يخرج من بين قرون الروم، ولكنه لم يستطع لأسباب:

    الأول مشترك بين كل الباحثين، وهو: اختلاط الحق بالباطل في الأسفار، واستحالة تمييز المحرَّف من الباقي على أصله؛ بل المضاف والمحذوف.

    الثاني مشترك بينه وبين أكثر باحثي أهل ملته كما أسلفنا، وهو: جعل النبوات كلها في زمن المسيح القادم، وتجاهله المطبق للإسلام رسالة وحضارة ومملكة!!

    الثالث يخصه، وهو: أنه هلك قبل قيام رجسة الخراب إسرائيل، فكان من الصعب عليه أن يُفسر الأحداث بدقة.

    لكن لما يتميز به شرحه سوف نجعله نموذجاً لتصحيح المنهج.

    يقرر بيتز أن الوحش هو نظير القرن الصغير في نبوءة دانيال (مع التنبيه إلى أن في سفر الرؤيا وحشين اثنين!!). 'وهو في الوقت نفسه الشكل الجديد الذي ستتخذه الامبراطورية الرومانية، الذي سيفاجئ العالم قبل نزول المسيح لإقامة ملكوته الذي هو المملكة الأخيرة الأبدية في نظره.

    وهو لما رأى أن الفجوة كبيرة، وقرونها الزمنية كثيرة، لا يسدها عشرة ملوك ولو حكم كل ملك قرناً، جاء بتأويل جديد هو أن القرن ليس ملكاً! بل هو شكل من أشكال الحكم، كالشكل الجمهوري أو الامبراطوري مثلاً، ولكل شكل ملوكه الكثيرون، لكنه لم يفصل لنا كل الأشكال؛ بل جعل السادس هو الامبراطوري، وافترض أن الشكل السابع عتيد أن يقوم.

    أما الثامن والنهائي فهو: حكومة الوحش الذي هو القرن الصغير" 'ولأول مرة -بل من النادر- أن تجد في كلام القوم -على كثرته وإسهابه- مثل هذا الكلام الرصين الذي يشبه في أوله كلام فقهاء الإسلام، يقول: نلاحظ وجه شبه بين هذا الوحش وبين قرن دانيال الصغير، فقد حارب القرن الصغير القديسين فغلبهم.'.

    كما أعطي للوحش أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم. (رؤ/ 13: 7).

    وكما في دانيال يتكلم القرن بكلام ضد العلي. (7: 25).

    هكذا في الرؤيا يفتح الوحش فمه بالتجديف على الله. (13: 6).

    وكما أن سلطة القرن الصغير تدوم إلى زمان وأزمنة ونصف زمان(دا/7: 25).

    كذلك سيبقى سلطان الوحش اثنين وأربعين شهراً. (رؤ/ 13: 5).

    وهي نفس المدة المذكورة في دانيال ولو اختلف الاصطلاح.(189 -190).

    وهنا لنا وقفة يسيرة؛ فالقوم كالعادة لابد أن يتناقضوا ويحيروا العقل، إذ كيف يوجد شكل سياسي يحكم فيه مجموعة من الملوك، ويكون مجموع حكمهم هذه المدة الوجيزة؟! ثم إنه لم يثبت على رأي واحد، بل جعله مرة شخصاً حاكماً، وأخرى هيئة أو جمعية تآمرية - كما سنرى -.

    فلنتابع معه الأحوال والأحداث المتعلقة بالوحش لكي نعرف هذا القرن الصغير المشئوم؟!

    عن هذا يقرر بيتز أمورا ً: -

    1 - أن الوحش سيكون في أورشليم (193). ويقرر: 'إن أورشليم هي النقطة المركزية التي تتجمع حولها الحوادث المذكورة هنا بلغة الرموز'. (ونذكِّر القراء بأنه كتب هذا والقدس شبه منسية عندهم إلا من قليل من السّوّاح أو الزائرين).

    2 - الوحش (إسرائيلي لكنه لا يبالي بيَهْوَه إلـه الأمة، ولا بالمسيَّا الموعود المنتظر رجاء الأمة، ولا حتى بالآلهة الباطلة التي طالما مالت إليـها الأمة...).

    3 - يتحالف الوحش مـع (رأس الامبراطورية الرومانية ومركز القوة والسلطة العالمية) (200).

    4 - يجزم (بيتز ) أن هذا الرئيس الروماني ليس أحداً من الأباطرة السابقين، بل هو الذي سيأتي عند قيام رجسة الخراب التي تحدث عنها دانيال وذكّر بها المسيح مرة أخرى، ويقول: 'من مواضع كثيرة في كلمة الله -أي الكتاب المقدس - يتبين أن العشرة الأسباط سيجتمعون في أورشليم بعد خلاصها وعتقها - أي: قبل نزول المسيح - وهناك يحتملون نار الضيقة العظيمة في أشدها، بينما إسرائيل الذين رفضوا المسيح سيجتمعون إليها قبل ذلك" أي: في يوم غضب الرب على الدولة الرجسة، الذي سنعقد لـه فصلاً قادماً بعنوان ( يوم غضب الرب ).

    مرة أخرى ينبغي أن نتذكّر أنه هلك قبل قيام دولة إسرائيل بكثير:

    1 - حكومة الوحش ستكون ملحدة على النظام الغربي، لا على هدي الوحي؛ بل هي من أكبر أسباب الإلحاد والظلام. يقول: 'في أوروبا الغربية الوطن المختار للمدنية والحرية والاستنارة والتقدم، كانت نتيجة تفاعل تلك المبادئ البشرية هي قيام حكومة الوحش ملتقى الطغيان والظلام والتعاسة والتجديف'.

    2 - وتحت زعامة الوحش يقرر بيتز اعتماداً على مفهومه لرؤيا دانيال: 'سوف تتكون عصبة من الحكومات المتحالفة مؤقتاً'.

    وصفة الحلف الذي ستعقده الامبراطورية الرومانية الجديدة هو أن: 'العشرة ملوك الذين يحكمونها يصنعون رأياً واحداً ويعطون الوحش ملكهم' (ص:253).

    والعجب حقاً هو أنه 'ليس الوحش هو الذي يجبرهم على إطاعة أمره؛ بل هو عمل تطوعي يقومون به من جانبهم' 253).

    كما أنه ليس من شرط الوحش أن يحكم كملك بل 'بواسطة نفوذه في مؤامرات ومشورات على أرض الامبراطورية الرومانية القديمة، أو على الأقل الجزء الغربي منها' (ص:254).

    (ونُذَكِّر بأنه كتب هذا قبل قيام الأمم المتحدة، وظهور السيطرة الصهيونية على السياسة الغربية عامة والأمريكية خاصة)!!

    3 - وعن عدو الوحش والمعركة بينهما يقول بيتز : - 'إن الحلف القائم بين الامبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش الشمالي، الذي -بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت- سيباغتهم كسيل جارف، ويجلب الخراب على الأرض'.

    ولتفسير الجيش الشمالي نجده يقول: 'يجمع ملوك المشرق قواتهم ليغيروا على حدود أملاك الوحش، ومن الناحية الأخرى سيجمع الوحش باتفاقه مع ملوك الغرب قواته ويزحف إلى معركة هرمجدون المشئومة'.

    9 - وأخيراً يحدثنا بيتز عن نتيجة المعركة: 'قل أن يحلم الوحش ومساعده الأثيم أنهما سيؤخذان أسيرين من ساحة القتال التي يعجلان إليها! وأنه سيلقى بهما حيين إلى عذابات بحيرة النار الأبدية، وقلّ أن يجرؤ القديسون المتألمون المختبئون بين الجبال والمغاير فيؤمِّلون بأنهم سيرفعون رءوسهم آخر الأمر'.

    والآن وقد عرفنا الوحش نسأل: هل هذه النهاية لا تكون إلا في هرمجدون وعلى يد المسيح؟.

    إن افتراض ذلك هو الخطأ المشترك بين هؤلاء وبين بعض الباحثين المسلمين أيضاً، والفرق أن هؤلاء لا يحسبون حساباً للمنطق والعقل وسنة الله في التاريخ، أما المسلمون فيبحثون غالباً عن سنن طبيعية لتفسير الأحداث... المسلمون كمن يخطئ طريقه في النهار، أما هؤلاء فكل سيرهم في الظلمات إلا بقايا من البصيص الباهت!!

    لقد قلنا: إن بيتز كاد أن يصيب الحقيقة، ولكي نساعد قراءه على إصابتها نورد لهم تلخيصه للأحداث كما سطره (ص213). مع حذف العناصر المشيحانية، وإبقاء الموضوع في حدود المألوف، ونقرأ كلاماً بدونها فيكون هكذا: 'سوف تعود الامبراطورية الرومانية إلى الوجود.. وستكون الكتلة اليهودية قد رجعت إلى أورشليم غالباً في عدم الإيمان (ونحن نقول: بل قطعاً)... وبينما هم في أورشليم إذا بقوة عظيمة تهدد ذلك الشعب الراجع، ولكي تتقي الكتلة اليهودية شر تلك القوة فإنها... تعقد عهداً مع الرئيس العظيم الذي سيكون حاكماً للامبراطورية الرومانية في عهدها الجديد... إلا أن الحلف القائم بين الامبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش... الذي بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت سيباغتهم كسيل جارف'.

    ولو أعدنا نحن كتابة الموضوع فسنقول ببساطة:

    1 - دولة إسرائيل قرن صغير خرج من الروم من بين قرونهم الاستعمارية الكبرى وقد رجع إلى الأرض المقدسة غازياً مدنساً.

    2 - الوحش أو الوحشان هما: الصهيونية ذات الوجهين أحدهما يهودي والآخر نصراني.

    3 - اليهود عامة والصهيونيون خاصة، هم دعاة الإلحاد والفساد في الأرض، وأكثر أصحاب النظريات الإلحادية منهم: ماركس ، وفرويد ، ودور كايم ، وفيشتة وأرلر ، وماركوز ، وهسّرل ، وشيلر ، وبرجسون ، ومارك بوبر .

    4 - قيام رجسة الخراب في القدس هو احتلال اليهود لها واتخاذها عاصمة لحكمهم، وهذا مما سنفصل الحديث عنه لاحقاً.

    5 - الامبراطورية الرومانية الجديدة: هي الولايات المتحدة الأمريكية ، ويمكن أن يشتمل الاسم: الغرب كله، وهنا تتداخل مع بابل الجديدة المذكورة في النبوءات الأخرى، وهي التنين الذي أعطى الوحش القدرة والسلطان!! وسنرى نهاية هذا التنين مع نهاية رجسة الخراب في يوم غضب الرب.

    6 - الجيش الآتي من الشمال أومن الشرق هم المجاهدون المسلمون ولهذا أيضاً تفصيله في فصل آتٍ من نبوءات أخرى!!

    وبقية القصة من التحالف والحرب وحلول غضب الرب لا إشكال فيها حينئذٍ!!

    إلا أنه لا بد من الإشارة إلى سبب آخر يوجب تعديل كلام بيتـز ، وهو أن التثليث الذي أفسد عقيدة هؤلاء قد أفسد عقولهم أيضاً، فهو في (ص:211) ينسى كل ما قال، ويؤكد أن الثلاثة الأشخاص الملقبين بالقرن الصغير، والوحش، والرئيس الامبراطوري كلهم في الحقيقة شخص واحد!!!

    والمهم أن تغييراً ذا شأن لم يمس جوهر (السيناريو)، وكل ما صنعناه هو تعديل أسماء شخصيات المسرحية!!

    والعنصر الأساس في المسرحية هو (عودة اليهود إلى الأرض المقدسة بلا إيمان) بل بكفرهم القديم وإلحادهم الحديث، ومن هنا أقاموا على الأرض المباركة الطاهرة دولتهم التي سماها دانيال (رجسة الخراب) وهذا هو موضوع الفصل التالي.



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  2. #12


    رجسة الخراب


    الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

    من كتاب: يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟

    (رجسة الخراب) مصطلح كتابي مهم جداً، وهو واضح؛ لكن القوم كالعادة أحاطوه بهالة من الغموض في لفظه وفي تأويله.

    وهذا التركيب بصيغة المضاف والمضاف إليه له مترادفات أخرى مثل: "وحشة الخراب"، و"شناعة - أو شنيعة - الخراب"، وله ترجمات بالمعنى مثل: "معصية الخراب"، و"المعصية المدمرة" أو "الخطيئة المدمرة"... وجاء بمعنى أوضح وهو "المملكة الخاطئة"!!

    أما بيـتـز فقد حقق أنها: "المُخَرِّب الشنيع" ويمكن ترجمتها بـ "المخرِّب النجس أو الرجس" ولعل الأصح في الترجمة والأوفق لكلمات الله أن تسمى (المفسد الرجس) أو (الرجس المفسد).

    فلنقرأ ما قال سفر دانيال عنها، فهو الذي جعل لها هذه الأهمية الكبرى في التاريخ.

    ونبدأ ببيان أنه بعد أن أوَّل المَلَك (من الملائكة) لدانيال رؤيا الحيوانات الأربعة - السابق ذكرها - ختم بخاتمة حاسمة فقال: "والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي ملكوته ملكوت أبدي، وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون. إلى هنا نهاية الأمر'.

    ولكن دانيال فزع كثيراً ولا يزال في حاجة إلى معرفة أكثر، وكأنما رأى أن رؤيا التمثال عامةٌ وتتعلق برائيها "المَلِك"، ورؤيا الحيوانات الأربعة تُهِمّه هو. فأراد تفسيراً أوضح لما يجري في قريب الزمان وفي نهايته، وهما الطرفان المهمان عادة لكل إنسان. أما المستقبل القريب فكل إنسان يتطلع إلى معرفة مصير هؤلاء البشر، وهذه الأحداث التي يعيش بينها ولا يكاد أحد - جاهلاً أو عالماً - يخلو من هذا، وأما المستقبل البعيد فالنهاية دائماً موضع تساؤل واهتمام:

    نهاية العالم كله، ونهاية الأمة التي ينتمي إليها نهاية أهل الإيمان وأهل الكفران؛ لاسيما لمن كان نبياً أو من أتباع الأنبياء.

    وهكذا كانت الرؤيا الثالثة: - 'رأيت وإذا بكبش واقف عند النهر، وله قرنان، والقرنان عاليان، والواحد أعلى من الآخر، والأعلى طالع أخيراً، ورأيت الكبش ينطح غرباً وشمالاً وجنوباً، فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده... وإذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض، وللتيس قرن معتبرٌ بين عينيه وجاء إلى الكبش صاحب القرنين.. فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه، فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه.. فتعظم تيس المعز جداً، ولما اعتـز انكسر القرن العظيم وطلع عوضاً عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع، ومن واحدٍ منها خرج قرن صغير وعظم جداً نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي، وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضاً من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم، وحتى إلى رئيس الجند تعظم، وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن (بيت) مَقْدِسِه وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح'.

    قال دانيال: 'فسمعت قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوس واحد لفلانٍ المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء. فيتبرأ القدس ' .

    وفي الطبعة الكاثوليكية : 'إلى ألفين وثلاث مئة مساء وصباح ثم تُرد إلى القدس حقوقه'.

    وهكذا طلب دانيال من المَلَك أن يعبر الرؤيا، فخاطبه قائلاً: 'يا ابن آدم إن الرؤيا لوقت المنتهى... هأنذا أعرفك ما يكون في آخر السخط؛ لأن الرؤيا لميعاد الانتهاء، أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس، والتيس العافي مُلْك اليونان ، والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول، وإذا انكسر وقام أربعة عوضاً عنه، فستقوم أربع ممالك من الأمة ليس في قوته،[18] وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته، يهلك عجباً وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين، وبحذاقته ينجح -أيضاً- المكر في يده، ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر، فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق، أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيامٍ كثيرة'.

    ولكن الشوق إلى المعرفة يزداد؛ لاسيما ودانيال يعيش زمن أحداث كبرى بين إمبراطوريتي بابل وفارس ، ويهمه جداً مصير شعبه البائس المسبي، ويهمه شأن القدس ومن يسيطر عليها، فأخذ يتضرع ويبكي ويصلي؛ حتى أراه الله رؤيا أكثر دقة من جهة الزمن والعدد، ولكن تعبيرها مشكل جداً ولا نشك أن القوم حرفوها، وأحالوا وضوحها ودقتها غموضاً.

    إنها رؤيا "الأسابيع" المشهورة، وفيها يقول الملَك له: 'سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي، ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القديسين، فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً... إلى أن يقول: وشعب رئيس آتٍ يخرب المدينة والقدس ، وانتهاؤه بغمارة (طوفان) وإلى النهاية حرب وخِرَبٌ قضى بها، ويثبت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطِّل الذبيحة والتقدمة، وعلى جناح الأرجاس مُخَرِّب حتى يتم ويصب القضاء على المخرَّب'.

    وفي الطبعة الكاثوليكية : 'ويأتي شعب رئيس فيدمروا المدينة والقدس وبالطوفان تكون نهايتها، وإلى النهاية يكون ما قضى من القتال والتخريب، وفي أسبوع واحد يقطع عهداً مع كثيرين عهداً ثابتاً وفي نصف الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة، وفي جناح الهيكل تكون شناعة الخراب إلى أن ينصب الإقناء المقضي على المخرب'.

    إن هذا الغموض يجعلنا نجزم بوقوع التحريف، وإن كان بعض الباحثين بذلوا جهوداً حسنة لتفسير هذه النبوءة لتطابق مولد المسيح أو بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    وعلى أي حال عرف دانيال التسلسل الزمني للأحداث ولكن كيف تقع؟

    لا يزال الإنسان في شوق شديد إلى المعرفة، والرب كريم يعطي كل مرة.

    يعود دانيال إلى الصلاة والضراعة فيأتيه الملك قائلاً: 'جئت لأفهمك ما يصيب شعبك في الأيام الأخيرة لأن الرؤيا إلى أيامٍ بعد'.

    هنا نلحظ تكرار التنبيه إلى تأخر زمان وقوع التأويل بهذه العبارة وما في معناها حتى لا يخطئ دانيال.

    فقد كان دانيال يريد المستقبل القريب، والرؤيا تحدد الأهم وهو النهايات البعيدة، والمَلَك يوصي دانيال ألا ينسى هذا فيظن أن هذا في القريب، وهو مع ذلك يخبره بما سيقع مـن حروب بين ملوك فارس واليونان ، وملك الشمال وملك الجنوب يهمنا منه قوله: 'وتقوم منه -أي من ملك الشمال - أذرع وتنجِّس المقدس الحصين وتنـزع المحرقة الدائمة وتجعل الرجس المخرِّب' (11: 21).

    وهو يشير إلى حكومة وثنية تتسلط على بيت المقدس وتقيم فيه عبادتها، فاختلف أهل الكتاب ما هي، وهذا لا يهمنا؛ بل المهم هو أن هذا يوضح ماهية الرجس المخرب الآخر - الذي سيأتي بعد - ويقيمه الوحش أو القرن الصغير في الأرض نفسها وأنه دولة، فالاسم واحد لكن المذكور هنا وثني، أما الآخر فقد سبق بيان أنه إسرائيلي!!

    ويختم الحديث عن تلك الأحداث بقيام الساعة وبعث الأموات ويوصي دانيال قائلاً: 'أما أنت يا دانيال، فأخفِ الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية'.

    ولكن الملكين يخاطب أحدهما الآخر ليسمع دانيال ويفهم قائلاً: 'إذا تم تفريق الشعب المقدس تتم هذه'.

    وعندها يقول دانيال: 'وأنا سمعت وما فهمت، فقلت: يا سيدي! ما هي آخر هذه؟ فقال: اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى وقت النهاية... من وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرِّب (وفي ترجمة أخرى: شناعة الخراب) ألف ومائتان وتسعون يوماً، طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً، أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح...'.

    وانتهى السفر واستراح دانيال ولاسيما وقد اطمأن إلى أن القدس ستعود لـه حقوقه بعد 45 سنة!!

    ولكن أهل الكتاب لم يستريحوا ولن يستريحوا بشأن هذه الأحداث، إلا مَن ترك التعصب وفتح عينيه على الحقائق، لقد تعبوا وأتعبوا العالم وأتعبونا..

    إن ما تقدم هو عرض موجز لأهم النبوءات في الكتاب المقدس كله -نبوءات دانيال- ومنه نلحظ أموراً كثيرة، منها: -

    1 - زيادة توكيد لما سبق من الحديث عن القرن الصغير فهو ماكر محتال زنديق لا يقوم بقوته بل بالاعتماد على غيره، وعدوه هم شعب القديسين أتباع خاتم الأنبياء، فهو يتعالى عليهم ويسقط رئيس رؤسائهم ( الخليفة ) بلا جيش، وأخبث أعماله أنه يدوس القدس ويهينها بجنده، ويبطل الصلاة،[19] ويهدم بيت الله فيها، ويقيم فيها دولته الموصوفة بـ(الرجس المخرِّب).

    2 - هذا القرن الصغير يفعل ذلك في أيام سلطان المملكة الأخيرة - مملكة القديسين - لا في أيام فارس والروم.. وقيام دولة الرجس لا يدل على انقضاء تلك المملكة الأبدية، وهذا ما أكده السفر مراراً، وإنما هو حدث عارض محدود المدة والمكان، فهو ليس من جنس ما في رؤيا التمثال حيث تسقط مملكة وتقوم أخرى مكانها، ولا من جنس ما في رؤيا الحيوانات الأربعة حيث يتغلب واحد ضخم هائل على الأخرى. لا، لاشيء من ذلك، فهذا قرن صغير، ومجال سيطرته محدود، لكن مكره كبير ودهاؤه عظيم ووراءه قوة عظمى تمده، ويصادف ذلك حالة ضيق شديدة [أشار إليها دانيال (12: 1)] وضعف شديد لدى شعب القديسين، لكن الضيقة تـزول والقديسون ينتصرون من جديد، ويفرحون بيوم زوال رجسة الخراب وتطهير القدس منها.

    إن هذا القرن الصغير الخبيث المفسد يهدم ويقيم، يهدم بيت قدس الله ويقيم الرجسة مكانه، ومن هـنا قال بعض شراح أهل الكتاب: إن الرجسة هي صنم يقوم في الهيكل، وبالأصح هيكل يقام في المسجد وليس هذا الخلاف في معنى الرجسة مؤثراً؛ لأنه لا يقام بناءٌ أجنبيٌّ عدوٌ في معبد أمة ما إلا بجند وسلطة، فالرجس مدلوله عام وخاص، العام: قيام الدولة الرجسة نفسها، والخاص: بناؤها للصنم أو الرجس الذي تتعبد لـه أو فيه!! كما أن إزالة الصنم من بيت الله لا تكون إلا بجند وسلطة.

    هكذا فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فتح مكة ، وهكذا سيفعل أتباعه إذا دخلوا المسجد ووجدوا فيه بناءً رجساً لدولة الرجس!! (وربما لا يكون الرجس الذي فيه إلا علم الدولة الصهيونية )، ولهذا كان أكثر الشراح لا يرتابون في أن قيام الرجسة هو قيام دولة رجسة مخربة على أرض القدس ، ولكن ما هي هذه الدولة؟!

    الأمم الثلاث التي تعظم القدس كل منها قد أقام دولته عليها، أو فتحها وغلب عليها، ولا شك أن واحدة منها هي الرجسة المقصودة بالذات في هذه النبوءات دون الأخريين.

    ومن هنا نستطيع معرفة تلك الدولة ليس من كلام دانيال فحسب؛ بل من شهادة التاريخ والواقع. والأمر المهم هنا هو أن هذه الدولة ستكون بعد المسيح عليه السلام؛ لأنه كما في "إنجيل متّى" وغيره أخبر عما قاله دانيال، وأوضح أن ذلك سيكون في آخر الزمان على ما سيأتي تفصيله، وبهذا يظهر خطأ من قال: إن قيام الرجسة كان قبل المسيح، وأن المقصود هو هيكل الصنم )زيوس)، وكذلك من قال: إنها في الأحداث التي تلت وفاته بعدة عقود (سنة 70 أو 135) لأسباب كثيرة:

    1 - أن تلك الأحداث عادية في قائمة أحداث التاريخ، وقد عرف التاريخ اليهودي مثلها كرات ومرات كما في عهود القضاة!!

    2 - أن اليهود حينئذٍ كانوا كفاراً لكفرهم برسالة المسيح عليه السلام، والمعنيُّ بتلك الأحداث هم المؤمنون برسالته.

    3 - أن تلك الأحداث تخالف الزمان والشروط الأخرى التي حددها دانيال و"المسيح"، بل تخالف ما جاء في معظم أسفار الأنبياء عن عودة اليهود ومحاكمتهم وتجمعهم النجس، وحلول غضب الله عليهم بواسطة الأمة المختارة، وغير ذلك مما سوف يأتي الحديث عنه مفصلاً بحيث لا يبقى لدى القارئ شك في أن تأويلها على الماضي تعسف لها.

    إن الشراح اليهود بسبب كفرهم بالمسيح عليه السلام ورسالته لا يعتدون بكلامه أصلاً، ومن هنا فسروا قيام الرجسة بأنها وثن يقام مكان الهيكل، ثم احتاروا واختلفوا متى قام أو يقوم، فبعضهم جعل ذلك قبل المسيح، وبعضهم بعده، واضطربوا اضطراباً شديداً في الزمن الذي حدده دانيال بدقة، ولاسيما من فهم منهم الأيام على ظاهرها المعروف.

    أما من فسرها بالسنين فقد لزمه يقيناً أن يعترف بأن ذلك لم يقع ولن يقع إلا بعد مرور ألفين وثلاث مئة سنة، وخاصة أنه لم يقع في التاريخ أن دولة جاءت بعد (2300) يومٍ وأقامت دولة لمدة (45) يوماً ورحلت!!

