محمدالمهوس
02-02-2022, 07:32
الخُطْبَةُ الأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 29].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ الآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ تَتَكَلَّمُ عَنْ خَيْرِ الْقُرُونِ وَصُنَّاعِ دَوْلَةِ الإِسْلاَمِ، وَرُفَقَاءِ الشَّدَائِدِ وَالصِّعَابِ مَعَ خَيْرِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ الْكِرَامِ، أَهْلِ التَّصْدِيقِ بِنُبُوَّةِ رَسُولِ الْهُدَى ، وَأَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَالتَّضْحِيَةِ، وَأَهْلِ الْبَيْعَةِ وَالْمُسَانَدَةِ؛ أَبَرِّ هَذِهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقِهَا عِلْمًا، وَأَقَلِّهَا تَكَلُّفًا، وَأَقْوَمِهَا هَدْيًا، وَأَحْسَنِهَا حَالاً، شَهِدُوا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّفْسِيرَ وَالتَّأْوِيلَ؛ اخْتَارَهُمُ اللهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَنُصْرَتِهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ، وَإِظْهَارِ حَقِّهِ؛ فَرَضِيَهُمْ لَهُ صَحَابَةً، وَجَعَلَهُمْ لَنَا أَعْلاَمًا وَقُدْوَةً، فَهُمْ عُدُولُ الأُمَّةِ، وَأَئِمَّةُ الْهُدَى، وَحُجَجُ الدِّينِ، وَنَقَلَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100].
نَدَبَ اللهُ تَعَالَى الْخَلْقَ إِلَى التَّمَسُّكِ بِهَدْيهِمْ، وَسُلُوكِ سَبِيلِهِمْ، وَالاِقْتِدَاءِ بِهِمْ؛ فَقَالَ: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّواجذِ».
فَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ، وَأَفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّمَ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: «حُبُّهُمْ سُنَّةٌ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ قُرْبَةٌ، وَالاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَسِيلَةٌ، وَالأَخْذُ بِآرَائِهِمْ فَضِيلَةٌ، وَخَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّم-: أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُهُمْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ، وَخَيْرُهُمْ بَعْدَ عُمَرَ عُثْمَانُ، وَخَيْرُهُمْ بَعْدَ عُثْمَانَ عَلِيٌّ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ- خُلَفَاءُ رَاشِدُونَ مَهْدِيُّونَ».
وَقَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: «وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّم-، وَلاَ نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلاَ نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلاَ نَذْكُرُهُمْ إِلاَّ بِالْخَيْرِ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ».
فَمَحَبَّتُهُمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَهِيَ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَقُرْبَى إِلَى الرَّحْمَنِ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَطُغْيَانٌ؛ بَلْ مِنْ أُصُولِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهِمْ: اعْتِقَادُ عَدَالَتِهِمْ، وَالاِقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَاتِّبَاعُ مَنْهَجِهِمْ، وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِمْ، وَالإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِمْ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ؛ لِمَا لَهُمْ مِنَ الْمَنَاقِبِ الْحَمِيدَةِ، وَالسَّوَابِقِ الْقَدِيمَةِ، وَالْمَحَاسِنِ الشَّرِيفَةِ، وَلِمَا لَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ الْكَبِيرِ عَلَى كُلِّ مَنْ أَتَى بَعْدَهُمْ، فَهُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا إِلَى مَنْ بَعْدَهُمُ الدِّينَ الْحَنِيفَ الَّذِي أَخْرَجَ اللهُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ؛ فَفَضْلُهُمْ مُسْتَمِرٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ جَاءَ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَحَقُّهُمُ الدُّعَاءُ لَهُمْ، وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ في قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] اللَّهُمَّ إِنَّا نُشْهِدُكَ عَلَى مَحَبَّةِ صَحَابَةِ رَسُولِكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَاحْشُرْنَا مَعَهُمْ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْرِفُوا قَدْرَ صَحَابَةِ رَسُولِكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّم- وَفَضْلَهُمْ!
عَرِّفُوا أَبْنَاءَكُمْ بِهَذَا الْجِيلِ الْعَظِيمِ، وَازْرَعُوا فِيهِمْ حُبَّهُمْ، وَالاِقْتِدَاءَ بِهِمْ، وَالدِّفَاعَ عَنْهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُعَلِّمُونَ أَبْنَاءَهُمْ حُبَّ الصَّحَابَةِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- وَيَقُصُّونَ عَلَيْهِمْ مَنَاقِبَ الصَّحَابَةِ وَمَوَاقِفَهُمْ.
