المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( حاجة الأمة إلى العلم )



الشيخ/عبدالله الواكد
02-09-2022, 07:08
خطبة جمعة
بعنوان
( حاجة الأمة إلى العلم )
5/2/1444
كتبها
عبدالله بن فهد الواكد
جامع الواكد بحائل
مع نقل من كلام للشيخ عبدالله العبيلان
حفظه الله




الخُطْبَةُ الأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: صِرَاعُ الحَقِّ وَالبَاطِلِ دَيْدَنٌ قَدِيمٌ
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقُل جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ إِنَّ الباطِلَ كانَ زَهوقًا﴾ [الإسراء: ٨١].
وَالحَقُّ هُوَ دِينُ اللهِ وَشَرْعُهُ ، وَالبَاطِلُ هُوَ كُلُّ مَا سِوَاهُ مِنَ الأدْيانِ والشَّرائِعِ ، "ولَمّا كانَتْ دَعْوَةُ الرَّسُولِ هِيَ لِإقامَةِ الحَقِّ وَإبْطَالِ البَاطِلِ كَانَ الوَعْدُ بِظُهُورِ الحَقِّ وعْدًا بِظُهُورِ أَمْرِ الرَّسُولِ، وَنَصْرِهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَاسْتَحْفَظَهُ اللَّهُ هَذِهِ الكَلِمَةَ الجَلِيلَةَ إِلَى أَنْ أَلْقَاهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى مَسَامِعِ مَنْ كَانُوا أَعْدَاءَهُ فَإنَّهُ لَمّا دَخَلَ الكَعْبَةَ وَوَجَدَ فِيهَا وَحَوْلَهاَ الأَصْنَامَ جَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْها بِقَضِيبٍ وَيَقُولُ ﴿جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ فَتَسْقُطُ تِلْكَ الأنْصَابُ عَلَى وُجُوهِهَا" وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾ [التوبة: ٣٣].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : رَوَى أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ)).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى)). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا. قَالَ: ((إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ)).
وَفِي الآيَةِ وَالحَدِيثِ يَاعِبَادَ اللهِ : التَّنْبِيهُ إِلَى اسْتِمْرَارِ بَقَاءِ الإِسْلَامِ الحَقِّ، وَذَلِكَ لِيَكُونَ أَهْلُهُ حُجَّةً عَلَى الخَلْقِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُم أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدًا ..﴾ [البقرة: ١٤٣].
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ)) قَالَ البُخَارِي -فِي كِتَابِ الإِعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ-: "وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ". وَمِصْدَاقُ مَا قَالَ -رَحِمَهُ اللهُ- حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)) متفق عليه. فَالأُمَّةُ تَحْتَاجُ إِلَى العُلَمَاءِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَأُمَّةٌ بِلَا عِلْمٍ وَلَا عُلمَاء تَعِيشُ فِي الأَوْهَامِ وَتَتَخَبَّطُ فِي الظُّلُمَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيرَ الحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَومٍ قَدْ ضَلّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلّوا كَثيرًا وَضَلّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة: ٧٧]. نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمْ العِلْمَ النَّافِعَ وَالعَمَلَ الصَّالِحَ اللهُمَّ اهْدِنَا بِالْهُدَى ، وَجَمَّلْنَا بِالتَّقْوَى ، وَاغْفِرْ لَنَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ، يَا رَبَّ الْعَالَمِيِنَ .
أَقُولُ مَاسَمِعْتُمْ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوُا إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَنِ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُوَفَّقَ لِهَذا الدِينِ العَظِيمِ ، وَمِنْ حَقِّ شَخْصٍ يَدِينُ بِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ أَنْ يُفَاخِرَ بِهِ عَلَى غَيْرِه مِنَ الْأَدْيَانِ ؛ فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى -عِبَادَ اللهِ- وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمُ الإِسْلاَمِ ، وَاطْلُبُوا أَيُّهَا الشَّبَابُ بِالإِضَافَةِ إِلَى دُرُوسِكُمْ ، أُطْلُبُوا العِلْمَ الشَّرْعِيَّ وَاحْفَظُوا كِتَابَ اللهِ ، وَتَفَقَّهُوا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، فَكُلَّمَا انْتَشَرَ العِلْمُ زَالَ الجَهْلُ وَعَبَدَ النَّاُس رَبَّهُمْ عَلَى بَصِيرَةٍ ، فَهَذَا دِينُكُمْ الذِي أَعَزَّكُمْ اللهَ بِهِ، فَإِنِ ابْتَغَيْتُمُ الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ أَذَلَّكُمُ اللهُ ؛هَذَا وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم ].