المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة ( أحكام الصيام مختصرة جدا )



الشيخ/عبدالله الواكد
01-03-2024, 03:08
( أحكام الصيام )
مختصرة جدا
كتبها / عبدالله فهد الواكد
جامع الواكد بحائل
20/8/1445
الخطبة الأولى
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُسْلِمُونَ : قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ ضَيْفٌ كَرِيمٌ وَمَوْسِمٌ عَظِيمٌ ، وَمَيْدَانٌ يَتَنَافَسُ فِيهِ المُتَنَافِسُونَ، وَمِضْمَارٌ يَتَسَابَقُ فِيهِ الصَّالِحُونَ، تَتَهَذَّبُ بِهِ النُّفُوسُ وَتَتَزَكَّى فِيهِ القُلُوبُ ، شَهْرٌ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَتُسَلْسَلُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، وَتُضَاعَفُ بِهِ الحَسَنَاتُ ، وَتُغْفَرُ الخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتُ ، مَنْ صَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ، لِلَّصائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَة ٌعِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخَلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الِمسْكِ)) متفق عليه
الصَّوْمُ يَاعِبَادَ اللهِ : كَتَبَهُ اللهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَا كَتَبَهُ عَلَى الأُمَمِ السَّابِقَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ محُمَداً رَسُولُ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ البَيْتِ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) وَمَعْنَى الصَّيَامِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الإِمْسَاكُ وَفِي الشَّرِيعَةِ "هُوَ الإِمْسَاكُ عَنْ المُفَطِّرَاتِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالجِمَاعِ تَعَبُّداً للهِ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ" ، وَيَثْبُتُ دُخُولُ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ فِي اليَوْمِ التَّاسِعِ وَالعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنْ لَمْ يُرَ أَتمَّ النَّاسُ العِدَّةَ ثَلاَثِينَ يَوْماً ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( فَأَتِمُّوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْماً ) وَلِوُجُوبِ الصَّوْمِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ وَهِيَ الإِسْلَامُ وَالبُلُوغُ وَالعَقْلُ وَالقُدْرَةُ وَالإِقَامَةُ ، بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ المُكَلَّفُ مُسْلِماً غَيْرَ كَافِرٍ بَالِغاً غَيْرَ صَغِيرٍ عَاقِلاً غَيْرَ مَجْنُونٍ قَادِراً غَيْرَ عَاجِزٍ مُقِيماً غَيْرَ مُسَافِرٍ .
وَلِلصَّوْمِ مُفْسِدَاتٌ كُبْرَى أَجْمَعَ عَلَيْهَا العُلَمَاءُ وَهِيَ الأكْلُ وَالشِّرْبُ وَالجِمَاعُ فَهَذِهِ مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْهاَ فَسَدَ صَوْمُهُ فَأَمَّا مَنْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ فِي فَرْجِهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ وَالكَفَّارَةُ وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ، وَأَماَّ إِنْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ دُونَ الفَرْجِ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ فَقَطْ دُونَ الكَفَّارَةِ وَأَماَّ مَنْ احْتَلَمَ وَهُوَ نَائِمٌ وَوَجَدَ آثَارَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَصَوْمُهُ صَحِيحٌ ، وَأَمَّا مُفْسِدَاتُ الصَّوْمِ الصُّغْرَى الَّتِي إخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ العِلمْ فَهِيَ القَيْء وَالحِجَامَةُ وَالكِحْلُ وَقَطْرَةُ العَيْنِ وَالحُقْنَةُ ، وَسَأَذْكُرُ الرَّاجِحَ فِيهَا : فَأَنَّ مَنْ اسْتَقَاءَ أَيْ طَلَبَ القَيْءَ بِنَفْسِهِ بِإِصْبِعِهِ أَوْ بَأَيِّ طَرِيقَةٍ فَقَاءَ فَإِنَّ عَلَيْهِ القَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَالحِجَامَةُ تُفَطِّرُ كَمَا فِي مَذْهَبِ الحَنَابِلَةِ وَأَماَّ سَحْبُ الدَّمِ فَإِنْ كَانَ يَسِيراً لِلتَّحْلِيلِ فَلَا يُفَطِّرُ وَإِنْ كَانَ كَثِيراً لِلتَّبَرُّعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُفَطِّرُ وَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي فِعْلُ ذَلِكَ فِي النَّهاَرِ وَالرَّاجِحُ فِي الكِحْلِ وَقَطْرَةِ العَيْنِ أَنَّهُمَا لَا تُفَطِّرَانِ وَأَمَّا الحُقْنَةُ فَإِنْ كَانَتْ عِلَاجاً فَلَا تُفَطِّرُ وَإِنْ كَانَتْ تَغْذِيَةً فَإِنَّهاَ تُفَطِّرُ ، وَشُرُوطُ فَسَادِ الصَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهَا شَيْخُ الإِسْلَامِ بْنُ تَيْمِيةَ رَحِمَهُ اللهُ هِيَ أَنْ يَكُونَ ذَاكِراً غَيْرَ نَاسِي وَهُوَ مَذْهَبُ الجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ أَكلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِياً فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ ) وَأَنْ يَكُونَ قَاصِداً مُتَعَمِّداً غَيْرَ مُكْرَهٍ وَخَالَفَ الجُمْهُورُ هَذَا القَوْلَ وَقَالُوا لَابُدَّ مِنْ القَضَاءِ وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَالِماً بِالحُكْمِ عَالِماً بِالحَالِ .
وَالذِي يُفْطِرُ مِنْ الصَّائِمِينَ وُجُوباً هُمَا الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَنْ تَصُومَا ، وَأَمَّا الذِي يَجُوزُ لَهُمَا الإِفْطَارُ فَهُمَا المَرِيضُ وَالمُسَافِرُ ، قَالَ تَعَالَى ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) فَإِنْ كَانَ المَرَضُ شَدِيداً أَوْ فِيهِ خُطُورَةٌ عَلَى الصَّائِمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الإِفْطَارُ وَإِنْ كَانَ لَا فَجَازَ لَهُ الإِفْطَارُ جَوَازاً وَأَمَّا إِنْ كَانَ المَرَضُ لَيْسَ لَهُ عِلَاقَةٌ بِالصِّيَامِ مِثْلُ أَلَمِ الضِّرْسِ وَجَرْحِ القَدَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الإِفْطَارُ ، وَأَمَّا المُسَافِرُ الذِي يَجُوزُ لَهُ الفِطْرُ فَهْوَ المُسَافِرُ سَفَراً تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ .
أَيُّهَا النَّاسُ : نَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الحَامِلِ وَالمُرْضِعِ فَإِنْ خَافَتَا عَلَى نَفْسَيْهِمَا فَأَفْطَرَتَا فَعَلَيْهِمَا القَضَاءُ فَقَطْ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِماَ فَفِي المَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ فِيهَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّهُمَا تَقْضِيَانِ وَتُطْعِمَانِ ، وَأَماَّ الرَّجُلُ الكَبِيرُ وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ فَإِنْ كَانَا لَا يَعْقِلَانِ مِنَ الكِبَرِ وَالتَّخْرِيفِ فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ لَا صِيَامٌ وَلَا قَضَاءٌ وَلَا إِطْعَامٌ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا التَّكْلِيفُ بِذَهَابِ مَنَاطِهِ وَهُوَ العَقْلُ وَإِنْ كَانَا يَعْقِلَانِ وَالكِبَرُ وَالتَّعَبُ فِي البَدَنِ فَإِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُماَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكَيناً بَعْدَ انْقِضَاءِ اليَوْمِ ، أَوْيَكُونُ الإِطْعَامُ بَعْدَ رَمَضَانَ عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لمَّا كَبُرَ وَعَجِزَ عَنْ الصِّيَامِ كَانَ يَجْمَعُ بَعْدَ نِهَايَةِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ مِسْكِيناً وَيُطْعِمُهُمْ . نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُبَارِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ ، وَيُبَلِّغُناَ رَمَضَانَ أَعُوذُ باللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله العظيم الجليل من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية
أَيُّهَا النَّاسُ : اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَابْتَغُوا بِصِيَامِكُمْ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الأُخْرَى ، وَاحْتَسِبُوا صِيَامَكُمْ وَقِيَامَكُمْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) متفق عليه ، وَاعْلَمُوا أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرُ الحُبِّ وَالوِئَامِ وَالرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ ، فَكُونُوا فِيهِ مِنْ أَسْرَعِ النَّاسِ إِلَى الخَيْرِ وَأَقْرَبِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، كُونُوا مِنْ أوْسَعِ النَّاسِ صُدُورًا وَأَرْحَمُهُمْ قُلُوبًا وَأَزْكَاهُمْ نُفُوسًا وَأَطْيَبُهُمْ أَلْسُنَا وَأَدْمَثُهُمْ أَخْلَاقاً وَأَرَقَّهُمْ طِبَاعاً وَأَنْدَاهُمْ أَكُفاًّ وَأَنْقَاهُمْ مَعْدَناً وَأَصْفَاهُمْ سَرِيرَةً وَأَرْحَبَهُمْ عَلَانِيَةً وَأَوْفَاهُمْ عَهْداً وَأَكْثَرُهُمْ أَمَانَةً ، فَقَدْ كَانَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ مِنْ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ ،
صلوا وسلموا على نبيكم محمد وآله وصحبه أجمعين...