نعم .... لما العجب ؟! أنا فعلاً لا أكرهها ... وقد يختلف الكثيرين معي في ثقافة الكراهية ....ولكن هؤلاء الذين يكرهون أمريكا ألا يعلمون؟....
ألم يخبرهم أحد أن الكراهية تدمر صاحبها قبل أن تسبب أدنى ضرر لعدوه ....
ألا يعلم هؤلاء السائرون في طريق الكراهية بأن على عيونهم غشاوة تحجب الرؤية الصحيحة .... وتخلق القهر الذي لا يولد إلا الانفجار السريع دون ما تحديد دقيق وتحري للهدف الذي سينفجرون فيه غضباً ....
بل ألا يعلمون بأن قنابل الغضب و القهر التي تصنعها الكراهية ستنفجر فيهم وتقتلهم غيظاً .... وينتحرون .... سأعطيكم مثال يوضح وجهة نظري.... وقارن بعقلك.... فعلى فرض أنك عدوي ....قاتل سفاح .... تسببت في فقداني لأهلي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .... وأنا أعرف أنك متربص بي دائماً .... وتتحين الفرصة لقتلي وتدميري فماذا سأفعل أنا ؟!....
هل تعتقد بأني سأنشغل بتأجيج قلبي بكراهيتك و الانتقام منك لدرجة أجعل هذه الكراهية و الانتقام قضيتي ؟....
هل ترغب أن أواجه عنفك بعنف ؟ وكراهيتك بكراهية؟ .... وجرائمك بجرائم مماثلة؟....
ماذا سأجني عندها ؟....
ولنفرض أني تمكنت منك .... استغليت نقاط ضعفك لإسقاطك .... وقتلك انتقاماً منك ....
ماذا سأفعل بعد ذلك ؟....
سأبقى (محلك سر) ....
أليس من الأجدى لي .... إذا كانت لي نظرة ثاقبة أن أضع مصلحتي ضمن قائمة الأجدى .... وأن أعمل على تقويمك وتطهير قلبك من الحقد و الأفكار المغلوطة عني .... و أعرفك بنفسي ؟.....
أم لك رأي آخر؟....
هكذا يجب أن تكون حالنا مع أمريكا .... وهذا يتطلب جبهة داخلية قوية ومتسمة بالوعي .... ومدركة لما يُحاك بنا لنكون متأهبين دوماً لها و لأي عدو يشكل تهديد على حياتنا و مستقبلنا ....
فنعد لها أعداد علمي ومنطقي يساعدنا على المواجهة بشكل متحضر يضمن لنا أننا إذا أسقطنا عدونا هذا بالذات .... لن تكون سعادتنا الوحيدة بالتشفي فيه .... لكن بوقوفنا على أرض صلبة .... وامتلاك كافة مقومات الحياة الكريمة و المستقلة و المتكاملة بعده لمستقبل أفضل ....
ثم أن التعميم بكافة صوره مرفوض في هذا السياق .... فالأخوة في الأسرة الواحدة يختلفون بطبيعتهم .... ومن الظلم أن أكره أخاك لأني أكرهك أو لأن أبوك رجل ظالم ....
و أمريكا سكانها من البشر .... وفيهم من له مواقف قد تكون داعمة لقضايانا أكثر مما ندعمها أنفسنا .... لكن هناك مشكلة بل اثنان ....وهما ....
أن التيار الآخر في أمريكا المعادي لنا .... يجد الدعم والتمويل ليوصل صوته ورأيه في قنوات أخرى معادية لنا ....
و الثانية .... هي نحن ؟!.... حيث أننا لا نعترف بالسعي لكسب المعركة .... ولا ندعم من يدعمنا ويخدمنا أو يتسم بالعدالة في التعامل معنا ....
كل ما تجدنا عليه هو استسهالنا واكتفاءنا بالمشاعر و الغضب .... و تكتيف الأيادي .... فلا نحن نبادر .... ولا نبذر في أرض خصبة لنجني منها ....
لذا .... أنا ضد الكراهية والانتقام على طول الخط .... وباعتقادي أن الانصراف للبناء وتقوية جبهاتنا الداخلية و أنفسنا فرداً فرداً أهم لنا من الهدم وزرع الكراهية التي أثبتت أنها لا تؤدي إلا إلى حروب خاسرة لكافة أطرافها....
الأجدى أذن أن نؤهل الأجيال القادمة .... ولتكون واعية .... وبعيدة عن المشاعر وردود الفعل السلبية والعاطفية التي نعاني منها اليوم ونتخبط في ظلماتها ....
لتبني الأجيال القادمة مستقبل أفضل لأمتنا .... ونصبح مؤهلين اقتصاديا وعلمياً وعملياً للاستقلال....
دون الاعتماد على موارد خارجية من عدو أو صديق .... الأجدى ... أن نسد ثغرات الضعف حتى لا نتركها أبواب مشرعة يتسلل منها أصحاب النفوس السيئة .... ولنتعلم الحب.... ولنعلمه لأبنائنا وحتى أعدائنا مع مزيج من العدالة و السماحة و القوة ....
إذا كان لابد من الكراهية .... فلنكره الكراهية و الظلم والتعصب و الجهل والتبعية و البكاء على الأطلال....فلنكره كل ما قد يجعلنا نكذب على أنفسنا معتقدين أننا قد فعلنا شيء ونعتبره أضعف الأيمان .... بينما الواقع يشير إلى أننا بهذه المشاعر والأفعال والأفكار مشلولين عن الحراك.... ومشوشين .... فلا نعرف الاتجاه الصحيح .... وأعدائنا سيسعدون بغرقنا في أوحال ومتاهات الضعف والسليبة ....
نحن نريد مقومات لبناء الشخصية السوية الواعية و القوية والمستقلة .... وهذا أهم بكثير من مجرد عواطف سلبية أو حتى إيجابية مجردة ....
لمواجهة أي عدو يظهر في أي وقت لابد من أعداد الإنسان .... ليكون مستعداً دائماً للمواجهة و الصمود ....
إنساناً متحرراً من قيود المعاقل التي تنقله .... وتجبره في الانطواء بزاوية التهميش .... إنساناً يصنع ذاته بإبداعاته .... وتألفه فوق الأرض وتحت الشمس .... إنساناً يقرر حياته بذاته .... لا تقرر نيابة عنه .... إنسانا مكرم كما أراد الله .... عند إذن يحترمه الأعداء وكل الخصوم .
المفضلات