السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
باذن الله تعالى سنختار كل اسبوع خطبة جمعة لاحد المشايخ
في حائل او غيرها نرجوا من الله ان ينفع بها الجميع وان
يستفيد منها الخطباء والوعاظ .
كما نرحب بأي تعقيب او استفسار حول موضوع الخطبة
اخوكم عبدالله الواكد
مشرف المنتديات الاسلامية
خطبة الاسبوع :
خطبة لفضيلة الشيخ / عبدالله سالم الطوياوي خطيب جامع
العلي في حي أجا بحائل \nعنوان الخطبة ( أنذرتكم النار )
الخطبة الاولى :
أمّا بعدُ : أيُها الأخوةُ في الله ، ما أكثر العِبر ، وما أقلَّ الاعتبار ، اشتدادُ الحرِ ، في هذه الأيام ، من الآياتِ الكونية ، الّتي يخوّف اللهُ بهِ عبادَهُ ، ويُذَكّرُ به من تذكّر ، لِيَتَّعظوا وينزجروا عمّا هُم فيه ، من غفلةٍ وإعراضٍ عن الله تعالى ، لأن شِدة الحر من فيحِ جهنّم ،والنّاسُ معَ ما أنعم اللهُ بهِ عليهم ، من وسائل الاستظلال والتكييف ، في البيتِ والسّيارةِ والعمل ، إلاَّ أنهم يتذَمّرون ويتضجّرونَ ، من شِدّةِ الحر ،فكيفَ بيومٍ تدنا فيه الشمس من الخلائق بمقدار ميل ، حتّى أنَّ العرقُ ، ليُلجمُ بعضَهم إلجاماً ، في عر صات القيامة ، بل كيفَ في النارِ الّتي خَوَّفَ اللهُ بها عبادَهُ ، أيَّما تخويف وحذَّرهم منها أَيَّما تحذير ، والّتي لا يُقيمُ لها أكثرُ النّاسِ وزناً [ تفرُّ من الهجير وتتَّقيه ... فهلاَّ من جهنَّمَ قد فررْت ] يقول عليه الصّلاةُ والسّلام ، في الحديث المتفق عليه ،{ اشتكتِ النّارُ إلى ربِّهَا فقالت:ربِّ أكَلَ بَعْضي بَعْضاً فَأذِنَ لهاَ بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ في الشِّتَاء ونَفَسٍ في الصَّيْفِ ، فَهو أشَدُّ ما تَجِدُون مِنَ احَرِّ ، وأشَدُّ ماَ تَرَوُنَ مِن الزَّمْهَريْرِ، يعني : البَرد } وفي روايةٍ للبخاري قال: { فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبرِدُوا في الصَّلاة ، فَإنَّ شِدَّة الحَرِّ ،مِنْ فَيحِ جَهَنَّم } وكما ترون أيها الأخوة يخْتَلِفُ الحَرُّ مِن سنةٍ إلى أخرى ، ومن عام إلى آخر ، وكلُّ ذَلك بِقَدرِ بُعدِ العباد عن الله ، أو قُر بِهم منه سبحانه ، ولقد حذَّر الله عباده من النار، وأنذر أشد الإنذار فقال سبحانه ( فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلظَّى ) وكرّر الوعيدَ بها فقال سبحانه ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُم أَجْمَعِينَ * لَها سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ) وقال سبحانه ( إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً * وَإِذَا أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً) وقال سبحانه ( وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ واَرِدُهَا كَانَ عَلَىَ رَبِّكَ حَتْمَاً مَّقْضِيَّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيَّاً ) وقال عنها سُبحانه ( إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرْ ، نَذِيْراً لِلْبَشَر ، ) فوالله ما أَنذرَ العبدَ ، وخوفهمُ بشيء قط أشدَّ وأدهى ، من النار ، وصَفَ لهُم حرها ولظاها ، ووصفَ لهُم طعامها وشرابها ، ووصف أغلالها ونكالها ، ووصف حميمها وغسَّاقها ، ووصف أصفادها وسرابيلها ، وَصَفَ ذلك كُله ، حتى أنَّ من يقَرأ القرانَ ، بِقلبٍ حاظر ، ويسمعُ وصَفَ جهنَّم ، كأنما أُقيم على شفيرها ، فهو يراها ، يحطِمُ بعضها بعضاً ، كأنما يرى أهل النار ، يَتَقَلبُونَ في دَرَكاتها ، ويُجرجرون في أوديتها ، كُل ذلك من المولى جلّ وعلا ، إنذار وتحذير وكذا خوف نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، من النار وأنذر ، وتوعد وحذر صعدَ صلى الله عليهوسلم ، على أعوادِ منبره وقال : ، {أَنذَرْتُكُمُ النَّار ، أَنْذَرتُكُم النَّار } وعلى صوتُهُ صلى الله عليه وسلم ، حتى سَمِعَهُ أهل السُوق جميعاً ، وحتى وقعت خميصة كانت على كتفيه ، صلى الله عليه وسلم ، فوقعت عند رجليه ، من شدة تأثره وانفعاله ، وقال عليه الصلاة والسلام ،{ أنا آخذُ بحُجزكم عن النار ، أقولُ إياكم وجهنم والحدود ، إياكم وجهنم والحدود ، إياكم وجهنم والحدود }، فهو صلى الله عليه وسلم ، آخذُ بحجز أُمتهِ ، يقولُ إياكم عن النار ، هلُمَّ عن النَّار ، وهُم يعصُونهُ ويتقحمونها ، أيها الأخ الحبيب ، إن سأت عن النار ، فقد سألت عن دارٍ مهوله ، وعذابٍ شديد ، إن سألت عن حرها وقعرها وحميمها وزقُومها ، وأصفادها وأغلالها ، وعذابها وأهوالِها وحالِ أهلها ، فما ظنُك ، بحر نارٍ أوقد عليها ألفُ عامٍ حتّى احمّرت ، وألفُ عامٍ حتّى ابيّضت ، وألفُ عامٍ حتّى اسودّت فهيَ سوداءُ مُظلِمة ،يقولُ عله الصّلاةُ والسّلام {أتَرَونها حمراءَ كنارِكُمْ هَذِهِ ؟! لَهيَ أَسوَدُ مِنَ القار } رواه مالك بسندٍ صحيح ، أما بُعدُ قعرها ، فما ظنُنا بقعر نارٍ ، يلقى الحجرٌ العظيم من شفيرها ، فيهوي فيها سبعين سنه ، لا يُدركُ قعرها ، والله لتملأن، والله لتملأن ، والله لتملأن ، أما طعامها وشرابها فاستمع إلى قول خالقها والمُتوعد بعذابها ، ( أَذَالِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ ، إنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الْجَحِيمِ ، طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِيِن ، فَإِنَّهْم لآكِلُونَ مِنْهَا ، فَمَا لِؤُنَ مِنْهَا البُطُونَ ، ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَليْهَا لَشُوْباً مِّنْ حَمِيمٍ ، ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعُهُم لآليَ الْجَحِيم ِ) هذا الطعام ، أما الشراب ، فيقول سبحانه ( وَإِن يَسْتَغِيثُواْ ،يُغَاثُواْ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً ) فهذا الطعام ، (ذَا غُصَّةٍ وعَذَاباً أَلِيمًا )، وهذا الشراب (يُسْقَى مِنْ مَّاءٍ صَدِيدٍ ، يَتَجَرّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ ، وَيَأْتِيهِ الْمَوتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ ، وَمَا هُو بِمَيِّتٍ ، وَمِن وَرَائِهِ عَذاَبٌ غَلِيظٌ ) ( وسُقُوا ماءً حَمِيْمَاً فَقَطَّعَ أَمْعَائَهُم) أما حالُ أهلها فشرُّ حال ، ما ظَنُّكَ بقومٍ قامُوا على أقدامهم ، خمسين ألف سنةٍ للفصل يوم القيامة ، لم يأكلوا فيها أكَلَه ، ولم يشربُوا فيهاشربه ، حتى انقطعت أعناقهُم عطشاً ، واحترقت أكبادُهم جُوعاً ، ثُم انصُرِفَ بِهم إلى النَّار ، يُسحبُون فيها على وجوهِهِم مغلُولين ، النار من فوقهم ، النارُ من تحتهم ، النارُ عن أيمانهم ، وعن شمائلهم ، ( لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ، وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْظَّالِمِينَ ) كيف بك لو رأيتهمُ ، وقد اسودت وجُوههمُ ، وعميت أبصارهُم وأبكمت ألسنتهم ، وغُلّت أيديهم إلى أعناقهم ، يصيحون من أقطارها ، يا مالك قد أثقلنا الحديد يا مالكَ قد حقَّ علينا الوعيد يا مالك قد نضجة منا الجُلود ، يا مالك قدتفتت منّا الكبُود ، يا مالك العدمُ خيرٌ من هذا الوجود فيجيبُهم بعد ألف عام بأغلظ جواب (إنَّكُم مَّاكِثُون ) فيُنادون ربَّهم ، وقدْ اشتد بُكائُهمُ وارتفع صُراخُهم ، (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّين ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُون )، فيجيبُهم بِتوبيخٍ أشد من العذاب (اخْسَئُوا فِيْهَا وَلاَ تُكَلِّمُون ) فتزدادُ حَسَرتُهم وتنقطعُ أصواتهم ، فلا يُسمع لهُم ، إلا الأ نين والزّفير الشهيقُ والبُكاء ، يبكون على تظييعِ أوقاتِ الشباب ويتأسفون ، أسفاً . أعظمُ من المصاب ، ولكن هيهات .. هيهات ، ذهب العمل وجاء العقابُ ( هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ ، وَلِيُنذَرُوا بِهِ ، وَلِيَعْلَمُوا أنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُو اْلألْبَابِ )
يقولوا عليه الصَّلاة والسلام { إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّار عَذَابَاً يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ يُوْضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ ، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدَاً أَشَدَّ مِنْهُ عَذَابَاً ، وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهمْ عَذَابَاً } [متفقٌ عليه] . اللهُّم أضلّناتحتَ عرشك يوم لا ظلَّ إلا ظلُّك ، اللهُّم هوِّن علينا الحساب ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، اللهُّم أجرنا من النار ، اللهُّم أجرنا من النار ، استغفرُ الله العظيم الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
أما بعد أيُها الناس ، اتقوا الله حق التقوى ، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ، واحذروا ، أسباب سخط الجبار ، فإن أجسامكم على النار لا تقوى ، عباد الله روى الإمام مُسلم في صحيحه عن أنس ابن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم{ يؤتى بأنعم أهل الدُنيا ، من أهل النار يوم القيامة ، فيُصبغوا في النار صبغة ، ثُم يُقالُ : يابن آدم .. هل رأيت خيراًقط؟ هل مرَّ بك نعيمُ قط؟ فيقول لا والله يارب ويؤتى بأشدَّ الناس ، بؤساً في الدُنيا من أهل الجنة فيصبغوا صبغةً فالجنَّة ، فيُقالُ لهُ : يا بن آدم هل رأيت بأسا قط ؟ هل مربك شدة قط ؟ فيقولوا لا والله يا رب ، ما مرَّبي ، بأس قط ولا رأيت شدة قط } ، فيا من سمعَ بذكر النار حتى كأنهُ يُشاهدُها عياناً ، وكيسُهُ من الأعمال المُوجبة لدخُولها ، قد كان ملأنا ، ويَحَك أفيكَ جَلدٌ عليها أم من أعطاك أماناً ، ما هاذا الأمل ، والرَّحيلُ قد تدانا ، عباد الله النجاة ،النجاة ، من عذاب الله ، قبل أن يقول الشّيخُ الكبيرُ واخجلتاه ، والكهلُ الخطيرُوا واشيبتاه ، اللهم ارحمنَا تحت الأرض ، واستُرنا فوق الأرض وارحمنا ولا تفضحنا يوم العرض عباد الله صلوا على المعصوم ، محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
المفضلات