View RSS Feed

الحب والجمال والأخلاق

نوستالجيا

Rate this Entry

أكثر مايساعد الدموع على الانهمار كسيول من مطر تشارين أن تحيا في البلعوم
نكهة المرارة .. و أكثر مايساعد على غزارة الهطول أن يقبع فرد بين جماعة ..
لا يفهم لغتهم .. لا يعرف مفرداتهم .. لا يفقه قواميسهم .. لا يشعر بالانتماء لهم
ولا لغيرهم .
فـ عملية الانتماء عملية صعبة جداً بقدر ماهي سهلة و بقدر ماهي مستطابة
و لكن هل جميع الأمكنة هي التي ننتمي لها و هل هي التي ستحضن
مآقينا و همومنا و أفراحنا ..
إن الأمكنة أحياناً أشد وفاء و إخاء من بني الناس .. فهي تشعرك بذلك .
وإن كانت صماء حدباء أو عمياء لا ترى ..
تأخذنا فلسفة الأمكنة لـ نعيش برهات في زمن نوستالجيا غريب عن أفقنا
في عالم لم يعد يؤمن سوى بالماديات و الحوائيات ..
بل وتحتوينا الأمكنة كأنها أمهات ولدن أطفالاً ذكوراً وإناثاً أبكاراً .. و تربينا
تلك الأمهات بين جنبات من جدران .. تسمع أنينا و عويل بكائنا و صدى
ضحكاتنا و تكتم الأسرار ..
فلا يهجع في فؤادها سوى اسرار و أسرار ولو طُعنت بالمديات لا تبوح بأسرارها
لأن الاسرار نحن وهي الأمكنة كاتمة الاسرار .
ويعترينا أحياناً مشاعر الغربة فـ نطالب بالترحال و نطالب بالأسفار ..
فلا تستجيب لنا تلك المسماة ( نوستالجيا ) فهي كتلة من حنين وحنان ..
و نصمم على ذاك و نغترب في الاصقاع و تباعدنا الأميال و تحضننا الدروب
و الطرقات إلى أجل مسمى و غير مسمى .. فنتمرد بطبيعة الإنسان أيضاً
على تلك الأمكنة لـ يلف بنا درب بلا معالم لنهاية وبلا ملامح لـ انتهاء ..
تروي عنا تلك الأمكنة حكايا من شهد لا تعرف المرارة و لا الآلام ..
و نروي نحن عنها قصص الدموع و كأنها ارتكبت بنا جرائم نكراء ..
و يدعونا الحنين القابع في سابع نفس ونقاوم و يدعونا ونقاوم ..
إلى أن يهزم أحدهما الآخر .. فـ تكون العودة أو اللاعودة ..
ونحاول خلق الانتماء بيننا وبين الامكنة ولكن لا يكون الحصاد سوى صحراء عارية
من اشجارها وينابيع ماءها ..نمزق ذواتنا و نشطب من القيد ما كان من مكان
ولا يبقى سوى تدوينات لحكايا نرويها لأنفسنا أو لغيرنا عن الأمكنة التي
لم تعرف للآن الاحتضار .. ولم تتعرف على نكهة الاسفار ..
وإن صاح بنا صوت العودة بعد دهور من اغتراب .. قد نراها وقد أصبحت حفنة
من تراب .. يكلأ جسد البيداء بـ ببقايا ذكريات الإنسان ..
وبين شهد توارى بين الثرى ودموع لـ بكاء .. ينتحب الوجدان ك ثكلى أو أرملة
من النساء و نضيف الى سجل العابرين من هنا اسماً آخر لـ قوم لم يعرف عنهم
سوى أنهم قوم بكائين ...

Submit "نوستالجيا" to Facebook Submit "نوستالجيا" to Google Submit "نوستالجيا" to StumbleUpon Submit "نوستالجيا" to del.icio.us Submit "نوستالجيا" to Digg

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
Uncategorized

Comments