بسم الله الرحمن الرحيم
إنسانيات محمد كتاب للكاتب خالد محمد خالد ..
من مقدمته أنقل هذه السطور :
لو لم يكن((مُحمّد)) ((رسولا ً)) لكان ((إنسانا ً)) في مستوى الرسول ...!!
و لو لم يتلق الأمر من ربه : (يأيها الرسولُ بلغ ما أنزل أليك) لتلقاه من ذات ِ نفسه , يأيها الرسول بلغ ما يعتمل في ضميرك..ذلك إن (( مُحمدا ً الإنسان )) جاوز نضجه و ارتقاؤه كل تخوم الذات و حدودها , و لم يكن ثمة سبيل لوقف انتشار هذا النضج ,، و هذا الإرتقاء خارج الذات , و خارج البيئة ...بل خارج كل زمان , و كل مكان ...إن عظمته التي فرضت نفسها و نادت إليها ولاء المؤمنين , و إعجاب المعرضين....
عظمته , التي لبثت زهاء ألف و أربعمائة عام , و ستظل دوما , ترسل ضياءها و سناها .. و تبث في ضمير الزمن رشدها , و نُهاها.
عظمته هذه , تنبُع _ أول ما تنبع _من إنسانية "مُحمّد" ......من الطريقة التي كوِّن بها نفسه , و وجدانه , و عقله تحت عين الله و رعايته... ومن الموقف الذي اختاره و التزمه , تجاه الكون , و الناس و الحياة. و الحق أن (( مُحمدا ً الإنسان )) شىء باهر ..فإذا إلتقى به ((مُحمّد الرسول )) فإن عظمته آنئذ تجاوز كل حدود الثناء ....!
و لكن , لماذا أضع ((الإنسان )) مقابل ((الرسول))....؟؟
أو ليس ((الرسول)) إنسانا ً....؟؟؟بلى..إن ((الرسول )) إنسان ,
و إنما أريد بصفة الإنسان هنا , التنبيه إلي أنني أركز الحديث علي الطابع البشري المحض الذي يشترك فيه ((مُحمّد)) مع غيره من الناس ...و الذي تفرق فيه علي من سواه من الناس . فهذا الطابع البشري بكل إنفعالاته , و بساطته , و تلقائيته - هو الذي يُبهجنا و يَبْهرنا , لأنه من صنع واحد مننا .. واحد مثلنا .. و من ثَم , فهو يمنحنا ثقة بأنفسنا , و احتراما ً عظيما ً لبشريتنا التي تنجب مثل هذا الطراز الرفيع من الخلق..
و لست أدري , هل هذا الكتاب عن ((مُحمّد)) أو هو كتابٌ لـ ((مُحمّد)).. فلقد بدأت التفكير في الكتاب معتزما أن أتتبع أحاديث ((الرسول)) و مواقفه , و أختار منها ما يكَّون الصورة التي أريدها..
صورة ((مُحمّد)) الإنسان , دون أن أقحِم نفسي علي هذه المختارات مدركا ً أن مجرد تنسيقها , و وضع كل حديث في مكانه من الصورة , سيكون فْصل الخطاب ... بيدَ أني لم أكدْ أبدأ , حتي وجدت أحاديث ((الرسول)) عليه السلام و مواقفه , تعكس علي فِكره خَبْئها النفيس , و حكمتها المُسْتَسِرَّة.. هكذا سمحت لنفسي أن أقفو أثرها , و أستنبط منها معالم النموذج الذي يشكِّل على نحو جليل , إنسانيات ((مُحمّد)) الباهرة.. و سمحت لنفسي كذلك أن أسطر ما أفاءته عليّ هذه الاحاديث و المواقف من فهم و معرفة..و لقد آثرت الاقتصار في الاستشهاد , على أحاديث الرسول و تصرفاته , لأنها ادلُّ علي إنسانية صاحبها , و لأنها تصور - تماما ً- تِلقائِية العمل و النزوع لديه...هنالك
*نرى الإنسان , الذي لا تُفلت من قلبه الذكيّ شاردة ٌ من آمال الناس و آلامهم , إلا و لبَّاها... و رعاها ...و أعطاها من ذاتِ نفسه كلَّ اهتمام , و تأييد ...
*نرى الإنسان الذي يكتب لملوك الأرض , طالبا ً إليهم أن ينبذوا غرورهم الباطل ... ثم يُصغي في حفاوة و رضا ً , لأعرابي حافي القدمين يقول في جهالة :- " اعدل يا مُحمّد , فليس المال مالك و لا مال أبيك." !!!!
*نرى العابد الأوّاب , الذي يقف في صلاته , يتلو سورة طويلة من القرآن في انتشاء و غبطة ,لا يُقايض عليهما بملء الأرض تيجانا ً و ذهبا ً .... ثم لا يلبث أن يسمع بكاء طفل رضيع ,كانت أمه تصلي خلف ((الرسول)) في المسجد ، فيضحي بغبطته الكبري, و حبُوره الجيَّاش ,و ينهي صلاته علي عجَل , رحمة بالرضيع الذي يبكي و ينادي أمه ببكائه...!!!
*نرى الإنسان الذي وقف أمامه - صاغرين -جميع الذين شنوا عليه الحرب و البغضاء , و مثَّلوا بجثمان عمه الشهيد ((حمزة))و مضغوا كبده في وحشية ضارية , فيقول لهم :
" إذهبوا , فأنتم الطلقاء.." .....!!!
* نرى الإنسان الذي يجمع الحطب لأصحابه في بعض أسفارهم لِيَسْتَوقِدوهُ نارا ً تنضج لهم الطعام ...!!!
* و الذي يرتجف حين يبصر دابّة تحمل علي ظهرها أكثر مما تطيق....!!!
* و الذي يحلب شاته ... و يخيط ثوبه ... و يَخْصِف نعله...!!!
* و الذي يقف بين الناس خطيبا ً فيقول :- " من كنت جَلدتُ له ظهرا ً , فهذا ظهري فليقْتدْ منه " ....!!! أجل ..
* نرى الإنسان - أبهى , و أنقى , و أسمى ما يكون الإنسان فَلْنقترٍب في تَهلُّل.. و لنقرأ في أناة..
و اعلموا يا من تطالعون الآن هذا الكتاب - أنكم تعيشون لحظات مُترعة بغبطة الحياة, مع إنسان و رسول , رفع الله به قدر الحياة..................
المفضلات