[align=center]فتاة يمنية معاقة تؤسس أول جمعية يمنية لرعاية ذوات الاحتياجات الخاصة
(جمالة) فتاة يمنية من ذوات الاحتياجات الخاصة قد تكون مثل الكثير من الفتيات في إعاقتها ولكنها الفريدة في إصرارها وتحديها وقوة عزيمتها وإيمانها بالله.
تعاملت مع إعاقتها بإيجابية ولم تستسلم أو تلين، فحولت حياة ذوات الاحتياجات الخاصة في اليمن من بؤس وانطواء وانعزال إلى أمل وسعادة وتفاؤل وتفاعل مع المجتمع عندما استطاعت تأسيس أول جمعية لرعايتهم..
عن تجربتها وما تحمله من إنجازات وإحباطات تليها نجاحات تحدثنا جمالة في هذه الصفحات...
نظرتي إلى نفسي
تبدأ (جمالة) حديثها قائلة: على الرغم من النظرة السلبية التي كنت أواجهها من المجتمع بشكل عام، إلا أنني كنت أعتبرها أكبر حافز يدفعني للتفكير كي أعكس تلك النظرة لذلك المجتمع المحيط بي، وكي أثبت لهم عكس نظرتهم نحوي..
الإصرار
وتُكمل حديثها قائلة: صممت بيني وبين نفسي أن أحول نظرات العجز التي ينظرون بها إلى، ونظرات الشفقة، إلى نظرات إعجاز وإعجاب.. وبالفعل كافحت في التعليم حتى تخرجت وحصلت على دبلوم في علم الاجتماع، كما حصلت على أكثر من دبلوم في مجال التربية الخاصة والكمبيوتر والبرمجة اللغوية العصيبة ومجال التدريب، وفي أثناء دراستي كنت أبحث عن نساء من ذوات الاحتياجات الخاصة، وكنت دائماً أتساءل: كيف يعيش هؤلاء النساء، لأنني وضعت مقياسا للحياة لديهن من خلال نظرة المجتمع لي رغم أنني أكافح وأبذل المستحيل لكي أغير من نظراتهم القاتلة، حيث بدأت ألتقي بالبعض وأعمل دراسة عن حياة كل منهن وكيف يمكنني أن أخرجهن من عزلتهن.
عوائق
تواصل (جمالة) الحديث قائلة: لم يكن الطريق سهلاً ممهداً بالورود، فقد واجهتني بعض المواقف الصعبة التي استطعت التغلب عليها بفضل الله. وفي بحثي لإحدى الحالات رفض الأب أن يسمح لي باللقاء مع ابنته المعاقة (إيمان) والتي تبلغ من العمر (15 عاماً) قضتها حبيسة المنزل دون وجه حق أو جريمة قد ارتكبتها، فطلبت استدعاءه إلى أقرب قسم شرطة لكي يأمرونه بالسماح لي بالدخول إلى منزله والجلوس مع ابنته، وبالفعل استطعت أن أُخرج إيمان من سجنها الذي لم تستطع رؤية حتى الشمس منه.. وكنت أول منقذ يخرجها إلى النور.
محاولات
وتستطرد (جمالة): كنت أفكر في وسيلة لتغيير نظرة المجتمع للمرأة ذات الاحتياجات الخاصة في اليمن ففكرت في أن أعمل في المسرح ليس حباً فيه، ولكنه كان الطريق الوحيد لكي أرى أكبر جمهور وأطرح عليه قضية المرأة ذات الاحتياجات الخاصة في اليمن ومدى صعوبة الحياة التي تعيشها فيها، وبذلك أصبحت أول امرأة من ذوات الاحتياجات الخاصة تقف على خشبة المسرح اليمني وتناقش قضية المرأة ذات الاحتياجات الخاصة، ومن شدة إعجاب الناس بهذه المسرحية تم عرضها مرات عدة في عام 1991م.
لكن على الرغم من كل هذا النجاح لم أستطع تغيير تلك النظرة القاصرة للمرأة اليمنية ذات الاحتياجات الخاصة.. ومن خلال عملي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في إدارة التأهيل الاجتماعي واجهني مفهوم آخر بدلا من العجز والشفقة..
فلقد تطور المفهوم إلى مسكينة، فكل العاملين في الوزارة يتعجبون من أن هناك موظفة من ذوات الاحتياجات الخاصة، ويستكثرون عليها الوظيفة.. ولم يعلموا أن أحاديثهم ونظراتهم هذه لم تزدني إلا إصراراً وتحدياً.
