محمدالمهوس
26-10-2022, 18:18
الخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ، الْمُتَفَضِّلِ عَلَى عِبَادِهِ بِأَصْنَافِ النِّعَمِ وَأَنْوَاعِ الإِحْسَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهُدَى وَالرَّحْمَةِ وَصَلاَحِ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَانِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي هَذَا الزَّمَنِ: نِعْمَةُ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ الْمُنْتَشِرَةِ عَبْرَ الشَّبَكَةِ الْمَعْلُومَاتِيَّةِ؛ حَيْثُ أَصْبَحَ الْوَاحِدُ مِنَّا يَتَوَاصَلُ مَعَ أَقْرِبَائِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْبَحَتْ بَعْضُ هَذِهِ التَّطْبِيقَاتِ مَنَصَّاتٍ لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، لِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَتَجْوِيدِهِ وَتَفْسِيرِهِ، وَاسْتِضَافَةِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ وَالدُّعَاةِ الْمُخْلَصِينَ عَبْرَ دُرُوسِهِمُ الْعِلْمِيَّةِ الْمَسْمُوعَةِ وَالْمَرْئِيَّةِ، وَالتَّنْبِيهِ لِلصَّلاَةِ، وَالْمَوَاعِيدِ الْخَاصَّةِ، بِالإِضَافَةِ إِلَى التَّطْبِيقَاتِ الْحُكُومِيَّةِ الْخَدَمِيَّةِ الَّتِي مِنْ خِلاَلِهَا تَقُومُ بِإِنْهَاء الْمُعَامَلاَتِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بِأَسْرَعِ وَقْتٍ وَأَقْصَرِ طَرِيقٍ؛ فَضْلاً عَنْ شِرَاءِ مَا تَشَاءُ في أَيِّ وَقْتٍ تَشَاءُ مِنَ الْبَضَائِعِ وَالأَثَاثِ وَالْمَأْكُولاَتِ مِنْ أَقْصَى مَكَانٍ إِلَى بَابِ مَنْزِلِكَ.
وَإِنْ حَدَاكَ الشَّوْقُ لأَخٍ لَكَ أَوْ صَدِيقٍ فَإِنَّكَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُكَلِّمَهُ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شِئْتَ عَبْرَ هَذِهِ الْوَسَائِلِ بِالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ دُونَ مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ.
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْخِدْمَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ الَّتِي يَجْمَعُهَا جِهَازٌ فِي جَيْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا.
أَلَيْسَتْ هَذِهِ وَغَيْرُهَا – يَا عِبَادَ الله ِ - نِعْمَةً كُبْرَى وَمِنْحَةً عُظْمَى وَهَبَهَا ذُو الْفَضْلِ وَالْعَطَاءِ، وَالْكَرَمِ وَالسَّخَاءِ، الْقَائِلِ: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾
[النحل: 53]!
نَعَمْ وَاللهِ، إِنَّهَا نِعْمَةٌ لاَ تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ لِمَنِ اسْتَغَلَّهَا الاِسْتِغْلاَلَ النَّافِعَ، وَوُفِّقَ الْهِدَايَةَ وَالتَّسْدِيدَ لِكُلِّ أَمْرٍ مُفِيدٍ فِي عَالَمِ الاِتِّصَالِ وَغَيْرِهِ.
قِيلَ لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ..» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
وَمَعَ أَنَّهَا نِعْمَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى بِاسْتِغْلاَلِهَا بِالْخَيْرِ، إِلاَّ أَنَّهَا نِقْمَةٌ وَشَرٌّ لِمَنْ أَسَاءَ اسْتِخْدَامَهَا.
فَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِل التَّوَاصُلِ: تَلَقِّي مَا هَبَّ وَدَبَّ مِنَ الرَّسَائِلِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَقْرُوءَةِ مِنْهَا وَالْمَسْمُوعَةِ وَالْمَرْئِيَّةِ دُونَ النَّظَرِ فِي خَطَرِهَا وَنَتَائِجِهَا وَتَوَجُّهِهَا، وَقَدْ تَكُونُ دَعْوَةً لِانْحِلاَلٍ مِنْ دِينٍ وَأَخْلاَقٍ ، أَوْ شَائِعَاتٍ مُغْرِضَةً، أَوْ أَخْبَارًا كَاذِبَةً، أَوْ دَعْوَةً إِلَى مَشَارِيعِ الأَحْلاَمِ، وَمَسْتَقْبَلِ الأَيَّامِ الَّتِي خَلَّفَتْ وَرَاءَهَا الْمَآسِيَ وَالآلاَمَ فِي الْعَدِيدِ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: أَنَّهَا أَصْبَحَتْ نَافِذَةً لِبَثِّ السُّمُومِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَإِذْكَاءُ رُوحُ التَّعَصُّبَاتِ الْحِزْبِيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِمَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: 105].
