كتب/ ممدوح المهيني:

كم هو موقف درامي مؤثر وحزين. ثامر الخميس صاحب الثانية والعشرين عاما ينزف بعدما تعرض لإطلاق نار ويسطو بالقوة على سيارة أحد المارة ويهرب بها وتلاحقه قوات الامن ولا يمضي وقت طويل حتى تحاصره و تطلق عليه مطراً من الرصاص وبعد دقائق يتجمد قلبه ويبرد جسده ويصاب بالسكون الأبدي.

بعد ذلك بيوم نشرت الصحف صور وجهه اليافع وهو مليء بالثقوب.

كان ثامر أحد المشاركين المنتمين لأحد الجماعات الإرهابية في المملكة وهو مختص بالجانب الإعلامي ولذا لقبته الصحف بالإعلامي.

ماحدث كان ناجحا وصحيا وإنسانيا لأن مايقوم به الإرهابون وحتى الصغار منهم أمر مؤذٍ جدا لحياتنا ومستقبلنا وأمن بلدنا الذي تنعم به عائلاتنا واطفالنا.

اللمسة الحزينة في مقتل ثامر أنه الأبن الأكبر لوالديه والذي تبقى لهم شقيق له بعمر ست سنوات وست بنات.من الواجب أن نحترم أوجاع قلوب أسرته الهائلة.

ولكن من المهم أن نعرف كيف تم رسم هذا السيناريو المأساوي الذي حول ثامر من طفل وديع إلى شاب هارب ينزف ويموت بوجه مثقوب.

ثامر هو أختصاصي الإعلام ويقوم بخدمة الجماعة الإرهابية التي ينتمي إليها عن طريق خبرته بالإنترنت.

الطالب الماهر الذي تبقى له عام واحد على التخرج من كلية الحاسب جند من أجل نقل أفكار وتعاليم وبيانات الجماعات الإرهابية.

وفي الواقع إذا تابعت المواقع الإلكترونية فستجد الكثير من المختصين والماهرين في مجال الإنترنت يملكون مهارة ثامر ويقومون بترويج الأفكار شديدة التطرف والتي تخلق أناسها المغيبين والناقمين والمهوسيين عقديا وهم قادرون على اختراق بريدك الخاص وإعطابه لأنك تختلف معهم في رؤيتك للأشياء.

هناك الكثير من المواقع المفتوحة والتي تنشر أفكاراً بغيضة وحقيرة ضد كل من يختلف معهم في الدين والمذهب والفكر وستجد مواقع تبجل العمليات الإرهابية التي تحدث بالمملكة (أحد المواقع عرض صورة عبدالعزيز المقرن بعد مقتله ورسمت فوقه طيوراً بيضاء وفرشت تحته أرضية خضراء وشرحت الصورة بأنه : ينعم بالجنة) وهناك مواقع تقدم الوصفة التي تتمكن منها من القيام بقنبلة إنفجارية مصنوعة من مواد بدائية.

إن نقراتهم سريعة على الكيبورد ويدخلون في دهاليز الإنترنت العميقة والملتوية ومع ذلك هم يقومون بحرب على ثقافة الحرية واستقلالية العلم والبحث والعقل وحرية التعبير وحقوق الإنسان التى انتجت هذا الإختراع العبقري.

الكثير من الألقاب الوهمية التي تذرع الإنترنت في الصباح والمساء لا تتوقف عن نثر شتائمها ودعواتها المخيفة لأصناف كثيرة من البشرية.

الثقافة المتطرفة العدائية التي ترسخ هذا الفكر عبر أحاديثهم العدائية والأسطورية وتشكل البيئة لإنتاج هذا الكم الهائل من المتطرفين الذين نراهم بالإنترنت.

هذه الثقافة هي من رسمت هذا السيناريو المأساوي لثامر وغيره كثيرون.

قتلتهم باكرا وهدمت أحلام أخوتهم وأخواتهم وحرمتهم من السهرات العائلية الدافئة في الليالي الباردة.

والد ثامر قال في حديث لجريدة الرياض أنه لم يلاحظ أبدا التغيير في سلوك ابنه وهو ذات الحديث الذي صرح به الكثير من أهالي من اتهموا بالإرهاب.

لم يكن هناك شيء يلاحظه فكل شيء كان واضحا.

الكثير من الشبان يملكون ذات الثقافة وثامر صعد الدرجة الاخيرة في السلم.

هم محجمون يردعهم عن ذلك خوفهم و (كبساتهم الشهية) ولكن ليست أبدا قناعاتهم العقلانية الإنسانية الصلبة.

رغم كل الموت والدمار هناك مؤشر من هذا يعلن تراجعنا وانحطاطنا الحضاري.
ففي الوقت الذي يبرع فيه الشباب الهنود والصينيون في مجال الحاسب وتوجه الدول الأوروبية وأمريكا صوبهم يبرع شبابنا ويسهرون الليالي من أجل أن يكتبوا شتائمهم ودعواتهم التي تدعو لتجميد دماء الأطفال أويقوم واحد منهم بجهود كبيرة من أجل تقديم خدمات كبيرة لجماعات إرهابية همجية ويفصل من الجامعة قبل أن يتخرج بعام واحد ويقتل في شارع مغبر وفي طقس بارد وفي ليلة الإجازة الأسبوعية كما حدث مع ثامر إرهابي الإنترنت الصغير.

۝ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ " آل عمران ‹95›





منقوووووووول.