[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
في الوقت الذي كان يشعر نبينا صلى الله عليه وسلم بالغربة الحقيقية
وسط كفر قريش
حبب الله لقلب المصطفى صلى الله عليه وسلم
الخلوة
كان يبتعد على قمة جبل النور في غار حراء
يبتعد عن مكة و أصنامها
و صخبها
يقضي النهار متأملا
و يقضي الليل في التبتل و التذلل و التضرع
و عمره الشريف المبارك صلى الله عليه وسلم يتصاعد نحو الأربعين
نحو اللحظة الكريمة الفاصلة
يتزود بالطعام و الشراب
ليبتعد بعيدا بعيدا
ليقضي شهرا كاملا من كل عام
في هذا الغار البعيد
ألا و هو شهر رمضان
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و كما ذكرنا في السابق
من علامات و إرهاصات نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم لا يرى رؤية الا و جاءت مثل فلق البحر
كما روت أمنا عائشة رضي الله عنها
أول ما ابتدي به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به أن لا يرى شيئا إلا جاءت كفلق الصبح فمكث على ذلك ما شاء الله أن يمكث وحبب إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3632
خلاصة الدرجة: حسن صحيح
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
ما هو فلق الصبح وما المراد به؟
قال الطيبي للفلق شأن عظيم ولذلك جاء وصفا لله تعالى في قوله { فَالِقُ الإِصْبَاحِ .... } [ الأنعام/96]
وأمر بالإستعاذة برب الفلق ... لأنه ينبئ عن انشقاق ظلمة عالم الشهادة وطلوع تباشير الصبح بظهور سلطان الشمس وإشراقها في الإفاق ... كما أن الرؤية الصالحة مبشرات تنبئ عن وقود أنوار عالم الغيب وآثار مطالع الهدايات ... فشبه الرؤيا التي هي جزء يسير من أجزاء النبوة شبهها بفلق الصبح ...
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و حببت الخلوة الى قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم
و الخلوة يكون معها فراغ القلب لتقطع ما عهد به الانسان من
عادات البشر و مخالطتهم
فحبب الملك الحق الى قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم الخلوة
ليصفو فكره و قلبه لأنه على وشك أن يستقبل أطهر الكلام و أقوى
رابط ربط بين السماء و الأرض
و هناك فرق بين الخلوة و العزلة
فمخالطة الناس و الصبر على أذاهم هو هدي النبي صلى الله عليه
وسلم
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3273
خلاصة الدرجة: صحيح
و لكن...
اجعل لقلبك ساعة
لتحاسب بها نفسك
و تجدد إيمانك بعبادة التبتل و التفكر و التضرع و التذلل
و أن تدعو مولاك و ربك في الخفاء
فتُلهم كلمات الدعاء
و يستجيب لك المجيب
و يرى انكسار قلبك و تذللك
فيرفع مقامك
و يمتلأ قلبك حبا و يقينا بالملك الحي القيوم
قلبك قلبك
اجعل له ساعة
و لا أقصد ساعة ساعة بل وقتا بينك و بين ربك
بعيدا عن فتن الدنيا
و صخب الحياة
و الانشغال بالبشر
و قال عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه
اطلب قلبك في ثلاث مواطن ... في مجالس الذكر ... وعند سماع القرآن وفي أوقات الخلوة ... فإن لم تجد قلبك في هذه المواطن فسل الله أي يمُن عليك بقلبٍ فإنه لا قلب لك ...
اللهم ارزقنا قلوبا سليمة تحيى بحبك حتى نلقاك بها
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
و لنتخيل
جبلا صعوده قد يأخذ أكثر من ساعة
لتصل الى غار لا يكاد يسع إلا لفردين فقط
فيتحنث فيه صلى الله عليه وسلم
و التحنث هو التعبد في الليالي ذوات العدد
و كانت عبادته صلى الله عليه وسلم النظر و التفكر و التبتل و التضرع
و كان يرجع الى أهله ليتزود لذلك
ثم يعود إلى قمة الجبل صلى الله عليه وسلم
و أياما بعد أيام
يتعبد المصطفى صلى الله عليه وسلم
و في ليلة من تلك الليالي المباركة
يقول بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم خرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل ...
أي لا زال في الطريق إلى الغار ...
خرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ...
لم ينزل جبريل بعد عليه السلام ...
خرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله ...
أول كلمة تحمل معنى الرسالة ...
أنت رسول الله وأنا جبريل ...
قال فرفعت رأسي إلى السماء فأنظر فإذا جبريل في صورة رجل صافٍ قدميه في أفق السماء ...
وهو يقول مرة أخرى يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ...
قال فوقفت انظر إليه لا أتقدم ولا أتأخر ...... وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ...
يعني في الجهة الذي ينظر إليها عليه الصلاة والسلام يرى جبريل صافٍ قدميه فيصرف وجهه مرة أخرى في مكان آخر فيرى جبريل عليه السلام
قال فجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ... فما أنظر في ناحية منها إلا رأيت جبريل كذلك ...
فمازلت واقفا صلى الله عليه وسلم ... فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي ... حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي رضي الله عنها ...
يعني كأن النبي تأخر لا يستطيع التحرك للأمام أي يصعد الجبل ولا يستطيع أن ينزل ... وقف ... فأرسلت خديجة رضوان الله عليها من يبحث عن رسول الله أو من يطلبه ... عليه الصلاة والسلام .. فبلغوا مكة ورجعوا إليها ... وأنا واقف مكاني لا أتقدم ولا أتأخر ...
فأرسلت خديجة رضي الله عنها في طلبي ...
قال فبلغوا مكة أي هؤلاء الرجال الذين كانوا يسألون عن رسول الله فبلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف مكاني ذلك ... ثم انصرف عنا ... اي جبريل ... وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخدها ... اتكأ إليها رضوان الله عليها ...
فقالت يا أبا القاسم ... أين كنت ... فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي ... قال عليه الصلاة والسلام فحدثتها بالذي رأيت ...
فقالت أبشر يا بن العم ... واثبت ... فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ...
ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ... ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل ... فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فقال ورقة بن نوفل ... قدوس قدوس ... قدوس قدوس ... والذي نفس ورقة بيده لإن كنت صدقتني يا خديجة ...
لقد جاءه الناموس الأكبر ... الذي كان يأتي موسى عليه السلام وإنه لنبي هذه الأمة وقولي له فليثبت ... فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة ... فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع
يعنى إذا قضى مدة في الغار ... وانصرف من الغار عاد إلى مكة فصنع ما كان يصنع ..
ما الذي كان يصنعه يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالكعبة ... يعنى لا يرجع إلى بيت خديجة إلا إذا دخل ابتداءً ببيت الله الحرام ... فطاف بالكعبة قال فلقيه ورقة ابن نوفل ... وهو يطوف بالكعبة فقال يا بن أخي أخبرني ... بما رأيت وسمعت ...
فأخبره فقال له ورقه .. والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبن .. يعني سوف يكذبك قومك ... و لتؤذين .. يعني سوف تؤذى من قومك .. ولتخرجن ... أي سيخرجك قومك ... ولتُقاتلن يعني سيقاتلك قومك ...
ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه ثم أدنى ورقة بن نوفل رأسه من رأس النبي صلى الله عليه وسلم فقبله من وسط رأسه ..
يعني قبَّل نوفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط رأسه ... فقبَّل ورقة ياخوخ النبي صلى الله عليه وسلم أي وسط رأس رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله ...
الحديث رواه بن اسحاق وهذا إسناد صحيح فابن اسحاق لم يدلس ووهب تابعي ثقة وسند هذه الرواية صحيح ...
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
إذا رءا رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في هذه المرة قبل أن ينزل إليه جبريل في هذه الليلة الكريمة المباركة ليكلفه تكليفا مباشرا من الله سبحانه وتعالى ولينزل عليه بوحي الله جل وعلا ...
ففي ليلة كريمة من الليالي التي كان يخلو فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء في شهر رمضان ...
جاءه الحق ليلة خشع فيها الكون كله ... رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك ... على قمة جبل النور يُقَلب وجهه في السماء يتوجه بقلبه إلى الله يبحث عن الحق ويريد الحقيقة ... وفي ليلة خشع فيها الكون كله ..
خشعت فيها صخور الجبل الصماء بل وخشعت فيها حبات الرمال في الصحراء ...
بل وخشعت فيها نجوم السماء ... ولم لا ... فجبريل أمين السماء يتنزل على قمة جبل النور يحمل هذا النور وحي الله سبحانه وتعالى ليبلغ به من اصطفاه الله ...
وجعله لبنة التمام ومسك الختام في صرح الأنبياء والمرسلين ليربط رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه اللحظة الأرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صلة إنها صلة وحي الله سبحانه وتعالى ...
ينزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضم جبريل رسول الله ضمة شديدة وهو يقول له اقرأ ... فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ... ما أنا بقارئ ...
قال رسول الله فأخذني ... أي جبريل ... فغطنى ... والغط هو الضم والعصر فغطنى وعصرني أي ضمني وعصرني ... فالغبط في اللغة هو حبس النَفَس ... يعني ضم جبريل رسول الله حتى كادت أنفاس النبي أن تُحبس ... فأخذني فغطنى ... فأخذني وغطني حتى بلغ مني الجَهد ...
شقَّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم أرسلني ... يعني ضمه ثم تركته ... وقال له اقرأ ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ...قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما انا بقارئ ... ما أنا بقارئ ... قال رسول الله فأخذني فغطني ثالثة ... ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق ...
أي أنت لا تقرأه بقوتك ... ولا بمعرفتك ولا بحولك ولا بقولك ...
وإنما بحول الله وقول الله وتقدير الله وإعانة الله لك ...
اقرأ ...
فهو يعلمك ... يعلمك أن تقرأ كما خلقك وكما نزع عنك علق الدم وغمس الشيطان في الصغر وكما علَّم أمتك حتى صارت تكتب بالقلم بعد أن كانت أمة أمية فالذي سيعلمك القراءة وسيجعلك تقرأ
هو الله ...
قال من بيده ملكوت السماوات و الأرض
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [ العلق/1] { خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [ العلق/2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [ العلق/3] { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } [ العلق/4] { عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [ العلق/5] ...
هذه الآيات فقط على الراجح من أقوال جمهور المفسرين ... وجمهور أهل السِيَر والتحقيق والتاريخ هذه الآيات فقط هي التي نزلت من سورة العلق على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون بقية السورة التي نزلت في مناسبةٍ أخرى ...
فأمة النبي هي أمة العلم ... هي أمة التعلم ... ولقد رفع الله شأن العلم وأهل العلم ... بل ولقد شهد الله لذاته بالوحدانية ... ثم شهد له من بعده ملائكته ... ثم شهد له من بعد الملائكة أولو العلم { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ آل عمران/18] ... قال ابن القيم ... إن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ...
ثم ثنَّى بملائكته ثم ثلَّث بأهل العلم وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها فإن الله جل وعلا لا يستشهد بمجروح ... هذه تزكية كبيرة من الله لأهل العلم ... الله استشهد بهم على وحدانيته وهذه عدالة ... تعديل من الله لأهل العلم ... فإن الله تبارك وتعالى لا يستشهد بمجروح ... سبحانه وتعالى ...
ويقول الله تعالى { ..... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة/11] ...
وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم ...
قال الله تعالى { ....ُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } [ طه/114] ... سنظل نستغل أي مناسبة لنذكر الأمة بالحرص على طلب العلم ...
من العلماء الربانيين المتحققين بالعلم الشرعي الذين يقولون قال الرب العلي قال الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة رضوان الله عليهم جميعا ...
هذا هو العلم هذا هوالسبيل هذا هو الطريق القرآن والسنة بفهم سلف الأمة ... بفهم أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [ العلق/1] { خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [ العلق/2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [ العلق/3] { الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } [ العلق/4] { عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [ العلق/5] ...