عَلِّمُوهُمْ دَوْرَ الصَّحَابَةِ الْعَظِيمَ فِي بِنَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنَّهُمْ أَحَدُ أَهَمِّ أَسْبَابِ انْتِصَارِ الإِسْلاَمِ وَقُوَّتِهِ وَانْتِشَارِهِ فِي كَافَّةِ أَنْحَاءِ الدُّنْيَا.
عَلِّمُوهُمْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هُمْ أَفْقَهُ الأُمَّةِ، وَأَبَرُّهَا قُلُوبًا، وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا، وَأَصَحُّهَا قُصُودًا، وَأَكْمَلُهَا فِطْرَةً، وَأَتَمُّهَا إِدْرَاكًا، وَأَصْفَاهَا أَذْهَانًا، شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ، وَفَهِمُوا مَقَاصِدَ الرُّسَولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، عَلِّمُوهُمْ تَضْحِيَاتِهِمْ لأَجْلِ نُصْرَةِ الدِّينِ، عَلِّمُوهُمْ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَأَنَّ عُمَرَ أَشَدُّ الأُمَّةِ فِي اللهِ، وَعُثْمَانَ يُجَهِّزُ جَيْشًا كَامِلاً، وَعَلِيًّا أَوَّلُ مَنْ فَدَى الرَّسُولَ بِحَيَاتِهِ، وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَعَلَّمَ لُغَةَ الْيَهُودِ فِي نِصْفِ شَهْرٍ لِيَكْتُبَ الْخِطَابَاتِ إِلَى الْيَهُودِ، وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ سَخَّرَ شِعْرَهُ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ، وَأَبَا طَلْحَةَ يَتَصَدَّقُ بِبُسْتَانِهِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ يُهَنْدِسُ الْخُطَطَ الْعَسْكَرِيَّةَ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ضَرَبَاتُ السُّيُوفِ فِي كُلِّ جَسَدِهِ، وَحَنْظَلَةَ تَرَكَ زَوْجَتَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمِ عُرْسِهِ لِيَمُوتَ شَهِيدًا وَتُغَسِّلُهُ الْمَلاَئِكَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
عَلِّمُوا الْبَنَاتِ سِيَرَ وَمَنْهَجَ وَعِفَّةَ الصَّحَابِيَّاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الطَّاهِرَاتِ؛ لِيَكُنَّ لَهُنَّ قُدُوَاتٍ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَإِيثَارِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ.
هَذَا وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم ].
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 29].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ الآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ تَتَكَلَّمُ عَنْ خَيْرِ الْقُرُونِ وَصُنَّاعِ دَوْلَةِ الإِسْلاَمِ، وَرُفَقَاءِ الشَّدَائِدِ وَالصِّعَابِ مَعَ خَيْرِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ الْكِرَامِ، أَهْلِ التَّصْدِيقِ بِنُبُوَّةِ رَسُولِ الْهُدَى ، وَأَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَالتَّضْحِيَةِ، وَأَهْلِ الْبَيْعَةِ وَالْمُسَانَدَةِ؛ أَبَرِّ هَذِهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقِهَا عِلْمًا، وَأَقَلِّهَا تَكَلُّفًا، وَأَقْوَمِهَا هَدْيًا، وَأَحْسَنِهَا حَالاً، شَهِدُوا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّفْسِيرَ وَالتَّأْوِيلَ؛ اخْتَارَهُمُ اللهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَنُصْرَتِهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ، وَإِظْهَارِ حَقِّهِ؛ فَرَضِيَهُمْ لَهُ صَحَابَةً، وَجَعَلَهُمْ لَنَا أَعْلاَمًا وَقُدْوَةً، فَهُمْ عُدُولُ الأُمَّةِ، وَأَئِمَّةُ الْهُدَى، وَحُجَجُ الدِّينِ، وَنَقَلَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100].
نَدَبَ اللهُ تَعَالَى الْخَلْقَ إِلَى التَّمَسُّكِ بِهَدْيهِمْ، وَسُلُوكِ سَبِيلِهِمْ، وَالاِقْتِدَاءِ بِهِمْ؛ فَقَالَ: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّواجذِ».
فَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ، وَأَفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّمَ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: «حُبُّهُمْ سُنَّةٌ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ قُرْبَةٌ، وَالاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَسِيلَةٌ، وَالأَخْذُ بِآرَائِهِمْ فَضِيلَةٌ، وَخَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّم-: أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُهُمْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ، وَخَيْرُهُمْ بَعْدَ عُمَرَ عُثْمَانُ، وَخَيْرُهُمْ بَعْدَ عُثْمَانَ عَلِيٌّ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ- خُلَفَاءُ رَاشِدُونَ مَهْدِيُّونَ».
وَقَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: «وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّم-، وَلاَ نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلاَ نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلاَ نَذْكُرُهُمْ إِلاَّ بِالْخَيْرِ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ».
فَمَحَبَّتُهُمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَهِيَ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَقُرْبَى إِلَى الرَّحْمَنِ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَطُغْيَانٌ؛ بَلْ مِنْ أُصُولِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهِمْ: اعْتِقَادُ عَدَالَتِهِمْ، وَالاِقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَاتِّبَاعُ مَنْهَجِهِمْ، وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِمْ، وَالإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِمْ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ؛ لِمَا لَهُمْ مِنَ الْمَنَاقِبِ الْحَمِيدَةِ، وَالسَّوَابِقِ الْقَدِيمَةِ، وَالْمَحَاسِنِ الشَّرِيفَةِ، وَلِمَا لَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ الْكَبِيرِ عَلَى كُلِّ مَنْ أَتَى بَعْدَهُمْ، فَهُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا إِلَى مَنْ بَعْدَهُمُ الدِّينَ الْحَنِيفَ الَّذِي أَخْرَجَ اللهُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ؛ فَفَضْلُهُمْ مُسْتَمِرٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ جَاءَ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَحَقُّهُمُ الدُّعَاءُ لَهُمْ، وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ في قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] اللَّهُمَّ إِنَّا نُشْهِدُكَ عَلَى مَحَبَّةِ صَحَابَةِ رَسُولِكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَاحْشُرْنَا مَعَهُمْ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْرِفُوا قَدْرَ صَحَابَةِ رَسُولِكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلِّم- وَفَضْلَهُمْ!
عَرِّفُوا أَبْنَاءَكُمْ بِهَذَا الْجِيلِ الْعَظِيمِ، وَازْرَعُوا فِيهِمْ حُبَّهُمْ، وَالاِقْتِدَاءَ بِهِمْ، وَالدِّفَاعَ عَنْهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُعَلِّمُونَ أَبْنَاءَهُمْ حُبَّ الصَّحَابَةِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- وَيَقُصُّونَ عَلَيْهِمْ مَنَاقِبَ الصَّحَابَةِ وَمَوَاقِفَهُمْ.
عَلِّمُوهُمْ دَوْرَ الصَّحَابَةِ الْعَظِيمَ فِي بِنَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنَّهُمْ أَحَدُ أَهَمِّ أَسْبَابِ انْتِصَارِ الإِسْلاَمِ وَقُوَّتِهِ وَانْتِشَارِهِ فِي كَافَّةِ أَنْحَاءِ الدُّنْيَا.
عَلِّمُوهُمْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هُمْ أَفْقَهُ الأُمَّةِ، وَأَبَرُّهَا قُلُوبًا، وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا، وَأَصَحُّهَا قُصُودًا، وَأَكْمَلُهَا فِطْرَةً، وَأَتَمُّهَا إِدْرَاكًا، وَأَصْفَاهَا أَذْهَانًا، شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ، وَفَهِمُوا مَقَاصِدَ الرُّسَولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، عَلِّمُوهُمْ تَضْحِيَاتِهِمْ لأَجْلِ نُصْرَةِ الدِّينِ، عَلِّمُوهُمْ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَأَنَّ عُمَرَ أَشَدُّ الأُمَّةِ فِي اللهِ، وَعُثْمَانَ يُجَهِّزُ جَيْشًا كَامِلاً، وَعَلِيًّا أَوَّلُ مَنْ فَدَى الرَّسُولَ بِحَيَاتِهِ، وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَعَلَّمَ لُغَةَ الْيَهُودِ فِي نِصْفِ شَهْرٍ لِيَكْتُبَ الْخِطَابَاتِ إِلَى الْيَهُودِ، وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ سَخَّرَ شِعْرَهُ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ، وَأَبَا طَلْحَةَ يَتَصَدَّقُ بِبُسْتَانِهِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ يُهَنْدِسُ الْخُطَطَ الْعَسْكَرِيَّةَ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ضَرَبَاتُ السُّيُوفِ فِي كُلِّ جَسَدِهِ، وَحَنْظَلَةَ تَرَكَ زَوْجَتَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمِ عُرْسِهِ لِيَمُوتَ شَهِيدًا وَتُغَسِّلُهُ الْمَلاَئِكَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
عَلِّمُوا الْبَنَاتِ سِيَرَ وَمَنْهَجَ وَعِفَّةَ الصَّحَابِيَّاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الطَّاهِرَاتِ؛ لِيَكُنَّ لَهُنَّ قُدُوَاتٍ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَإِيثَارِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ.
هَذَا وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم ].