محمدالمهوس
12-09-2023, 17:39
الخُطْبَةُ الأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا: نِعْمَةُ هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي وَضَعَهَا الرَّبُّ سُبْحَانَهُ للأَنَامِ، وَجَعَلَ فِيهَا أَصْنَافَ الطَّعَامِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 10 - 13] جَعَلَهَا لَنَا ذَلُولاً نَعِيشُ عَلَى ظَهْرِهَا وَنَسِيرُ فِي فِجَاجِهَا، قَدْ أَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ، وَبَسَطَهَا ذُو الْجَلاَلِ، وَجَعَلَهَا مِنْ أَعْظَمِ الآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ خَلْقِهِ، وَعَظَمَةِ صُنْعَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ الْقَائِلُ : ﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 19 - 21].
جَعَلَهَا قَرَارًا لِلْعِبَادِ سَاكِنَةً مُطْمَئِنَّةً لَيْسَتْ رَجْرَاجَةً مُتَكَفِّئَةً مُهْتَزَّةً مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِنَا، وَلاَ رَخْوَةً وَلاَ قَاسِيَةً، وَإِنَّمَا ثَبَّتَهَا اللهُ وَجَعَلَهَا قَرَارًا صَالِحَةً لِلإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ عَلَيْهَا ، كَمَا قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا ﴾ [غافر: 64]؛ فَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ آيَةٍ دَالَّةٍ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى!
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
تَأَمَّلُوا -يَا مُسْلِمُونَ- عِنْدَمَا تَتَحَرَّكُ الأَرْضُ الثَّابِتَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، وَتَهْتَزُّ مِنْ تَحْتِ النَّاسِ، يَحْدُثُ لَهُمُ الْهَلَعُ وَالْخَوْفُ وَالذُّعْرُ؛ بَلْ إِنَّ اهْتِزَازَها إِذَا اشْتَدَّ وَعَظُمَ، أَهْلَكَ مَنْ يَمْشِي عَلَيْهَا، وَمَا سَمِعْنَاهُ قَبْلَ أَيَّامٍ مِنْ زَلاَزِلَ مُدَمِّرَةٍ فِي سُورِيّا وَتُرْكِيَا لَهُوَ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى عَظَمَةِ الْخَالِقِ -جَلَّ وَعَلاَ- وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَأَنَّ لِحُدُوثِ الزَّلاَزِلِ وَغَيْرِهَا حِكَمًا وَدُرُوسًا يُدْرِكُهَا أَصْحَابُ الْقُلُوبِ الْمُؤْمِنَةِ:
فَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: التَّذْكِيرُ بِنِعْمَةِ سُكُونِ الأَرْضِ وَتَسْخِيرِهَا لِلإِنْسَانِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ [ يس: 33 – 35].
وَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: التَّذْكِيرُ بِوَحْدَانِيَّةِ وَكَمَالِ قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَقُوَّتِهِ وَغَلَبَتِهِ الَّذِي لاَ يَغْلِبُهُ غَالِبٌ، وَلاَ يَرُدُّ قَضَاءَهُ رَادٌّ؛ يَنْفُذُ أَمْرُهُ، وَيَمْضِي قَضَاؤُهُ فِي خَلْقِهِ ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 74].
وَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: تَخْوِيفُ الْعِبَادِ وَتَذْكِيرُهُمْ كَيْ يُحَاسِبُوا أَنْفُسَهُمْ، وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَجْتَنِبُوا مَا يُغْضِبُ خَالِقَهُمْ؛ وَلاَ يَغِيبُ عَنْ بَالِنَا قَوْلُ اللهِ - جَلَّ وَعَلاَ -: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء: 59].
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-:
«وَالزَّلاَزِلُ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي يُخَوِّفُ اللهُ بِهَا عِبَادَهُ، كَمَا يُخَوِّفُهُمْ بِالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ»
[مجموع الفتاوى: ٢٦٤/٢٤].
وَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: بَيَانُ شُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَأَثَرِهَا السَّيِّئِ عَلَى الْفَرْدِ وَالأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَحَصَّنَ بِالإِيمَانِ الصَّادِقِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَهُمَا السَّبِيلُ الأَوْحَدُ لِحُصُولِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالْعَافِيَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 120].
رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِه، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا ظَهَرَ الْخَبَثُ» [صححه الألباني].
فَإِذَا ظَهَرَتْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْضُ الْمَعَاصِي وَالآثَامِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَاقِبُهَا بِبَعْضِ مَا عَاقَبَ بِهِ الأُمَمُ الْهَالِكَةُ؛ زَجْرًا لِتِلْكَ الأُمَّةِ، وَتَذْكِيرًا لَهَا بِحَقِّ رَبِّهَا، وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الزَّلاَزِلُ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا وَتَطْهِيرًا وَرَحْمَةً لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلاَزِلُ، وَالْقَتْلُ» [صححه الألباني].
وَلأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الْهَدْمِ الَّذِي قَالَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ» [متفق الله].
اللَّهُمَّ رَحْمَةً اهْدِ بِهَا قُلُوبَنَا، وَاجْمَعْ بِهَا شَمْلَنَا، وَلُمَّ بِهَا شَعْثَنَا، وَرُدَّ بِهَا الْفِتَنَ عَنَّا ، يَارَبَّ الْعَالَمِيِنَ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الْحِكَمِ وَالدُّرُوسِ الْعَظِيمَةِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ زَلاَزِلَ: تَذْكِيرَ الْعِبَادِ بِالزَّلْزَلَةِ الْكُبْرَى، الَّتِي قَالَ اللهُ عَنْهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [ الحج: 1-2 ].
فَلَقَدْ شَاهَدَ الْكَثِيرُونَ هَلَعَ النَّاسِ فِي زِلْزَالِ الدُّنْيَا، وَدَمَارِ دُورِهِمْ، وَسُقُوطِهَا عَلَى أُسَرِهِمْ، فَحَرِيٌّ بِنَا جَمِيعًا أَنْ نَتَذَكَّرَ وَنَعْتَبِرَ بِمَا سَيَحْدُثُ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ.
وَمِنَ الْحِكَمِ وَالدُّرُوسِ: بَذْلُ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنَ الْفِتَنِ عُمُومًا بِطَاعَةِ اللهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَمُحَاسَبَةِ النَّفْسِ، وَتَصْحِيحِ الْحَالِ، وَالإِكْثَارِ مِنَ الصَّدَقَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ لاَ نَغْفُلَ عَنْ أَوْرَادِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ! لاَ سِيَّمَا وَأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَسْبَابِ السَّلاَمَةِ مِنْ خَطَرِ الزَّلاَزِلِ وَالْخَسْفِ؛ فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغَتَالَ مِنْ تَحْتِي» [صححه الألباني]
وَمِنَ الْحِكَمِ وَالدُّرُوسِ: ابْتِلاَءُ رَبِّنَا لَنَا بِمُصَابِ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ، لِيَرَى مَاذَا نَصْنَعُ ، وَأَنْ لاَ نَغْفُلَ بِالدُّعَاءِ لإِخْوَانِنَا بِأَنْ يَرْحَمَ اللهُ مَوْتَاهُمْ، وَيَشْفِيَ مَرْضَاهُمْ، وَيَرْفَعَ مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ وَبَلاَءٍ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رَوَاهُ مُسْلِم].
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا: نِعْمَةُ هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي وَضَعَهَا الرَّبُّ سُبْحَانَهُ للأَنَامِ، وَجَعَلَ فِيهَا أَصْنَافَ الطَّعَامِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 10 - 13] جَعَلَهَا لَنَا ذَلُولاً نَعِيشُ عَلَى ظَهْرِهَا وَنَسِيرُ فِي فِجَاجِهَا، قَدْ أَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ، وَبَسَطَهَا ذُو الْجَلاَلِ، وَجَعَلَهَا مِنْ أَعْظَمِ الآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ خَلْقِهِ، وَعَظَمَةِ صُنْعَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ الْقَائِلُ : ﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 19 - 21].
جَعَلَهَا قَرَارًا لِلْعِبَادِ سَاكِنَةً مُطْمَئِنَّةً لَيْسَتْ رَجْرَاجَةً مُتَكَفِّئَةً مُهْتَزَّةً مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِنَا، وَلاَ رَخْوَةً وَلاَ قَاسِيَةً، وَإِنَّمَا ثَبَّتَهَا اللهُ وَجَعَلَهَا قَرَارًا صَالِحَةً لِلإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ عَلَيْهَا ، كَمَا قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا ﴾ [غافر: 64]؛ فَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ آيَةٍ دَالَّةٍ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى!
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
تَأَمَّلُوا -يَا مُسْلِمُونَ- عِنْدَمَا تَتَحَرَّكُ الأَرْضُ الثَّابِتَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، وَتَهْتَزُّ مِنْ تَحْتِ النَّاسِ، يَحْدُثُ لَهُمُ الْهَلَعُ وَالْخَوْفُ وَالذُّعْرُ؛ بَلْ إِنَّ اهْتِزَازَها إِذَا اشْتَدَّ وَعَظُمَ، أَهْلَكَ مَنْ يَمْشِي عَلَيْهَا، وَمَا سَمِعْنَاهُ قَبْلَ أَيَّامٍ مِنْ زَلاَزِلَ مُدَمِّرَةٍ فِي سُورِيّا وَتُرْكِيَا لَهُوَ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى عَظَمَةِ الْخَالِقِ -جَلَّ وَعَلاَ- وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَأَنَّ لِحُدُوثِ الزَّلاَزِلِ وَغَيْرِهَا حِكَمًا وَدُرُوسًا يُدْرِكُهَا أَصْحَابُ الْقُلُوبِ الْمُؤْمِنَةِ:
فَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: التَّذْكِيرُ بِنِعْمَةِ سُكُونِ الأَرْضِ وَتَسْخِيرِهَا لِلإِنْسَانِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ [ يس: 33 – 35].
وَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: التَّذْكِيرُ بِوَحْدَانِيَّةِ وَكَمَالِ قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَقُوَّتِهِ وَغَلَبَتِهِ الَّذِي لاَ يَغْلِبُهُ غَالِبٌ، وَلاَ يَرُدُّ قَضَاءَهُ رَادٌّ؛ يَنْفُذُ أَمْرُهُ، وَيَمْضِي قَضَاؤُهُ فِي خَلْقِهِ ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 74].
وَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: تَخْوِيفُ الْعِبَادِ وَتَذْكِيرُهُمْ كَيْ يُحَاسِبُوا أَنْفُسَهُمْ، وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَجْتَنِبُوا مَا يُغْضِبُ خَالِقَهُمْ؛ وَلاَ يَغِيبُ عَنْ بَالِنَا قَوْلُ اللهِ - جَلَّ وَعَلاَ -: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء: 59].
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-:
«وَالزَّلاَزِلُ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي يُخَوِّفُ اللهُ بِهَا عِبَادَهُ، كَمَا يُخَوِّفُهُمْ بِالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ»
[مجموع الفتاوى: ٢٦٤/٢٤].
وَمِنْ حِكَمِهَا وَدُرُوسِهَا: بَيَانُ شُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَأَثَرِهَا السَّيِّئِ عَلَى الْفَرْدِ وَالأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَحَصَّنَ بِالإِيمَانِ الصَّادِقِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَهُمَا السَّبِيلُ الأَوْحَدُ لِحُصُولِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالْعَافِيَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 120].
رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِه، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا ظَهَرَ الْخَبَثُ» [صححه الألباني].
فَإِذَا ظَهَرَتْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْضُ الْمَعَاصِي وَالآثَامِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَاقِبُهَا بِبَعْضِ مَا عَاقَبَ بِهِ الأُمَمُ الْهَالِكَةُ؛ زَجْرًا لِتِلْكَ الأُمَّةِ، وَتَذْكِيرًا لَهَا بِحَقِّ رَبِّهَا، وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الزَّلاَزِلُ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا وَتَطْهِيرًا وَرَحْمَةً لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلاَزِلُ، وَالْقَتْلُ» [صححه الألباني].
وَلأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الْهَدْمِ الَّذِي قَالَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ» [متفق الله].
اللَّهُمَّ رَحْمَةً اهْدِ بِهَا قُلُوبَنَا، وَاجْمَعْ بِهَا شَمْلَنَا، وَلُمَّ بِهَا شَعْثَنَا، وَرُدَّ بِهَا الْفِتَنَ عَنَّا ، يَارَبَّ الْعَالَمِيِنَ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الْحِكَمِ وَالدُّرُوسِ الْعَظِيمَةِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ زَلاَزِلَ: تَذْكِيرَ الْعِبَادِ بِالزَّلْزَلَةِ الْكُبْرَى، الَّتِي قَالَ اللهُ عَنْهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [ الحج: 1-2 ].
فَلَقَدْ شَاهَدَ الْكَثِيرُونَ هَلَعَ النَّاسِ فِي زِلْزَالِ الدُّنْيَا، وَدَمَارِ دُورِهِمْ، وَسُقُوطِهَا عَلَى أُسَرِهِمْ، فَحَرِيٌّ بِنَا جَمِيعًا أَنْ نَتَذَكَّرَ وَنَعْتَبِرَ بِمَا سَيَحْدُثُ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ.
وَمِنَ الْحِكَمِ وَالدُّرُوسِ: بَذْلُ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنَ الْفِتَنِ عُمُومًا بِطَاعَةِ اللهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَمُحَاسَبَةِ النَّفْسِ، وَتَصْحِيحِ الْحَالِ، وَالإِكْثَارِ مِنَ الصَّدَقَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ لاَ نَغْفُلَ عَنْ أَوْرَادِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ! لاَ سِيَّمَا وَأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَسْبَابِ السَّلاَمَةِ مِنْ خَطَرِ الزَّلاَزِلِ وَالْخَسْفِ؛ فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغَتَالَ مِنْ تَحْتِي» [صححه الألباني]
وَمِنَ الْحِكَمِ وَالدُّرُوسِ: ابْتِلاَءُ رَبِّنَا لَنَا بِمُصَابِ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ، لِيَرَى مَاذَا نَصْنَعُ ، وَأَنْ لاَ نَغْفُلَ بِالدُّعَاءِ لإِخْوَانِنَا بِأَنْ يَرْحَمَ اللهُ مَوْتَاهُمْ، وَيَشْفِيَ مَرْضَاهُمْ، وَيَرْفَعَ مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ وَبَلاَءٍ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رَوَاهُ مُسْلِم].