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: الإِدْمَانُ فِي اسْتِخْدَامِهَا، وَالْجُلُوسُ أَمَامَهَا سَاعَاتٍ طَوِيلَةً فِي مَكَانِ الْعَمَلِ، وَفِي الأَمَاكِنِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، بَلْ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ، مِمَّا تَسَبَّبَتْ فِي ضَيَاعِ الْكَثِيرِ مِنَ الْوَقْتِ، وَهَدْرِهِ دُونَ أَدْنَى حَسِيبٍ، وَكَذَلِكَ قَطْعُ الْعَلاَقَاتِ، وَتَفَكُّكُ الأُسَرِ وَتَبَلُّدُ الإِحْسَاسِ بِالآخَرِينَ!
وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْمَشَاعِرَ الْحَيَّةَ النَّقِيَّةَ: بَلْسَمٌ لِلنُّفُوسِ وَدَوَاءٌ لِلْقُلُوبِ، تَحْيَا الْمُجْتَمَعَاتُ بِحَيَاتِهَا، وَتَذْبُلُ بِجَفَافِهَا.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»
[متفق عليه].
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: كَثْرَةُ الْمَشَاكِلِ الأُسَرِيَّةِ، وَنِسَبِ الطَّلاَقِ، وَضَعْفُ الْعَلاَقَاتِ الأُسَرِيَّةِ، وَنَشْرُ الاِنْحِلاَلِ الأَخْلاَقِيِّ عِنْدَ بَعْضِ الأُسَرِ، وَإِحْدَاثُ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ فِي التَّرْبِيَةِ وَالتَّوْجِيهِ.
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: شُيُوعُ ثَقَافَةِ الاِسْتِهْلاَكِ وَالْبَذَخِ وَالتَّفَاخُرِ بِالْمَلاَبِسِ وَالأَطْعِمَةِ وَالسَّيَّارَاتِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ وَغَيْرِهَا، وَاللهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: وُجُودُ الْقُدُوَاتِ السَّيِّئَةِ بِاسْمِ مَشَاهِيرِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَمُتَابَعَةُ أَخْبَارِهِمْ وَشُؤُونِهِمُ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَالتَّعَلُّقُ الزَّائِدُ بِهِمْ مِنْ أَغْلَبِ أَطْيَافِ الْمُجْتَمَعِ، وَصُعُوبَةُ التَّخَلِّي عَنْ مُتَابَعَتِهِمْ، بَلْ أَصْبَحَ الْبَعْضُ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا مِثْلَهُمْ، وَبَعْضُ هَؤُلاَءِ مَشَاهِيرُ لَمْ يُعْرَفُوا بِصَلاَحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ مُبَادَرَةٍ بِنَفْعِ الْمُجْتَمَعِ، وَالْقُدْوَةُ الصَّالِحَةُ التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ التَّأْثِيرِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
اللَّهُمَّ أَلِّفْ عَلَى الْخَيْرِ قُلُوبَنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلاَمِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَسْؤُولِيَّةَ عَلَيْنَا جَمِيعًا فِي مُوَاجَهَةِ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ وَالثَّوْرَةِ الْمَعْلُومَاتِيَّةِ الْهَائِلَةِ فِي هَذَا الزَّمَنِ.