    إن هذا من التفاهة بحيث لا يستحق أن يدونه التاريخ إلا عبوراً!!

    وذلك أن الأسفار نفسها تحدد اليوم بالسنة كما في حزقيال 'قد جعلت لك كل يوم بسنة. 4: 6' كما أن لفظ الرؤيا ( طوبى لمن ينتظر... ) لا يدل على (45) يوماً، فالانتظار إنما يكون لخمسة وأربعين سنة.

    على أن لدينا شهادة مهمة من اليهود أنفسهم، فإن طائفة عظيمة منهم كانت - ولا تـزال - تقول: إن الكيان الصهيوني القائم حالياً هو الرجسة، وهم الذين حذروا أتباعهم من الفكر الصهيوني قديماً وحديثاً، ولديهم إيمان عميق بأن تجمع اليهود هو لحلول غضب الله عليهم وانتقامه منهم، وهم طائفة كبيرة في أمريكا وغيرها، ومنهم من يؤمن بهذه الحقيقة ولكنه يفسرها تفسيراً علمانياً، وأشهرهم المفكر اللغوي العالمي نعوم شومسكي ، ومنهم مجموعات في الأرض المحتلة نفسها، ومنهم الحاخام "هيرش " وزير الشئون اليهودية في السلطة العرفاتية، ومجموعته تسمى (ناتوريم كارتا) نواطير القرية (حراس القرية).



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  3. #13


    فلندع اليهود إذن! ولننظر ماذا قال النصارى؟!

    إن الخطأ المشترك بين الطائفتين هو أن المقصود بالرجسة شعب غير اليهود، وغير اليهود هم عند الطائفتين وثنيون، ومن هنا كان من السهل وصف أي دولة وثنية بالرجس، حتى أن بيتـز نفسه - مع إقراره بأن اليهود سيكونون وثنيين في عبادتهم - فسر الرجسة بأنها مملكة آشور التي تغزو الأرض المقدسة في آخر الزمان (ص:209).

    وربما كان لـه العذر لكونه كتب ذلك قبل قيام دولة إسرائيل، وما كان أحد يتخيل قيام دولة لليهود، ولهذا هو لم يسمهم -عند عودتهم إلى أورشليم - دولة؛ بل كتلة أو مجموعة كما رأينا.

    ثم إنه وأمثاله كانوا يتصورون أن اليهود سيكونون مضطهدين تحت تأثير الحكم الأممي (العربي)، ولهذا فسوف يـبادرون إلى الإيمان بالمسيح حال حلول الألفية، أو حال نزوله، وسيكون ذلك معجزة كما عبر ماكينتوش بقوله: 'إن دهشة كل العالم في ذلك اليوم ستكون كيف أن هذه الأمة النجسة قد أصبحت مقدسة للرب'[20] .

    ويعلل ذلك بأن: 'الثلث فقط هم الذين سينقذون من النار الآكلة والضيقة' وهذا إشارة منه إلى ما ورد في الأسفار عن نهاية دولة الرجس كما في فصلٍ آتٍ.

    إذن! فهؤلاء لديهم نصف الحقيقة، وهو كفر اليهود ونجاستهم، أما أن تكون لهم دولة فهو النصف المفقود، وهم بلا ريب أفضل حالاً من سائر الشُّرَّاح والمؤرخين الذين اعتمد الأصوليون المعاصرون على تفسيرهم الإجرامي لرجسة الخراب، ومنهم ستيفن رنسمان مؤلف كتاب تاريخ الحروب الصليبية المشهور الذي قال: 'في أحد أيام شهر فبراير سنة (638) دخل إلى بيت المقدس الخليفة عمر بن الخطاب ...

    وسار إلى جانب الخليفة البطريرك صفرو نيوس باعتباره رأس رجال الإدارة في المدينة التي أذعنت، على أن عمر بادر بالتوجه رأساً إلى موقع هيكل سليمان (!!) الذي صعد منه صاحبه سيدنا محمد إلى السماء، وبينما كان البطريرك ينظر إليه أثناء وقوفه استذكر أقوال المسيح، وأخذ ينبس بها من خلال دموعه:

    "فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي......"

    كان هذا آخر ما قام به البطريرك من الأعمال العامة، وكان الذروة الفاجعة لحياة طويلة أنفقها في سبيل الأرثوذكسية ووحدة العالم المسيحي' تاريخ الحروب الصليبية : ص (17، 19).

    وعلى هذا الرأي -أيضاً- المؤرخ النصراني العربي فيليب حتى [21] وقد تصدى المهتدون من أهل الكتاب للرد على هذا، بل إن بعضهم ذكر نبوءة دخول عمر رضي الله عنه إلى القدس من التوراة دون أن يعلم من قال هذا القول الفاحش، وذلك بما جاء في سفر زكريا: 'ابتهجي جداً يا بنت صهيون واهتفي يا بنت أورشليم

    هو ذا ملكك آتياً إليك

    بارّاً مخلصاً متواضعـاً...

    ويكلم الأمم بالسـلام

    ويكون سلطانه من البحر إلى البحر

    ومن النهر إلى أقاصي الأرض'.

    وهي النبوءة التي يفسرها النصارى - رغماً عنها - بأنها تعني دخول المسيح إلى القدس زائراً وحيداً! [22] ولو لم يكن للفتح الإسلامي أي نبوءة ولو لم يكن الفاتح هو عمر بنفسه، فإن وصف الرجس أبعد ما يكون عن أمة التوحيد وفتوحاتها العظمى التي أخرجت الناس من الظلمات والرجس إلى النور والطهارة، وهذا -ولله الحمد- ما شهد به التاريخ كله، ولا ينكره إلا مكابر أسقمه التعصب وأعمى عينه الحقد.

    ثم إنه لا ينطبق عليها بحال أنها بعد (2300) سنة، سواء كان الابتداء من وفاة دانيال أو من التاريخ الإسكندري، لأن دانيال توفي سنة (453) ق.م، وما بين هذه السنة والفتـح الإسلامي هو ( 453 + 638 = ) 1091 سنة!!

    وإن كان بالتقويم الإسكندري فهو ( 333 + 638 = ) 971 فقط!!

    وهنا لا بد أن نعرج على أرقام دانيال، وإن كنا نحب تأخير الحديث عنها؛ لأن الوقائع والحقائق الثابتة تجعلنا في غنى عنها، ولكن ما من الأمر بد لاستكمال الصورة:

    يقول دانيال: إن قيام رجسة الخراب إلى (2300) سنة أي سيكون بعد (2300) سنة -كما أوضحنا - فهذا الأسلوب ( إلى متى.. إلى كذا ) متكرر في الرؤيا نفسها وغيرها من الأسفار، وهو من الخطأ في الترجمة أو من الترجمة الحرفية غالباً؛ لاسيما وقد رأينا التوكيد على أنها في آخر الزمان، وعند حلول السخط وبعيدة الوقوع.

    ولا يخالفنا في هذا أحد من الباحثين الذين يُفسرون اليوم بالسنة، وقد تبين لنا سقوط التفسير الحرفي بأنه اليوم المعروف.

    ولكن الاختلاف والإشكال هو من أين يبدأ؟

    يمكن معرفة الأقوال من شرح جانسي الذي جمعه حسب قوله من خمسة وثمانين تفسيراً كتابياً، وقال فيه كما لخصه الشيخ رحمة الله الهندي : 'تعيين زمان مبدأ هذا الخبر في غاية الإشكال عند العلماء من قديم الأيام، ومختار الأكثر أن زمان مبدئه واحد من الأزمنة الأربعة التي صدر فيها أربعة فرامين (مراسيم) سلاطين إيران :

    الأول: سنة (636) قبل ميلاد المسيح التي صدر فيها فرمان قوروش .

    الثاني: سنة (518) قبل الميلاد التي صدر فيها فرمان دارا .

    الثالث: سنة (458) قبل الميلاد التي حصل فيها فرمان أردشير لعزرا ...

    الرابع: سنة (444) قبل الميلاد التي حصل فيها لنحميا فرمان أردشير (الأخير)..

    والمراد بالأيام السنون، ويكون منتهى هذا الخبر [أي زمن وقوعه، كما سبق أن أوضحنا] باعتبار المبادئ المذكورة على هذا التفصيل:

    بالاعتبار الأول سنة (1764م).

    بالاعتبار الثاني سنة (1782م).

    بالاعتبار الثالث سنة (1843م).

    بالاعتبار الرابع سنة (1856م).

    يقول جانسي الذي ألف كتابه سنة (1838م):

    ومضت المدة الأولى والثانية وبقيت الثالثة والرابعة والثالثة أقوى وعندي هي بالجزم.

    ونحن نقول: عندنا -كما عند العالم كله اليوم - إن هذا خطأ فماذا بعد؟.

    ويقول جانسي :

    وعند البعض مبدؤه خروج الإسكندر الرومي ( الصحيح اليوناني) على ملك إيشيا ( آسيا ) (يعني دارا الفارسي )، وعلى هذا منتهى هذا الخبر سنة (1966م)'[23] .

    وعلق الشيخ رحمة الله المتوفى سنة (1891م) على هذا قائلاً: 'إن كذب المبدأ الأول والثاني كان قد ظهر في عهده - كما اعترف هو نفسه- وقد ظهر كذب الثالث الذي كان أقوى في زعمه جازماً به وكذا كذب الرابع،..بقي المبدأ الخامس'[24] .

    ولما كان هم الشيخ متوجهاً إلى إبطال كل نبوءات الأسفار لإثبات أنها محرفة أو مشكوكاً فيها، فقد توقع للخامس الكذب أيضاً وقال: 'ومن يكون في ذلك الوقت يرى أنه (يعني: الخامس) كاذب أيضاً إن شاء الله بل إن الشيخ لما نقل قول من قال منهم: إن الواقع هو الذي سيظهر حقيقة هذه النبوءة رده بتهكم، وعلل ذلك بأن هؤلاء معذورون لكون الكلام فاسداً من أصله'[25] .

    ونحن نقول: رحمة الله على الشيخ رحمة الله لقد كان في وسعه أن يعلق الأمر، لأن الجزم بنفي أمر محتمل الوقوع عقلاً فيه مجازفة، وإن كانت الغاية إثبات التحريف، إذ ليس كل شيء محرفاً باتفاق، فلا أقل من أن ندع للاحتمال مجالاً.

    ثم إن الشيخ لما كانت تلك غايته لم يلتفت إلى ترجيح القول الأخير أو تضعيفه في ذاته فاقتضى ذلك أن نقول: -

    إن أصل الخطأ في الأقوال الأربعة هو تحديد المبدأ بصدور المرسوم بتجديد أورشليم ، وهذا ما لا ذكر له في الرؤيا نفسها -رؤيا الكبش والتيس- وإنما ورد في رؤيا الأسابيع السالف ذكرها، وهي رؤيا أخرى -والأرجح عندنا أن العبارة نفسها مقحمة في الرؤيا (أي عبارة: منذ صدور الأمر...) والله أعلم، فالذين فسروا المبدأ بظهور الإسكندر أرجح؛ لأنهم استنبطوه من الرؤيا نفسها.

    وبعد موت دانيال اتخذ الناس التاريخ الإسكندري، ومبدؤه من حادثة استيلائه على آسيا وهي سنة (334) عند البعض، ولكنها سنة (333) على الصحيح المشهور، وظل هو التاريخ العالمي حتى وضعت الكنيسة التاريخ الميلادي، وعليه فيكون:

    قيام رجسة الخراب هو (2300 -333) = سنة (1967)!!

    وهو ما حدث فعلاً وكان وقعه أليماً شديداً على أمة القديسين!!

    وكان فرحاً عظيماً للصهاينة والأصوليين!!

    وهو فعلاً - بغض النظر عن الأرقام والنبوءات - أعظم حدث تاريخي لليهود منذ قرابة ألفي سنة!!

    والآن وقد رأينا رجسة الخراب قائمة برجسها وخرابها، بوحشيتها وشناعتها، بوثنيتها وإلحادها، بتعطيل الصلوات في المسجد الأقصى وهدمه وحرقه -ونسأل الله أن يكف شرها فلا تقضي على البقية الباقية منه -.

    الآن نعود إلى قول المسيح عليه السلام عنها لنرى حقيقة هؤلاء الصهاينة الإنجيليين: أهم مسيحيون كما يدعون أم أتباع الوحش الصهيوني وهم يشعرون أو لا يشعرون .

    في إنجيل متّى عن المسيح: 'وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين:

    قل لنا متى يكون هذا (هدم الهيكل)؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟

    فأجاب يسوع وقال لهم: انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا المسيح، ويضلون كثيرين، وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. انظروا لا ترتاعوا؛ لأنه لابد أن تكون هذه كلها، ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن، ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع... ويقوم أنبياء كذبة كثيرون.. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلَّص ويكرِّز (أي: يذكر ويعظ) ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم، ثم يأتي المنتهى.

    فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس - ليفهم القارئ - فحينئذٍ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال، والذي على السطح فلا ينـزل ليأخذ من بيته شيئاً، والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه...

    وحينئذٍ إن قال لكم أحد: هو ذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا؛ لأنه سيقوم مسحاء كذبة، وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً. ها أنا قد سبقت وأخبرتكم، فإن قالوا لكم: ها هو في البرية فلا تخرجوا، ها هو في المخدع فلا تصدقوا؛ لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق، ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان؛ لأنه حيثما تكون الجثة فهناك تجتمع النسور'.

    كالعادة.. نصوص عن أحداث هائلة لكن غموضها محير واختلافهم فيها شديد، وذلك بسبب التحريف بالزيادة والنقصان، ومع ذلك فلها تفسير وحيد لا يصح غيره، وكلما نرجوه أن يستعين أهل الكتاب بمفاتيح الرموز التي أهديناها لهم مجاناً، وسيجدون التفسيرات المقبولة - بشرط افتراض التحريف دائماً - والمفتاح هنا هو ابن الإنسان أو ابن الرجل وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مذكور بهذه الصفة في الأناجيل لهدف واضح وهو التفريق بينه وبين ابن العذراء عيسى عليه السلام.

    ورجسة الخراب قد عرفناها، وإذا قامت فالذي سيأتي هو ابن الإنسان بجيوشه لا بذاته.

    فالموضوع متحد بين ما في سفر دانيال وما هنا فممالك تقوم على ممالك، وخاتمتها في كليهما هو قيام مملكة ابن الإنسان وتداعي جيوشه للقضاء على الرجسة أو ( الجثة ).

    (دانيال: 7: 13 -14) و(متّى: 24 -31)

    ورجسة الخراب هي هي. بل تصريح باسم دانيال في متّى ومرقص (13 -15) إلا أن لوقا يشرح الرجسة بما يؤيد ما قلنا، فهو يقول: 'متى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش... إلخ 12: 2' هو موضوع واحد لا أظن أن أحداً من الأصوليين وغيرهم يجادل فيه، وعليه: فما وصية المسيح عليه السلام؟ وما أمره لمن أدرك ذلك الزمان، زمان قيام رجسة الخراب؟!

    لقد حذَّر أبلغ تحذير من المسحاء الكذابين في أول كلامه وفي آخره، وحذَّر من الاغترار بقولهم: إن المسيح نـزل أو موجود هنا أو هناك، وزجر عن البقاء مع الأرجاس، مشدداً على الهرب العاجل من بينهم؛ لأن عقوبة الله الأليمة ستنـزل بهم على يد جيوش المسيح الآخر ابن الرجل، لا ابن العذراء، الذي ستهاجم جيوشه دولة صهيون كما تهاجم النسور الجثة، وكلتاهما رجس منتن!!

    وصية عظيمة، وقضية واضحة كالشمس، فهل يعي ذلك جيري فولويل ، وبات روبرتسون ، وجيمي سواجارات وأمثالهم وأشياعهم؟!

    وهل يسمع المختارون (أمة الإسلام)؛ فلا يضلون كما ضل أهل الكتاب؟

    ربما يجادل الأصوليون في تفسير النص كالعادة قائلين: ' إن ابن الإنسان شخصية سماوية'[26] .

    فليكن؛ ولكن ماذا يقولون في وصية المسيح حين تقوم الرجسة؟!

    أتتفق مع الضجة الكبرى التي يفتعلونها والصخب الهائل الذي يثيرونه فرحاً وابتهاجاً بقيام رجسة الخراب، وتبشيراً للعالم بأن قيامها هو تمهيد لنـزول المسيح، وحضاً للأتباع على زيارتها والحج إليها لملاقاته حين ينزل فجأة، وضغطاً شديداً لكي تقف أمريكا والعالم دائماً مع دولة الرجس والعدوان؟

    أليس هذا أعظم المناقضة والمعاندة لما قال المسيح؟!

    ثم أليست أناجيلهم كلها تنسب قتل ربهم المزعوم والتآمر عليه إلى اليهود؟! فهل رأى عقلاء العالم أمة تقدس قاتل معبودها؟! وتعادي من يحب رسولها ويؤمن به أشد الحب وأعظم الإيمان؟!

    ألم يصف المسيح عليه السلام اليهود بمثل ما ورد في الأسفار (أولاد الأفاعي، قتلة الأنبياء، المراءون، القادة العميان، الغشاشون... وحسبك بالفصل الثالث والعشرين من متّى..؟!

    فمتى يفيق الملايين من الأصوليين أتباع هؤلاء المسحاء الكذابين



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  4. #14


    الأسفار كلها تحدد الرجسة


    الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

    من كتاب: يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟

    إذا كان الحديث عن صفات اليهود الإجرامية، وسلوكهم المشين عداءً للسامية -كما يدعي الصهيونيون-، فإن أعظم كتاب على وجه الأرض معاداة للسامية هو التوراة نفسها! فلو جمعنا كل ما أصدرته الكنائس النصرانية من لعنات على اليهود، وأضفنا إليه ما صورته الروايات العالمية عنهم، كما عند "شكسبير "، و"ديكنـز " وغيرهما، ثم جمعنا الشعراء العرب وطلبنا منهم ديواناً في هجاء إسرائيل، لو جمعنا هذا كله في كتاب واحد فلن يكون مثلما ورد في أسفار التوراة ولا قريباً منه! ولكن المصيبة أن أكثر اليهود لا يقرأون ذلك، فضلاً عن المهووسين بحب إسرائيل من الأصوليين النصارى؛ بل إن كثيراً من العرب والعالم لا يعلمون عنه شيئاً.

    إن التوراة كلها - وليس سفر دانيال وحده - تحدد المراد برجسة الخراب على مدى فصول طويلة، وتبدئ وتعيد في ذلك بأساليب متعددة في التعبير والبيان من الأمثال والاستعارات والمجازات، ما بين تكرار وإسهاب واختصار.

    أما الصفات المذمومة فلا حصر لها، إنها تشمل كل خلق ذميم بلا استثناء، إلا أن وصفاً واحداً - يتكرر كقافية الشعر العربي - في كل سفر،مما يدهش قارئ التوراة أياً كان، ويزيد الدهشة أن هذا الوصف خاصة يجب أن يكون أبعد الأوصاف عن شعب يدعي أنه شعب الله المختار استناداً إلى هذا الكتاب نفسه، هذا الوصف هو: النجاسة، وهي نجاسة مركبة معجونة بدم الطمث، ومعصرة الوحشية والعنف، ممزوجة بالغدر والصلف، نجاسة ذاتية لا يطهرها شيء..

    'إنك لو اغتسلت بالنطرون، وأكثرت من الأشنان، لا تـزالين ملطخة بإثمك يقول السيد الرب: كيف تقولين لم أتنجس؟'. 'خطئت أورشليم خطيئة لذلك صارت نجسة،.وفي الترجمة الأخرى: (رجسة)' .

    وهي نجاسة زانية: 'دنست الأرض بزناها' أرمياء 3: 2) 'بل تحت كل شجرة خضراء زنت -وليس مع فاجر واحد- بل زنت مع أخلاء كثيرين (ن.م) لا؛ بل: زنت مع الحجر ومع الخشب'.

    وقضى الله أن لا تطهر من نجاستها أبداً. 'إن في نجاستك فجوراً لأني أردت أن أطهرك فلم تطهري ولن تطهري بعد اليوم من نجاستك إلى أن أريح فيك غضبي' ( .

    ولهذا يذكر سفر أرمياء أن الرب قال له: 'إني بسبب زنى المرتدة إسرائيل قد طلقتها فأعطيتها كتاب طلاق'.

    وسبب هذه العقوبة واضح متكرر. 'تدنست الأرض تحت سكانها؛ لأنهم تعدوا الشرائع ونقضوا الحكم ونكثوا العهد الأبدي فلذلك أكلت اللعنة الأرض!!'.

    هذه اللعنات مسطورة في سفر التثنية يقول: 'وإن لم تسمع لصوت الرب إلهك حافظاً وصاياه وفرائضه التي أنا آمرك بها اليوم، ولم تعمل بها، تأتي عليك هذه اللعنات كلها وتدركك؛ فتكون ملعوناً في المدينة، وملعوناً في البرية، وتكون ملعونة سلتك ومعجنك، وملعوناً ثمر بطنك وثمر أرضك ونتاج بقرك وغنمك، وتكون ملعوناً أنت في دخولك، وملعوناً أنت في خروجك، يرسل الرب عليك اللعنة والاضطراب والوعيد في كل ما تمتد عليه يدك وما تصنعه، حتى تبيد وتهلك سريعاً بسبب سوء أعمالك بعدما تركتني'.

    وعلى مدى أربعة وعشرين فقرة تستمر هذه اللعنات في أسلوب لا نظـير له، ثم تختتم قائلاً: 'هذه اللعنات كلها تأتي عليك وتطاردك وتدركك حتى تبيد، لأنك لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التي أمرك بها فتكون فيك آية وخارقة وفي نسلك للأبد'.

    وكما أن تلك النجاسة مزيجها اللعنة؛ فإن الخزي قرينها 'كما يخزى السارق حين يضبط كذلك خزي بيت إسرائيل هم وملوكهم ورؤساؤهم وكهنتهم'.

    ونجاسة إسرائيل هذه تخرج من فوق كما تخرج من أسفل، ولذلك قال أشعياء في سفره: 'أنا مقيم بين شعب نجس الشفاه'.

    وحتى بعد موتهم وطردهم من الأرض المقدسة تلاحقهم النجاسة، ففي عاموس : 'على بيت إسحاق، هكذا قال الرب: إن امرأتك تـزني في المدينة وبنيك وبناتك يسقطون بالسيف، وأرضك تقسم بالحبل، وتموت أنت في أرض نجسة، وإسرائيل يطرد من أرضه طرداً'.

    لقد فاقت في رجاستها وفواحشها ومظالمها أكثـر الأمم نجاسة في التاريخ: 'صار إثم بنت شعبي أورشليم أعظم خطيئة من سدوم التي قُلِبت في لحظة ولم تمد إليها يد'.

    ' إن سدوم أختك لم تصنع هي وتوابعها مثلما صنعت أنت وتوابعك' .

    ومن أعظمها: الوحشية والإفراط في سفك الدم؛ ولهذا فحين يسأل حزقيال ربه 'أتهلك جميع بقية إسرئيل في صب غضبك على أورشليم ؟'.

    يقول الرب: 'إن إثم بيت إسرائيل ويهودا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماءً، وامتلأت المدينة انحرافاً' 9: 8، 9).

    وفي مراثي أرمياء يصور حالة الوحشية والفوضى الصهيونية وكأنه يتحدث عن الانتفاضة المعاصرة: 'سفكوا في وسطها دم الأبرار، تاهوا كعميان في الشوارع، تلطخوا بالدم حتى لم يطق أحد أن يلمس ملابسهم، نادوهم: تنحوا، هناك نجس، تنحوا تنحوا ولا تلمسوا'.

    واستمعوا إلى هذه التعبيرات: 'لكثرة إثمكِ -يعني أورشليم - كشفت أذيالكِ فاغتصبتِ... فأنا أيضاً رفعت أذيالكِ على وجهكِ وظهر عارك، فسقكِ وصهيلكِ وفحش زناكِ على التلال وفي الحقول رأيت أقذاركِ، ويل لكِ يا أورشليم إنكِ لا تطهرين فإلى متى بعد'.

    وأصبح من المعتاد أن يخاطبوا كما في أشعياء: 'يا بني السامرة نسل الفاسق والزانية بمن تسخرون؟ وعلى من تفتحون أفواهكم وتدلعون ألسنتكم؟ ألستم أولاد المعصية ونسل الكذب؟!'.

    ويقول سفر هوشع عن الرب: 'رأيت في بيت إسرائيل ما يقشعر منه، هناك زنى أفرائيم وتنجس إسرائيل'.

    وحرصاً على وقتنا ووقت القارئ وخوفاً من مقص الرقيب الأخلاقي لا نفيض في ذكر هذه النجاسات والأرجاس، ونكتفي بما قال حزقيال عن جرائم أفرائيم كما في هذه الألفاظ: 'وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً: وأنت يا ابن الإنسان، هلاَّ تدين، هلاَّ تدين، مدينة الدماء وتعلمها بجميع قبائحها. فقل: هكذا قال السيد الرب: المدينة التي تسفك الدم في وسطها يأتي وقتها، فإنها تصنع قذارات لتتنجس بها.

    لقد أثمت بدمك الذي سفكته، ونجستِ بقذاراتك التي صنعتها، فأدنيت أيامك وبلغتِ إلى سنيّك، فلذلك قد جعلتك عاراً للأمم، وسخرة لجميع الأراضي.

    الدانيات منك والقاصيات عنك يسخرن منك، أيتها النجسة الاسم الكثيرة الاضطراب.

    ها إن رؤساء إسرائيل كانوا فيك لسفك الدم، كل واحد على ما أطاقت ذراعه.

    فيك أهانوا أباً وأماً، وفي وسطك عاملوا النـزيل بالظلم، وفيك جاروا على اليتيم والأرملة.

    لقد ازدريت أقداسي وانتهكت سبوتي، رجال نميمة كانوا فيك لسفك الدم، وفيك أكلوا على الجبال، وفي وسطك صنعوا الفجور.

    فيك من كشف عورة أبيه، وفيك أُذِلَّت المتنجسة بطمثها.

    واحد صنع مع امرأة قريبه ما هو قبيحة، وواحد نجس كنته بفجور، وواحد أذل فيك أخته بنت أبيه، فيك أخذت الرشوة لسفك الدم، وأنت أخذت الفائدة والربا، واغتصبت قريبك بالكسب، ونسيتني.

    يقول السيد الرب:

    ' فهأنذا أضرب كفي على كسبك الذي اتخذته، وعلى الدم المسفوك في وسطك، فهل يثبت قلبك أو تقوى يداك؟ أيام أجري أمري معك.

    أنا الرب تكلمت وسأفعل، أشتتك بين الأمم، وأذريك في الأراضي، وأزيل نجاستك منك، وأتدنس بك على عيون الأمم، فتعلمين أني أنا الرب'.

    'هكذا قال السيد الرب: بما أنكم -جميعاً- قد صرتم خبثاً، لذلك هأنذا أجمعكم في وسط أورشليم ، جمع الفضة والنحاس والحديد والرصاص والقصدير في وسط الأتون، لأنفخ عليها النار حتى أذيبها. هكذا أجمعكم في غضبي وسخطي وأدعكم هناك وأذيبكم، أحشدكم وأنفخ عليكم في نار سخطي وأذيبكم في وسطها، كما تسبك الفضة في وسط الأتون، كذلك تذابون في وسطها، فتعلمون أني أنا الرب صببت غضبي عليكم' .

    ' إنكِ أرض غير مطهرة، لم تمطر في يوم الغضب. في وسطها مؤامرة أنبيائها (الدجالين) كأسد زائر مفترس فريسة قد التهموا النفوس وأخذوا المال والنفيس، وكثروا الأرامل في وسطها، كهنتها تعدَّوا على شريعتي ودنسوا أقداسي، ولم يميزوا بين المقدس والحلال، ولم يُعلِموا الفرق بين النجس والطاهر، وحجبوا عيونهم عن سبوتي، فتدنست في وسطهم، ورؤساؤها في وسطها كالذئاب المفترسة الفريسة، سافكين الدم، مهلكين النفوس، لكي يكسبوا كسباً... جاروا جوراً على شعب الأرض، واختلسوا خلسة، وظلموا البائس والمسكين، وجاروا على النـزيل بغير حق" نعم! لقد جاروا على شعب الأرض جوراً عظيماً، واختلسوا أمنهم وراحتهم وبلادهم ومزارعهم! فهل نستمر مع حزقيال في استعراض أرجاس "رجسة الخراب" أم ننتقل إلى حديثه عن العقوبة؟!!

    الجواب: يجب أن نقف، ليس لأننا خرجنا عن منهجنا في الاختصار؛ بل حياءً من القارئ -وربما خوفاً من مقص الرقيب الأخلاقي- فإن السفر ضرب بعد هذا -مثلاً- للرجستين السامرة وأورشليم اليهوديتين، بامرأتين زانيتين سماهما (أهله وأهليبه )، وفي التسمية تورية لفظية عنهما، وهما قصتان تليقان بما يكتبه الإعلام الأمريكي عن جيمي سواجارات وأمثاله من قادة الصهيونية النصرانية أصحاب السيرة الأخلاقية السيئة، لكنها لا تليق ببحثنا ونستحيي من إيرادها، ولا أدري هل المتدينون النصارى يسمحون لأبنائهم وبناتهم بقراءة مثل هذه الموضوعات في (الكتاب المقدس)؟! أم يقرأونها وحدهم عند مشاهدة أفلام آخر الليل التي لا يراها من هم دون الثامنة عشرة؟!

    أما عقوبة "أهله " وأختها فلا بأس من ذكرها كما أوردها السفر: 'هكذا قال السيد الرب لتُستدعَ عليهما جماعة، ولتسلما إلى الذعر والنهب، فترجمهما الجماعة بالحجارة وتقطعهما بسيوفهما، ويقتلون بنيهما وبناتهما، ويحرقون بيوتهما بالنار، فأبطل الفجور من تلك الأرض'.

    فهنيئاً لأبطال الحجارة وهم يرجمون "أهله وأهليبه" المعاصرتين!!

    أما السيف والنار فعمَّا قريبٍ بإذن الله، فالفصل التالي سوف يعرض لنا بالتفصيل ما هو مجمل هنا.



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  5. #15


    محاكمة لا مصالحة


    الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي


    من كتاب: يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟
    يعتقد الصهيونيون بوجهيهم - اليهودي والنصراني - أن اجتماع بقية بني إسرائيل على أرض فلسطين هو تحقيق لوعد الله بالمصالحة بينه وبين شعبه المختار، ولذلك نصرهم على العرب، وبارك من يباركهم -أمريكا - ولعن من يلعنهم..!!

    والواقع أن أسفار التوراة لا تخلو من دعوة لليهود إلى المصالحة مع الرب، ولكن بماذا؟

    إنها دعوة إلى التوبة، وترك الكفر بالله ورسله، ونبذ عبادة غير الله، وحفظ فرائضه، والشفقة على الضعفاء والأيتام، والإحسان إلى الخلق.

    هذا ما نجده بوضوح في معظم الأسفار، ومعه في الوقت نفسه الوعيد الشديد عليهم إن هم خالفوا ذلك ونكثوا العهد، ونقضوا الميثاق، وهو ما لا علاقة له ضرورة بالنبوءات وأحداث آخر الزمان؛ بل هو دعوة عامة للتوبة والإيمان للفرد والجماعة في كل مكان، أما اجتماع البقية الشريرة المطرودة، وعودتها إلى الأرض المقدسة ليحل عليها غضب الله، فالنبوءات فيه صريحة وخاصة، وهي من الكثرة والوضوح بحيث يصعب حصرها وإيرادها إلا من خلال أمثلة وإشارات فقط.

    فلنبدأ بما يعتمد عليه الصهيونيون من نبوءات:

    يقول سِفر حزقيال : 'هأنذا آخذ بني إسرائيل من بين الأمم التي ذهبوا إليها، وأجمعهم من كل ناحية، وآتي بهم إلى أرضهم، وأصيِّرهم أمةً واحدة في الأرض، على جبال إسرائيل، وملك واحد يكون ملكاً عليهم ولا يكونون أمتين ولا ينقسمون بعد إلى مملكتين'.

    ربما كان هذا أقوى دليل وأصرحه للصهاينة، ولا بأس فلنكمل ما ورد في السفر نفسه، ولنقرأ بقية الكلام: 'لا تنجسون بعد بأصنامهم ولا برجاساتهم ولا بشيء من معاصيهم بل أخلِّصهم من كل مساكنهم التي فيها أخطأوا، وأطهرهم فيكونون لي شعباً وأنا أكون لهم إلهاً، وداود عبدي يكون ملكاً عليهم ويكون لجميعهم راعٍ واحد، فيسلكون في أحكامي ويحفظون فرائضي ويعملون بها'.

    لا ريب أن ذكر "داود" هنا ينفي أن يكون المقصود هو دولة صهيون المعاصرة؛ بل إن حزقيال نفسه كان بعد داود! ومن هنا، يحق لنا أن نشك في أن العبارة محرفة، لكن الصهاينة يؤولون ذلك بأنه: "رمز" لدولة إسرائيل.

    فلنسلِّم جدلاً، ولنسأل:

    أهذا وعد مطلق أم مشروط؟ وهل يتحقق في دولة إسرائيل شيءٌ من الشروط؟ أليسوا إلى اليوم كافرين برسالتي المسيح ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودينهما الواحد ( الإسلام )؟ وهب أن المقصود أحكام التوراة المنسوخة فأين هم منها؟

    إن دولة إسرائيل هي من أكبر مباءات الفواحش والإلحاد والإجرام في العالم، إنها تنافس أمريكا في القمار والشذوذ والربا وارتكاب كل الموبقات، والمؤسسون لها كانوا ملاحدة اشتراكيين زعماء عصابات إجرامية وإرهابية، وكل الوصايا العشر الموسوية مهجورة منكورة، والشيء الوحيد الذي يحفظه اليهود من التوراة هو أنهم شعب الله المختار، ونسل إبراهيم عليه السلام.

    فلنبحث إذن عن حال هذه الدولة التي أقامتها بقية بني إسرائيل على حقيقتها، لنجده في الأسفار واضحاً كالنهار.

    ولنبدأ بالملخص الذي شرح به ناشرو الكتاب المقدس كلمة "بقية" لدى ورودها في سفر أشعياء وهو: 'سيُعاقَب إسرائيل (أي الشعب) على خيانته، ولكن بما أن الله يحب شعبه فهناك بقية صغيرة تنجو من سيف المجتاحين'

    ثم أحال إلى مواضع كثيرة واستمر قائلاً: 'ستبقى هذه البقية في أورشليم ، وتُطَهَّر وتصبح أمينة فتصير أمة قديرة!! وبعد كارثة السنة (587) -يعني: السبي- ظهرت فكرة جديدة، وهي أن البقية ستكون بين المجلوين، وتتوب في الجلاء -وذكر مصادر - فيجمعها الله عندئذٍ؛ لإحياء المملكة المشيحية -وذكر مصادر- وبعد العودة من الجلاء ستكون البقية غير أمينة مرة أخرى وتطهر بالقضاء على قسم منها..'

    هذا هو مجمل الفكرة؛ حيث يزعم الأصوليون أن المملكة المشيحية قد تمثلت بقيام دولة إسرائيل التي سينـزل فيها المسيح!

    أما كونها ستكون غير أمينة، وسوف تطهر بالقضاء على قسم منها؛ فيغضون الطرف عنه كأن لم يكن!!

    وأما الأمة القديرة فإنهم أنفسهم ذكروا بعد ثلاث صفحات فقط أن الله يتخذ أمة قديرة للانتقام من بني إسرائيل، فهي إذن ستقضي على القسم المقضي عليه بغضب الله وهلاكه منهم.

    فأداة الانتقام هي: الأمة القديرة المطهرة الأمينة.

    ونحن سندلهم على القراءة الحقيقية لما جاء عن هذه البقية ونوردها على محاور:

    الأول: أن هذه البقية لا عهد لها مع الله، فليس لله عهدٌ دائمٌ مع أحدٍ إلا بالالتزام بتقواه وطاعته: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124].

    وتاريخ بني إسرائيل هو دورات متعاقبة من الإيمان والكفر، لا يفرقه عن تاريخ بقية الأمم إلا غلظ كفرهم وزيادته مقارنةً بكثرة أنبيائهم، وتتابع إمهال الله لهم، ونعمه عليهم لعلهم يرجعون.

    وما مرحلة القضاة -الذين هم رؤساء عشائر- إلا نموذج جلي لهذا، وقد ابتدأت هذه المرحلة من بعد يوشع غلام موسى عليه السلام حتى داود عليه السلام، وفي كل مرة ينقضون عهد الله، ويعبدون بعلاً وعشتروت وتموز وغيرها من الأرجاس، ويذبحون لها أبناءهم، فينذرهم الله ويُرسل لهم نبياً، فيتوب منهم من شاء الله، ثم سرعان ما يعودون لشركهم ورجسهم، فيسلط الله عليهم أمةً ممن حولهم تذيقهم سوء العذاب، وهكذا مرات ومرات!!

    وهذا ما عبَّر عنه سفر الملوك الثاني بقوله: 'وكان الرب قد أشهد على بني إسرائيل وهوذا على ألسنة جميع الأنبياء وكل راءٍ قائلاً: توبوا عن طرقكم السيئة، واحفظوا وصاياي وفرائضي على حسب كل الشريعة التي أوصيت بها آباءكم، والتي بلغتكم إياها على يدي عبيدي الأنبياء، فلم يسمعوا وصلبوا رقابهم مثل رقاب آبائهم الذي لم يؤمنوا بالرب إلههم، ونبذوا فرائضه وعهده الذي قطعه مع آبائهم، والشهادة التي أشهدها عليهم، وساروا وراء الباطل، وساروا باطلاً وراء الأمم التي حولهم مما أمر الرب ألاَّ يفعلوا مثلها، وتركوا جميع وصايا الرب إلههم، وصنعوا لهم عجلين (صنمين) من المسبوكات، وأقاموا وتداً مقدساً وسجدوا لجميع قوات السماء (يعني: الكواكب) وعبدوا البعل، وأمَروا بنيهم وبناتهم بالنار، وتعاطوا العرافة والفراسة (الكهانة)..، فنبذ الرب جميع ذرية إسرائيل وأذلهم وأسلمهم إلى أيدي الناهبين حتى رذلهم من وجهه'.

