المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة ( الزوجان )



الشيخ/عبدالله الواكد
27-09-2024, 06:44
خطبة جمعة
( الزوجان )
24/3/1446 هـ
كتبها / عبدالله فهد الواكد
الخطبة الأولى
أيها المسلمون : المشاكل الزوجية هي التي تنغص حياة البيوت وتشتت الأسر وتفرق الذرية وتقطع أواصر الرحمة والمودة فالبيت الذي تكثر فيه المشاكل الزوجية والخلافات الأسرية بيت تجلله الكآبة وضيق المعاش وأما البيت الذي فيه الزوج والزوجة بينهما المودة والحنان والحب والتعامل الطيب بحيث تكاد تشم رائحته من الشارع تشم رائحته الجميلة وتكاد تسمع فيه أصوات البلابل والعصافير لحس الأمن الجميل الذي أدركته حتى الطيور ، بيت عطر جميل لا يحب أهله أن يفارقوه السبب في ذلك هو تلك الكلمات الفواحة الندية التي تخرج من فم الزوج وفم الزوجة و النظرات الحنونة بين الزوجين ، فمن أين نبدأ حديثنا اليوم ، سننطلق منك أيها الرجل لأن الله عز وجل أسند القوامة والمسؤولية وزمام الأمر إليك ، فاستمع بارك الله في مسمعك : الرجل إذا وضع عقله في عقل المرأة فسدت الحياة الزوجية فلماذا الله عز وجل جعل القوامة في يد الرجل وجعل الطلاق في يد الرجل إلا أنه هو العاقل فالعقل ذكر والعاطفة أنثى العاطفة للمرأة والعقل للذكر فالرجل بلا عقل كالمرأة بلا عاطفة فالمرأة هي الشق الآخر المكمل للرجل قال صلى الله عليه وسلم (إنما النساء شقائق الرجال ) فهو خط مستقيم أعلاه العقل وهو للرجل وأدناه العاطفة وهي للمرأة والذي يسبب النفرة أو يجلب الألفة بين الزوجين هو التعامل ، فالتعامل الحسن والخلق الجميل والألفاظ الكريمة تظفي على البيت روح السعادة والبهجة وتجعل من في البيت من الأبناء والبنات يشعرون بالأمن الأسري وقرار النفس والأمل المشرق والسعادة وأما البيت الهائج الملتهب التي تضطرم ناره ويطفو غثاؤه فلا تسل عن حال الأبناء والبنات فيه فهم في هم واضطراب وكآبة وقد يصل بهم الأمر إذا استمر البيت في هيجانه إلى النظرة السوداوية للحياة والإحساس بالفشل وغموض المستقبل ورؤية الذراري من حولهم كأنما أسرجت عليهم القناديل وهم في حال يبتئس البؤس منها ، ثم إن المرأة بخلقتها عوجاء تميل إلى ما تريد ميلا عظيما فترفق بها أيها الزوج وأنت تهديها إلى صوابها يقول عليه الصلاة والسلام «استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرتَه، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا» [صحيح البخاري: 5185]. وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه ) وصدق بأبي هو وأمي أعوج ما في المرأة أعلاها وهو رأسها ، فتفكير المرأة غير تفكيرك أيها الرجل أنت تفكيرك في مجمل الأشياء وهي تفكر في دقائقها وتفاصيلها ، فأدق النظر في ذلك ، وسق إليه عيون فهمك وبصائر إدراكك ثم إنها ضعيفة كما قال عليه الصلاة والسلام ( إستوصوا بالنساء خيرا) ولا تكون الوصية إلا للضعيف فالقوي والغني لا يحتاج لوصية ، ثم إنها حملت وأرضعت وربت أبناءك وحقها عليك في هذا الجانب عظيم ، ومن تمام عقل الرجل أن لا يكون شحيحا على نفسه ، بأن يدفع لوقود سيارته ثمنا ولا يريد أن يدفع لسعادته في بيته ثمنا ، ولكن ثمن السعادة الأسرية ليست نقودا فحسب ، إنما هي عملة أخرى تصدر من مؤسسة القلب وتطبع على مطابع الشفاه والجوارح ، إنها عملة صعبة على الصعب من الرجال ، المقطب المتجهم ، الذي يرى نفسه قنديلا ويرى الزوجة زنبيلا ، وما علم أن الله أفرد سورة من السبع الطوال للنساء ، هذا الذي لا يتغاضى ولا يتسامح ولا يعلم عن الحقوق الزوجية شيئا ، يمزق هذا الكيان ويهدم هذا البناء بسبب وجبة لم تطبخ له أو ثوبا لم يغسل له أو نحو ذلك مما مزق النسيج المجتمعي وأوقد نار القطيعة وأضرم الطلاق في البيوت والأسر ، ولكن هذه العملة سهلة على السهل من الرجال ، اللطيف الحصيف المتسامح ، الذي يغمر حبه وعطفه الزوجة وما وراء الزوجة من الأولاد والبنات ، فالأسرة بناء يحتاج إلى مداومة العناية به وصيانته فالبيت هو الكنف المادي وأما الأسرة فهي الكنف الروحي وليس الكنف المادي بأولى بالصيانة من الكنف الروحي ، ثم نعرج على المرأة قليلا ، فهي التي ينبغي أن تترفع بنفسها عن سيء الخلق ورديء الكلام وأن تحافظ على زوجها وتحفظ له حقوقه فهي لها حقوق وعليها واجبات والرجل له حقوق وعليه واجبات وكل واحد حقوقه وواجباته قد تختلف عن الأخر فلا يلزم التساوي والتعادل فالمرأة لها حقوق وعليها واجبات والرجل له حقوق وعليه واجبات لهذه المرأة ، قال الله عز وجل في القرآن في أول سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) فالله جعل بينكم مودة ورحمة المرأة سكنى للرجل والرجل ستر للمرأة ، والفشل الأسري وتهتك الحياة الزوجية تبدو بوادره حين القفز للحلول العظمى والأبواب الكبرى أو حين العجلة من الأمر والأمر في سعة وعدم الصبر ومعالجة الأمر بالتروي والحكمة وبذل ما يستطيعه الرجل في سبيل معالجة الخلاف الأسري فهو أهون من الطلاق وهدم البناء وتحت سقفه من لا ناقة له بالأمر ولا جملا ، من الأطفال والذرية الذين ليس لهم دخل بالقضية ، فمن الحلول ما يحتاج إلى وقت ومنها ما يحتاج إلى شيء من المال أو الهدايا بل ومنها ما يحتاج إلى الإنابة بالكلم الطيب والثناء على الزوجة
أيها الإخوة المسلمون : من الحلول المثالية لتجنب الطلاق هو عدم التصادم مع المرأة إطلاقا فقط أخرج من البيت ودعها تهدأ لوحدها ولا ترد عليها قال الشافعي رحمه الله في السفيه
إذا نطق السقيه فلا تجبه
فخير من إجابته السكوت
فإن أجبته فرجت عنه
وإن تركته كمدا يموت
والنساء إن شاء الله لسن كذلك ، ولكنهن ناقصات عقل ودين كما قال عليه الصلاة والسلام
فاستوصوا بهن خيرا
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم




الخطبة الثانية

أيها المسلم : سعادة البيوت والأسر ليست ناموسا يتنزل عليك من السماء وليست حظا كما يعتقده بعض الناس إنما السعادة في البيوت تصنع في أجوافها وتبذل الأسباب العديدة وتدرء الأسباب الكثيرة للوصول إلى هذه السعادة التي يشعر بها الصغير والكبير ويعيش في كنفها الظليل الأبناء والبنات فليبذل المرء ما في وسعه لإسعاد بيته وأسرته وأما إن كان الطلاق حتما لا ما ناص منه فيجب على الزوجين حين الطلاق ألا يجعلا الأولاد والبنات محورا يتعاركان حوله ويجعلان مصلحة هذه الذرية مربوطة بالخصام والشجار بينهما لأن ذلك من أقسى درجات الأنانية وحب الذات وعدم الإيثار ولو باليسير على هؤلاء الذرية فديننا الإسلام وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا إلا وبينه لنا وبين لنا أسباب تجنبه وعدم الوقوع فيه لأن الله خالقنا هو أعلم بما نحمله من رغبات ونزوات فلو تتبعنا هدي الكتاب والسنة لما حدث الكثير من حالات الطلاق والتفكك الأسري وأما أنت أيتها الزوجة فالزمي العفة فهي محور الحياة الكريمة، وزينة الزوجة قرارُها في دارها، تقول عائشة رضي الله عنها: "إن خيرًا للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يروها". ذات الدين مطيعة لربها ثم لزوجها، لا تتعالى عليه، ولا تتمرد على قِوامته، ولا تسعى إلى منازعته، تراها ساعيةً في راحة زوجها، قائمةً على خدمته، راغبةً في رضاه، حافظةً لنفسها، يدُها في يد زوجها، لا تنام إذا غضب عليها زوجها حتى يرضى، كلّ ذلك ليقينها بأن فوزها بالجنة معلق بطاعة زوجها مع قيامها بما فرض الله عليها. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، اللهم ارزقنا صلاحًا في أنفسنا وأزواجنا وذرياتنا. اللهم ألِّف بين قلوبنا؛ وأصلح ذات بيننا؛ واهدنا. صلو وسلموا على نبينا محمد