بداية المشروع
وتكمل قائلة: وبذلك بدأت أفكر في مشروع يقربني إلى الله أكثر فبدأت أعمل في خمس محافظات في مجال التأهيل المجتمعي للأسر ذوات الاحتياجات الخاصة وكان عملاً فردياً، فكنت أحقق نتائج مرضية بهذا العمل الإنساني، ووجدت ما أنجزه في اليوم الواحد هو زيارة خمس حالات، فاعتبرته قليلاً.. فلو كان لدي فريق ليُصبح مجموع العمل اليومي مضاعف.. ومن هنا بدأت فكرة مشروع إنشاء.
( جمعية التحدي لرعاية ذوات الاحتياجات الخاصة).
تحديات
في فترة التأسيس كان الكثيرون من المختصين والجهات المسئولة يسخرون من طلبنا الخاص بتأسيس جمعية خاصة بالمرأة ذات الاحتياجات الخاصة في اليمن، لكننا كنا نملك إصرارا سميته (التحدي)، وتم تأسيس جمعية التحدي لرعاية ذوات الاحتياجات الخاصة والتي بدأت بوضع استراتيجية عملية لنجاح هذا المشروع الذي أقصد به رضا الله سبحانه وتعالى والتخلص مما تعانيه المرأة اليمنية ذات الاحتياجات الخاصة من ضغوط وإهمال.
التطور
ومن هنا بدأ انتقالي من مرحلة العمل الفردي إلى العمل الجماعي فزاد حجم أنشطتنا ومشاريعنا، حيث أصبحنا نقدم العون لشريحة أكبر من ذوات الاحتياجات الخاصة.
الإنجازات
وتقول (جمالة): لقد وصل عدد العضوات (537) عضوة في جمعية التحدي حتى العام (2005) وما زال في قائمة الانتظار (1500) لم يحصلن على خدمات، وخاصة في المناطق الريفية، وبفضل الله استطعنا إنجاز العديد من المشاريع التي تخدم المرأة اليمنية ذات الاحتياجات الخاصة ومنها:
-السكن الخاص لذوات الاحتياجات الخاصة اليتيمات والفقيرات.
-مشروع عيادة الأسنان.
-مشروع الإنتاج.
-مشروع التصنيع.
-مشروع الغذاء.
-مشروع التدريب والتمكين للنساء ذوات الاحتياجات الخاصة.
كيف ينظر الآخرون للتحدي؟
وتكمل فاطمة حديثها قائلة: بعد هذه الإنجازات الجبارة التي استطعنا تحقيقها بفضل الله ورعاية الجهات المختصة أصبحت ألمس نظرات الإعجاب والمرونة والتعاون والحب والإخلاص في عيون المجتمع بما نقوم به، فلقد أحسست أنني أنجزت القليل مما رسمته للمستقبل.. وبالصبر والمثابرة والإيمان بالله استطعت أن أحول حياة المرأة اليمنية ذات الاحتياجات الخاصة من حياة البؤس إلى حياة الأمل والتفاؤل من خلال جمعية التحدي لرعاية ذوات الاحتياجات الخاصة.
آمال مستقبلية
وتتمنى (جمالة ) أن تحقق المزيد من المشاريع التي تخدم ذوات الاحتياجات الخاصة في اليمن وتركز تحديداً على افتتاح مشروع تصنيع الكراسي المتحركة الخاصة بذوات الاحتياجات الخاصة والتي تعتبر من أكبر مشاكلهن.
كلمة أخيرة
وتنهي جمالة حديثها قائلة: بفضل الله وقوة إيماني أصبحت أماً لـ (1200) من ذوات الاحتياجات الخاصة، واستطعت أن أجمع حولي كوادر شبابية رائعة تلتهب حماساً في خدمة ذوات الاحتياجات الخاصة.. وأملي الكبير أن أبني أسرة حقيقية تعيش بالمثل والقيم والأخلاق، وأن أستطيع تحقيق السعادة لعضواتي ذوات الاحتياجات الخاصة، وتذليل ما يواجهنه من عقبات.[/align]
[align=center]المصدر : مجلة ولدي
العدد (76) مارس 2005 ـ ص: 36
ودمتم بخير[/align]
المفضلات