    والبقية الباقية إنما تبقى للابتلاء والامتحان، فإن وفَّت وفَّى الله معها، وإن نقضت عاقبها الله، وليس بقاؤها لأنها طاهرة أمينة طهارة وأمانة أبديتين، بل إن هذه البقية تبقى لتكون عبرة للأمم كلها وإمهالاً منه لها لكي تتوب.

    يقول سِفر حزقيال بعد أن أمره الله أن يتنبأ عليهم بدمارٍ هائلٍ وقتلٍ وتخريبٍ وتطهيرٍ للأرض من أرجاسهم: 'لكن أبقي بقية ليكون لكم مفلتون من السيف بين الأمم، إذ تُذَرُّون في البلدان فيذكرني مفلتوكم بين الأمم التي يسبون إليها، إذ أسحق قلوبهم الزانية التي حادت عني وعيونهم التي زنت في السير وراء قذارات'.

    ويصرح أرمياء بأكثر من هذا، فهو بعد أن يخبر عما ينالهم من دمار وتنكيل، حتى أن جثثهم تطرح في المدن فتأكلها طيور السماء وبهائم الأرض؛ بل حتى إن عظام ملوكهم ورؤسائهم تُنبش وتُنثر وتكون زبلاً على وجه الأرض يقول: 'ويُفضَّل الموت على الحياة عند جميع البقية الباقين من هذه العشيرة الشريرة الباقين في جميع الأماكن التي طردتهم إليها'.

    أما التائبون العائدون إلى الله فهم قليلٌ، وهم الذين يسلمون فيكونون البقية المقدسة التي سيأتي الحديث عنها في آخر هذا الفصل، ويكون هذا بعد أن تفقد الصهيونية القوة التي تسندها فتسقط كل عروشها وتخسر كل دعاواها.

    يقول أشعياء بعد ذكر الحريق الهائل الذي يسلطه الله عليهم: 'وفي ذلك اليوم لا تعود بقية إسرائيل والناجون من بيت يعقوب يعتمدون على من ضربهم، وإنما يعتمدون على الرب قدوس إسرائيل حقاً والبقية ترجع -بقية يعقوب- إلى الله الجبار، إنه وإن كان شعبك يا إسرائيل كرمل البحر إنما ترجع بقية منه'.

    وهذا يبين بلا أدنى شك أن اليهود ليسوا أبناء الله وأحباؤه؛ بل هم بشر ممن خلق!! وهو ما يُصرح به سفر عاموس : 'ألستم لي كبني الكوشيين "شعب النوبة" يا بني إسرائيل يقول الرب: ألم أُصعد إسرائيل من أرض مصر ، والفلسطينيين من كفتور وآرام من قير.

    ها إن عيني السيد الرب على المملكة الخاطئة سأبيدها عن وجه الأرض إلا أني لا أبيد بيت يعقوب إبادة، يقول الرب: فإني هأنذا آمر وأهز بيت إسرائيل في جميع الأمم هز الغربال فلا تسقط حصاة على الأرض، وبالسيف يموت جميع خاطئي شعبي القائلين: إن الشر لا يقترب منا ولا يدركنا' (9: 7- 10) [27]

    وقد عرفنا أن المملكة الخاطئة هي رجسة الخراب، فسيدمرها إلا من أسلم أو هرب، أما بقية اليهود في العالم فيهزهم هزَّاً، ويغربلهم غربلة!!

    الثاني: لا حق لها في وراثة إبراهيم عليه السلام:

    يقول حزقيال في سفره: 'وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً: يا ابن الإنسان إن سكان تلك الأخربة في أرض إسرائيل يتكلمون قائلين: كان إبراهيم وحده وورث الأرض، ونحن كثيرون، فقد أعطينا الأرض ميراثاً، لذلك قل لهم: هكذا قال السيد الرب: إنكم تأكلون بدم، وترفعون عيونكم إلى قذاراتكم وتسفكون الدم أفترثون الأرض؟ إنكم اعتمدتم على سيوفكم وصنعتم القبيحة (وفي الترجمة الأخرى: وفعلتم الرجس) ونجستم كلّ رجلٍ امرأةَ قريبه أفترثون الأرض؟'.

    إنه خطاب لشعب "رجسة الخراب"، وإلا فقد جاءت هذه النبوءة زمن النفي، وليس لليهود قوة ولا سلطان، ودماؤهم مسفوكة، أما الأرجاس المعاصرون فكل ما قيل هنا صادقٌ عليهم.

    ولهذا يقول بعد ذلك مباشرة: 'هكذا تقول لهم: حي أنا، إن الذين في الأخربة يسقطون بالسيف، والذي على وجه الحقول أجعله مأكلاً للوحوش، والذين في الحصون والمغاور يموتون بالطاعون، وأجعل الأرض خربة ومقفرة، وأزيل كبرياء عزتها فتصير جبال إسرائيل مقفرة لا عابر فيها، فيعلمون أني أنا الرب حين أجعل الأرض خربة مقفرة بسبب جميع قبائحهم التي فعلوها).

    وفي الترجمة الأخرى (على كل رجاستهم التي فعلوها'.

    بل إنه ينفي نسبهم إلى إبراهيم عليه السلام، وهو عماد دعوى الميراث المزعوم، يقول: 'يا ابن الإنسان: أخبر أورشليم بقبائحها، - وفي الترجمة الأخرى: عرّف أورشليم برجاستها - وقل: هكذا قال السيد الرب لـأورشليم : أصلك ومولدك من أرض الكنعانيين وأبوك أموري وأمك حثية'.

    وبعد أن يفيض في نجاستها وزناها وفجورها جداً يعود فيقول: 'إنما أنت ابنةٌ أمِّك التي عافت رَجُلَها وبنيها، وأنت أخت أخواتك اللاتي عفن رجالهن وبنيهن إن أُمّكن حثية وأبوكن أموري، فأختك الكبرى هي السامرة مع توابعها الساكنة عن يسارك، وأختك الصغرى الساكنة عن يمينك هي سدوم وتوابعها، وأنت لم تقتصري على القليل في سيرك في طريقهن وصنعت مثل قبائحهن (في الأخرى: رجاستهن)، بل زدت عليهن فساداً في كل سلوك، حي أنا، يقول السيد الرب: إن سدوم أختك لم تصنع هي وتوابعها مثلما صنعت أنت وتوابعك'.

    وسواء كان هذا من قبيل "إنه ليس من أهلك"، ومن قبيل قول المسيح عليه السلام لهم: 'أنتم من أبٍ هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا'.

    أو أنه حقيقة قد انقطعت صلتهم بإبراهيم عليه السلام.

    والذي لا جدال فيه أن اليهود اليوم هم خليطٌ غريبٌ من حثالات شعوب كثيرة، إلا أن أغلبهم من الأصل الخزري، وربما كان في قوله (حِثِّيَّة) إشارة لهذا، فالحثيون شعب مجهول، كان يسكن في جهة الشمال بالنسبة للأرض المقدسة -في تركية اليوم-، فلا يبعد أن يكون الموطن الأصلي للخزر، أو أن المقصود الإشارة إلى تلك الجهة التي سيكون منها معظم اليهود؛ لا سيما عند قيام رجسة الخراب "دولة إسرائيل".

    لقد عجزت كل الحيل الصهيونية عن إثبات النسب السامي لليهود، ولم يستطع أحدٌ ممن يوثق بعلمه من دارسي السلالات البشرية أن يشهد لهم بهذا!!

    كيف وهم من الفلاشا إلى المغاربة، ومن الفرس إلى الأسبان، ومن البولنديين إلى جنوب إفريقيا ؟!!

    ومن هنا كان سفر هوشع يقطع كل صلة لهؤلاء بالله ورسله، حين رمز لهم بامرأة زانية تلد ولداً فيأمره الرب أن يسميه (يزراعيل )، وهو الوادي الذي ستقع فيه معركة مجدو أو هرمجدون ، ثم تلد بنتاً فيأمره أن يسميها (غير مرحومة)، ثم تلد ولداً فيقول الرب: سمه (لا شعبي) أو (ليس شعبي)، وهذا الرمز الأخير هو الذي يستخدمه الكاثوليك ومن وافقهم في تسمية اليهود!!

    فنسبهم باطل، وأمهم غير مرحومة، وذريتهم ليست شعب الله!!

    الثالث: أن الله سيعيدها إلى الأرض المقدسة للمحاكمة والعقوبة لا للصلح والمثوبة.

    يقول حزقيال : 'يقول السيد الرب: إني بيد قوية وذراعٍ مبسوطة وغضب مصبوب أملك عليكم وأخرجكم من بين الشعوب وأجمعكم من الأراضي التي شُتِّتم فيها بيد قوية وذراعٍ مبسوطة وغضبٍ مصبوب، وآتي إلى برية الشعوب وأحاكمكم هناك وجهاً لوجه كما حاكمت آباءكم في برية مصر ' (20: 33-36).

    وهذا إحالة إلى ما عاقبهم الله به من التيه أربعين سنة، وما حل بهم هناك من العقوبات المتتابعة.

    ويوضحه ما في سفر صفنيا: تكدّسي تكدّسي - في الترجمة الأخرى: تجمّعي تجمّعي - أيتها الأمة التي لا حياء لها قبل أن تطردوا كالعصافة العابرة في يوم واحد، قبل أن يحل بكم اضطرام غضب الرب، قبل أن يحل بكم يوم غضب الرب!'.

    ثم يتوجه بالخطاب إلى المظلومين المستضعفين في أرض فلسطين : 'التمسوا الرب يا جميع وضعاء -في الترجمة الأخرى: يا بائسي- الرب الذين نفذوا حكمه، التمسوا البر، التمسوا الضعة، فعسى أن تستتروا في يوم غضب الرب' (2: 1-3).

    وهكذا فاجتماعها إنما هو لحلول غضب الرب عليها، وحينئذٍ تطرد وتذاد عن الأرض المقدسة كما تكون العصافة في البيدر، تذهب بها الرياح كل مكان، وينجو المستضعفون المتمسكون بحبل الله وتقواه.

    لكن الطرد لا يعني أنهم يستطيعون الفرار؛ بل يلوذ بعضهم به عائدين إلى مواطنهم الأولى أو غيرها، أما الأكثرون فمصيرهم كما في حزقيال : 'من حيث إنكم صرتم زغلاً؛ فلذلك هأنذا أجمعكم في وسط أورشليم جمع فضة ونحاس وحديد ورصاص وقصدير، إلى وسط كور - (كير) (في الكاثوليكية : الأتون) - لنفخ النار عليها لسبكها، كذلك أجمعكم بغضبي وسخطي وأطرحكم وأسبككم فأجمعكم فأنفخ عليكم في نار غضبي، فتسبكون في وسطها كما تسبك الفضة في وسط الكور، كذلك تسبكون في وسطها، فتعلمون أني أنا الرب سكب سخطي عليكم'.

    ...وهذا ما سيكون في يوم الغضب الآتي ذكره قريباً.

    وهنا يأتي السؤال:

    ما مصير البقية من بني إسرائيل التي تبقى في الأرض بعد يوم الغضب؟

    ما مصير الشعب الصهيوني بعد يوم الغضب؟

    تحدد الأسفار مصير شعب إسرائيل حين حلول يوم الغضب على النحو التالي:

    أشعياء يخبر عن أنهم يفنون ويعاقبون إلا قليلاً منهم: 'ها إن الرب يخرب الأرض ويدمرها، ويقلب وجهها، ويبدد سكانها، فيكون الكاهن كالشعب والسيد كالعبد والسيدة كخادمتها... تدنست الأرض تحت سكانها؛ لأنهم تعدوا الشرائع ونقضوا الحكم، ونكثوا العهد الأبدي، فلذلك أكلت اللعنةُ الأرض، وعوقب الساكنون فيها، ولذلك احترق سكان الأرض فبقي نفرٌ قليل'.

    وفي زكريا تفصيل أكثر إذ يجعلهم أثلاثاً: 'ثلثين منهما يُقطعان ويموتان، والثلث يبقى فيها، وأُدخل الثلث -الباقي- في النار وأمحّصهم كمحص الفضة وأمتحنهم امتحان الذهب'.

    أما في حزقيال فهم كما قال: 'أحرق ثلثاً بالنار... وخذ ثلثاً واضرب عليهم بالسيف... وذرّ ثلثاً للريح'.

    ثم يقول: 'وخذ من ذلك - (أي الثلث المشرد) - عدداً قليلاً وصرّه في ذيلك وخذ منه أيضاً وألقه في وسط النار وأحرقه بالنار، من هناك تخرج نار على كل بيت إسرائيل'.

    ويقول صفنيا: وأبقي في وسطك -(يعني: إسرائيل)- شعباً وضيعاً فقيراً، فتعتصم باسم الرب بقية إسرائيل لا يرتكبون الظلم، ولا ينطقون بالكذب، ولا يوجد في أفواههم لسان مكر؛ لأنهم سيرعون ويربضون ولا أحد يفزعهم'.

    هذه البقية المؤمنة يصفها أشعياء: 'تصير المدن خراباً بغير ساكن، والبيوت بغير إنسان... وإن بقي فيها العشر من بعد فإنها تعود وتصير إلى الدمار، ولكن كالبطمة والبلوطة التي بعد قطع أغصانها يبقى جذع؛ فيكون جذعها زرعاً مقدساً'.

    لا خلاف بيننا وبين الأصوليين في أن سكان إسرائيل اليوم من اليهود كفار، ليس بينهم معتصم بالله ولا مقدَّس، ولكن الأصوليين يقولون: إنه وفقاً لهذه النبوءات سوف يؤمن اليهود بالمسيح عند نزوله، فتكون تلك البقية المقدسة.

    أما نحن فنقول:

    حين يسترد المسلمون القدس بإذن الله، ويدمرون الرجس، تتحقق هذه النبوءات، فمن اليهود من يُقتل، ومنهم من يفر ويتشتت في الأرض، ومنهم من يبقى فيدخل في عهدنا وذمتنا ويرعى ولا يفزعه أحد، ومنهم من يسلم وجهه لله ويهتدي وهو البقية المقدسة.

    ومن البقية التي تفر، ومن اليهود الذين لم يأتوا إلى فلسطين أصلاً تكون البقية الأخيرة التي تتبع الدجال في آخر الزمان، وحين ينزل عيسى عليه السلام لا يكون هناك ثلاثة أثلاث، بل نصفان: نصفٌ يُقتل ضمن المقتولين من جيش الدجال، ونصفٌ يُسْلِم مع عيسى عليه السلام؛ لأنه - كما ثبت عندنا بالخبر الصادق - يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف.



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  6. #16


    يوم غضب الرب


    الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي


    من كتاب: يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟

    كيف يحل يوم غضب الله وتنـزل العقوبة على دولة الرجس والظلم والعدوان "إسرائيل"؟!

    تُحدثنا الأسفار بوضوح عن هذه الأمور: -

    1- صفات الجيش المنتصر.

    2- انهيار الجيش الصهيوني.

    3- مصير الحلفاء الاستراتيجيين للدولة الصهيونية .

    وفي ثنايا كل سياق تتكرر أسباب العقوبة والخراب:

    'الشرك بالله والكفر برسله والتمرد على أمره، سفك الدم البريء، والظلم والعدوان، المكر والغش والغدر، الفواحش، اضطهاد البائس والأرملة' ...إلخ.

    يبدأ الزمن الجديد بإعلان الجهاد، والمرجو أن تكون هذه الانتفاضة هي بدايته، فإن لم تكن فهي بلا شك تمهيد له. فلابد أن يعلن وأن تسقط الشعارات الأخرى.

    لقد وضع ناشرو الكتاب المقدس عنوان (الزمن الجديد ويوم الرب) لما جاء في سفر يوئيل عن تصور هذا اليوم العظيم، الذي يبدأ بأن يتداعى جند الله للجهاد -بل إن السفر نفسه يدعو ويحض-، ولأنه في الغالب جهاد شعوب لا تملك الطائرات والعتاد الثقيل؛ بل أكثرهم لا يملك من الحديد إلا أدوات الفلاحة، ولأن بعضهم أو أكثرهم من شعوب فقيرة، اصطلت بنير الاحتكار الرأسمالي والربا اليهودي والتسلط الاستبدادي والحصار الأمريكي.. وفيهم ضعاف البنية، ويداخلهم لأجل ذلك شيء من التخوف، فالعدو جيش نووي قوي، ووراءه بالطبع قوى عالمية حاشدة؛ لأن ذلك كله واقع تأتي البشرى لتنفض الوهن وتشحذ العزائم: 'أعلنوا حرباً مقدسة

    وأنهضوا الأبطال

    وليتقدم رجال القتال ويصعدوا

    اطرقوا محاريثكم سيوفاً

    ومناجلكم رماحاً

    وليقل الضعيف: إني بطل

    أسرعوا وهلموا

    يا جميع الأمم من كل ناحية

    واجتمعوا هناك' .

    هكذا: جهاد وتوكل، إعداد بحسب الاستطاعة، لا استجداء للسلاح من أعداء الله.

    أما سفر أرمياء فيحث على مسابقة الزمن وتدمير دولة الترف ومجتمع العنف: 'أعلنوا عليها حرباً مقدسة

    قوموا نصعد عند الظهيرة

    ويل لنا فإن النهار قد مال

    وظلال المساء قد امتدت

    قوموا نصعد في الليل

    ونهدم قصورها

    فإنه هكذا قال رب القوات

    اقطعوا خشباً واركموا على أورشليم مردوماً

    هذه هي المدينة التي ستفتقد

    التي ليس فيها إلا ظلم

    كما أن البئر تنبع مياهها

    فكذلك هي تنبع شرها

    فيها يسمع بالعنف والنهب

    وأمامي كل حين مرض وضربة

    هوذا شعب مقبل من أرض الشمال

    وأمة عظيمة ناهضة من أقاصي الأرض

    قابضون على القوس والحربة

    قساة لا يرحمون

    صوتهم كهدير البحر

    وعلى الخيول راكبون مصطفون

    كرجل واحد للمعركة

    ضدَّكِ يا بنت صهيون'.

    ولأن السؤال يظل وارداً بإلحاح: أين الجيش الذي لا يقهر؟ أين جيش الخراب المتسمي بجيش الدفاع؟! يجيب سفر أشعياء جواباً قطعياً مختوماً ناسخاً لا منسوخاً. [28]

    بأن الرب ناداه: 'فهلمّ الآن واكتب ذلك على لوح أمامهم

    وارسمه في سفر

    ليكون لليوم الأخير

    دائماً وللأبد!

    بما أنكم نبذتم هذه الكلمة

    وتوكلتم على الظلم والالتواء!

    واعتمدتم عليها

    لذلك يكون هذا الاثم لكم

    كصدع يحصل فيتضخم في سور عالٍ

    فيحدث انهدامه بغتة على الفور

    فينهدم مثل إناء الخزّافين

    الذي يسحق بغير رفق

    فلا يوجد في مسحوقه شقفة

    لأخذ نار من الموقد!!

    أو لغرف ماء من الجب!!

    ......................

    ألف معاً تجاه تهديد واحد!!

    وتجاه تهديد خمسة تهربون!!

    حتى تتركوا كسارية على رأس الجبل

    وكراية على التلة'.

    ويؤكد سفر عاموس ذلك: 'قد أتت النهاية لشعبي إسرائيل

    فلا أعود أعفو عنه

    فتصير أغاني القصر ولوالاً

    في ذلك اليوم، يقول السيد الرب

    وتكثر الجثث

    وتلقى في كل مكان بصمت'.

    أما صفات المجاهدين وبسالتهم فيرسمها يوئيل في صورة بيانية بديعة: -'كما ينتشر الفجر على الجبال

    شعب كثير مقتدر

    لم يكن له شبيه منذ الأزل

    ولن يكون له من بعد

    إلى سني جيل وجيل

    ...................

    قدامه النار تأكل

    وخلفه اللهيب يحرق

    قدامه الأرض كجنة عدن

    وخلفه قفر وخراب

    ولا ينجو منه شيء

    كمنظر الخيل منظره

    ومثل الفرسان يسرعون

    كصوت المركبات

    على رءوس الجبال يقفزون

    كصوت لهيب النار الآكلة القش

    وكشعب مقتدر مصطف للقتال

    من وجهه يرتعد الشعوب

    وجميع الوجوه قد شحبت

    كالأبطال يسرعون

    وكرجال الحرب يتسلقون السور

    وكل منهم يسير في طريقه

    ولا يحيد عن سبله

    ولا يزاحم أحد أخاه

    بل يسيرون كل واحد في طريقه

    ومن خلال السهام يهجمون

    ولا يتبددون

    يثبون إلى المدينة

    ويسرعون إلى السور

    ويصعدون إلى البيوت

    ويدخلون من النوافذ'.

    ويصفها أشعياء هكذا:

    'فيرفع راية لأمة بعيدة

    ويصفر لها من أقصى الأرض

    فإذا بها مقبلة بسرعة وخفة

    ليس فيها منهك ولا عاثر

    لاتنعس ولا تنام

    ولا يحل حزام حقويها

    ولا يفك رباط نعليها

    سهامها محددة

    وجميع قسيها مشدودة

    تحسب حوافر خيلها صواناً

    ومركباتها إعصاراً

    لها زئير كاللبؤة

    وهي تـزأر كالأشبال

    وتزمجر وتمسك الفريسة

    وتخطفها وليس من ينقذ

    فتزمجر عليه في ذلك اليوم كزمجرة البحر

    وتنظر إلى الأرض فإذا بالظلام والضيق

    وقد أظلم النور في غمام حالك' [29]

    أما الأسرى الصهاينة فتحدد الأسفار مصيرهم هكذا:

    في سفر التثنية: 'ويردك الرب إلى مصر في سفن في الطريق التي قلت لك لا تعد تراها، فتباعون هناك لأعدائك عبيداً وإماءً وليس من يشتري'.

    ويوضحه ما في أرمياء: 'هأنذا أحاكمك على قولك لم أخطئ.. إنك تخزين من مصر كما خزيت من آشور ' 'أعبدٌ إسرائيل أم هو مولود بيت، عليه زأرت الأشبال، وأطلقت أصواتها، وجعلت أرضه دماراً، ومدنه احترقت بلا ساكن فيها وبنو نوف وتحفنحيس -مدينتان مصريتان معروفتان في ذلك الوقت- أيضاً حلقوا هامتك'.

    لاشك أن المجاهدين سيكونون من كل بلاد الإسلام، ولكن التبكيت والخزي بـمصر له دلالته، فهي التي أخرجوا منها أول عهدهم حين أنجاهم الله من العبودية لآل فرعون، والآن بسبب ردتهم -التي صرح بها السفر مراراً- سيعادون إليها عبيداً، لكن لا أحد يشتري هذه المرة..! لماذا..؟ لأنهم رجس..!

    فهم يحملون في أبدانهم فيروسات الإيدز، ويحملون في قلوبهم الحقد والغدر، فلا يريدهم أحد، ولو عبيداً وإماءً.

    وفي الاتجاه المقابل وفيما يشبه النفخ في الصور يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم، ويتداعى المسلمون بعد المعركة الكبرى والنصر العظيم إلى الأرض المباركة للزيارة والاعتكاف، ولاسيما من العراق ومصر .

    يقول أشعياء : 'في ذلك اليوم يدوس الرب قمحه من مجرى النهر إلى وادي مصر ، وأنتم تلقطون واحداً فواحداً يا بني إسرائيل.

    وفي ذلك اليوم ينفخ في بوق عظيم ويأتي الهالكون في أرض آشور والمنفيون في أرض مصر ويسجدون للرب في جبل القدس في أورشليم ' .

    أما العراق فلأن الله قد فك عنهم الحصار الذي أهلكهم وأجهدهم!

    وأما مصر فلأنها تشعر بالحرج البالغ بسبب كامب ديفيد !

    أما مصير الحليف الاستراتيجي فقد سبق ما يمهد لـه في الكلام عن نبوءة دانيال، فهناك اتفقنا نحن وهم على أن الامبراطورية الرومانية الجديدة هي ذلك الحليف، ولكن لأن الذين كتبوا عن النبوءات قبل قيام دولة إسرائيل فسروا بابل الجديدة بأنها القديمة، أي أن النبوءة قد مضت [30] -أو فسروها بأنها روما مقر الكنيسة الكاثوليكية - ولأن الذين كتبوا بعد قيام دولة الرجس أغفلوا هذا؛ بل هم يزعمون أن عظمة أمريكا وقوتها هو ببركة نصرتها لـإسرائيل؛ لأجل ذلك ضاعت الحقيقة عن مصير هذا الحليف المجرم.

    فلنذكر نحن ما قالت الأسفار عن وصفه ومصيره:

    1- يخاطب سفر أشعياء دولة الرجس قائلاً: 'إذا صرختِِ فلتنقذك مجموعاتك، لكن الريح سترفعها جميعاً،والنسيم يذبها، أما الذي يعتصم بي فيملك الأرض ويرث جبل قدسي ' .

    وفي الترجمة الأخرى: 'ولكن الريح تحملهم كلهم تأخذهم نفخة أما المتوكل عليّ فيملك الأرض ويرث جبل قدسي '

    ويذكرهم قائلاً: 'إذا مد الرب يده عثر الناصر وسقط المنصور وفنوا كلهم جميعاً'.

    2- يصف أرمياء حال بابل الجديدة قائلاً: 'كيف كسرت وحطّمت مطرقة الأرض بأسرها؟ كيف صارت بابل دهشاً عند الأمم، نصبتُ لكِ فخاً فأُخذتِ يا بابل ولم تشعري، لقد وجدتِ نقيضي عليكِ لأنك تحديتِ الرب'.

    ويصفها بأنها: 'اعتدّت بنفسها على الرب...' ويقول: 'هأنذا عليك أيها الاعتداد بالنفس.. لأنه قد أتى يومك وقت افتقادك، سيعثر الاعتداد بالنفس ويسقط وليس أحد ينهضه وأوقد ناراً في مدنه فتلتهم كل ما حوله'.

    ومن أوصافها فيه: -

    أ- هي 'كأس ذهب بيد الرب، تسكر كل الأرض. من خمرها شربت الأمم ولذلك فقدت رشدها'.

    ب- 'قائمة على المياه الغزيرة وكثيرة الكنوز'.

    ج- هي خليط من الشعوب، ولذلك هم عند بداية يوم غضب الله عليها ينصح بعضهم بعضاً: 'اهجروها ولنذهب كل واحد إلى أرضه؛ فإن الحكم عليها بلغ أعلى السماوات ورفع إلى الغيوم'.

    3- يذكر أشعياء أن العقوبة في يوم الغضب لا تختص بالرجسة وحدها بل: 'في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد، لاوياثان الحية الهاربة، ولاوياثان الحية الملتوية، ويقتل التنين الذي في البحر'.

    لقد حار شراحهم في تفسير ذلك، ولكن المتأمل في قيام رجسة الخراب يجد أن ثلاث حيات أنشأتها: -

    1- الحية الهاربة التي أعطت وعد بلفور وهيأت للعصابات الصهيونية ثم هربت بريطانيا .

    2- الحية الملتوية التي التفت على الأرض المقدسة وهي دولة صهيون.

    3- التنين أو الحية العظمى التي في البحر -إذ في البحر حاملات طائراتها ومدمراتها لإرهاب المسلمين- وهي أمريكا !!

    ويؤيده ما سبق (ص:75-81) عن الوحش، وأن التنين هو الذي يعطيه القدرة والملك.

    إن الشراح البروتستانت -وإليهم تنتمي المدرسة الأصولية - يفسرون بابل بأنها الكنيسة الكاثوليكية في آخر الزمان - أي منذ بضعة قرون إلى نـزول المسيح-، ويؤولون صفات بابل الجديدة الواردة آنفاً بأنها مدينة روما ، ويتنبأون بهلاكها.

    والحقيقة أن هذا الوصف لا ينطبق على مدينة ضالة في تدينها؛ بل هو على إمبراطورية ضالة في غطرستها وتحديها لخالقها ومحاربتها للمؤمنين اعتداداً بقوتها وهيمنتها، ولذلك فمن السهل علينا إثبات خطأ "بيتـز " في شرح سفر الرؤيا ، وذلك بذكر الصفات التي ذكرها هو نقلاً عن السفر: -

    أ- 'الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر كل سكان الأرض من خمر زناها'.

    ب- 'لمياه التي رأيت حيث الزانية جالسة هي: شعوب وجموع وأمم وألسنة'.

    ج- بعد تدميرها 'يبكي تجار الأرض وينوحون عليها؛ لأن بضائعهم لا يشتريها أحد فيما بعد، بضائع من الذهب والفضة والحجر الكريم واللؤلؤ والبز والأرجوان والحرير والقرمز..والعاج والخشب والنحاس والحديد والقرفة والبخور والطيب والخرد والزيت والحنطة والبهائم غنماً وخيلاً ومركبات... كل هذه البضائع تجارها سيقفون من بعيد من أجل خوف عذابها، يبكون وينوحون، ويقولون: ويل! ويل! خربت في ساعة واحدة'.

    إنها دولة الرفاهية والتجارة العالمية والشركات العملاقة.. إنها الدولة التي إذا نزلت بها كارثة كسد الاقتصاد العالمي، فأين روما من هذا؟

    ثم يقول السفر: 'رفع ملاك واحد قوي حجراً كرحى عظيمة ورماه في البحر قائلاً: هكذا بدفْعٍ سترمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد'.

    ويقول: 'لأن تجارك كانوا عظماء الأرض إذ بسحرك ضلت جميع الأمم وفيها وجد دم أتباع أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض'.

    وحينئذٍ كما يقول السفر: تهلل الشعوب ويهلل من في السماء قائلين: 'المجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا لأن أحكامه حق وعادلة إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها'.

    إذن ليست روما ، ولكنها أمريكا ، وإلا فليشطب الأصوليون هذه النبوءات ويستريحوا ويريحوا، وعقوبتها في الأسفار:

    إما ربانية "رياح " - كما سبق - أو إعصار. 'كيف صارت بابل دهشاً بين الشعوب؟

    طلع البحر على بابل فغمرها بهدير أمواجه، وصارت مدنها دماراً. أرضاً قاحلة مقفرة...'.

    وفي دانيال ومتّى "زلازل وأوبئة" على الأرض، ولـبابل -بلا ريب- النصيب الأوفر منها!!

    ..وإما بشرية يرسلها الله: 'أيتها القائمة على المياه الغزيرة الكثيرة الكنوز، قد حان أجلكِ، بنفسه أقسم رب القوات: أملأك رجالاً كالجنادب فيصيحون عليك بهتاف الانتصار! هو الذي صنع الأرض بقوته وثبّت الدنيا بحكمته'.

    هكذا تقول النبوءات الكتابية.

    فما هتاف الانتصار الذي ينشده جند الله بعد تدمير رجسة الخراب يقيناً أو بعد تدمير أمريكا غالباً.

    إنه هتاف عجيب يورده أشعياء:

    'استيقظي استيقظي

    البسي عزك يا فلسطين -في الأصل صهيون-

    البسي ثياب فخرك يا أورشليم

    يا مدينة القدس

    فإنه لا يعود يدخلك أقلف ولا نجس

    انفضي الغبار عنك

    قومي اجلسي يا أورشليم

    حُلَّت قيود عنقك

    أيتها الأسيرة'.

    فهل أمة ليسوا قلفاً ولا أنجاساً سوى أمة الإسلام؟

    ثم تذكر النبوءة كيف يمتن الله على عباده المؤمنين الذين يفرحون بنصره قائلاً: 'لأني حينئذٍ أجعل للأميين (في الأصل الشعوب) شفة نقية (لا شفة نجسة كشفة إسرائيل) ليدعوا جميعاً باسم الرب وليعبدوه كتفاً على كتف'.

    يعلم الناس عامة وأهل الكتاب خاصة أنه ما من أمة تعبد الله كتفاً على كتف كالبنيان المرصوص إلا أمة الإسلام. وهم أطهر الناس شفة، وحسب شفاههم طهارة أنها لا تسب الله، فتقول: إن لـه ابناً، أو إنه يجهل وينسى ويندم -تعالى الله عما يقول المشركون علواً كبيراً- .



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  7. #17


    فسيقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً


    الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي


    من كتاب: يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟

    بقي السؤال الأخير والصعب: متى يحل يوم الغضب؟ ومتى يُدمر الله رجسة الخراب؟ ومتى تفك قيود القدس وتعود لها حقوقها؟

    إن الإجابة قد سبقت ضمناً فحين حدد دانيال المدة بين الكرب والفرج، وبين عهد الضيقة وعهد الطوبى، كانت كما سبق (45) سنة!!

    وقد رأينا أن تحديده قيام دولة الرجس في القدس كان سنة (1967م) وهو ما قد وقع.

    وعليه فتكون النهاية أو بداية النهاية سنة (1967 + 45) = 2012م أي سنة (1387+45) = 1433هـ.

    وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم -إلا إذا صدقه الواقع- لكن لو دخل معنا الأصوليون في رهان كما دخلت قريش مع أبي بكر الصديق بشأن الروم، فسوف يخسرون قطعاً وبلا أدنى ريب، وبدون أن نلتـزم بتحديد سنة معينة!!




    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  8. #18


    الفوائد المستخلصة

    تفجرت الأزمة بانتفاضة رجب بسبب انكشاف طبيعة النفسية اليهودية
    كانت انتفاضة رجب كالإعصار؛ لأن انتفاضة المقهور لا يعدلها انتفاضة
    برهنت انتفاضة رجب أن الصحوة الإسلامية هي الطريق الوحيد بعد انكشاف زيف الشعارات العلمانية
    أن أهل الكتاب هم أكثر الأمم اشتغالاً بالملاحم وأحداث المستقبل
    موقف المسلمين من نبوءات أهل الكتاب بأن منها ما هو باطل، ومنها ما هو حق، ومنها ما لا نصدقه ولا نكذبه
    أن الصهيونية النصرانية هي أكثر حركات العصر خطراً على الجنس البشري
    ظهر في أمريكا تيار أصولي مهووس يعتقدون بقيام دولة إسرائيل لأنها تمهيد لعودة المسيح
    إثبات أن دولة إسرائيل القائمة لا علاقة لها بعودة المسيح، وأن نهاية الألفية الثانية ستمر كما مرت القرون الأولى، هو دفع الشر الأصولية المهووسة عن الإنسانية
    التنبيه على خطأ التصورات المتكلفة والمتعسفة عند نزر قليل من المسلمين
    بيان عجز إسرائيل عن استئصال المقاومة بنفسها
    أن قيام كيان يهودي مستقل كسائر الكيانات السياسية في العالم أمر يتنافى مع النفسية والجبلة اليهودية
    أن طبيعة النفسية اليهودية لا تتغير بتغير استراتيجيات الحرب والسلام
    أن اليهود من عبدة العجل هم نفس اليهود من أتباع هرتسل وعصابته في هذا الزمان
    لقد أسهبت الأسفار في بيان الأوصاف اليهودية وتضمنت نصائح للمتعاملين معهم، وتعرضت لكيفية عقوبتهم
    اتفق المراقبون والباحثون على أن مستقبل القدس هو أكبر عقدة في أخطر قضايا الصراع العالمي
    من حكمة الله تعالى شهادة نصوص الكتب المقدسة وخدمة حقائق التاريخ للمسلمين وتسخير أعدائهم للشهادة لهم بأحقيتهم للأماكن المقدسة
    أن كفر أهل الكتاب إنما هو عن حسد وبغي مع معرفة واستيقان للحق
    بيان بعض صفات بيت الله الحرام في كتاب اليهود المقدس
    وضح الشيخ سفر مفاتيح مجانية هدية لأهل الكتاب لحل تناقضاتهم في تأويل نبوءاتهم
    بيان تهرب اليهود من إنال نبوءاتهم التوراتية على المرحلة التاريخية الفاصلة بينهم وبين المسيح
    أن الحركة الصهيونية نصرانية الأصل والمنشأ وجاء الداعون لها من اليهود تبعاً
    إثبا*?نبوء)?دانياD?العظمI?وتفسيرG?رؤي'?الملC "بختنصر" التي تعتبر أشهر وأصدق الرؤى الكتابية التاريخية
    إثبات دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى القدس من التوراة
    أن قيام رجسة الخراب كان في سنة (1967)م وكان وقعه أليماً على أمة القديسين، وكان فرحاً عظيماً للصهاينة والأصوليين
    هناك نصوص عن أحداث هائلة في الأناجيل والأسفار، ولكنها غامضة ومحيرة بسبب التحريف بالزيادة والنقصان
    إثبات غفلة الملايين من الأصوليين أتباع المسحاء الكذابين من النصارى
    أن الأسفار كلها تحدد المراد برجسة الخراب على مدى فصول طويلة
    تكرار وصف النجاسة على الشعب اليهودي في كل سفر من أسفار التوراة
    بطلان اعتقاد الصهيونيون بأن اجتماع بقية بني إسرائيل على أرض فلسطين هو تحقيق لوعد الله بالمصالحة بينه وبين شعبه المختار
    كفر سكان إسرائيل من اليهود في العصر الحاضر عند المسلمين والأصوليين من النصارى
    بيان توقع الشيخ سفر ليوم غضب الرب على دولة الرجس وهو عام (2012)م الموافق (1433) هـ
    أن دانيال عليه السلام أشبه الأنبياء بيوسف عليه السلام وإن كان سفره يتميز عن أكثر الأسفار



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

  9. #19
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [align=center]موضوع متكامل

    لفضيلة الدكتور الحوالي

    وفيه نقاط حيوية و مفيدة

    وقراءة واحدة لاتكفي

    لذلك سوف يكون لي تواجد كبير هنا

    كي استفيد مما حلله و اضاءه الدكتور الحوالي

    بارك الله بك أخي الفاضل

    وجعل هذا العمل و غيره من الاعمال الصالحة حسنات في ميزانك

    يعطيك العافية
    [/align]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  10. #20


    ايمان قويدر

    اشكرك على مرورك الكريم ..
    دمت بود



    .

    /


    أستودعـكم الله التـي لا تضيع ودائعـه .. يحفظكم حافظ السموات والأرض

    وداعاً أحبتـي

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. الدكتور عبدالرحمن الحبيب على شحم
    بواسطة عذابي غير في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-07-2008, 00:11
  2. رسالة الشيخ الدكتور العريفي في خطبته
    بواسطة الكنبيوتر في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-07-2007, 04:22
  3. الشيخ سفر الحوالي : يحذر من السفر للعراق تحت غطاء الجهاد
    بواسطة حايل يا مهجتي في المنتدى مضيف المشاركات المنقولة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 23-05-2005, 12:14
  4. الدكتور ....الشيخ ..والثالث ؟؟؟
    بواسطة سعد الطواله في المنتدى مضيف ا لشّعر الشعبي"النّبطي"
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 06-10-2002, 23:28

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته