المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( تقليص الحجيج )



الشيخ/عبدالله الواكد
25-06-2020, 15:11
خطبة جمعة

بعنوان

تقليص الحجيج

5/11/1441 هـ


كتبها / عبدالله فهد الواكد


جامع الواكد بحائل




الخطبة الأولى

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنْلاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُورسولُهُ ، اللهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى محمدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَالطَّاهِرِينَ وأَصْحابِهِ الغُرِّ المَيامِينِ، والتَّابعينَ لَهُمْ بإحسانٍإِلَى يَوْمِ الدِّين .
أمَّا بَعْدُ : فَأُوصِيكُمْوَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
عِبَادَ اللهِ : لَقَدْ مَرَّتْ بِنَا كُورُونَاوَلَا تَزَالُ ، هَذَا الوَبَاءُ الذِي اْجْتَاحَ العَالَمَ بِرُمَّتِهِ ، وَوَلَجْنَافِي ذُرْوَتِهِ وَسَنَامِهِ ، فَعُطِّلَتْ الجُمَعُ وَالجَمَاعَاتُ ، وَطَالَ سَمَاعُالنَّاسِ لِلْمُؤَذِّنِ وَهُوَ يَقُولُ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ، وَحُبِسَ النَّاسُفِي بُيُوتِهِمْ حِفَاظًا عَلَى صِحَّتِهِمْ ، ثُمَّ جَعَلَ اللهُ مِنْ بَعْدِ عُسْرٍيُسْرَا فَخَرَجْنَا مِنْ بُيُوتِنَا وَعُدْنَا لِمَسَاجِدِنَا مَعَ مَا نَحْنُ فِيهِمِنْ تَبَاعُدٍ وَاحْتِرَازٍ فَلِلَّهِ الحَمْدُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ، وَالآنَأَيُّهَا المُسْلِمُونَ أَقْبَلَ شَهْرُ الحَّجِّ ، فَالحَجُّ كَمَا تَعْلَمُونَ مِنْأَفْضَلِ العِبَادَاتِ التِي شَرَعَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ الرُّكْنُالخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ ، فَرَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ، وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَهُ مَقْرُوناً باِلإِسْتِطَاعَةِ ، قَالَتَعَالَى ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِسَبِيلاً ) ( آل عمران 97 )
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُرسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يَقولُ : « منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَميفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ »
فَالحَجَّ يَا عِبَادَ اللهِ : عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، يُطْلَبُ مِنَ العَبْدِ فِعْلُهَا بِنَفْسِهِ ، إنِ اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، وَفِي ظِلِّ هَذِهِ الظُّرُوفِ الوَبَائِيَّةِ ، وَجَبَ التَّنْبِيهُ أيُّهاَالمُسْلِمُونَ ، أنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَحُجْ حَجَّةَ الفَرِيضَةِفَقَطْ وَأَماَّ حَجُّ التَطَوُّعِ ، وَهُوَ الزَّائِدُ عَنِ الفَرِيضَةِ ، فَلَايَنْبَغِي فِعْلُهُ فِي هَذَا العَامِ وَتَعْرِيضُ النَّفْسِ فِيهِ لِلْخَطَرِ وَالمَرَضِقَالَ العِزُّ بْنُ عَبْدِالسَّلاَمِ ( وَالشَّرِيعَةُ كُلُّهَا مَصَالِحُ إِمَّاتَدْرَءُ مَفَاسِدَ أَوْ تَجْلُبَ مَصَالِحَ ) ( قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/9) . وقَسَّمَ أَهْلُ العِلْمِ المَصَالِحَمِنْ حَيْثُ الأَوْلَوِيَّاتِ إِلَى ضَرُورِيَّةٍ وَحَاجِيَّةٍ وَتَحْسِينِيَّةٍ وَقَسَّمُواأَيْضًا الوَاجِبَ بِاعْتِبَارِ وَقْتِهِ إِلَى وَاجِبٍ مُضَيَّقٍ وَوَاجِبٍ مُوَسَّعٍ، فَالوَاجِبُ المُضَيَّقُ هُوَ الوَاجِبُ الذِي يَكُونُ الوَقْتُ المُحَدَّدُ لِأَدَائِهِفِيهِ لاَ يَسَعُ وَاجِباً غَيْرَ هَذَا الوَاجِبِ مِنْ جِنْسِهِ ، مِثْلُ الصِّيَامِفَالوَقْتُ فِيهِ مِنَ الفَجْرِ إِلَى المَغْرِبِ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ المُكَلَّفُفِيهِ صِياَماً آخَرَ ، فَهَذَا يَجِبُ فِعْلُهُ فِي وَقْتِهِ وَلاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُإِلاَّ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَأَمَّا الوَاجِبُ المُوَسَّعُ وَهُوَ الذِي يَتَّسِعُوُقْتُهُ لِأَدَائِهِ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ ، مِثْلُ وَقْتِ الظُّهْرِمِنَ الزَّوَالِ إِلَى العَصْرِ، يَسْتَطِيعُ المُكَلَّفُ أَنْ يُصَلِّي فِيهِ السُّنَّةَوَالفَرِيضَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ النَّوَافِلِ ، فَالحَجُّ فَرَضَهُ اللهُ فِيالعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَهُوَ مِنَ الوَاجِبَاتِ المُوَسَّعَةِ التِي يُمْكِنُتَأْجِيلُهَا إِلَى أَعْوَامٍ مُقْبِلَةٍ إِنْ شَاءَ اللهُ طَالَمَا أَنَّ هَذَاالوَبَاءَ مَوْجُودٌ ، وَالدَّوْلَةُ حَفِظَهَا اللهُ وَبَارَكَ فِي جُهُودِهَا فِيمُكَافَحَةِ هَذَا الوَبَاءِ لاَ يُنْكِرُ جُهُودَهَا فِي خِدْمَةِ الحُجَّاجِ وَالمُعْتَمِرِينَإِلاَّ فَاقِدٌ لِلْبَصِيرَةِ ، فَجُهُودُهَا ظَاهِرَةٌ جَلِيَّةٌ ، وَلَا تُرِيدُأَنْ تُعَطِّلَ الحَجَّ بِسَبَبِ هَذَا الوَبَاءِ وَلَكِنَّهَا سَمَحَتْ لِلْحُجَّاجِمِنَ الدَّاخِلِ مِنْ المُوَاطِنِينَ وَالمُقِيمَينَ ، وَفِي أَضْيَقِ الحُدُودِ فَمَنْكَانَ مِنْكُمْ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَمْرِهِ فَلْيُؤَجِّلْالحَجَّ حَتَّى يَزُولَ هَذَا الوَبَاءُ ، وَعَدَمُ تَعْرِيضِ النَّفْسِ لِلْمَرَضِوَالهَلَاكِ ، فَيَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ أَنْيُؤَخِّرَ الوَاجِبَ المُوَسَّعَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَىفِعْلِهِ إِذَا زَالَتْ المَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ قَالَ تَعَالَى فِي الصِّيَامِ(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍأُخَرَ ) ( البقرة184 ) وَمَنْ كَانَفِي ضَرُورَةٍ قُصْوَى وَأَمِنَ غَالِبَ الضَّرَرِ وَالضِّرَارِ وَلَمْ يَحُجْ الفَرِيضَةَفَلَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِطَلَبِ الحَجِّ عَبْرَ القَنَوَاتِ الرَّسْمِيَّةِ ، لِأنَّالأَعْدَادَ التِي سَيُسْمَحُ بِهَا مَحْدُودَةٌ جِدَّا ، وَلاَ يَصْلُحُ التَّسَاهُلُفِي ذَلِكَ أيُّهَا المُسْلِمُونَ ، فَمِنْ القَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ المُؤَصَّلَةِقَاعِدَةُ ( يُرْتَكَبُ أَخَّفُّ الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ أَعْلَاهُمَا ) وَقَاعِدَةُ( يُتَحَمَّلُ الضَّرَرُ الخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ العَامِّ ) وَفِي هَذَا يَقُولُالإٍمَامُ بْنُ عَاشُور ( إِذَا تَعَارَضَ ضَرَرُ الفَرْدِ وَضَرَرُ المُجْتَمَعِقُدِّمَ اعْتِبَارُ المُجْتَمَعِ لِأَنَّ حِمَايَةَ المُجْتَمَعِ حِمَايَةٌ لِلْفَرْدِنَفْسِهِ وَفِي إِضْرَارِهِ إِضْرَارٌ لِلْفَرْدِ ، فَلَوْ حَمَيْنَا الفَرْدَ بِمَضَرَّةِالمُجْتَمَعِ لَمْ يَأْمَنْ الفَرْدُ أَنْ تَعُودَ عَلَيْهِ المَضَرَّةُ مُضَاعَفَةً) إنتهَى كَلَامُهُ (مقاصد الشريعة الإسلامية ص 64 )
لِأَنَّ المَصْلَحَةَ وَالمَضَرَّةَ إِذَا تَعَلَّقَتْبِعُمُومِ النَّاِس غُلِّبَتْ عَلَى مَصْلَحَةِ الفَرْدِ ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنْالشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَوَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُم فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍفَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِوَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (النساء59) أقولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُاللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُواإِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ .



الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ الذِي عَمَّتْ رَحْمَتُهُ كُلَّشَيْءٍ وَوَسِعَتْ، وَتَمَّتْ نِعْمَتُهُ عَلَى العِبَادِ وَعَظُمَتْ ، وَأَشْهَدُأَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًاعَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلّى اللهُ وَسَلّمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِأَجْمَعِينَ
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَىاللهِ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَوَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) (الأحزاب 70 – 71)
إِخْوَةَ الإِسْلَامِ : إِشْتَهَرَ عِنْدَ كَثِيرٍمِنَ النَّاسِ ، وَخُصُوصًا فِي مُجْتَمَعَاتِنَا ، أَنْ يَكُونَ مِنْ حَقِّ الوَالِدَيْنِعَلَى أَوْلَادِهِمَا إذاَ مَاتَا ، أنْ يَحُجُّوا عَنْهُمَا ، وَهُمَا قَدْأدَّيَا الفَرِيضَةَ ، وَرُبَّمَا حَجَّا تَطَوُّعًا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ ، وَهَذَاالعَمَلُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ، إِنَّمَا هُوَ اجْتِهَادٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ دُفِعَتْ قِيمَةُ الحِجَّةِ لِلضَّعَفَةِ منَ الأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ ،وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ ، وَنَوَى أَجْرَ ذَلِكَ لِوَالِدَيْهِ ، لَكَانَ فِيذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، وَبِرٌّ عَظِيمٌ ، فَمَا أَكْثَرَ الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ، التِي تَكْفِيهِمْ قِيمَةُ هَذِهِ الحِجَّةِ شَهْرَ ذِي الحِجَّةِ كَامِلاً ، بِإِضْحِيَتِهِ، وَمَلاَبِسِ العِيدِ ، وَمُسْتَلْزَمَاتِ فَرْحَتِهِ وَغيْرِ ذَلِكَ مِنْ طَعَامٍوَكِسْوَةٍ ، فَنَسْأَلُ اللهَ ، أَنْ يُوَفِّقَ المُسْلِمِينَ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ قَالَ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)

ملف الوورد موجود على هذا الرابط

https://drive.google.com/drive/folders/1OQ3q9TpJ8mU-qz3JgqLKIpa-TXHevqay (https://drive.google.com/drive/folders/1OQ3q9TpJ8mU-qz3JgqLKIpa-TXHevqay)