فَمَاذَا نَتَوَقَّعُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- مِنْ هَاتِفٍ مَحْمُولٍ عِنْدَ الْوَلَدِ وَالْبِنْتِ، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، يَعْمَلُ لَيْلاً وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا بِشَتَّى أَنْوَاعِ التَّوَاصُلِ وَالرَّسَائِلِ الصَّوْتِيَّةِ وَالْمَكْتُوبَةِ، وَالأَلْعَابِ الْخَطِيرَةِ الْمُنْتَشِرَةِ؛ فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّقِيَ اللهَ فِي أَنْفُسِنَا وَفِي أَوْلاَدِنَا، وَنَسْعَى جَادِّينَ فِي رِعَايَةِ وَوِقَايَةِ الأَبْنَاءِ مِنْ مَخَاطِرِ تِلْكَ الْوَسَائِلِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلاَلِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِمْ، وَمُلاَطَفَتِهِمْ، وَتَكْوِينِ صَدَاقَاتٍ مَعَهُمْ، وَمُجَالَسَتِهِمْ وَمُحَاوَرَتِهِمْ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنَ الشُّبُهَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَالرَّسَائِلِ وَالْمَوَاقِعِ الْهَابِطَةِ، وَتَبْصِيرِهِمْ بِخُطُورَةِ الشَّائِعَاتِ وَالأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ، وَالصُّحْبَةِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يَتَعَرَّفُونَ عَلَيْهَا مِنْ خِلاَلِ تِلْكَ الْمَوَاقِعِ، وَالْعَمَلِ عَلَى مُرَاقَبَتِهِمْ وَمَنْعِهِمْ مِنَ الْجُلُوسِ أَمَامَ هَذِهِ الْوَسَائِلِ وَالْمَوَاقِعِ لِسَاعَاتٍ طَوِيلَةٍ، أَوْ مُنْفَرِدِينَ، وَمُتَابَعَتِهِمْ وَالتَّعَرُّفِ عَلَى أَصْدِقَائِهِمْ وَمَنْ يَتَوَاصَلُونَ مَعَهُمْ، أَوَّلاً بِأَوَّلٍ، وَاحْتِسَابِ الأَجْرِ فِي ذَلِكَ.
أَسْأَلُ اللهَ -جَلَّ وَعَلاَ- أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَاجْتِمَاعَ كَلِمَتِنَا، وَوَحْدَةَ صَفِّنَا، وَعُلَمَاءَنَا، وَوُلاَةَ أَمْرِنَا، وَأَنْ يَحْفَظَ شَبَابَنَا وَفَتَيَاتِنَا، وَأَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ.
هَذَا، وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم].
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ، الْمُتَفَضِّلِ عَلَى عِبَادِهِ بِأَصْنَافِ النِّعَمِ وَأَنْوَاعِ الإِحْسَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهُدَى وَالرَّحْمَةِ وَصَلاَحِ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَانِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي هَذَا الزَّمَنِ: نِعْمَةُ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ الْمُنْتَشِرَةِ عَبْرَ الشَّبَكَةِ الْمَعْلُومَاتِيَّةِ؛ حَيْثُ أَصْبَحَ الْوَاحِدُ مِنَّا يَتَوَاصَلُ مَعَ أَقْرِبَائِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْبَحَتْ بَعْضُ هَذِهِ التَّطْبِيقَاتِ مَنَصَّاتٍ لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، لِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَتَجْوِيدِهِ وَتَفْسِيرِهِ، وَاسْتِضَافَةِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ وَالدُّعَاةِ الْمُخْلَصِينَ عَبْرَ دُرُوسِهِمُ الْعِلْمِيَّةِ الْمَسْمُوعَةِ وَالْمَرْئِيَّةِ، وَالتَّنْبِيهِ لِلصَّلاَةِ، وَالْمَوَاعِيدِ الْخَاصَّةِ، بِالإِضَافَةِ إِلَى التَّطْبِيقَاتِ الْحُكُومِيَّةِ الْخَدَمِيَّةِ الَّتِي مِنْ خِلاَلِهَا تَقُومُ بِإِنْهَاء الْمُعَامَلاَتِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بِأَسْرَعِ وَقْتٍ وَأَقْصَرِ طَرِيقٍ؛ فَضْلاً عَنْ شِرَاءِ مَا تَشَاءُ في أَيِّ وَقْتٍ تَشَاءُ مِنَ الْبَضَائِعِ وَالأَثَاثِ وَالْمَأْكُولاَتِ مِنْ أَقْصَى مَكَانٍ إِلَى بَابِ مَنْزِلِكَ.
وَإِنْ حَدَاكَ الشَّوْقُ لأَخٍ لَكَ أَوْ صَدِيقٍ فَإِنَّكَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُكَلِّمَهُ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شِئْتَ عَبْرَ هَذِهِ الْوَسَائِلِ بِالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ دُونَ مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ.
