بعد أن كتبت عن عزائنا في جيل الشعارات والمغامرات والثورات وقومجيتهم والذي جثم علينا طوال تلك العقود أردت أن أكتب عن جيل كشف لنا معنى الوطن الواحد بعد أن عاش تجربته المريرة في ظل ديناصورات القومجية والحرس القديم .
لبنان صورة مصغرة للوطن العربي وكان من الأوائل في الدول التي كانت ضحية للثورات والشعارات ، فمرت بحقبة النزاع الأهلي والطائفي والديني والقومي وكل أنواع الأقتتال العنصري المقيت خلال سنوات حربها الطاحنة ليس مع العدو الأسرائيلي فقط بل بين أبناء الوطن الواحد .
فكان السني يقتل الشيعي والمسلم يقتل المسيحي والدرزي يقتل الارمني وهكذا حتى دمر وطنهم بسواعد أبنائه .
وما أن أفاقوا من سكرة تلك الحرب حتى تيقنوا بأن زعمائها أصحاب الشعارات والخطب يتقاسمون الغنائم على أشلاء ودماء أمواتهم .
فخرج جيلٍ جديد جمع كل أطياف الشعب اللبناني ليقف بوجه ديناصورات الحرب والشعارات ويطالب بالوحدة الوطنية والتعايش السلمي تحت غطاء الدولة وسيادتها .
واليوم نرى هذا الجيل الذي يدرك معنى الوطنية ويعرف أمكانات بلده كيف يتعامل مع الهجمة الصهيونية القذرة على بلادهم ، فهبوا جميعاً مسلمين ومسيح ، سنة وشيعة ، أرمن ودروز الى مساعدة بعضهم البعض في التطوع المنظم لمؤسسات المجتمع المدني ، فقاموا بعمل جماعي ووطني سيشهد لهم التاريخ بأنهم نفظوا الغبار عن جلابيب من سبقهم من أهل الشعارات فوحدوا
أبناء وطنهم في أحلك الظروف وأقساها .
والفرق بين الجيلين أيها الأحبة هو الادراك والوعي لقدرتهم الامر الذي يجعلهم يسخرون تلك القدرة على حسب قوتها وأمكانياتها المتاحه ، لا أن تأخذهم العاطفة والطائفة الى المساعدة في تعزيز العدوان والدمار الذي يلحق بهم .
ورحم الله أمرء عرف قدر نفسه ، وأدرك ما يحدث من حوله ، وعمل على حسب قدرته ، فالقوة لا تأتي بالشعارات والمغامرات ، بل تأتي بالوحدة والترابط والألتحام مع بعضهم البعض ليبدأو ببنائها على أسسٍ قوية ومتينة حتى لا تنهار أمام أي عاصفةٍ قد تعج عليهم .
تقبلوا تحياتي
المفضلات