اختلف أهل العلم في جواب الرسول صلى الله عليه وسلم "ما أنا بقارئ " ... هل ال ما هنا استفهامية أم ... نافية ... اختلف العلماء ...فريق قال ما أنا بقارئ ... قال الما هنا نافية ... فريق أول قال ما أنا بقارئ نافية ... وليس استفهامية ... هذه هو قول الفريق الأول ... فلو كانت استفهامية لا يصح دخول هكذا قال الفريق الأول وانتصروا إلى أن ما نافية وليست استفهامية ...
ومعناها ما أنا بقارئ أي لا أحسن القراءة ... لا أعرف القراءة ... فهو ينفي أن يكون قارئا ... هذا هو القول الأول ... القول الثاني لأهل العلم قالوا لا ... بل ما هنا استفهامية ... واستدلوا برواية عبيد بن عمير عند ابن اسحاق عندما قالوا اقرأ رد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ماذا أقرأ ... وفي دلائل البيهقي ... في رواية مرسلة ... قال عليه الصلاة والسلام حينما قال له جبريل اقرأ قال ...كيف اقرأ ... إذاً الفريق الثاني قال أن ما هنا استفهامية ... الله تعالى أعلم بالصواب ...
و رجع النبي صلى الله عليه سلم و قلبه يرتجف
فزملته رضوان الله عليها خديجة والجميل أنها لا تصرخ في وجهه ولم تكثر في الإلحاح عليه ... ماذا جرى ... ماذا حدث ما الذي دهاك ... لماذا ترتجف .... كلا كلا ... فهي العاقلة التي علمت العقلاء ... والوفية التي جعلها الله دوما رمزا للوفاء ... زملوني زملوني فوضعت عليه الأغطية بعد الأغطية وتلو الأغطية وتركته ... حتى ذهب عنه الروع ... الفزغ ...
فلما استيقظ ... قام من نومه ... هو الذي جلس ليقص بنفسه ما رءا ...
و انه من جمال الزوجة و أدبها أن تسر زوجها و تهدئ من روعه
بالحب و الحنان كما فعلت خديجة رضوان الله عليها
زملوني ... فزملته وتركته حتى ذهب عنه الروع وجلس بأبي وأمي وروحي ... وأخبرها الخبر بما نزل به جبريل وقرأ عليه الآيات ... ثم قال لها عليه الصلاة والسلام لقد خشيت على نفسي يا خديجة ... أني خائف ... يقول لها بأبي وأمي وروحي لقد خشيت على نفسي يا خديجة ... ولقد اختلف أهل العلم في المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم لقد خشيت على نفسي اختلفوا على اثنى عشر قولا ... يعني ذُكر في لفظ لقد خشيت على نفسي ... ذُكر فيها اثنى عشر قولا لأهل العلم ...
منها لقد خشيت على نفسي أي خشيت الموت من شدة الرعب ...
ومنها العجز عن أعباء الدعوة .. عن حمل أعباء وتكاليف الرسالة ...
ومنها العجز عن النظر إلى المَلك أي جبريل من شدة الخوف والرعب ..
ومنها عدم الصبر على أذى القوم ...
ومنها خشيته أن يقتلوه ...
ومنها خشيته من مفارقة الأوطان ...
ومنها خشيته بتعييرهم له إلى غير ذلك من الأقوال ...
فماذا قالت خديجة ... رمز الوفاء ... رضي الله عنها ...سكن سيد الأنبياء ...
قالت كلا والله لا يخزيك الله أبدا ... إنك لتصل الرحم ... تذكره بمناقبه ... تذكره بمآثره وأخلاقه ... إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف ... وتعينه على نوائب الحق ...
فانطلقت به خديجة رضي الله عنها حتى أتت ورقة بن نوفل ... وهو بن عم خديجة ... وكان امرأً قد تنصر في الجاهلية . .. وكان يكتب كتابا عبراني ... أو العبراني ... أي بالعبرية ...
فيكتب بالإنجيل بالعبرانية ما شاء أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ... فقالت له خديخة يابن عم اسمع من ابن أخيك ... فقال له ورقة ... يا بن أخي ماذا ترى ... فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رءا ...
فقال له ورقة بن نوفل هذا الناموس الذي نزل على موسى ... والناموس هو صاحب السر كما قال البخاري وغيره ...
وفرق أهل العلم بين الناموس وبين الجاسوس ... لأن من أهل العلم من قال أن الناموس والجاسوس بمعنى واحد وهو صاحب السر ... لكن الراجح أن الناموس هو صاحب سر الخير والجاسوس هو صاحب سر الشر ... فقال ورقة هذا الناموس ... الذي نزَّل الله على موسى أو نزل على موسى ...
يا ليتني فيها جذعى ... أي ليتني كنت شابا صغيرا قويا لأنصر الدعوة ولأنصر هذا النبي المرسل ... يا ليتني كنت فيها جذعى ... يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أومخرجي هم ... قال نعم ... لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي ...
قال الملك الحق:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ...... } [ الفرقان/31]
وكل من سلك طريق الأنبياء لا بد أن يُعادي ... لا بد أن يعادى ... لابد أن نعلم هذه الحقيقة حتى لا يصطدم أحد منا مع أول منعطفات المحن والفتن والابتلاء على طريق الدعوة فيتخلى عن السير في هذا الطريق المنير ...
لأن بعض الإخوة يظن أن هذا الطريق ممهد بالورود والزهر والرياحين ... فإذا ما تعرض لمحنة خلى ... لا بد أن تعي طبيعة الطريق ....
قال لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي فما من نبي ولا رسول إلا وقد عاداه قومه ... كما قال ربنا { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ...... } [ الفرقان/31] ...
والعلماء ورثة الأنبياء وما من عالم على وجه الأرض إلا وله أعداء من المجرمين من الكافرين ومن المنافقين ومن المسلمين الظالمين الجاحدين الحاسدين الحاقدين ...
لا بد أن يكون له أعداء ... { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ...... } [ الفرقان/31]
فلابد أن تعي طبيعة الطريق حتى لا تصطدم مع أول منعطف من منعطفات المحن والفتن والابتلاءات على طريق الدعوة بل ربما تعادي من بيتك ... ربما تعادى من والديك إن سرت على طريق السُنة ... ربما تعادى من زوجتك وربما تُعادي الزوجة من زوجها إذا التزمت الطريق ...
قد تريد الزوجة أن تذهب إلى المعاصي ... إلى السينما إلى المسارح إلى المصائف .. ويرفض الزوج ... وقد يرغب الزوج أن يذهب إلى المصائف إلى السينما إلى المسارح وترفض الزوجة ... وقد يرغب الزوج على تربية الأولاد على الكتاب والسنة وتأبى الزوجة ... وقد ترغب الزوجة على تربية الأولاد على الكتاب والسنة ويأبى الزوج وهكذا ...
فلابد أن تعي طبيعة الطريق حتى لا تنحرف ... نسأل الله أن يثبتنا على هذا الطريق حتى أن نلقاه ...
قال أومخرجي هم ... قال نعم ... لم يأتي رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشد أن توفي ورقة وفتر الوحي أي انقطع الوحي لفترة من الفترات
وتصوروا حال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتر الوحي .. أصبح النبي في حيرة شديدة ماذا بعد هذا النبأ ... ماذا بعد اقرأ باسم ربك الذي خلقك ... ما هي الرسالة ... ما هي المهمة ... وماذا اقرأ بعد ذلك ... وماذا اصنع ...
تصوروا الحالة التي كان يحياها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه اللحظات حتى نزل عليه جبريل مرة أخرى بآيات جليلة من آيات الله سبحانه وتعالى يكلفه تكليفا حاسما واضحا ... ما هي هذه الآيات ... وما هو هذا الموقف الجليل ...
نتعرف على الآيات في موقفها في الأسبوع المقبل بإذن الله إن قدَّر لنا الله البقاء واللقاء ... وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]