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْخِدْمَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ الَّتِي يَجْمَعُهَا جِهَازٌ فِي جَيْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا.
أَلَيْسَتْ هَذِهِ وَغَيْرُهَا – يَا عِبَادَ الله ِ - نِعْمَةً كُبْرَى وَمِنْحَةً عُظْمَى وَهَبَهَا ذُو الْفَضْلِ وَالْعَطَاءِ، وَالْكَرَمِ وَالسَّخَاءِ، الْقَائِلِ: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾
[النحل: 53]!
نَعَمْ وَاللهِ، إِنَّهَا نِعْمَةٌ لاَ تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ لِمَنِ اسْتَغَلَّهَا الاِسْتِغْلاَلَ النَّافِعَ، وَوُفِّقَ الْهِدَايَةَ وَالتَّسْدِيدَ لِكُلِّ أَمْرٍ مُفِيدٍ فِي عَالَمِ الاِتِّصَالِ وَغَيْرِهِ.
قِيلَ لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ..» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
وَمَعَ أَنَّهَا نِعْمَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى بِاسْتِغْلاَلِهَا بِالْخَيْرِ، إِلاَّ أَنَّهَا نِقْمَةٌ وَشَرٌّ لِمَنْ أَسَاءَ اسْتِخْدَامَهَا.
فَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِل التَّوَاصُلِ: تَلَقِّي مَا هَبَّ وَدَبَّ مِنَ الرَّسَائِلِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَقْرُوءَةِ مِنْهَا وَالْمَسْمُوعَةِ وَالْمَرْئِيَّةِ دُونَ النَّظَرِ فِي خَطَرِهَا وَنَتَائِجِهَا وَتَوَجُّهِهَا، وَقَدْ تَكُونُ دَعْوَةً لِانْحِلاَلٍ مِنْ دِينٍ وَأَخْلاَقٍ ، أَوْ شَائِعَاتٍ مُغْرِضَةً، أَوْ أَخْبَارًا كَاذِبَةً، أَوْ دَعْوَةً إِلَى مَشَارِيعِ الأَحْلاَمِ، وَمَسْتَقْبَلِ الأَيَّامِ الَّتِي خَلَّفَتْ وَرَاءَهَا الْمَآسِيَ وَالآلاَمَ فِي الْعَدِيدِ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: أَنَّهَا أَصْبَحَتْ نَافِذَةً لِبَثِّ السُّمُومِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَإِذْكَاءُ رُوحُ التَّعَصُّبَاتِ الْحِزْبِيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِمَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: 105].
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: الإِدْمَانُ فِي اسْتِخْدَامِهَا، وَالْجُلُوسُ أَمَامَهَا سَاعَاتٍ طَوِيلَةً فِي مَكَانِ الْعَمَلِ، وَفِي الأَمَاكِنِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، بَلْ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ، مِمَّا تَسَبَّبَتْ فِي ضَيَاعِ الْكَثِيرِ مِنَ الْوَقْتِ، وَهَدْرِهِ دُونَ أَدْنَى حَسِيبٍ، وَكَذَلِكَ قَطْعُ الْعَلاَقَاتِ، وَتَفَكُّكُ الأُسَرِ وَتَبَلُّدُ الإِحْسَاسِ بِالآخَرِينَ!
وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْمَشَاعِرَ الْحَيَّةَ النَّقِيَّةَ: بَلْسَمٌ لِلنُّفُوسِ وَدَوَاءٌ لِلْقُلُوبِ، تَحْيَا الْمُجْتَمَعَاتُ بِحَيَاتِهَا، وَتَذْبُلُ بِجَفَافِهَا.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»
[متفق عليه].
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: كَثْرَةُ الْمَشَاكِلِ الأُسَرِيَّةِ، وَنِسَبِ الطَّلاَقِ، وَضَعْفُ الْعَلاَقَاتِ الأُسَرِيَّةِ، وَنَشْرُ الاِنْحِلاَلِ الأَخْلاَقِيِّ عِنْدَ بَعْضِ الأُسَرِ، وَإِحْدَاثُ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ فِي التَّرْبِيَةِ وَالتَّوْجِيهِ.
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: شُيُوعُ ثَقَافَةِ الاِسْتِهْلاَكِ وَالْبَذَخِ وَالتَّفَاخُرِ بِالْمَلاَبِسِ وَالأَطْعِمَةِ وَالسَّيَّارَاتِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ وَغَيْرِهَا، وَاللهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].
وَمِنَ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ: وُجُودُ الْقُدُوَاتِ السَّيِّئَةِ بِاسْمِ مَشَاهِيرِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَمُتَابَعَةُ أَخْبَارِهِمْ وَشُؤُونِهِمُ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَالتَّعَلُّقُ الزَّائِدُ بِهِمْ مِنْ أَغْلَبِ أَطْيَافِ الْمُجْتَمَعِ، وَصُعُوبَةُ التَّخَلِّي عَنْ مُتَابَعَتِهِمْ، بَلْ أَصْبَحَ الْبَعْضُ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا مِثْلَهُمْ، وَبَعْضُ هَؤُلاَءِ مَشَاهِيرُ لَمْ يُعْرَفُوا بِصَلاَحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ مُبَادَرَةٍ بِنَفْعِ الْمُجْتَمَعِ، وَالْقُدْوَةُ الصَّالِحَةُ التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ التَّأْثِيرِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
اللَّهُمَّ أَلِّفْ عَلَى الْخَيْرِ قُلُوبَنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلاَمِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَسْؤُولِيَّةَ عَلَيْنَا جَمِيعًا فِي مُوَاجَهَةِ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ وَالثَّوْرَةِ الْمَعْلُومَاتِيَّةِ الْهَائِلَةِ فِي هَذَا الزَّمَنِ.
فَمَاذَا نَتَوَقَّعُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- مِنْ هَاتِفٍ مَحْمُولٍ عِنْدَ الْوَلَدِ وَالْبِنْتِ، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، يَعْمَلُ لَيْلاً وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا بِشَتَّى أَنْوَاعِ التَّوَاصُلِ وَالرَّسَائِلِ الصَّوْتِيَّةِ وَالْمَكْتُوبَةِ، وَالأَلْعَابِ الْخَطِيرَةِ الْمُنْتَشِرَةِ؛ فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّقِيَ اللهَ فِي أَنْفُسِنَا وَفِي أَوْلاَدِنَا، وَنَسْعَى جَادِّينَ فِي رِعَايَةِ وَوِقَايَةِ الأَبْنَاءِ مِنْ مَخَاطِرِ تِلْكَ الْوَسَائِلِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلاَلِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِمْ، وَمُلاَطَفَتِهِمْ، وَتَكْوِينِ صَدَاقَاتٍ مَعَهُمْ، وَمُجَالَسَتِهِمْ وَمُحَاوَرَتِهِمْ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنَ الشُّبُهَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَالرَّسَائِلِ وَالْمَوَاقِعِ الْهَابِطَةِ، وَتَبْصِيرِهِمْ بِخُطُورَةِ الشَّائِعَاتِ وَالأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ، وَالصُّحْبَةِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يَتَعَرَّفُونَ عَلَيْهَا مِنْ خِلاَلِ تِلْكَ الْمَوَاقِعِ، وَالْعَمَلِ عَلَى مُرَاقَبَتِهِمْ وَمَنْعِهِمْ مِنَ الْجُلُوسِ أَمَامَ هَذِهِ الْوَسَائِلِ وَالْمَوَاقِعِ لِسَاعَاتٍ طَوِيلَةٍ، أَوْ مُنْفَرِدِينَ، وَمُتَابَعَتِهِمْ وَالتَّعَرُّفِ عَلَى أَصْدِقَائِهِمْ وَمَنْ يَتَوَاصَلُونَ مَعَهُمْ، أَوَّلاً بِأَوَّلٍ، وَاحْتِسَابِ الأَجْرِ فِي ذَلِكَ.
أَسْأَلُ اللهَ -جَلَّ وَعَلاَ- أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَاجْتِمَاعَ كَلِمَتِنَا، وَوَحْدَةَ صَفِّنَا، وَعُلَمَاءَنَا، وَوُلاَةَ أَمْرِنَا، وَأَنْ يَحْفَظَ شَبَابَنَا وَفَتَيَاتِنَا، وَأَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ.
هَذَا، وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم].